تصدر اهتمامات الصحف المحلية الصادرة صباح اليوم الثلاثاء 19-09-2017 موقف رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الذي فاجئ القوى السياسية اللبنانية باقتراح قانون يقطع الطريق على أي تأجيل قد يطرأ على الموعد المقرر لإجراء الانتخابات البرلمانية. كما طغت على اهتمامات الصحف مواقف رئيس الجمهورية ميشال عون في نيويورك.
الأخبار
بريطانيا على الحدود الشرقية: سايكس «حَيّ فينا»
لم يكن وجود إرهابيي «داعش» و«جبهة النصرة» على الحدود بين لبنان وسوريا، سوى الذريعة المناسبة لـ«إحسان» أميركي وبريطاني تجاه الجيش اللبناني واللبنانيين لإنشاء شبكة من الأبراج على طول الحدود اللبنانية السورية، تحت عنوان «مكافحة الإرهاب» وضبط الحدود. تماماً، كما كان «الإرهاب» الذريعة المناسبة للعودة الأميركية إلى العراق تحت مظلة «التحالف الدولي» في عام 2014، بعد الانسحاب الأميركي من بغداد نهاية عام 2010، أي قبل ثلاثة أشهر من بدء الحرب على سوريا.
لطالما بقيت الحدود السورية ــ اللبنانية، منذ استقلال الكيانين، مفتوحة لحركة دخول وخروج الأفراد والبضائع الخفيفة، عبر التسلل أو عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية. وهذه الحركة، وإن كان منسوبها يرتفع ويخفت بحسب الظروف السياسية والاقتصادية في البلدين، إلّا أن طبيعة الحدود وتلاصق القرى والمدن على الجانبين (من وادي خالد وتلكلخ وسهل عكار وطرطوس والهرمل والقصير، إلى بعلبك وعرسال والزبداني وقرى القلمون الغربي، وصولاً إلى حاصبيا وراشيا وقرى جبل الشيخ على مقلبه السوري)، تحتّم مثل هذه الحركة، في ظلّ الارتباط العضوي الحياتي بين سكّان الحدود، وعلاقات القربى والمصاهرة ووجود مواطنين لبنانيين داخل القرى الحدودية السورية وسوريين داخل القرى الحدودية اللبنانية.
وكما استفادت المقاومة اللبنانية وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية وحلفاء سوريا على مختلف انتماءاتهم من إمدادات السّلاح السوري عبر الحدود، تحوّلت الحدود المفتوحة بين البلدين في عدّة مراحل تاريخية، إلى عبء على سوريا، مع استغلال بعض الجماعات اللبنانية وجماعات معارضة لسوريا منذ خمسينيات القرن الماضي، الحدود، للعب بالأمن السوري وتهديد أنظمة الحكم في دمشق.
ولم ينسَ السوريون واللبنانيون بعد كيف فتح تيار المستقبل الحدود في بداية الأزمة السورية، لتصير ممرّاً للسلاح والإرهابيين نحو الداخل السوري، إلى قلعة الحصن وتلكلخ والقصير وحمص والقلمون الغربي وبيت جنّ، وكيف عادت طرابلس في 2011 إلى اسمها الحقيقي، أي «طرابلس الشام».
1559 واستهداف الحدود
لبنان هو خاصرة سوريا في الجغرافيا والديموغرافيا، واليد التي تُؤلم أي نظام حكم في الشام، في حال استخدام الكيان الصغير ضد المصالح السورية أو دفعه نحو التمرّد. ولمّا استطاعت سوريا في الحرب الأهلية اللبنانية وبعدها، مدّ جسور تحالف متينة مع فئات لبنانية، ولا سيّما مع المقاومة، أتى القرار الدولي 1559 في عام 2004، في محاولة لتطويق سوريا وحلفائها في لبنان، استكمالاً لعملية التطويق من الشرق العراقي بعد احتلال بغداد في نيسان 2003. وجاء الـ 1559 كلبنة أولى في مشروع الفصل العسكري والسياسي بين لبنان وسوريا في «الشرق الأوسط الجديد» الذي بشّرت به وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس، بعد عقدين من «وحدة المسار والمصير» في الأمن والسياسة، في الحرب… والسلم.
وقبيل عدوان تمّوز على لبنان في 2006 وذروة الهجوم الغربي والعربي واللبناني على سوريا وحلفائها، واتهامها باغتيال الرئيس رفيق الحريري، صدر القرار الدولي 1680 في 17 أيار 2006، الذي استهدف بشكل مباشر الحدود بين سوريا ولبنان، طالباً من سوريا ترسيم الحدود بين البلدين، كقرار مكمّل للـ 1559. إلّا أن حبر هذا القرار لم يكن قد جفّ بعد، حين شنّت إسرائيل حرباً مدمّرة على لبنان بهدف القضاء على المقاومة، لتنتهي الحرب بعجز إسرائيلي عسكري عن تحقيق الأهداف، لكن بقرار دولي سياسي رقمه 1701، يهدف إلى تقييد عمل المقاومة في الجنوب، ويدعو أيضاً الحكومة اللبنانية إلى ضبط حدودها الشمالية والشرقية، بهدف قطع خطوط إمداد المقاومة وفصلها عن عمقها الاستراتيجي، سوريا.
المشروع البريطاني ـــ الأميركي
في عام 2009، وفي ظلّ انقسام سياسي كبير في لبنان بين حلفاء سوريا وأخصامها، بدأ الجيش اللبناني تشكيل فوج الحدود البرية الأول، ومهمّته الأساسية مكافحة التهريب على الحدود بين لبنان وسوريا في منطقة الشمال، ومقرّه شدرا، في تنفيذ واضح للقرار 1701. وفي عام 2011، بدأ تشكيل فوج الحدود البريّة الثاني، ومقرّه رأس بعلبك، لضبط حركة التهريب في الحدود الشمالية الشرقية. وكذلك جرى تشكيل فوج الحدود البرية الثالث ومقرّه الحالي أبلح، وينتشر بين شمال منطقة المصنع وجنوبها، وصولاً إلى راشيا. كما أعلن السفير البريطاني في لبنان هيوغر شوتر في كانون الأول 2015، نية بريطانيا دعم الجيش بـ 10 ملايين دولار، لتشكيل فوج الحدود البرية الرابع. وتقول مصادر غربية معنيّة إن «بريطانيا تكلّفت حتى الآن ملايين الدولارات لدعم الأفواج البريّة، وقريباً ستستثمر أميركا حوالى 100 مليون دولار جديدة في هذا المشروع». وبحسب مدير التوجيه في الجيش العميد علي قانصو، فإن «مهمة أفواج الحدود البرية هي ضبط الحدود من عمليات التهريب بين لبنان وسوريا، وهي تستكمل انتشارها على طول الحدود من الشمال، وصولاً إلى ما قبل مزارع شبعا». ويقول قانصو إن «هذه الأفواج هي حرس حدود مثل قوات الهجانة السورية التي ترابط في الطرف المقابل، أما على الحدود مع فلسطين المحتلّة فينشر الجيش اللبناني وحدات مقاتلة أخرى وليس حرس حدود».
إلّا أن الدخول البريطاني على خطّ دعم أفواج الحدود، بدأ خريف عام 2012، وكانت شرارة انطلاقه إحباط الجيش السوري عملية تسلّل لمجموعة إرهابية كبيرة من شمال لبنان باتجاه الداخل السوري، عرفت لاحقاً باسم «مجموعة تلكلخ» (سقط معظم أفرادها في كمين للجيش السوري). وتزعم المصادر الغربية أن «تسلّل تلكلخ دفع بريطانيا إلى التفكير بدعم الجيش اللبناني وحماية الحدود، عبر تزويده بمجموعة من الأبراج بهدف مراقبة الحدود». وأُحضرت قبب الأبراج الثلاثة الأولى من بريطانيا، وهي من مخلّفات القوات البريطانية في إيرلندا الشمالية، حيث كانت تستخدم لمنع تسلّل مقاتلي الجيش الجمهوري الإيرلندي عبر «الحدود». أما الأبراج الأخرى، فبدأ تصنيعها في لبنان بإشراف بريطاني.
وحتى أول آب 2014، تاريخ اجتياح إرهابيي «داعش» و«جبهة النصرة» بلدة عرسال، كانت بريطانيا قد أنشأت 12 برجاً للجيش، تمتدّ من شدرا، وصولاً إلى عرسال. وقبل أيام، كشف شورتر بعد زيارته قائد الجيش العماد جوزف عون، أن «المملكة المتحدة تساعد على تدريب 11 ألف جندي لبناني، وبناء أكثر من 20 قاعدة عمليات متقدّمة، و30 مركزاً لمراقبة الحدود». تقول المصادر الغربية إن «وجود البرج في عرسال في آب 2014 حمى مجموعة كبيرة من الجنود، وصمدوا داخله لحين وصول قوات دعم لهم». وهذا الرأي استكمال لما نشرته صحيفة «التيليغراف» البريطانية في تشرين الثاني 2014 عن أن «أبراج بريطانيا حمت بلدتي رأس بعلبك والقاع من الجهاديين»! إلّا أن الوقائع العسكرية أثبتت أن اجتياح هؤلاء «الجهاديين» لعرسال وتسلل مجموعات انتحاريين منهم إلى بلدة القاع جرى في ظل تلك الأبراج، وأن الحرب التي خاضها الجيش السوري وحزب الله ضد إرهابيي «القاعدة» و«داعش» في القصير والقلمون الشرقي والغربي والسيطرة بالنار على طريق شبعا ــ بيت جنّ في جبل الشيخ، منذ عام 2013، وصولاً إلى تحرير جرود عرسال ومعركة «إن عدتم عدنا»، و«فجر الجرود» التي خاضها الجيش اللبناني، هي ما حوّلت الحدود السورية ـــ اللبنانية إلى منطقة آمنة، منهياً بذلك وجود إمارة متطرفة تبحث عن ممرّ بحري على شاطئ المتوسّط.
وتقول مصادر ميدانية معنيّة إن «انتشار الجيش اللبناني على الحدود اللبنانية السورية، في ظلّ وجود الجماعات الإرهابية في الداخل السوري، كان سيحوّل الجيش إلى هدف دائم وسهل لاعتداءات الإرهابيين ولن يحول دون دخولهم إلى لبنان، مع وجود خلفية عسكرية استراتيجية لهم في الداخل السوري».
وفيما تقول المصادر الغربية إن «هدف دعم أفواج الحدود هو منع التهريب بين البلدين وحفظ استقرار لبنان»، تقول مصادر رفيعة المستوى في قوى 8 آذار إن «هناك أجندة مختلفة للبريطانيين والأميركيين عن أجندة الجيش». وتضيف أن «الجيش يقوم بواجبه في حماية الحدود، بينما يريد الغربيون من هذا المشروع تثبيت الفصل الجغرافي والسياسي بين لبنان وسوريا». وتشرح المصادر أن «الهدف هو فصل المسارات السياسية والعسكرية بين سوريا ولبنان عبر رصد طرق إمداد المقاومة وحصارها، وتحويل الجيش اللبناني إلى جيش من القوات الخاصة التي تفكّر في مكافحة الإرهاب فقط، على غرار الجيش الأردني وقوات البيشمركة في إقليم كردستان». وترى أن «تقييد حركة الجيش بالتسليح من طرف واحد، يهدف إلى حرف الجيش عن قتال إسرائيل، وهذا الأمر تتنبّه له قيادة الجيش، وفي كلّ مرّة يؤكّد العماد جوزف عون على عقيدة الجيش اللبناني في العداء لإسرائيل».
ولدى سؤال المصادر الغربية عن السبب في عدم دعم الجيش لحماية لبنان من الاعتداءات الإسرائيلية، وبدل ذلك تزويده بأسلحة بدائية لمواجهة جماعات مسلحة، وليست نظامية، تزعم المصادر أن «هناك تفكيراً، لأول مرّة في الدوائر الغربية، لمساعدة الجيش اللبناني بأسلحة لردع إسرائيل، بعدما بات لدى الجيش ثقة بنفسه في معركة الجرود». وتقول مصادر قوى 8 آذار إنه «لا ثقة بكلام الدول الغربية حول تسليح لبنان لمواجهة إسرائيل، إنما الهدف هو إيجاد شرخ بين المقاومة والجيش، والقول للبنانيين إنه لم يعد هناك من داعٍ لسلاح المقاومة طالما أن الجيش قادر». وتضيف أنه «بانتظار تمكّن الجيش من مواجهة إسرائيل، فإن الحلّ يبقى بالاستراتيجية الدفاعية التي تعمّدت بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة».
هواجس من اختراق بريطاني لكاميرات الأبراج
تتحفّظ مصادر المؤسسة العسكرية عن ذكر عدد الأبراج المنتشرة. إلّا أنها تشرح لـ«الأخبار» أن «الأبراج هدفها ضبط الحدود بالإشراف على المعابر وحماية الجنود داخلها»، مشيرةً إلى أن «الأبراج مؤلّفة من طبقات، وتتسع لعدد كبير من الجنود، وهي مزوّدة بكاميرات نهارية وليليّة ومراصد إلكترونية للأفراد والآليات، وكذلك بالأسلحة المناسبة للتعامل مع أي تسلّل على الحدود». وتضيف أن «الكاميرات تنقل المعلومات إلى غرفة العمليات في قيادة الجيش». وتتصل الأبراج بعضها بالبعض الآخر للحصول على رؤية كاملة للحدود، بحيث تبدأ رؤية البرج التالي من حيث تنتهي رؤية البرج السابق، وتستطيع أجهزة الأبراج رصد مسافات طويلة، تصل إلى حد الـ 20 كلم.
إلّا أن الإشراف البريطاني ــ وأخيراً الأميركي ــ على المشروع، يثير الشكوك من أن يكون الطرفان يستفيدان من الرصد الذي تؤمّنه كاميرات الجيش. فعلى سبيل المثال، يطلّ برج بلدة «قنافذ» في الهرمل على كامل المنطقة المتّصلة بالقصير السورية وعلى منطقة «الجعافرة» وعلى معابر حوش السيد علي ومحيطه. وكذلك يطل أحد الأبراج في مشاريع القاع على معبر جوسيه الرسمي والمنطقة المحيطة. ومع أن المقاومة طوّرت أساليبها للتغلّب على الرصد الجوّي بالطائرات المسيّرة والأقمار الصناعية، الذي يقوم به العدو الإسرائيلي وحلفاؤه الغربيون، إلّا أن الرصد البرّي يبدو مقلقاً في حال استفادة الأميركيين والبريطانيين منه. وفيما تؤكد المصادر العسكرية اللبنانية أن «الجيش هو الطرف الوحيد الذي يستفيد من الرصد والاستطلاع الذي توفّره الأبراج»، إلّا أن الهواجس من التفوّق التقني الأميركي والبريطاني تدفع أكثر من جهة للسؤال عن مدى حصانة هذه المنظومة، والقدرة على منع الأميركيين والبريطانيين من اختراقها وهم الطرف المصنّع لمعداتها. وهناك شكوك من أن تكون الصور والمعلومات التي ترصدها الأبراج، تنتقل إلى البريطانيين بدورها وليس إلى غرفة عمليات الجيش فحسب، وخصوصاً في ظلّ ما يحكى عن قيام خبراء أميركيين خلال معركة حزب الله ضد «النصرة» في جرود عرسال، بتعطيل عمل طائرات «scan eagle» الأميركية المسيّرة التي يملكها الجيش، اعتراضاً على مساعدة الجيش لحزب الله، عبر ضرب إرهابيي «النصرة» الفارين من المعارك، فضلاً عن إمكانية احتواء بعض الأبراج على أجهزة تنصّت على الهواتف والاتصالات، في لبنان وسوريا معاً.
الجمهورية
عون لكشف مصير المطرانين.. وبرِّي لإنتخابات قبل نهاية السنة
لهزّات الداخلية تتوالى وبأشكال مختلفة، فبَعد الهزّة السجالية التي تولّدت عن الدعوة الرئاسية للتحقيق في قضية العسكريين الشهداء وما جرى في عرسال في 2 آب 2014، والهزّة النفسيّة التي أصابت البلد بعد تحذيرات السفارات الأجنبية حول إمكان تعرّضِ الداخل اللبناني لتفجيرات وأعمال إرهابية، تعرّضَ المشهد الداخلي لهزّة سياسية من نوع جديد مصدرُها عين التينة، وتمثّلت في اقتراح قانون معجّل مكرّر تقدَّم به رئيس مجلس النواب نبيه بري عبر كتلته النيابية لتقصير الولاية الممدّدة من أيار 2018 إلى 31 كانون الأوّل 2017، وإجراء الانتخابات النيابية وفق القانون الجديد خلال الاشهر الثلاثة المقبلة. يأتي ذلك في وقتٍ استهلّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يومه الأوّل في نيويورك بلقاء رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر مورر، وطلبَ إليه بذلَ الجهدِ لمعرفة مصير المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي والمصوّر اللبناني المفقود سمير كساب. كذلك التقى أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط الذي أكّد دعمَ الجامعة لأيّ مشروع يقدّمه لبنان، ودعم مرشّحه لعضوية المحكمة الجنائية الدولية.
إنضَبط الواقع السياسي اعتباراً من ظهر أمس، على إيقاع العاصفة الانتخابية التي هبَّت من عين التينة، وأحدثت دويّاً كبيراً ومفاجئاً للوسط السياسي الذي غرقَ في إرباك تجلّى في الهروب من إبداء مواقف واضحة من اقتراح بري، وفي سحابةٍ كثيفة من علامات الاستفهام حوله، وحول السر الكامن خلف إطلاقه في هذا التوقيت بالذات، وما إذا كان جدّياً أو مناورة سياسية أو قنبلة صوتية أراد بري إلقاءَها على المسرح السياسي كتعبير اعتراضي على المنحى الذي تدير فيه بعضُ أطراف السلطة التنفيذية الأمور، أو بالوناً اختبارياً لنيّات القوى السياسية كلّها ربطاً بالاستحقاق الانتخابي؟
وما بين مؤيّد للاقتراح، ومشكّك فيه، ومتهرّب من إبداء موقف حوله، ومحرَج في كيفية مقاربته، استغرَبت عين التينة محاولة السؤال عن جدّية هذا الاقتراح، ذلك أنّ الجدّية تتحدّث عن نفسها في متنِه، وكذلك في نزول بري بشخصِه لتلاوة اقتراح قانون تقصير الولاية الممدّدة وتقريب موعد إجراء الانتخابات، وذلك لإضفاء مزيد من الجدّية على الامر، علماً أنّ رئيس المجلس مهَّد لهذا الاقتراح منذ مدّة من خلال المواقف التي أدلى بها أخيراً، وصبّت كلّها في هذا الاتجاه، وقرَنها برفضه المسبَق لأيّ فكرة أو طرح يُشتمّ منه رائحة تمديد للمجلس، وقال صراحةً في مقابل هذا الأمر إنّ هذا التمديد إنْ حصَل سيفتح بابَ الانقلاب عليه.
وبحسب أجواء عين التينة، فإنّ اقتراح بري لم يُطرَح من باب المناورة أو المزايدة، بل من باب الموضوعية والمصلحة الوطينة، وبالتالي هو نهائي ولا رجعة عنه، وسلكَ مسارَه في اتّجاه تسجيله في قلم المجلس النيابي، وطالما إنّ مضمونه أعلِن، فهذا يعني أنّ الكرة أصبَحت في ملعب القوى السياسية الممثّلة في المجلس والتي يفترض أن تستجيب، خصوصاً وأنها في غالبيتها نادت برفض التمديد، فضلاً عن أنّ هذا الاقتراح ليس تعجيزياً ولا ينطوي من قريب أو بعيد على أيّ محاولة لتحدّي أيّ طرف، واعتباره كذلك غير واقعي على الإطلاق، لأنه مِن ألِفه إلى يائه يشكّل فرصةً لإعادة تصويب مسار البلد في اتّجاه إعادة تأسيس بيتِه السياسي وبعثِ الحيوية فيه عبر الانتخابات النيابية.
خصوصاً وأنّ الصورة الداخلية من الآن ولغاية نهاية ولاية المجلس الحالي في أيار 2018، لا تشي بما يمكن اعتباره تطوّراً نوعياً مختلفاً عمّا هو سائد اليوم، ما يعني أنّ البلد من الآن وحتى أيار سيكون أمام وضعٍ انتظاريّ لا أكثر، لذلك فإنّ اقتراح بري هو فرصة للإفادة من الوقت وإجراء الاستحقاق النيابي سريعاً وعدم تضييعه في انتظار أشهرٍ بلا أيّ فائدة.
وادرجَت بعض المقاربات السياسية اقتراحَ بري في سياق محاولةٍ لخلطِ الأوراق الداخلية، وسألت هل إنّ رئيس المجلس نسّقَ هذا الاقتراح ومفاعيله مع كلّ من الرئيس عون ورئيس الحكومة سعد الحريري؟ فيما اعتبَرت اوساط برّي بأنّ هذا التساؤل ليس في مكانه على الإطلاق.
وإذا كانت عين التينة تنظر بعين التفاؤل الى مصير الاقتراح مع أرجحية درسِه وإقراره في الجلسة التشريعية التالية للجلسة التشريعية التي سيعقدها المجلس اليوم وغداً، وخصوصاً أنّ رئيس المجلس وضعَ كلّ ثِقله فيه، فإنّ اوساطاً سياسية مختلفة مع بري سياسياً، تعتبر أنّ الاقتراح يحمل فتيلَ سقوطِه بنفسه، وخصوصاً لجهة عامل الوقت، إذ إنه يَحشر القوى السياسية في فترة زمنية قصيرة لإجراء الانتخابات في ثلاثة أشهر.
ويوضح قريبون من بري بأنّ الوقت المتبقّي لإجراء الانتخابات ربطاً بالاقتراح المقدّم، هو 3 أشهر حتى آخر 31 كانون الاوّل، وهذه المدّة كافية لإجراء الانتخابات، خصوصاً أنّ كلّ القوى جاهزة أصلاً للاستحقاق منذ الفترة التي سبَقت إعداد القانون، وهذه هيئة الإشراف على الانتخابات قد تشكّلت، ثمّ إنّ وزارة الداخلية لطالما قالت إنّها على جهوزية تامة لإجراء الانتخابات، فضلاً عن أنّ النص الدستوري يَعتبر هذا الفترة كافية لإجرائها، بدليل أنّه نصَّ على فترة الـ3 أشهر في المادة 25 المتعلقة بحلّ المجلس، ما يعني أنّنا لسنا أمام حالٍ اسمُه ضيقُ الوقت.
وكان بري قد تلا اقتراحَه في كلمة ألقاها بعد اجتماع كتلة «التحرير والتنمية»، وقال: «إلتزاما بروح القانون الذي يفرض إجراءَ الانتخابات بأسرع فرصة نتقدّم باقتراح قانون معجّل مكرّر لتعديل المادة 41 من القانون 44 فتنتهي ولاية مجلس النواب الحالي في آخر العام هذا، أي في 31 كانون الاوّل، على أن تجري الانتخابات قبل هذا التاريخ».
أضاف: «تبنّيت موضوع التمديد عندما كان هناك مبرّر لكن اليوم لم يعد هناك مبرّر، ونحن نتقدّم بمشروع قانون لتقليص ولاية مجلس النواب، واقتراح القانون الذي تقدّمت به سيقدَّم في الجلسة المقبلة وليس جلسة الغد».
المشنوق
وعقبَ تقديم بري لاقتراحه، أوضَح وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق ما وصَفه اللغط الحاصل حول آليات تنفيذ قانون الانتخاب الجديد، خصوصاً في ما يتعلّق باعتماد البطاقة الممغنطة. وقال في بيان عبر مكتبِه الإعلامي «إنّ اللجنة الإدارية والفنية التي شكّلها لدرسِ آلية تطبيق المادة 84 خلصَت إلى أنّ البطاقة الإلكترونية الممغنطة ستُستعمل لمرّة واحدة كلّ 4 سنوات، وبالتالي فإنّ الاعتمادات التي ستُرصَد لها ستكون هدراً للمال العام دون الوصول إلى النتيجة المطلوبة، وعليه قرَّرت اللجنة تطويرَ بطاقة الهوية الحالية إلى بطاقة بيومترية إلكترونية، وإحدى ميزاتها الأساسية أنّها ستكون متعدّدة الوظائف».
وأشار إلى «أنّ الوزارة لم تتهرّب من مسؤولياتها، بل يقتصر دورُها على تنفيذ ما يقرّره مجلس الوزراء بعد اتّفاق القوى السياسية عليه، ومن ثمّ الحرص على إجراء الانتخابات النيابية في موعدها».
ميقاتي
وقال الرئيس نجيب ميقاتي لـ«الجمهورية»: «نُثمّن اقتراحَ الرئيس بري، وأعتقد أنّه نابعٌ من حِرص شديد على الحياة النيابية وتجديدها، وهذا الاقتراح هو محلّ قبول لدينا. وإذا كانت الانتخابات النيابية ستجري في فصل الشتاء، فالحلّ سهلٌ جداً باللجوء إلى التسجيل المسبَق الذي يقتضي ان يُعتمد في ما خصّ أبناءَ المناطق النائية والجبلية، إذ يستطيع هؤلاء أن يسجّلوا مسبقاً ويصوّتوا في أمكنة معينة أو في أماكن سكنِهم. ونؤكّد مجدداً أنّ الانتخابات أولوية كبرى، ويجب أن تجري قبل رأس السنة.
…المجلس الدستوري
إلى ذلك، علمت «الجمهورية» أنّ المجلس الدستوري ركّز في اجتماعه أمس، على ثلاثة عناوين في الطعن المقدّم حول قانون الضرائب، أوّلها يتصل بمخالفة ارتكِبَت بمجرّد أن يقول القانون الجديد رقم 45 بأنّ الرسوم والضرائب الجديدة التي حدّدها ونصّ عليها مخصّصة لتمويل سلسلة الرتب والرواتب، وهو ما لم يَلحظه أيّ قانون من قبل، فكلّ الرسوم والضرائب تدخل الخزينة العامة ولا يمكن تحديد أهدافها أو فتحُ حسابٍ خاص بها لتمويل السلسلة أو أيّ غرضٍ آخر.
والثاني، خرقُ الدستور بما تضمّنته المادة 36 منه التي توجبُ المناداة بالأسماء عند التصويت، وهو الأمر الذي لم يحصل عند تصديق القانون. والثالث يتّصل بما اعتبَره الطعن ازدواجاً ضريبياً تحدّثت عنه المادة 17 من القانون في بعض الحالات المتّصلة بأرباح الشركات وإعادة فرض نسبة ضريبة على الفوائد، وهو ما يتعارض وسلسلة اتّفاقات وقّعها لبنان لمنعِ الازدواج الضريبي.
وقد لفتَ بعضُ الأعضاء إلى أنّ هذا الأمر اكتشَفه المجلس عينُه وقد أعدّ النواب اقتراحَ قانون جديد تمّ التوافق عليه في اللقاء الحواري الذي دعا إليه رئيس الجمهورية في قصر بعبدا قبل صدور القانون بأيام لتصحيح المادة 17 من القانون الجديد. وقد تقرَّر عقدُ اجتماعٍ آخَر قبل ظهرِ غدٍ الأربعاء قد ينتهي بصدور القرار النهائي، أو يتمّ ذلك في جلسة ثالثة وأخيرة تُعقَد يوم الجمعة المقبل.
البناء
واشنطن تتراجع عن خطوطها الحمراء وتضع لتنسيقها مع موسكو عنوان منع التصادم
بري يفاجئ باقتراح قانون لتقديم الانتخابات.. استباقاً لذريعة البطاقة الممغنطة للتأجيل
لن يرشح للانتخابات بلا ربط البيومترية بالتسجيل… لأنه لن يكون شاهد زور وتزوير
عَبَرَ الجيش السوري الفرات وكسر خطاً أحمر جديداً، بعد بلوغ الحدود السورية العراقية قبل شهرين، وسقطت الإمارة التي أرادها الأميركيون مغلقة لهم ولجماعة «قسد» كمدخل للعب بوحدة سورية، وأعلنت الدولة السورية عزمها على التوجه نحو البوكمال مهما كانت الأثمان، ووقف الحلفاء وراء سورية وقفة رجل واحد. فشارك حزب الله بقوة وازنة في معارك شرق سورية وشمالها، ووقفت إيران بحرسها الثوري والمتطوّعين تحت لوائه، وقدّم الطيران الروسي الغطاء الجوي المكثف، وقدمت الهندسة الروسية تقنيات العبور وجسورها الحديثة العائمة، فرضخ الأميركيون وبدأوا تفكيك قاعدة الزكف القريبة من قاعدة التنف، وأبلغوا الجانب الروسي رغبتهم بالتشاور والتنسيق لمنع التصادم ومواصلة التعاون في الحرب ضد داعش، وفقاً لما تمّ الاتفاق عليه في الحوار الذي أجراه وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف، وخرج الناطق بلسان التحالف الذي تقوده واشنطن يؤكد أولوية التنسيق مع روسيا لمنع التصادم بين الجيش السوري وقوات سورية الديمقراطية تحت عنوان أولوية الحرب على داعش.
لبنانياً، كان الحدث في عين التينة مع إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري تقديمه اقتراح قانون لتقديم موعد الانتخابات النيابية لما قبل نهاية العام، مستنداً إلى أن التمديد الذي تم التفاهم عليه كتمديد تقني لمجلس النواب بحجة البطاقة الانتخابية الممغنطة قد سقط مع صرف النظر عنها، أما إنتاج بطاقة الهوية البيومترية واعتمادها فأمر آخر. ونقلت مصادر مطلعة عن بري قراءة مفادها اعتراضه على التلزيم بالتراضي لبطاقة الهوية تحت شعار العجلة ولا داعي للعجلة، لأنه من الصعب جهوزيتها لتخديم الانتخابات المقبلة في موعدها، بل الخطر ربط الانتخابات وموعد إرجائها بجهوزية بطاقة الهوية الجديدة وتوزيعها على الناخبين وضمان عدم وقوع أخطاء في البطاقة والتوزيع، فيصير هذا باب التمديد الجديد، الذي يجزم الرئيس بري أنه لن يسير به مهما كلف الأمر، ولذلك لن ينتظر حتى يصير مطروحاً على الطاولة. ومن جهة مقابلة، وهذا هو الأهم، كما تقول المصادر، إن الرئيس بري خاض نقاشات ووصلته أصداء نقاشات حول كيفية استخدام البطاقة الممغنطة أو البطاقة البيومترية، فلمس إصراراً على رفض قيام الناخبين بتسجيل مكان اقتراعهم المختار، ليتم تجهيز الأقلام المناسبة للراغبين بالاقتراع في أماكن سكنهم، وشطبهم من لوائح المقترعين في مكان قيود سجلاتهم منعاً لقيام بعضهم بالاقتراع مرتين، ولم ينجح بري في الحصول على جواب إيجابي رغم الشروح التي قدّمها عن خطورة التزوير والعبث بنتائج الانتخابات في حال عدم التسجيل، فقرّر إبلاغ من يلزم أنه إذا لم يتم اعتماد التسجيل المسبق بالتوازي مع اعتماد البطاقة الانتخابية الممغنطة أو بطاقة الهوية البيومترية لمنح الناخبين حق اختيار مكان الاقتراع، فإن الرئيس بري لن يترشح شخصياً للانتخابات ولن يسمح بترشيح أحد من حركة أمل وكتلة التنمية والتحرير، لأنه لن يكون شاهد زور وتزوير.
توقعت المصادر أن يكون الحجر الذي ألقاه بري في الماء الراكد فرصة لنقل النقاش الجاري في الكواليس حول مستقبل الانتخابات إلى العلن، خصوصاً مع ظلال الشك حول جدية إجراء الانتخابات في موعدها، بعدما ألغيت الانتخابات الفرعية بلا تقديم سبب أو مبرر، ولم يرفّ لأحد جفن والدستور ينتهك علناً.
اقتراح قانون لتقصير ولاية المجلس
رمى رئيس المجلس النيابي نبيه بري كرة الاستحقاق الانتخابي الى الملعب الحكومي بعد إعلانه عن تقديم كتلته النيابية اقتراح قانون معجّل مكرّر لتقصير ولاية المجلس النيابي الحالي حتى نهاية العام الحالي، قاطعاً بذلك الطريق على وضع المجلس النيابي أمام تمديد الأمر الواقع للمرة الرابعة.
وخلال مؤتمرٍ صحافي عقده بري عقب ترؤسه اجتماع كتلة التنمية والتحرير في عين التينة، قال الرئيس بري: «التزاماً بروح القانون الذي يفرض إجراء الانتخابات في أسرع فرصة، نتقدّم باقتراح قانون معجّل مكرّر لتعديل المادة 41 من القانون 44، واختصار ولايته، فتنتهي في آخر العام هذا، أي في 31 كانون الأول، على ان تجري الانتخابات قبل هذا التاريخ، وسيطرح هذا القانون في الجلسة التشريعية المقبلة وليس غداً»، وجدّد بري تمسّكه بالتسجيل المسبق للناخبين خارج أماكن سكنهم، معتبراً أن لا مبرر لأي تمديد.
وفي حال لم تتجاوب الحكومة، قال بري: «هذا الأمر لا يعود للحكومة، هذا الامر يعود لمجلس النواب، وحل المجلس موقوف على إرادة المجلس النيابي»، وأضاف: «اقتراح القانون المعجل المكرر هذا سيطرح خلال الجلسة التي تلي جلسة الغد وبعد غد. لماذا؟ لأنني ملتزم كلاماً أمام الهيئة العامة ان لا أقبل اقتراح قانون معجل مكرر اذا أتاني على الباب، اي اذا أتاني عشية الجلسة أو ليس قبل 48 ساعة لذلك ما يسري على الغير يسري عليّ».
وتابع بري: «أما ما هي اهمية اقتراح القانون هذا، فمن خلاله اساعد الحكومة، بمعنى انه اذا كانت الحكومة غير قادرة على تكملة العمل لإنجاز البطاقة البيومترية، وتتاح الفرصة لأن تنجز مليون بطاقة كل سنة بدلاً من ان تنجز هذا العدد. ونذهب الى الانتخابات وفق الاقتراح المذكور على اساس قانون الانتخاب الجديد نفسه، ولكن ينتخب كل ناخب في مكان ولادته بواسطة الهوية او جواز السفر كما كان يحصل».
هل تكون «البيومترية» ذريعة التمديد الرابع؟
وفي حين أربكت خطوة بري الدستورية القوى السياسية والحكومة، خرج الهمس الذي يضج في الصالونات السياسية الى العلن من أن يكون إقرار الحكومة الهوية البيومترية هو الذريعة المصطنعة لتأجيل الانتخابات المقبلة، الأمر الذي يطرح سؤالاً آخر: لماذا لم تقرّ الحكومة مع «البيومترية» الآلية التنظيمية والتطبيقية لها، والمبادرة الى التسجيل المسبق للمقترعين كسباً للوقت وتجنباً لأي عملية تزوير في الانتخابات؟ واذا كانت الحكومة قد أقرت الهيئة العليا للإشراف على الانتخابات والبطاقة البيومترية والانتخاب الالكتروني للمغتربين، فلماذا لا يقرَّب موعد الانتخابات؟ وما الذي يبرر الانتظار حتى أيار المقبل أو طلب تمديد رابع؟
مصادر كتلة التنمية والتحرير أشارت لـ «البناء» الى أن «مجموعة من الاسباب دفعت الرئيس بري الى الاسراع بمبادرته لتقصير مدة التمديد للمجلس النيابي بعد استشعاره محاولات من أكثر من طرف سياسي لتأجيل الانتخابات بحجة عدم قدرة وزارة الداخلية على إنجاز التفاصيل التقنية المتعلقة بالهوية البيومترية قبل شهر أيار المقبل»، ولفتت الى أن «التمديد التقني الذي رافق إقرار قانون الانتخاب الجديد والتمديد لعام واحد كان بسبب البطاقة الممغنطة وبما أن الداخلية استبدلت هذه البطاقة بالهوية البيومترية فسبب التمديد قد انتفى، وبالتالي يمكننا تقديم موعد الانتخابات الى أواخر فصل الشتاء كحدٍ أقصى».
وأضافت المصادر أن «الحكومة يمكنها إنجاز كامل التفاصيل الهوية البيومترية خلال شهرين، وبالتالي يمكن إجراء الانتخابات قبل موعدها في أيار، وإن عجزت عن ذلك، فهذا يعني أن سبب التمديد قد انتهى، وبالتالي علينا تقصير مدة التمديد وإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن، ولاحظت المصادر وجود صعوبات تقنية أمام تطبيق استخدام البيومترية كما شكّكت بسرعة اتخاذ قرار التلزيم وتحديد اسم الشركة من دون الإعلان عن مناقصة واستدراج العروض في حين لم تتضح الصورة العملية لهذه الخطوة وإن كانت تسهّل العملية الانتخابية أم تعرقلها».
وكشفت المصادر أن الرئيس بري سيعمل على إدراج اقتراح القانون على جدول أعمال الجلسة التي تلي جلسة اليوم والغد ثم إحالته الى الهيئة العامة لمناقشته للتصويت عليه، وإذ أشارت الى أن خطوة الرئيس بري برسم القوى السياسية التي عليها أن تختار أمام الرأي العام التصويت على القانون أم ضده، أكدت أن التمديد غير وارد عند الرئيس برّي ولو ليوم واحد وتحت أي اعتبار، مشيرة الى أن هذا موقف حاسم وجازم ولا رجوع عنه، ومَن يريد التمديد فليمدّد وحده».
وقال وزير داخلية أسبق لـ «البناء» إن «البطاقة البيومترية تحتاج الى ترتيب تقني والى مكننة شاملة للناخبين في الداخل والخارج، وكشف بأن هناك حوالي 600 ألف هوية عادية لم تسلّم الى أصحابها بعد، فكيف تستطيع وزارة الداخلية إنجاز 4 ملايين هوية بيومترية قبل شهر أيار المقبل؟».
وعن إقرار النظام الالكتروني للمغتربين، لفت المصدر الوزاري السابق إلى أن «حق الاقتراع فقط لحاملي الهوية اللبنانية أو الباسبور اللبناني، وليس لكل المغتربين الذين تخلّى منهم عن جنسيته أو خيّرته الدولة التي يوجد فيها بين جنسيتها والجنسية اللبنانية فاختار الأولى». وكشف المصدر أيضاً أنه «عندما أطلقت وزارة الخارجية نداءً الى المغتربين عام 2009 لتسجيل أسمائهم لدى السفارات للمشاركة في الانتخابات لم يسجل سوى 4 آلاف شخص، وبالتالي هذا رقم قليل بالنسبة لعدد المغتربين، وبالتالي لا يمكن لوزارة الداخلية التحجّج بتنظيم عملية انتخاب المغتربين لتأجيل الانتخابات».
وعن تلزيم البطاقة الممغنطة شركة معينة، لفتت الى أن ذلك مخالف للقانون، وتساءلت هل وافق مجلس الوزراء على التلزيم أم لا؟ داعية الى جلسة استجواب نيابية لاستجواب الحكومة في الأمر.
.. والمشنوق يحذّر: تطبيق «القانون» يزداد صعوبة
وفي المقابل اعترف وزير الداخلية نهاد المشنوق بأن تطبيق قانون الانتخاب يزداد صعوبة مع مرور الوقت واقتراب موعد الاستحقاق الانتخابي، وفي بيان توضيحي لمكتبه الإعلامي، لفت الى أن «مع كل يوم يمر من عمر القانون ويقربنا من موعد إجراء الانتخابات، تزداد صعوبة تطبيق هذا القانون إلا من خلال اعتماد إجراءات استثنائية جداً».
وذكر البيان «بأن المادة 84 من القانون لم تقترحها وزارة الداخلية، بل أجمعت القوى السياسية في حينه على إقرارها، وألزمت وزارة الداخلية بتنفيذها. هذا رغم أن الوزير نهاد المشنوق لم يكن متحمساً لها وسجل اعتراضه عليها في محضر جلسة مجلس النواب يوم إقرارها، لإداركه صعوبة تنفيذها، لذلك فإن اللجنة الإدارية والفنية التي شكلها وزير الداخلية لدرس آلية تطبيق المادة 84، خلصت إلى أن البطاقة الإلكترونية الممغنطة ستستعمل لمرة واحدة كل 4 سنوات، وربما لمرة واحدة فقط كما جرى في بلدان كثيرة، وبالتالي فإن الاعتمادات التي سترصد لها ستكون هدراً للمال العام دون الوصول إلى النتيجة المطلوبة وبالتالي قررت اللجنة، تطوير بطاقة الهوية الحالية، إلى بطاقة بيومترية إلكترونية، وإحدى ميزاتها الأساسية أنها ستكون متعددة الوظائف، أي أنها ستحمل «رقم التعريف الموحّد» لكل لبناني، الذي يولد معه ويرافقه إلى آخر حياته، يستعمله في مختلف معاملاته الإدارية».
«الدستوري» أجّل قراره للأربعاء
على صعيد آخر، التأم المجلس الدستوري للبحث في الطعن المقدّم من بعض النواب في قانون الضرائب، غير انه لم يتخذ أي قرار في شأنه وحدّد الاربعاء المقبل موعداً جديداً لاستكمال البحث.
وأوضح رئيس المجلس عصام سليمان أن المادة 36 من القانون رقم 243/2000 تنص بأن «يصدر القرار في غرفة المذاكرة في مهلة أقصاها خمسة عشر يوماً من تاريخ انعقاد الجلسة … »، لافتاً الى ان «التقرير قُدم في 15 أيلول 2017 ودعي الأعضاء الى جلسة يوم الاثنين في 18 أيلول 2017 اليوم وأن القرار سيصدر في المهلة المحددة في القانون»، مؤكداً ان «رئيس المجلس الدستوري وأعضاءه ملتزمون بصرامة بسرية المذاكرة وموجب التحفظ، لذلك يجري التداول في دستورية القانون المطعون فيه بعيداً من الإعلام». وفي حين علم «ان المجلس أبقى جلساته مفتوحة الى حين صدور القرار النهائي ضمن المهلة».
عون: لعودة النازحين إلى سورية
في غضون ذلك استهل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يومه الاول في نيويورك، بلقاء أمس في مقر اقامته في فندق «ريتز كارلتون» مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر مورر. واشار عون الى «أهمية العمل لعودة النازحين السوريين، خصوصاً أن مناطق سورية عدة باتت تنعم بالهدوء بعد التطورات الامنية الاخيرة». ولفت رئيس الجمهورية الى أن «المساعدات الدولية تذهب الى النازحين من دون الحكومة اللبنانية، علماً أن لبنان يتحمل الكثير من الاعباء، ما أثر سلباً على وضعه الاقتصادي والمالي، وأن الدول المانحة مدعوة الى التعاطي مع لبنان في ما خصّ المساعدات لاسيما خلال انعقاد المؤتمر المقبل لهذه الدول».
كما استقبل الرئيس عون أمين عام جامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، بحضور الوفد اللبناني المرافق، وكانت جولة افق تناولت التطورات العربية والاقليمية الراهنة والتحرك العربي حيال بعض القضايا المطروحة.
المستقبل
التقى أبو الغيط وطلب من مورر بذل الجهود لكشف مصير المطرانَين وكسّاب
عون يدعو من نيويورك إلى العمل لعودة النازحين
وصل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى مطار جون كنيدي في نيويورك، عند السادسة والنصف مساء أول من أمس بالتوقيت المحلي، الواحدة والنصف بعد منتصف الليل بتوقيت بيروت، على رأس وفد رسمي يضم وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية بيار رفول، يرافقة وفد اداري واعلامي لتمثيل لبنان في الدورة الثانية والسبعين للجمعية العامة للامم المتحدة، على أن ينضم وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل الى الوفد الرسمي آتياً من كندا.
وكان في استقبال الرئيس عون والوفد المرافق في المطار، رئيس بعثة لبنان الدائمة في الامم المتحدة السفير نواف سلام والقائمة بأعمال سفارة لبنان في واشنطن السفيرة كارلا جزّار وعدد من أركان البعثة.
وفور انتقاله الى مقر الاقامة في فندق «ريتز كارلتون»، عقد رئيس الجمهورية اجتماعاً مع أعضاء الوفد المرافق، تم خلاله وضع اللمسات الاخيرة على برنامج المشاركة اللبنانية في أعمال الجمعية العامة واللقاءات التي سيعقدها مع عدد من قادة الدول ورؤساء الوفود المشاركة، والامين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريس، على أن يلقي كلمة لبنان بعد غد الخميس.
ويتوقع أن تحظى الزيارة باهتمام خاص نظراً الى كونها المرة الأولى منذ ثلاث سنوات يتمثل فيها لبنان في الامم المتحدة على مستوى رئاسة الجمهورية بسبب الفراغ.
واستهل رئيس الجمهورية يومه الأول في نيويورك، بلقاء قبل ظهر أمس في مقر اقامته في فندق «ريتز كارلتون» مع رئيس اللجنة الدولية للصليب الاحمر بيتر مورر، وعرض معه للمهمات التي يقوم بها الصليب الاحمر في أنحاء العالم، وخصوصاً في لبنان، والمساعدات التي يقدمها للنازحين السوريين. وأعرب مورر خلال اللقاء عن امتنان الصليب الاحمر للرعاية التي يقدمها لبنان الى النازحين السوريين ولا سيما استضافة عائلات لبنانية لهم في خطوة يتميز بها لبنان عن غيره من الدول المضيفة.، مؤكداً استعداد المنظمة الدولية لتقديم المساعدات اللازمة للبنان في سياق التعاون الثنائي القائم.
وشكر الرئيس عون الصليب الاحمر الدولي، مؤكداً استمرار التعاون معه. ولفت الى «أهمية العمل لعودة النازحين السوريين خصوصاً وأن مناطق سورية عدة باتت تنعم بالهدوء بعد التطورات الأمنية الاخيرة»، مشيراً الى أن «المساعدات الدولية تذهب الى النازحين من دون الحكومة اللبنانية علماً أن لبنان يتحمل الكثير من الاعباء، ما أثر سلباً على وضعه الاقتصادي والمالي، وأن الدول المانحة مدعوة الى التعاطي مع لبنان في ما خصّ المساعدات لا سيما خلال انعقاد المؤتمر المقبل لهذه الدول». كما تطرق البحث الى دور الصليب الاحمر في لبنان، فأكد مورر أن مكتب بيروت يقوم بدوره كاملاً وهو يواصل التنسيق مع المؤسسات الصحية الرسمية اللبنانية والمستشفيات. وطلب منه الرئيس عون بذل الجهد لمعرفة مصير المطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي والمصور اللبناني المفقود سمير كساب.
وفي سياق متابعة قضية المخطوفين اللبنانيين خلال الحرب اللبنانية، نوّه مورر بخطوة لبنان القائمة على جمع معطيات حول DNA الحمض النووي للمخطوفين لإنشاء بنك معلومات يساعده على معرفة مصيرهم.
وبعد اللقاء تحدث مورر الى الصحافيين فأوضح أن «اللقاء كان مناسبة للتأكيد على استعداد الصليب الاحمر الدولي لمساندة النازحين في لبنان، علماً أن اللجنة فاعلة في مضمار تأمين الاهتمام الصحي لهؤلاء في المنطقة عموماً. كما كانت مناسبة للبحث مع فخامة الرئيس في سبل تفعيل هذا العمل بصورة أكبر داخل سوريا، بما يسمح للنازحين خارجها بالعودة اليها وللمهجرين في الداخل السوري بالتواجد في أماكن أكثر أماناً واستقراراً وايجاد المنحى لبناء حياتهم داخل سوريا»، مشدداً على أن «وضع اللاجئين السوريين أمر يتم تداوله بشكل واسع في المجتمع الدولي، والصليب الاحمر الدولي الذي يعتبر عنصراً فاعلاً في سوريا على الصعيد الانساني، يرغب في استقرار المهجرين السوريين بقدر الامكان داخل الحدود السورية وتأمين مقومات تؤدي الى هذا الهدف، وهذا الأمر كان له حيّز كبير من اللقاء مع فخامة الرئيس».
واستقبل الرئيس عون في جناحه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، في حضور الوفد اللبناني المرافق، وكانت جولة أفق تناولت التطورات العربية والاقليمية الراهنة والتحرك العربي حيال بعض القضايا المطروحة. وجرى بحث معمق في رؤية رئيس الجمهورية للمرحلة المقبلة، خصوصاً في ما يتعلق بالعمل العربي المشترك. وأبلغه أبو الغيط أن الجامعة العربية تدعم توجهه لجعل لبنان مركزاً لحوار الحضارات وستتحرك في هذا الاتجاه، محيياً مبادرته التي تبرز دور لبنان المميز في محيطه والعالم. وأكد أن الجامعة العربية ستدعم أي مشروع يقدمه لبنان، وستدعم أيضاً مرشحه لعضوية المحكمة الجنائية الدولية.
على صعيد آخر، عقد مستشار الشؤون الدولية لرئيس الجمهورية الوزير السابق الياس بو صعب، لقاء مع مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون اللاجئين والهجرة والسكان سايمون هانشو، وعرض معه لأوضاع النازحين السوريين الى لبنان، وكيفية مساعدته على مواجهة هذه المشكلة وتأمين عودة ملائمة لهم الى بلادهم.
وقال بو صعب بعد اللقاء: «تطرقنا الى أزمة النازحين السوريين، وأعرب السيد هانشو عن تقدير بلاده لما قام به لبنان في هذا السياق. وعلى خط مواز، تحدثنا عن السبل الآيلة الى عودة النازحين الى بلادهم، ويبدو أن المجتمع الدولي عبر الخارجية الاميركية، بات أكثر تفهماً لمطالبنا ورؤيتنا، ولعل بودار عودة السوريين من منطقة الى أخرى في الداخل السوري تكون مؤشراً لعودة النازحين من خارج سوريا اليها».
أضاف: «تمنى الاميركيون أن يواصل لبنان تقديم مساعداته الى النازحين حالياً، وقد أكدنا أن لبنان يتعاطى مع هذا الملف بشكل انساني ولكنه لا يمكنه أن يتحمل أكثر من ذلك خصوصاً وأن النزوح لم يعد له مبرر، وشرحنا الفارق بين النازح واللاجئ، وتم الاتفاق على توصيف الموجودين في لبنان وفق هاتين الصفتين. وسيتطرق فخامة الرئيس في كلمته امام الامم المتحدة الى الازمة التي خلّفها النزوح للبنان، اضافة الى أمور أخرى».
المصدر: صحف