175 ألف طفل يصاب بالسرطان سنوياً حول العالم، هذا الرقم المخيف يدفعنا بالضرورة للبحث في علامات وأسباب الإصابة بهذا المرض لدى الأطفال، والاختلافات بين ظهور المرض وعلاجه لدى البالغين.
على الرغم من الاشتراك في الاسم، إلا أن سرطان الأطفال يختلف في العديد من الخصائص عن سرطان البالغين، كما أن الحديث عنه قليل جداً في وسائل الإعلام المختلفة.
والفرق الرئيسي بين كلا النوعين من السرطان هو معدل الانتشار؛ فبينما يعد مرضاً نادراً لدى الأطفال، هو من أكثر الأمراض انتشاراً لدى البالغين، بحسب موقع El Español الإسباني، ومع ذلك، فإنهما يشتركان في القائمة السوداء لأسباب الوفاة: فهو ثاني أسباب الوفاة في البالغين وأول الأمراض القاتلة لدى الأطفال دون سن 14 عاماً.
وبطبيعة الحال، فإن الأرقام ليست حتى قابلة للمقارنة، لسبب واحد بسيط؛ الأطفال لا يموتون بسببه، أو ليس من المفترض أن يحدث ذلك. في إسبانيا، قدّر المعهد الوطني للإحصاء في عام 2016 وفاة 191 طفلاً تحت سن 14 عاماً بسبب السرطان، مقارنة بـ 110722 حالة وفاة بين المرضى فوق سن 20 عاماً.
يخبرنا العلم كل يوم بالمزيد والمزيد عن أسباب إصابة الأطفال بالسرطان، ولكن ما زال الطريق طويلاً، هناك العديد من الأمراض التي يمكن أن تؤدي إلى إصابة الأطفال بالأورام السرطانية، بعض متلازمات الأطفال، وتضخم بعض الأعضاء، وبعض أمراض الغدة الدرقية، كما تمت معرفة بعض الطفرات الوراثية المتعلقة بالمرض، ما نعرفه حتى اليوم أقل بكثير مما نحتاج إلى معرفته بالفعل، فماذا عن البالغين؟
ما زال العلماء يبحثون لمعرفة مسببات هذا المرض، وهناك العديد من عوامل الخطر المعروفة بالفعل، والتي يرأسها التبغ ثم النظام الغذائي أو نمط الحياة المستقرة، وغيرها.
على النقيض، لا توجد عوامل خطر مرتبطة بسرطان الأطفال، وبالتالي، لا توجد وسيلة لتجنب حتى العامل الثالث للبالغين عن طريق اتباع نمط حياة صحي.
هناك دراسات علمية قليلة حول سرطان الأطفال مقارنة بالبالغين، ليس ذلك بسبب عدم الاهتمام، ولكن لقلة عدد الحالات، تتطلب الأبحاث دراسة كل حالة على حدة، لذا فإن الأمر أكثر سهولة فيما يتعلق بالبالغين، بينما نجد أن عقاقير أورام الأطفال أقل بكثير.
التجارب السريرية على الأطفال هي أفضل وسيلة لتحقيق نتائج إيجابية، لأنه حتى تتم هذه التجارب، يضطر خبراء الأورام إلى “استقراء نتائج التحسينات التي تحققت في البالغين”.
يؤثر سرطان الأطفال على أجهزة مختلفة عن تلك التي تصاب بها أجسام الكبار؛ ففي حين أن الأورام الصلبة هي الأكثر شيوعاً لدى البالغين، يعد سرطان الدم هو العدو الأكثر تهديداً لحياة المصابين من الأطفال، وتأتي لوكيميا الأرومة اللمفاوية الحادة من نوع B في المقام الأول للإصابات بسرطان الأطفال تليها أورام الدماغ، بينما تحتل أورام الثدي والبروستاتا والقولون والرئة المراكز الأولى من الإصابة في البالغين.
التفسير واضح، إذ يرى الخبراء أن العديد من أمراض السرطان في البالغين ترجع إلى التلف الخلوي مع تقدم العمر؛ إذ يتعرض الحمض النووي للخلايا والسموم لسنوات، وذلك ما لا يحدث لدى الأطفال لصغر أعمارهم.
على الرغم من أن السرطان يقتل الأطفال أيضاً، لكن، الحقيقة هي أن علاج هذا المرض يأتي بنتائج أفضل لدى الأطفال، إذ تكون أجسادهم أكثر تعاطياً مع العلاجات القاسية للسرطان، لأن أعضاءهم لم تتضرر بعد مثل البالغين. يتحمل الصغار العلاجات التي من شأنها أن تقتل البالغين، وهذا يفسر نسبهم من الشفاء.
وعلى الرغم من أنه لا يزال هناك الكثير مما ينبغي القيام به لمكافحة السرطان بشكل عام، إلا أن التحديات التي تواجه الصغار تختلف عن تلك التي تواجه الكبار.
يرى الخبراء أنه من المهم جداً إجراء تجارب سريرية جديدة على الأورام التي تصيب الصغار، ومن المهم أيضاً التركيز بشكل خاص على المراهقين المتضررين من هذا المرض الذين “يزدادون سوءاً” والذين توجد “تجارب قليلة” لمساندتهم في صراعهم القاسي مع المرض. كما يسلط الخبراء الضوء على أن جميع وحدات علاج سرطان الأطفال يجب أن يكون بها طبيب نفساني، لمساعدة “الأطفال وأولياء الأمور وحتى الأطباء”، كما يجب أن تكون تلك الأماكن مبهجة بقدر الإمكان.
المصدر: هافينغتون بوست