ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على التطورات السورية لا سيما تقدم الجيش السوري في الغوطة الشرقية، وفي الشأن الداخلي ركزت على حماوة الملف الانتخابي.
الأخبار
الجيش في وسط الغوطة: عزل الفصائل وفصل المنطقة
«لا مجال للتوقّف، نحن نحقق تقدماً كبيراً في الميدان، والقيادة أخبرت الجميع بأننا مصرّون على تنظيف الغوطة الشرقية، وها نحن نقترب من ذلك، فلمَ نتوقّف؟»، بهذه الكلمات، يعبّر ضابط رفيع في الجيش السوري عن إصرار دمشق على إنهاء وجود المسلحين في الريف الدمشقي. وعلى امتداد الليالي الثلاث الأخيرة، حقّق الجيش تقدماً واسعاً في عمق مناطق سيطرة الفصائل المسلحة هناك. ويشي مسار العمليات وتسارعها بقرب الانتقال إلى مرحلة جديدة، قد يحسم فيها ملف الغوطة
حسين الأمين
نجح الجيش السوري في التوغل إلى عمق الغوطة الشرقية. على مشارف مدينة دوما، أكبر مدن الغوطة والمعقل الرئيس لـ«جيش الإسلام»، تقف دبابات الجيش ومقاتلوه. بعد ليال ثلاث، خاض فيها الجيش مواجهات عنيفة مع المسلحين، أصبح اليوم على بعد خطوات قليلة من فصل جيب الغوطة إلى قسمين، شمالي وجنوبي.
ملامح خطة الجيش بدأت تتوضّح، فالهدف المقبل هو السيطرة على مسرابا ومديرا، لكون البلدتين مفصلاً أساسياً في العملية، بما يتيح اللقاء مع قوات الجيش المتمركزة في إدارة المركبات جنوب شرق مدينة حرستا، وبذلك يكتمل الحزام الذي سيفصل جنوب الغوطة عن شمالها. وبكلام آخر، «الحزام الذي سيفصل قرار المسلحين بين جيش الإسلام شمالاً، وفيلق الرحمن وجبهة النصرة وتوابعهما جنوباً»، كما شرح ضابط سوري رفيع لـ«الأخبار».
منذ بداية العملية العسكرية، استغل الجيش السوري طبيعة الأراضي الزراعية المفتوحة، مع كثافة النيران، للتقدّم والتفوّق على المسلحين. وسيطر على عدد من التلال والمرتفعات التي منحته أفضلية من حيث الرصد والسيطرة النارية. من تل فرزات، كشف حوش الصالحية وأطراف أوتايا، ليسيطر عليهما لاحقاً، ثم أمّن طريق التقدّم نحو بلدة بيت نايم وسيطر عليها أيضاً. كذلك جرى التقدم نحو أطراف المحمدية شرق جسرين، وبهذا يكون الجيش قد بدأ فعلياً، قضم الجزء الجنوبي من جيب الغوطة الشرقية، وتضييق الخناق على مسلحي «فيلق الرحمن» و«جبهة النصرة» الذين يتمركزون في عربين وجسرين وحمّورية وعين ترما وجوبر والمنطقة المحيطة، في سياق الضغط عليهم للتفاوض لاحقاً وفق شروط الدولة السورية. «العمليات جرت وسط انسحاب مسلحي جيش الإسلام إلى المناطق الأكثر اكتظاظاً بالعمران والسكان، للاحتماء فيها»، يؤكّد الضابط في الجيش السوري. وإلى جانب المواجهات في مزارع العب، جنوب شرق دوما، تدور اشتباكات بين الجيش والمسلحين، على محور المشافي شمال حرستا، حيث يحاول الجيش هناك الالتفاف من محيط مستشفى الشرطة باتجاه إدارة المركبات، ليعزل بالتالي مدينة حرستا ويحيّدها. كما يجري التقدم ببطء على محور مزارع الريحان، شرق دوما، لتأمين الحماية والدعم للقوات المتقدمة غرباً.
في الوقت الحالي، «المفاوضات متوقّفة تماماً، رغم الرسائل التي يوجهها المسلحون حول استعدادهم للتفاوض»، وفق ما أكّدت مصادر مطلعة لـ«الأخبار». المسلحون يريدون مفاوضات في ظل وقف لإطلاق النار، وهذا ما يرفضه الجانب الحكومي، الذي لا يمانع المفاوضات، ولكن مع استمرار العمل العسكري، إذ بات واضحاً بالنسبة الى دمشق، عبر التجربة، أن المسلحين لا يذهبون للتفاوض إلا عندما تلوح هزيمتهم في الأفق. «طولُ أمل المسلحين وتعويلهم على الحملات الدولية أفقداهم فرصة الخروج من دون خسائر… حتى الآن، يبدو أنهم لم يتعلموا من تجربة حلب، سوى الاستمرار باتخاذ المدنيين دروعاً بشرية» يضيف المصدر. وقد علمت «الأخبار» من مصادر أخرى، أن اشتباكاً وقع، الخميس الماضي، إثر محاولة مجموعة من مسلحي «جيش الإسلام» في دوما، تسليم نفسها للجيش، فعلمت قيادتهم بالأمر وأرسلت عناصر للقائهم، حيث وقع اشتباك أدى الى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين، وانتهى بعدم خروج أحد منهم نحو مناطق الجيش. ويرى مصدر عسكري سوري أنه «في حال استمرار هذه الحركة، فهي تشكّل أزمة كبرى للمسلحين، وستساعدنا في قتالهم وتشتيتهم، ومن ثم التفاوض وفرض شروطنا عليهم».
في الحديث عن المفاوضات وخروج المسلحين، يبدو واضحاً أن الوجهة «المعتَمدة» لخروج مسلحي «فيلق الرحمن» و«جبهة النصرة» ومن معهم، هي بطبيعة الحال، إدلب ومحيطها. ولكن السؤال الأكبر اليوم، الذي بدأت دمشق التفكير في جوابه، والذي قد يشكّل إرباكاً للمفاوضات في مراحل قادمة، هو «إلى أين يمكن أن يخرج مسلّحو جيش الإسلام؟». «جبهة النصرة إلى إدلب، ولها هناك أرضية جاهزة لاستقبالها، بينما جيش الإسلام لا يمكن أن يكون مقبولاً هناك، فهم يكفّرون بعضهم علناً، وحتى التركي لا يمكن أن يقبل بجيش الإسلام في إدلب»، يجيب الضابط السوري الرفيع عن سؤال حول الوجهة المحتملة، ثم يضيف: «هنالك خياران مطروحان ويجري التداول فيهما، الأول يقضي بخروج مسلحي جيش الإسلام إلى مناطق أخرى قد يقبل المسلحون المسيطرون عليها استقبالهم، كمنطقة القلمون الشرقي مثلاً، ولكن هذا يخضع لحسابات كثيرة ومعقّدة ويحتاج إلى وقت لإقراره. أما الخيار الثاني، فهو أن ينضوي مسلحو جيش الإسلام مع جماعة النصرة وفيلق الرحمن، وبالتالي يخرجون معهم أو يلحقون بهم إلى إدلب». ولا يعني ذلك أن خيار التسوية بين الجانب الحكومي و«جيش الإسلام» مقفل، لكنه يشتمل على تعقيدات تحتاج إلى حلول مسبقة.
قد يبدو من المبكّر الحديث عن المفاوضات وخروج المسلحين من كامل جيب الغوطة، غير أن تهاوي دفاعات المسلحين في وقت قياسي، لا يتجاوز اليومين، يمكن اعتباره تحوّلاً ميدانياً. إذ يعني فصل منطقة جنوب الغوطة عن شمالها، فرز المسلحين، وبالتالي مفاوضتهم أو قتالهم بشكل منفصل، وهو ما يسهّل المهمة على دمشق، ويختصر الكثير من الصعوبات.
الجمهورية
حماوة إنتخابية.. والحريري يتمنّى على السنيورة الترشّح
يُنتظَر أن تنصبّ الاهتمامات والمتابعات اليوم على حركة رئيس الحكومة سعد الحريري العائد من زيارة «ناجحة جداً» (كما وصَفها)، للمملكة العربية السعودية، وذلك لمعرفة نتائج هذه الزيارة من خلال الخطوات التي سيتّخذها، سواء على المستوى الانتخابي، أو مستوى علاقاته مع مختلف القوى السياسية، الأمر الذي سيتيح لمختلف القوى السياسية استكشافَ مستقبل الأوضاع الداخلية وكذلك مستقبل الدور السعودي في لبنان وعلاقة الرياض به على كلّ المستويات، فضلاً عن علاقتها بمجمل مكوّناته السياسية والطائفية.
ويُنتظر أن يُعلنَ الحريري بين اليوم وغداً أسماء مرشّحي تيار «المستقبل» في كلّ الدوائر الانتخابية قبل إقفال وزارة الداخلية بابَ الترشيحات رسمياً منتصَف ليل غدٍ الثلثاء ـ الأربعاء، على أن يُعلِن لوائح «المستقبل» وتحالفاته في وقتٍ لاحق من هذا الشهر.
وتردّدت معلومات أنّ الحريري سيزور قريباً كلاً مِن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري للتشاور معهما في مستقبل الأوضاع في ضوء نتائج محادثاته مع المسؤولين السعوديين، وهو كان قد اتّصَل بهما أمس وأعلمهما بعودته من الرياض والتي دامت زيارته لها ستة أيام، والتقى خلالها كلاً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وعَقد لقاءات عدة مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ومسؤولين سعوديين آخرين.
وقال الحريري بعد عودته إنّ هذه الزيارة «كانت ناجحة جداً»، وأكّد أنّ شكوك البعض في علاقته بالسعودية «غير صحيحة»، وأنّ «العبرة في النتائج»، وقال: «الجميع سيرون كيف ستدعم المملكة سعد الحريري ولبنان في مؤتمري روما وباريس».
وكان الحريري قد غادر الرياض بعد ظهر أمس عائداً إلى لبنان وودَّعه في مطار الملك خالد الدولي نائب أمير منطقة الرياض الأمير محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز وسفير لبنان في المملكة فوزي كبارة ومندوب عن المراسم الملكية.
وزار الحريري فور عودتِه الرئيسَ فؤاد السنيورة يرافقه نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري والوزير غطاس خوري. وخلال اللقاء طلبَ الحريري من السنيورة المضيَّ في ترشيحه عن أحد المقعدَين النيابيَين السنّيَين في دائرة صيدا ـ جزين والذي يَشغله في مجلس النواب الحالي، فاستمهَله الأخير لاتّخاذ القرار في مصير هذا الترشيح إلى اليوم.
الملفّ الانتخابي
وفي وقتٍ سيعود مشروع قانون موازنة 2018 إلى طاولة اجتماعات اللجنة الوزارية المختصّة اليوم لاستكمال البحث في تخفيض موازنات الوزارات، بدا واضحاً أنّ هذا الأسبوع سيكون أسبوعاً انتخابياً بامتياز لأسباب عدة، أبرزُها:
- إنتهاء مهلة تقديم طلبات الترشيح للانتخابات النيابية ليل غدٍ الثلثاء ـ الأربعاء، وبالتالي تبَلوُر أسماء المرشّحين النهائيين في كلّ الدوائر الانتخابية.
- تبَلوُر صورة التحالفات واللوائح الانتخابية بوضوح أكثر، على أن تتبلوَر اللوائح والتحالفات رسمياً قبل نهاية الشهر.
- معرفة حدود الدور السعودي في لبنان خلال المرحلة المقبلة في ضوء زيارة الحريري إلى الرياض.
في هذا الوقت، سجَّلت أوساط مراقبة ارتفاعاً في سقف الحملات الانتخابية على الرغم من أنّ اللوائح لم تتألّف بعد، وقالت: «إذا كان الهدف الأساسي لارتفاع هذا السقف حشْدَ أصواتِ الناخبين، إلّا أنّه يكشف في الوقت نفسه أنّ المنافسة ستكون ذات طابعٍ شخصي وسياسي ينعكس حتماً على مرحلة ما بعد الانتخابات».
«التيار»
وفي هذا الإطار، سجَّلت الساعات الماضية حماوةً وتبادُلَ رسائل سياسية بين رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل الذي جال السبت في منطقة زغرتا ـ الزاوية، التي تُعتبَرعقرَ دارِ فرنجية، ثمّ زار دارةَ الرئيس الراحل رينيه معوّض والتقى الوزيرةَ السابقة نائلة معوّض.
وسُئل فرنجية خلال جلسةٍ مع مناصريه عن رأيه بزيارة باسيل لزغرتا، فردَّ مستغربًا: «يحّو هون»؟ ثمّ قال في لقاء مع ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي: «الذي يدّعي أنّه رئيس أكبر تيار مسيحي في لبنان يُقاتل للحصول على مقعده».
وأعلنَ فرنجية أنّ «اللوائح في دائرة الشمال الثالثة ستصبح جاهزةً عمّا قريب». وأكّد أنّه سيبقى إلى جانب حلفائه في كلّ الدوائر الأخرى. وأضاف: «نحن منفتحون على كلّ من يريد أن يتعاطى معنا بتواضع، لكنّنا لن نقبل إلغاءَنا. المشكلة الأساس هي وجود شخص يحاول أن يلغيَ الجميع لأجل أن يكون الممرّ الأوحد للمسيحيين، وهو مِن مدرسة سياسية هدفُها إلغاء الآخر، وهي تعود إلى خمسين سنة خلت».
البناء
الجيش السوري يحرّر قرابة نصف الغوطة ويواصل التقدّم… ويفتح الباب للمدنيين والمساعدات
الأسد: لا تعارض بين الهدنة وتحرير الغوطة… واتهامات الكيميائي لتبرير العدوان
الحريري يعود من الرياض بترشيح السنيورة… و«القومي» يحسم بالإجماع غسان الأشقر للمتن
كتب المحرّر السياسي
رسم الرئيس السوري مسار المواجهة السياسية والعسكرية، على إيقاع إنجازات نوعية للجيش السوري في الغوطة، تمثّلت بدخول بلدة الشيفونية المتاخمة لمدينة دوما معقل ميليشيا جيش الإسلام الذي يشكّل القوّة الأهمّ بين الجماعات المسلحة في غوطة دمشق الشرقية، بعدما أتمّ الجيش السيطرة على سلسلة من التلال الهامة، وتطهير بلدات النشابية والصالحية، بصورة جعلت قرابة نصف مساحة الغوطة تحت سيطرته، وأتاحت له هوامش الاختيار العسكري بين اعتماد مواصلة التقدم بطريقة المدحلة التي بدأها، أو التوزّع في الهجوم إلى تكتيكات المربّعات وفصل المناطق المتبقية عن بعضها واعتماد حصارها وفرض انسحاب المسلحين وفتح الباب لخروج المدنيين، بعدما حسمت الحكومة السورية معادلتها بالإصرار على فتح الممرات للمدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية إلى مخيم الوافدين كوجهة للراغبين بمغادرة مناطق سيطرة المسلحين.
قال الرئيس السوري بشار الأسد إنّ الهدف من القرار الأممي بصيغته الأولى كان تقديم الحماية للإرهابيين، لكن التعديلات التي أدخلت عليه جعلته قابلاً للتطبيق بفتح الباب لمنحى إنساني، يتمثل بتأمين طرق آمنة للمدنيين الراغبين بمغادرة مناطق سيطرة الجماعات الإرهابية المسلحة من جهة، ومواصلة الحرب على الإرهاب من جهة مقابلة. وهذا ما يحدث عبر عمليات الجيش السوري في الغوطة، بالتوازي مع العمل على تأمين خروج المدنيين وتوفير المساعدات لهم. وأضاف الأسد أنّ ذريعة الكيميائي التي يستعملها الغرب ليست إلا لتبرير العدوان على سورية، وهم يعلمون أنّ سورية يوم كانت لديها ترسانة كيميائية لم تستعمل هذا السلاح، فكيف تُتّهم بذلك ولم يعُد لديها سلاح كيميائي. ويعرف العسكريون بطلان الادّعاءات باستعمال سلاح مهذا يقتل المئات والآلاف ولا يمكن حصر آثاره بجبهة قتال في مناطق متقاربة ومتداخلة؟ وأكد الأسد أنّ الغرب يعيش مأزق مشروعه بعد سقوط الذرائع وبات اللعب على المكشوف، فيقدّمون الحماية لداعش وجبهة النصرة وكلّ التنظيمات الإرهابية، ووصف التكامل بين التصعيد الغربي والعدوان التركي في شمال سورية بالسعي لخدمة مشروع واحد والتذرّع التركي بالعنوان الكردي يكذبه تجاهل الرئيس التركي لهذا العنوان في مناطق شمال شرق سورية، مضيفاً أنّ وجود القوات الشعبية في عفرين والمشاركة بالدفاع عنها طبيعي ومشروع في مواجهة العدوان.
لبنانياً، بانتظار تبلور نتائج زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الرياض وعودته بعد غياب خمسة أيام لم يظهر فيها لقاء مطوّل له مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، باستثناء خبر منتصف ليل اليوم الثالث، وصورة سيلفي، خصوصاً أنه بادر فور عودته لزيارة الرئيس فؤاد السنيورة، معلناً أنه طلب إليه الترشّح، بما يوحي أنّ للأمر صلة بنتائج الزيارة، دون أن يوضح المقعد الذي طلب للسنيورة الترشح عنه، بينما أعلن السنيورة أنه سيعلن موقفه من الترشّح اليوم في مؤتمر صحافي، في وقت تؤكد الحسابات الانتخابية أنّ الطلب الحريري إذا كان في صيدا فهو إبراء ذمة لتبرير عزوف السنيورة عن ترشيح مصمّم للخسارة، وإنْ كان في بيروت الثانية، فهو يعني صدمة سعودية قاسية للحريري سيكون مثلها أصعب منها لاحقاً.
لبنانياً، أيضاً لا تزال تتفاعل، البراءة المتسرّعة للموقوف زياد عيتاني في قضية التعامل مع العدو، التي قال قاضي التحقيق العسكري الأول رياض أبو غيدا، إنها مبكرة، وهي براءة تسرّع بإعلانها وزير الداخلية مربكاً الدولة ومؤسّساتها القضائية والأمنية ومستدرجاً ردوداً ومواقف جعلت القضية عنواناً للكثير من التساؤلات ومصدراً للقلق مع ما رافقها من حديث عن فبركة داتا الاتصالات وتهمة التعامل معاً، وما رافقها في المقابل من اتهامات بالمصالح الانتخابية، وفقاً لبيان المديرية العامة لأمن الدولة.
على الصعيد الانتخابي حسم الحزب السوري القومي الاجتماعي بإجماع مجلسه الأعلى ترشيح الأمين غسان الأشقر عن المقعد الماروني في المتن الشمالي، معلناً عدم اعتماد أيّ ترشيح حزبي لسائر الدوائر التي لم يعتمد في قراره السابق مرشحين لها متوجّهاً لدعم أصدقاء وحلفاء في هذه الدوائر.
الحريري أمام خيارات صعبة
عاد رئيس الحكومة سعد الحريري سالماً الى لبنان بعد 5 أيامٍ قضاها في المملكة كان وقعها ثقيلاً عليه، أتمّ خلالها الجولة الأولى من «المناسك السياسية والانتخابية» مع كبار ضباط ومستشاري الديوان الملكي توّجها بلقاء ولي العهد السعودي الذي استُقبِل كملك على أرض الكنانة وليس كولي للعهد، حيث استقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السياسي بنفسه لحظة وصوله الى مطار القاهرة، لكن الحريري وبخلاف مع أعلن أمس، لم يعُد غانماً على صعيد أزمته السياسية مع الرياض التي رمت «الحرم السياسي» عليه في تشرين الثاني الماضي ولا بأمواله وأملاكه «المصادرة شرعاً»، ولا بالمال الانتخابي الذي ربطته السعودية بجملة من الشروط السياسية والانتخابية.
أولى طلائع وملامح مفاعيل اللقاءات والمفاوضات بين رئيس تيار المستقبل والمسؤولين السعوديين ظهرت من خلال توجّه الحريري فور وصوله الى بيروت الى دارة الرئيس السابق فؤاد السنيورة للوقوف عند خاطره وأخذ «بركاته السياسية» بعد أن شملته إجراءات بيت الوسط لتطهير «البيت المستقبلي» و»دارة العائلة» من «طاعني الخناجر» بعد أزمة 4 تشرين الشهيرة.
لكن «الحجّ السياسي» للحريري الى «أرض الحرمين» لن يكون الأخير بل ستتبعه زيارات ولقاءات أخرى لحسم التحالفات الانتخابية، كما ستكون بيروت على موعدٍ مع «طوفان سعودي»، حيث يصل المبعوث السعودي نزار العلولا هذا الأسبوع، بحسب مصادر «البناء»، تتبعه زيارة لوزير الخارجية عادل الجبير، لاستكمال الجولة على قوى وشخصيات 14 آذار، إذ إن «المملكة المتهالكة» والمأزومة في أكثر من ساحة إقليمية لن تُخلي الساحة اللبنانية لخصومها وأعدائها، بل يشكل استحقاق 6 أيار فرصة للعودة السياسية الآمنة الى الداخل اللبناني باستخدامها القوة الناعمة وسياسة «العصا والجزرة» مع «إبنها الضال» و»من دون إثارة الضوضاء الخارجية، من خلال تأمين فوز نواة نيابية كبرى من مختلف الطوائف للإمساك بالمعادلة النيابية والمعادلة الحكومية لاحقاً بهدف مواجهة حزب الله ومنعه من التحكم بالمعادلة الداخلية».
لكن السعودية وفق مصادر ستصطدم بجدار الأمر الواقع والأرقام والمعطيات الانتخابية وحجم التمثيل الواسع للقوى والأحزاب التي لا تنضوي تحت لواء المملكة الى جانب قانون الانتخاب الجديد الذي يضمن كل الأحجام والأوزان. ما يعني أن جُلّ ما تستطيع المملكة فعله هو جمع بعض قوى 14 آذار لا سيما حزبي «القوات» و»الكتائب» لتحصيل عدد أكبر من المقاعد لحلفائها وتقليص الحجم النيابي المنضوي تحت لواء المقاومة، بعد عجزها عن إحياء «عظام الفريق الآذاري وهو رميم»، إذ بات من الصعب جمع شُتات هذا الفريق في ظل الخلافات السياسية والتناقضات الانتخابية التي تعصف به.
ولفت معلومات «البناء» الى أن «الحريري أمام خيارات صعبة والسعودية خيّرته بين أمرين: ضمان نجاح جماعة «السبهان» في لبنان في الانتخابات، لا سيما السنيورة، وبين إلغاء الانتخابات». ورجّحت مصادر سياسية أن «يصل الخطاب الانتخابي للحريري وتيار المستقبل ضد حزب الله وقوى المقاومة الى أعلى سقوفه منذ التسوية الرئاسية، ما يعني أننا مقبلون على مواجهة انتخابية سياسية عالية السقف قد تتطوّر الى أكثر من ذلك».
وأشار الحريري بعد اللقاء مع السنيورة والذي حضره نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري ووزير الثقافة غطاس خوري، الى «زيارتي للسعودية كانت ناجحة، حيث قمت بالعديد من اللقاءات مع المسؤولين السعوديين. وكان هناك اتفاق على حضور السعودية في مؤتمري روما و باريس »، موضحاً أن «الشكوك حول علاقتي بالسعودية غير صحيحة والعبرة بالنتائج وسنرى دعم السعودية للبنان ولسعد الحريري». ولفت الحريري الى أن «السنيورة ركن أساسي بالنسبة لنا وتمنيت عليه أن يمضي بترشّحه وهو استمهلني لاتخاذ قراره ومستمرون مع بعضنا».
وقال السنيورة بدوره: «أثمّن الرغبة والتمني بأن أستمر في عملي النيابي وأن أترشح عن مدينة صيدا وأنا بقدر ما أثمن ذلك أردت أن أفكر في الأمر وسأحاول أن أقيم مؤتمراً صحافياً غداً لأعلن ما سأقرّر بهذا الشأن».
فهل الزيارة وكلام الحريري شكلا «المخرج المشرّف» لعزوف السنيورة عن الترشح على اللوائح الزرقاء، وبالتالي إبعاده عن الندوة البرلمانية وعن كتلة «المستقبل»؟
مصادر الرئيس السنيورة نفت لـ «البناء» أي طلبٍ سعودي للحريري لترشيح السنيورة، ولم تؤكد ولم تنفِ عزوفه عن الترشّح اليوم، موضحة أن «الحريري علم بأن السنيورة لم يقدّم ترشّحه حتى الآن عشية إقفال باب الترشيحات خلال اليومين المقبلين، فجاء لإقناعه بالترشح، فاستمهل بعض الوقت للتشاور مع عائلته في الأمر». ولفتت المصادر الى أن «لا قطيعة بين الحريري والسنيورة والعلاقة كانت وستبقى جيدة بمعزل عن قرار السنيورة الذي سيعلنه اليوم في مؤتمر صحافي عند الساعة الثانية ظهراً في المجلس النيابي».
لكن في حال كان قرار السنيورة العدول عن الترشّح، فإن ذلك يُعتبر مؤشراً الى تغييرٍ جوهري في لبنان عبر إنهاء مرحلة سياسية وأمنية مصيرية من تاريخ لبنان كان يمثلها السنيورة شهدت انقساماً سياسياً وطائفياً حاداً ومرّت بمحطات فاصلة من حرب تموز 2006 الى أحداث 7 أيار 2008 وغيرها.
أما إذا قرّر الترشّح فالسؤال: في أي دائرة؟ في صيدا – جزين أم في بيروت الثانية؟ علماً أن دائرة صيدا تتضمن مقعدين سنيين، تبنّى المستقبل النائب بهية في الأول وفوزها شبه مؤكد، بحسب معظم استطلاعات الرأي التي ترجّح أيضاً فوز النائب السابق أسامة سعد في المقعد الثاني، ما يعني أن السنيورة لن يفوز في صيدا فهل يترشّح في بيروت؟
في دائرة بيروت الثانية ستة مقاعد سنية: رشح المستقبل ثلاثة منها الرئيس سعد الحريري والرئيس تمام سلام ووزير الداخلية نهاد المشنوق، مقعد لجمعية المشاريع الخيرية مرجّح فوزه وآخر للجماعة الإسلامية مرجّح فوزه وآخر لفؤاد مخزومي مرجّح فوزه . فهل يكون السنيورة بدلاً من تمام سلام أم أن الحريري سيُضحّي بالمشنوق «كبش فداء» لتصبح «حجته» مقبولة سعودياً؟
مصادر مستقبلية تؤكد لـ «البناء» أن الرئيس الحريري «سيجري خلال اليومين المقبلين لقاءات حاسمة قبل الإعلان عن لوائح المستقبل، أما التحالفات فمن الممكن أن لا يعلن عنها بانتظار مزيد من التشاور الداخلي والمفاوضات مع القوى السياسية».
«القومي» حسم مرشحه في المتن
في سياق ذلك، حسم الحزب السوري القومي الاجتماعي ترشيح الأمين غسان الأشقر لأحد المقاعد المارونية في دائرة المتن الشمالي، حيث عقد المجلس الأعلى في الحزب جلسة السبت الماضي، برئاسة رئيس المجلس النائب أسعد حردان وحضور رئيس الحزب حنا الناشف، تابع خلالها استعراض أسماء المرشحين عن دائرة المتن الشمالي والدوائر الأخرى.
وبعد التداول قرر المجلس الأعلى بالإجماع الموافقة على:
1ـ ترشيح الأمين غسان الأشقر لأحد المقاعد المارونية في دائرة المتن الشمالي.
2ـ أما في دوائر: طرابلس والمنية والضنية، كسروان وجبيل، بعبدا، بيروت الأولى، البقاع الغربي وراشيا، صيدا ـ وجزين، صور الزهراني، فقد قرّر المجلس الأعلى عدم ترشيح أي قومي اجتماعي فيها، على أن يعقد مع الحلفاء والأصدقاء اجتماعات للتداول في كيفية دعم مرشحي الحلفاء في هذه الدوائر.
وبعد الجلسة دعا رئيس الحزب جميع القوميين الاجتماعيين إلى الالتفاف حول مؤسساتهم الحزبية ومضاعفة الجهود من أجل إنجاح مرشحي الحزب والحلفاء.
اللواء
زياد عيتاني إلى الحرية اليوم.. ومطالبة الحريري بلجنة تحقيق وزارية
حدثان يستأثران بالاهتمام المحلي والخارجي قبل أقل من 36 ساعة من اقفال باب الترشيحات للانتخابات النيابية المقبلة: أولهما، بدء الرئيس سعد الحريري اتصالاته، بعد عودته من المملكة العربية السعودية، التي وصلها الأربعاء الماضي، واستقبله خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ثم عقد أكثر من لقاء مع ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي وصل أمس إلى القاهرة، حيث استقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي، بزيارة الرئيس فؤاد السنيورة في منزله في بلس، حيث طلب منه الترشح للانتخابات النيابية، والذي تريث إلى اليوم لاعلان موقفه من الترشح للانتخابات في دورتها المقبلة، في مؤتمر صحفي يعقده ظهر اليوم في مجلس النواب..
وثانيهما، المعلومات التي تجمعت لـ «اللواء» عمّا يُمكن وصفه بفراق وافتراق، انتخابي بين التيار الوطني الحر برئاسة جبران باسيل وحزب الله، على خلفية فشل المفاوضات حول أكثر من دائرة، والتي اندلعت شرارتها من دائرة كسروان- جبيل، بعدما رشح الحزب الشيخ حسين زعيتر مسؤول حزب الله في جبل لبنان والشمال، الأمر الذي لم يهضمه التيار العوني ممثلا بباسيل، ونائب التيار الحالي سيمون أبي رميا، حيث قال رئيس التيار في لاسا (قضاء جبيل): عندما نكون أقوياء لا أحد يفرض علينا مرشحاً.
وكانت المعلومات اشارت إلى ان الحزب ربط منذ اللحظة الأولى ضم زعيتر إلى لائحة العميد المتقاعد شامل روكز، بأنه يوفّر للتيار الوطني الحر الفرصة لتسمية مرشّح في دائرة بعلبك – الهرمل، أو الإبقاء على النائب الحالي اميل رحمة.
وإذا كان الحزب لا يعتبر نفسه معنياً مباشرة بدائرة صيدا- جزّين (متروكة للرئيس نبيه بري)، فإن الفراق الانتخابي مرشّح ليشمل غالبية الدوائر في جبل لبنان وصولاً إلى بعلبك- الهرمل، وزحلة والبقاع الغربي.
وأول معطيات الصدام الانتخابي أو التنافس وجهاً لوجه، ما نقله قيادي في حزب الله (منال زعيتر ص 2) فإن لدى الحزب توجهاً برد الصاع صاعين لباسيل وذلك بتشكيل لائحة مستقلة في كسروان- جبيل وترشح النائب السابق طارق حبشي عن دائرة بعلبك- الهرمل.
ووسط هذين الحدثين، يشهد الأسبوع الطالع مزيداً من الحماوة الانتخابية، في ظل معلومات عن توجه الرئيس الحريري إلى إعلان مرشحي المستقبل قبل يوم الجمعة المقبل، فضلا عن التحالفات الأخذة بالاتساع مع التيار الوطني الحر، وربما في إطار محدود مع «القوات اللبنانية».
وكشف مصدر مطلع ان الرئيس الحريري عاد مرتاحا من المملكة العربية السعودية ولمس دعماً للبنان في مجالات الاستقرار والاقتصاد والجهود الجارية لاجراء الاستحقاق الانتخابي.
عودة الحريري
وفي تقدير مصادر سياسية، ان عودة الرئيس الحريري من زيارة وصفها هو بأنها كانت «ناجحة جداً» إلى السعودية، والتي استمرت ستة أيام، حركت سريعاً الجو السياسي العام في البلاد، والذي اتسم بالتريث والاسترخاء، لا سيما على الصعيد الانتخابي والحكومي بشكل عام، حيث يفترض ان تعاود اللجنة الوزارية المكلفة درس مشروع موازنة العام 2018 اجتماعاتها اليوم عشية جلسة لمجلس الوزراء تقرر ان تعقد الأربعاء في قصر بعبدا بجدول أعمال عادي سيوزع اليوم أيضاً، وسط تجاذبات بين الوزراء على خلفية ملفات خلافية ليس أقلها ملف بواخر الكهرباء، الذي يضغط بثقله على مناقشات لجنة الموازنة والحكومة، ما يضع مصيرها على محك التفعيل أو التجميد، خاصة إذا ما قرّر الرئيس ميشال عون تنفيذ دعواه بطرح موضوع البواخر على التصويت خلال الجلسة الحكومية الأربعاء، رغم ان الرئيس الحريري عاد من الرياض بتأكيد سعودي على مشاركة المملكة في مؤتمري روما- 2 وباريس، مع دعم سعودي واضح للبنان، يفترض ان يترجم بتسهيل ظروفه الاقتصادية والمالية، وتالياً عمل الحكومة ورئيسها في المجالات المختلفة.
ولاحظت المصادر، ان أوّل شيء عمله الرئيس الحريري بعد عودته، هو زيارة الرئيس السنيورة في منزله في شارع بلس طالباً منه المضي في ترشحه للانتخابات النيابية في صيدا.
المصدر: صحف