يلقى المئات من الأشخاص حتفهم يومياً حول العالم، وربما الآلاف، إثر تعاطي جرعات زائدة من المخدرات.
ففي الولايات المتحدة، مثلاً، يلقى نحو 115 شخصاً حتفهم يومياً إثر تعاطي جرعة زائدة من المخدرات شبه الأفيونية. جاء ذلك في دراسة إحصائية، أجرتها مراكز مكافحة الأمراض والوقاية، المعروفة اختصاراً بـCDC، في إطار المساعي لفهم ومكافحة ذلك “الوباء”.
وفي عام 2016، كان عدد الوفيات المنسوبة إلى تعاطي جرعة زائدة من الهيروين أو مسكنات الألم الأفيونية، كوصفة طبية، 5 أضعاف ما كان عليه في عام 1999، بحسب ما ذكره موقع “Futurism”.
معالجة إدمان المخدرات
يذكر أنه من الصعب للغاية علاج إدمان المخدرات، وبخاصة في الحالات التي تبدأ كنتيجة لأخذ الدواء المنصوص عليه قانوناً، وغالبا ما يكون لعلاج الألم الشديد أو المزمن، أو ما هو أكثر من ذلك. وتعد هذه أحد أهم الأسباب التي تجعل مراكزCDC تسعى بشتى الطرق لإيجاد أساليب جديدة تماما لمعالجة إدمان المخدرات.
نشر فريق باحثين تابع لـ”معهد سكريبس للأبحاث” مؤخراً مقالات عن آخر مجهوداتهم في هذا الإطار، والتي تضمنت القيام بتطوير لقاح محتمل لعلاج إدمان الهيروين. وتعتبر الفكرة الكامنة وراء هذه التجارب بديهية إلى حد ما، بل وكان هذا المفهوم الأساسي معروفاً في الواقع للباحثين منذ سبعينيات القرن الماضي.
إن الفكرة تشبه إلى حد كبير لقاحات التحصين ضد أي أمراض أو أوبئة، حيث إن لقاح “مضاد الهيروين” antiheroin سوف يساعد جسد الشخص المدمن على تكوين الأجسام المضادة لما يربط الهيروين بالدم. ومن ثم فإنه يمنع المخدرات من عبور حاجز الدم في المخ، وهو ما يعطي المستخدم وقاية معينة، بمعنى أنه إذا لم يعد مستخدم العقار يشعر بتأثيره، فإن احتمال التعرض للانتكاسات ستقل نسبته كثيراً.
مكافحة أنواع الإدمان
وتعمل فرق بحثية أخرى على لقاحات مماثلة يمكن استخدامها لعلاج مدمني الكوكايين، أو حتى كعلاج محتمل للمدخنين من مدمني النيكوتين. إن هناك حاجة شديدة إلى ابتكار طرق جديدة ووسائل غير مسبوقة لمعالجة الإدمان، سواء كانت المسكنات الأفيونية عبارة عن وصفة طبية، أو كانت هيروين أو كوكايين وفنتانيل أو نيكوتين أو حتى كحوليات.
وتدق الأجراس التي تنبه إلى ضرورة التوصل إلى وسائل تدخل تمثل حل جذري واضح، لاسيما وأن عددا هائلا من المدمنين يقضون سنوياً نتيجة الافتقار المزعج لخيارات متاحة للعلاج، فإن الحاجة إلى تدخل جذري تبدو واضحة.
حل سحري ومسألة وقت
وفي الوقت الحاضر فإن التحدي الأكبر يكمن في العثور على الحل السحري العلمي، الذي من شأنه أن يسمح لهذه العلاجات بالتأثير في إنقاذ حياة البشر.
ورغم أنها أثبتت فعاليتها في حيوانات المختبر، إلا أن نتائج التجارب السريرية على الإنسان جاءت مخيبة للآمال. لكن ترجع تلك النتائج إلى ما قبل أكثر من عقد من الزمان، بل إن فشل هذه التجارب حفز الباحثين إلى إلقاء نظرة ثاقبة على ما يحتاج إلى تجديد.
إنها مسألة وقت فقط، قبل أن يستطيع الباحثون القيام بالمحاولة مرة أخرى، ولكن أولئك، الذين يختصون في علاج حالات إساءة استخدام مواد العلاج، مازال يحدوهم أمل ولا يزالون متفائلين، ولكن بحذر.
فهم يعرفون، ربما أفضل من غيرهم ومن المدمنين أنفسهم، مدى صعوبة علاج إدمان المخدرات. ويقول بروفيسور كيلي دون، أستاذ مشارك في الطب النفسي وعلوم السلوك في كلية الطب بجامعة جونز هوبكنز: “تبدو اللقاحات واعدة جدا، وهي جديدة، وتوفر آلية مختلفة لمنع إساءة تعاطي العقاقير المخدرة. ولكن هناك الكثير مما يجب القيام به لتحقيق النجاح في هذا المجال”.
المصدر: وكالات