تناولت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الجمعة 08-09-2017 في بيروت مواضيع عدة كان أبرزها تشييّع لبنان اليوم شهداءَه العسكريين في احتفالات رسمية وشعبية وسط حدادٍ عام، بالاضافة الى دهم قوة من الجيش منزل “ابو طاقية” في عرسال…
الأخبار
المشنوق: الانتخابات النيابية في خطر
الجيش يكرّم شهداءه باحتفال رسمي… ويلاحق «أبو طاقية»
تناولت الأخبار الشأن المحلي وكتبت تقول “بعد أن جرى القفز فوق استحقاق الانتخابات الفرعية خدمة للرئيس سعد الحريري ولـ«ورقة إعلان النوايا» بين التيار الوطني الحر والقوات، تبدو الانتخابات النيابية في خطر، مع استمرار الانقسام داخل اللجنة الوزارية المكلّفة بدراسة تطبيق القانون. من جهة ثانية، بدأ الجيش بملاحقة «أبو طاقية» بعد أن رفع الحريري الغطاء عنه، كجزء أوّل من محاسبة المسؤولين في ملفّ العسكريين الشهداء.
بعد سنوات من الحماية والاحتضان الأمني والسياسي من قبل تيّار المستقبل، رُفع الغطاء عن الشيخ مصطفى الحجيري، المعروف بـ«أبو طاقيّة»، بعد أن مهّد توقيف ابنه عُبادة الحجيري، قبل أيام، وإدلاؤه باعترافات تكشف دور والده في دعم الجماعات الإرهابية في عرسال، لفتح ملفّاته، التي لم تكن خافية عن الأجهزة الأمنية.
ومّما لا شكّ فيه أن قيام الجيش اللبناني أمس بمداهمة منزل الحجيري في عرسال، الذي كان متوارياً عن الأنظار، ومن ثمّ انتشار الجيش في البلدة والبحث عنه، في قرار سياسي عسكري بتوقيفه، يحوز غطاء الرئيس سعد الحريري، عدا عن رئيس الجمهورية والاطراف السياسية الأخرى. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن الحجيري بات مطلوباً «رقم 1»، وسيتابع الجيش تعقّبه حتى توقيفه. والمرجّح أنه لجأ أمس إلى أحد مساجد البلدة، لثقته بأن الجيش لن يقوم بمداهمة المسجد. ملاحقة الحجيري، كواحدٍ من أبرز اللاعبين على الساحة العرسالية في المرحلة الماضية، التي استخدمت فيها الجماعات الإرهابية البلدة منطلقاً لترهيب اللبنانيين وكقاعدة انطلاق أمنية تهدد أمن لبنان وسوريا، فضلاً عن الجرائم التي ارتكبت بحقّ العراسلة والنازحين السوريين، تصبّ في خانة فتح ملفّات المرحلة الماضية التي يحرص فيها العهد الجديد على إعطاء صورة مغايرة عمّا سبق، انطلاقاً من ملفّ العسكريين الشهداء.
ومع أن الإجراء الأمني هذه المرّة يؤشّر إلى بدء مرحلة جديدة من القرار السياسي، تستكمل مرحلة القرار بشنّ معركة «فجر الجرود» ضد الإرهابيين، إلّا أن القلق كل القلق من أن تكون ملاحقة الحجيري مقدمة لاختصار المسؤولين عن تلك المرحلة والمقصّرين والذين أوقفوا الجيش عن تنفيذ مهماته، بحفنة من المطلوبين «الصغار»، قياساً بالإدارة السياسية التي تركت العسكريين لقمة سائغة لجلّاديهم.
وكذلك الأمر بالنسبة إلى الاحتفال الذي يقيمه الجيش اليوم في وزارة الدفاع بحضور الرؤساء الثلاثة، تكريماً للعسكريين الشهداء وأهاليهم الذين تحمّلوا أعباء خطف أبنائهم وقتلهم، الذي وإن كان واجباً ولفتةً ضرورية لشهداء المؤسسة العسكرية، إلّا أنه لا يمكن أن يلغي ضرورة محاسبة المسؤولين عن هذه الفاجعة الوطنية. ولا يمكن أيضاً حصر الأمر بموظّف أو اثنين، متّهمين الآن «إعلاميّاً» بالتقصير في ملفّ العسكريين، بينما يتمّ التغاضي عن مرحلة بأكلمها، كان دعم الإرهاب فيها من قبل أطراف وأسماء ونواب ووزراء ورجال دين وإعلاميين معروفين بالاسم، موقفاً سياسياً لا أكثر، كرهاً بالرئيس السوري بشار الأسد والمقاومة في لبنان. ويقيم الجيش احتفالاً رسميّاً وشعبياً حاشداً عند الساعة العاشرة من صباح اليوم في باحة وزارة الدفاع، على أن يتمّ بعدها نقل جثامين الشهداء إلى قراهم لتقام مراسم التشييع.
الانتخابات النيابية بعد الفرعية؟
ومع انشغال الرأي العام بقضية العسكريين، يواجه استحقاق الانتخابات النيابية المقبلة خطراً حقيقيّاً، في ظلّ الانقسام الكبير بين الأطراف السياسية حول آلية تطبيق قانون الانتخاب الجديد. وللمرّة الثالثة، تجتمع اللجنة الوزارية المكلّفة بالبحث في تطبيق القانون، برئاسة رئيس الحكومة. وكانت الانقسامات السابقة لا تزال على حالها، مع تعنّت الأطراف وتمسّكها بمواقفها. وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن مصير البطاقات الممغنطة لا يزال مجهولاً، مع انقسام حاد بين الأطراف حول ما إذا كان الاقتراع سيخضع للتسجيل المسبق إذا كان خارج مكان القيد، أو لا. ويتمسّك فريق حزب الله وحركة أمل والقوات اللبنانية بضرورة التسجيل المسبق، فيما يرفض التيار الوطني الحرّ وتيار المستقبل هذا الطرح. إلّا أن الأبرز في الجلسة كان ما قاله وزير الداخلية نهاد المشنوق أمام الوزراء المشاركين في الجلسة، عن أن وزارة الداخلية إن لم تبدأ عملها في الإعداد للانتخابات في بداية شهر تشرين الأول، فإنها ستكون عاجزة عن إجراء الانتخابات النيابية في نهاية الربيع المقبل. وأكّد أن هذا الأمر يتطلب حسم الاتفاق على آلية تطبيق القانون بحدود أقصاها 15 أيلول الحالي، حتى تتمكّن الوزارة من الانطلاق في عملها بعد أسبوعين، وإلّا فإن «الانتخابات في خطر»، فيما يبدو الاتفاق خلال المهل أمراً مستحيلاً!
وكان المشنوق قد أكّد في جلسة مجلس الوزراء أنه لن يطرح مسألة الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان في الجلسة، بل في جلسة مقبلة في قصر بعبدا. ويبدو كلام المشنوق المكرّر، «تسويفاً» للانتخابات الفرعية، ترجمةً لقرار واضح من الحريري، وبغطاء من التيار الوطني الحر، بعدم إجراء الانتخابات الفرعية، كلّ لحساباته، علماً بأن وزير الداخلية كان قد أرسل مشاريع المراسيم المتعلقة بالانتخابات الفرعية منذ مدّة طويلة إلى رئاسة الحكومة.
من جهة ثانية، ظهر أمس التباين الحاد في موقفي كتلة الوفاء للمقاومة والمكتب السياسي لتيار المستقبل، الذي انعقد أمس في «بيت الوسط» برئاسة نائب رئيسه باسم السبع، بعد بيانين متناقضين صدرا عن الطرفين. وفي حين توقّف بيان المستقبل عند «المواقف التي صدرت عن مسؤولين سعوديين بشأن لبنان»، في إشارة إلى موقف وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج تامر السبهان، والذي شنّ هجوماً حادّاً على حزب الله وهدّد اللبنانيين مطالباً إياهم بالوقوف ضد حزب الله أو معه، طالب بيان كتلة المقاومة بـ«تصويب العلاقات مع سوريا ومعالجة الشوائب التي تضر بالمصالح المشتركة والمتداخلة بين البلدين». وبينما اعتبر بيان المستقبل كلام السبهان «رسالة تنبيه يجب تلقفها والتعامل معها بكل جدية ومسؤولية»، وأن «الاستقرار السياسي لا يستقيم على قاعدة الإفراط المتواصل والبذيء في الاساءة للمملكة العربية السعودية ودول الخليج العربي، على صورة ما يجري تداوله من خلال نواب واشخاص يدينون بالتبعية لحزب الله وبقايا العسس القائم على خدمة النظام السوري»، أكّد بيان المقاومة على أن «التطورات الايجابية في كل من لبنان وسوريا تسمح للدولتين بمقاربة موضوعية للعلاقات في ما بينهما تسهم إيجاباً في تخفيف الأعباء عن الشعبين الشقيقين ومعالجة عودة النازحين الطوعية الآمنة، وتدفع باتجاه إعادة تفعيل العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها في إطار الاحترام المتبادل بين البلدين، وتحقيق المصالح المشتركة».
الجمهورية
الجيش يدهم «أبو طاقية».. ومجلس دفاع اليوم لِما بعد التحرير
وتناولت الجمهورية الشأن الداخلي وكتبت تقول “الغارة الإسرائيلية على موقع للجيش السوري في مدينة مصياف في ريف محافظة حماة، في ظلّ صمتٍ روسيّ، لم تكن الأولى في العمق السوري، إلّا أنّ توقيتها يتزامن مع التطوّرات العسكرية في سوريا، وأبرزُها تقدّم الجيش السوري في دير الزور، وتبريدُ الجبهة الجنوبية على الحدود السورية مع إسرائيل والأردن، ومع زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو المرتقبة إلى نيويورك. وعليه، يَرصد المراقبون ردّة الفعل الروسية، علماً أنّ الموقع المستهدَف يَبعد 70 كلم عن قاعدة حميميم الروسية. وفيما يَعتبر هؤلاء أنّ ما جرى يشكّل تطوّراً جديداً يكشف عن دخول اسرائيل على خط الحرب في سوريا في المرحلة ما قبل الاخيرة لكي تفرض دورها في التسوية السياسية، أكّد وزير الدفاع الاسرائيلي افيغدور ليبرمان أنّ اسرائيل ستمنع إنشاء ما سمّاه «ممر شيعي» بين إيران وسوريا.
برز تطور أمني لافت في التوقيت والمضمون، تزامن مع المناورات العسكرية الاسرائيلية الضخمة على الحدود الجنوبية، تحاكي في جوهرها سيناريو حرب مع «حزب الله». وتمثّل هذا التطور بإطلاق سلاح الجو الاسرائيلي فجر امس صواريخ عدة على موقع عسكري تابع لـ»القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة» السورية قرب مدينة مصياف.
وفيما اشار بيان وزارة الدفاع السورية الى انّ الطائرات الاسرائيلية اطلقت الصواريخ «من الأجواء اللبنانية»، على موقع عسكري «يضم مركزاً للبحوث العلمية ومعسكر تدريب» ما أدى إلى وقوع «خسائر مادية ومقتل عنصرين»، كشف «المرصد السوري لحقوق الانسان» انّ هذا المركز «يخضع للعقوبات الأميركية بصفته الهيئة السورية للأسلحة غير التقليدية».
اسرائيل: 3 رسائل
واكدت اسرائيل بلسان رئيس جهاز الإستخبارات العسكرية السابق عاموس يادلين انّ «الهجوم وجّه 3 رسائل مهمة: أولاً، لن تسمح إسرائيل بإنتاج الأسلحة الاستراتيجية. وثانياً، تعتزم إسرائيل تطبيق خطوطها الحمر على رغم من أنّ القوى العظمى تتجاهلها. وثالثاً، وجود الدفاع الجوي الروسي لا يمنع الضربات الجوية المنسوبة إلى إسرائيل».
وقال: «من المهم الآن فحص التصعيد والاستعداد لرد سوري – إيراني و»حزب الله» والانتقادت الروسية». واشار يادلين الى أنّ الهجوم «استهدف المركز السوري العسكري العلمي الذي طوّر وصنع من بين أمور أخرى، صواريخ دقيقة، والتي سيكون لها دور مهم في الجولة المقبلة من النزاع». وقال انّ المصنع المستهدف «ينتج الأسلحة الكيماوية والبراميل المتفجرة، التي قتلت آلاف المدنيين السوريين».
ليبرمان
وأكد ليبرمان، في أول تعليق رسمي على الغارة: «كل يوم هناك تفجيرات وقتلى في سوريا، وهذا شأن سوري خاص لا دخل لنا فيه، لكن علينا أن نعتني بأمننا، وهذا بالضبط ما نقوم به». وأضاف في مقابلة إذاعية: «لا نسعى إلى مغامرة عسكرية، ولكننا عازمون على منع أعدائنا من ضرب، أو حتى خلق محاولة لضرب وتهديد أمن مواطني إسرائيل».
ولفت إلى «الخطوط الحمر» الإسرائيلية، قائلاً: «سنفعل كل ما في وسعنا لكي نمنع إقامة ممر شيعي من إيران إلى سوريا». وأشار إلى أنّ «إسرائيل تأخذ في الحسبان كل الاحتمالات والفرص في الشرق الأوسط، وللأسف، كل شيء قابل للحدوث. ولذا، فإنّ إسرائيل على أهبة الاستعداد لكل سيناريو».
هآرتس
واعتبرت صحيفة هآرتس «انّ الهجوم حصل في توقيت حساس»، وهو «الاول» منذ اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ الوصول اليه نهاية تموز بإشراف روسي، «لذلك من المفترض أن يُفسّر على أنه تلميح إسرائيلي للدول العظمى: يجب عليكم أن تأخذوا في الحسبان إعتباراتنا الأمنية. في استطاعتنا تشويش عملية تسوية مستقبلية في سوريا في حال أصرّيتم على إبقائنا خارج الصور».
وإذ اشارت الى انّ الرئيس السوري بشار الأسد «أكثر ثقة حالياً، وهو على كرسيه ويتمتع بدعم روسي وإيراني قوي»، اوضحت انّ «إسرائيل ستضطر إلى التريّث في الأيام المقبلة ورؤية كيف سيتعاطى المعنيون في موسكو وواشنطن وطهران مع التطورات الأخيرة».
وذكر محللون عسكريون اسرائيليون انه «يتمّ في المكان المستهدف إنتاج اسلحة كيماوية وأسلحة أخرى، وانّ الضربة تندرج في إطار القرار الاسرائيلي منع انتشار أسلحة استراتيجية في سوريا، خصوصاً بالنسبة الى «حزب الله» وايران».
وقال ياكوف اميدرور الذي شغل منصب مستشار الامن القومي لرئيس الوزراء الاسرائيلي بين 2011 و2013: «انّ مركز البحوث (المستهدف) كان ينتج في الماضي أسلحة كيماوية، لكن ايضاً أسلحة اخرى بينها قذائف وصواريخ».
واضاف انّ اسرائيل وجّهت مراراً «رسائل واضحة» حتى قبل الهجوم اليوم، مفادها أننا لن نسمح لإيران و»حزب الله» ببناء قدرات تمكنهما من مهاجمة اسرائيل من سوريا، ولن نسمح لهما ببناء قدرات لـ«حزب الله» في ظل الفوضى القائمة في سوريا». واضاف: «حتى من دون هذا الهجوم، كان واضحاً أننا مستعدون للتحرك متى تجاوزوا الخطوط الحمر».
المعارضة
وتحدثت مصادر في المعارضة السورية لوكالة «اكي» الايطالية عن «هجومين منفصلين، استهدف الأول شحنات لـ«حزب الله» في مدينة بعلبك في لبنان، والثاني استهدف مركزاً للأبحاث العلمية، تستخدمه وزارة الدفاع لتطوير الأسلحة». وقالت: «في بعلبك تمّ قصف بلدة نحلة التي تبعد نحو 10 كلم عن بعلبك، ويتوقع استهداف شحنة أسلحة آتية من سوريا إلى «حزب الله» في لبنان.
أمّا في مصياف فاستهدف الطيران الإسرائيلي مركزاً للبحوث قريب من معسكرات الطلائع على طريق مصياف ـ حماة، ويبعد نحو 70 كلم عن قاعدة حميميم العسكرية، التي يتّخذها الروس في غرب سوريا». وأضافت: «يُعتقد أنّ مركز البحوث السوري يحتوي على خط إنتاج للصواريخ الباليستية، ويشرف عليه خبراء إيرانيون، وفيه أيضاً معامل لإنتاج الأسلحة الكيماوية».
بدورها، أشارت مواقع معارضة الى أنّ القاعدة المستهدفة في مصياف «تستخدم لتخزين أسلحة منها رؤوس كيماوية كانت في طريقها للتسليم إلى «حزب الله». وأشارت المعلومات الأولية إلى أنّ الأسلحة التي تنتجها قاعدة مصياف هي صواريخ S-60، التي يتمّ نقلها إلى «حزب الله»، وسط أحاديث عن إمكانية تحوّل هذه القاعدة مصنعاً لإنتاج الصواريخ الدقيقة، بإدارة إيرانية».
مجلس وزراء
داخلياً، بدا واضحاً أنّ صفقة تشكيل الحكومة ما تزال أقوى من صفقات التبادل مع «النصرة» و«داعش»، فلم تهتزّ أو تتصدّع في جلسة مجلس الوزراء التي كان متوقعاً أن تكون الاكثر خلافاً حول قضيةٍ اصابت البلد بالعمق وطرَحت تساؤلات كبيرة حول مصيره استناداً الى وقائعها ونتائجها التي اظهرَت مجدداً الهوّة الكبيرة بين محورين سياسيين.
فحائط الحكومة بقي مرتفعاً ولعلّ تجاهُل وزير «حزب الله» محمد فنيش تغريدةَ الوزير السعودي ثامر السبهان بقوله: «من هو هذا الشخص؟»، كان ابلغَ دلالة الى انّ مكوّنات الحكومة تحترف إدارةَ الأُذُنِ الطرشاء مقابل مصلحة بقائها.
وأكّد رئيس الحكومة سعد الحريري خلال الجلسة «أنّ من مصلحة لبنان الابتعاد عن توتير الاجواء مع جميع الاصدقاء، وخصوصاً مع الاشقّاء، والبحث عن حماية مصلحة لبنان واللبنانيين»، وعلى «أنّ لبنان ليس جزءاً من ايّ محور، بل هو جزء فاعل من التحالف الدولي لمحاربة الارهاب ويقوم بدوره ويتحمّل مسؤولياته في حماية شعبه وحدوده وسيادته من خلال قواه الامنية الذاتية».
وعلمت «الجمهورية» أنّ الوزير مروان حمادة طلب الكلام، فقال: «نحن نَخرق حياد لبنان، وهناك من يحاول أخذ البلد في اتّجاه محور»، محمّلاً المسؤولية لفريق سياسي «يأخذ البلد تجاه صراعات اقليمية».
فسأله فنيش: «ماذا يعني الحياد؟ هل مواجهة الارهاب الذي أتت به دول اقليمية ودولية لتنفيذ المشروع الذي واجهناه وحمينا لبنان هو خرقٌ للحياد؟ ما قمنا به هو إنجاز للبنان، ولو لم نفعل هذا لكان البلد كلّه في مهبّ الريح».
فتدخّلَ الوزير بيار بو عاصي وتحدّث عن «ربط لبنان بالمحاور»، وقال: «بُنيَت هذه الحكومة من اطراف لديها اختلافات سياسية كبيرة، وكلّ شخص ظلّ على اقتناعاته ومواقفه السياسية، ولكنّها بُنيت على اساس بيان وزاري يَلحظ النأيَ بالنفس عن نزاعات المنطقة، وأيّ محاولة لأيّ طرف او حركة أحادية لجرّ لبنان الى محور معيّن ستواجهها المجموعات الأخرى، ونحن بالتحديد».
وردّ فنيش: «أنتم لكم مواقفكم ونحن لنا مواقفنا، لكم رأيكم ونحن لنا رأينا، والمسؤول عن تدهورِ الوضع هي الدول الراعية لهذه المجموعات وبعض القوى الداخلية، وإذا اردتم ان نفتح الملفّات فليكن، لنفتحها».
فتدخّلَ الوزير نهاد المشنوق معلّقاً على كلام الحريري عن زيارته الى فرنسا فقال: «لا يكفي ان يكون هناك مؤتمرات لدعم لبنان اذا لم نحرص على حياده وعدمِ تعريضه لمشكلات مع دول عربية وخليجية».
وقال الوزير غازي زعيتر: «دولة الرئيس، نريد ان نثنيَ على كلامك بأنّ ما حقّقته في فرنسا هو إنجاز لجميع اللبنانيين، وإذا كان المبدأ هو الالتقاء لمصلحة الوطن العليا فمِن مصلحة اللبنانيين ان ننسّقَ مع سوريا والأردن خصوصاً في عملية فتحِ المعابر، وأريد ان أبلغَكم انّ لديّ لقاءً الاثنين مع سفير الاردن للبحث في اتفاقات تبادُل المنتجات الزراعية، فكيف سيحصل هذا الامر؟ حتماً سيكون عبر سوريا ومعبر «نصيب» على حدودها مع الاردن».
فنيش لـ«الجمهورية»
وسألت «الجمهورية» فنيش عن سبب تجاهلِه كلامَ السبهان فقال: «لن أردّ على هذا المستوى الهابط من الكلام، هذا لن يؤثّر علينا سوى أنّ الشتّامين ازدادوا واحداً».
وأضاف: «نعتبر انّ كلام الحريري داخل مجلس الوزراء هو كلامٌ جامع، وقوله انّه يجب ان نحرصَ على الوحدة الوطنية والالتقاء حول الإنجازات التي تحقّقت هو كلام صحيح، وكنّا لنكتفيَ به لو لم يَصدر عن بعض الوزراء، ولأغراض معروفة، تسجيلُ مواقف للتطبيل بها امام الإعلام. فلن نُمرّر لا الغمزَ ولا اللمز من قناة تحميلِنا مسؤولية ما يؤول اليه الوضع في البلاد، فهذا أسلوب دهاقنةِ السياسة ولن نسكتَ عنه».
لبنان يكرّم شهداءَه
وفي هذه الأجواء، ووسط حدادٍ عام وإقفال تامّ للمؤسسات، يشيّع لبنان اليوم شهداءَه العسكريين في احتفالات رسمية وشعبية. فيترَأس رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في العاشرة قبل الظهر المراسم التكريمية لجثامين الشهداء العسكريين في باحة وزارة الدفاع في اليرزة، ويعلّق على نعوش الشهداء العشرة الأوسمة ويُلقي كلمةً في المناسبة التي دعيَ إليها أيضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري والحريري ووزير الدفاع يعقوب الصرّاف وقادة الأجهزة الامنية وممثّلون عن رؤساء الطوائف، وأفراد عائلات الشهداء العسكريين. وأعدّت قيادة الجيش برنامجاً لمراسم تكريم الشهداء الذين ستغادر نعوشهم وزارة الدفاع الى بلداتهم.
مجلس الدفاع
وبعد التشييع يَرأس عون جلسة المجلس الأعلى للدفاع وعلى جدول اعمالها عنوانان أساسيان: الأوّل يتعلق بتقويم عملية «فجر الجرود» وما آلت اليه، والبحث في «مرحلة ما بعد التحرير». والثاني يتّصل بالتحقيقات التي فتِحت لمرحلة ما بعد 2 آب 2014.
وسيتركّز البحث على تقويم عملية «فجر الجرود» والمرحلة التي تلت «اكتمال التحرير». وسيناقش المجتمعون خطةً متكاملة تقضي بتحديد حاجات الجيش، وهي أمورٌ تتّصل بتوفير المال لتمويل بناء التجهيزات والمنشآت الجديدة التي يريدها في التلال الممتدّة على طول الحدود اللبنانية ـ السورية التي سينتشر فيها للمرّة الأولى بالكثافة التي تقتضيها المهمّة لحماية الحدود ومنعِ التسلل مجدّداً عبرها، بالإضافة الى تطويع عسكريين جُدد لتوفير القدرات البشرية التي تُمليها المهمّات الكبيرة التي ستُلقى على عاتق الجيش على الحدود وفي الداخل.
وعلمت «الجمهورية» أنّه عندما تَقرّر أن يتناول الاجتماع موضوع التحقيقات العسكرية دعِيَ وزير العدل استثنائياً الى المشاركة في الاجتماع، باعتباره من خارج اعضائه بعدما اطلقَ التحقيقات لتحديد المسؤوليات في المرحلة التي بدأت بأحداث 2 آب والتي تلت خطفَ العسكريين في عرسال وباشرَتها مديرية المخابرات في الجيش.
«أبو طاقية»
من جهةٍ أخرى وفي تطوّر أمني لافت دهمت قوة من الجيش منزل ومسجد الشيخ مصطفى الحجيري الملقب «أبو طاقية» في عرسال، في ضوء اعترافات نجلِه عبادة بتورّطِه في عملية خطفِ العسكريين، وقد ضَرب الجيش طوقاً حول المكانين ويَجري البحث عن «أبو طاقية» لتوقيفه.
وأكّد مصدر أمني لـ«الجمهورية» أنّ «أكثر من سبب يقف وراء تحرّكِ الجيش لإلقاء القبض على الحجيري، أوّلها وجود استنابات قضائية صادرة عن القضاء العسكري لقضايا استدعِي فيها الى التحقيق ولم يَحضر، وثانيها اعترافات نجليه الموقوفين بعلاقات له مشبوهة مع جهات إرهابية، وثالثها فتحُ ملفّ غزوة عرسال 2014 وتكليف مديرية المخابرات بصفتها ضابطةًَ عدلية لإجراء كلّ التحقيقات اللازمة لتبيان الحقائق وتحديد المسؤوليات، ورابعاً وأخيراً سماحُ الظروف السياسية والأمنية نتيجة التطوّرات في الجرود بالتحرّك لتوقيفه».
قانون الانتخاب
إنتخابياً، بَحثت اللجنة الوزارية المكلفة البحثَ في تطبيق قانون الانتخاب امس برئاسة الحريري التعديلاتِ المطروحة على خطة الانتخاب. وقالت مصادر «التيار الوطني الحر» انّه يريد أكبرَ مشاركة ممكنة في الانتخابات في الداخل او الخارج، وخصوصاً المشاركة المسيحية في الأطراف.
ولا سيّما في الشوف وعاليه حيث نسبة اقتراع المسيحيين منخفضة وهم غير معتادين على الاقتراع، وثمّة مناطق تبلغ فيها نسبة المشاركة المسيحية نحو 10%. وهذا ما يشدّد عليه «التيار» في النقاشات، خلافاً لبقية الأطراف الذين يطرحون حاجات ماكيناتهم اعتماد البطاقة الممغنَطة بهدف زيادة نسبة المشاركة وإلّا نضع حواجز أمام المقترعين لتركِ الحرّية والخيار لهم ان ينتخبوا أينما كان، وهذا ما وَرد في الأصل في القانون.
مع التشديد والتكرار على انّ «التيار» كان قد قبلَ بالتمديد التقني لمجلس النواب مشروطاً بحصول الإصلاحات وأبرزُها البطاقة الممغنطة. وفي حال لن يتمّ الاتفاق على اعتماد هذه البطاقة، يطالب «التيار» بإجراء انتخابات نيابية فورية وبلا تأخير قبل نهاية السنة الحالية، وبالتالي ينتفي مفعول التمديد.
«السلسلة» والضرائب
ومن جهة ثانية طرَح مجلس الوزراء من خارج جدول اعماله معادلةً مهمّة، إذ أجمعَ على أنّه إذا لم يقرّ قانون الضرائب ولم تتوافر الإيرادات فلا سلسلة رُتب ورواتب.
وأوضَح وزير المال علي حسن خليل أنّ «هناك قانوناً للسلسلة بدأ بتطبيقه وبدأت وزارة المال إعدادَ الجداول على أساسه، لكنْ ليَعلم الجميع انّ عدم تأمين موارد السلسلة سيوقِعنا في مشكلات كبيرة، وحقّقنا توازناً بين قانون السلسلة وقانون الضرائب، والإخلال بهذا التوازن سيهدّد المالية العامة».
وأضاف: «مسؤولية كلّ القوى السياسية والكتل تأمينُ هذا التوازن المالي لأنّ توقيف احدِ هذين القانونين سيؤدي الى إخلال التوازن وسيُعرّضنا لمخاطر مالية كبيرة».
فردّ الحريري: «ليَعلم الجميع أنّنا أمضَينا 3 سنوات في التجاذبات حتى وصَلنا إلى هذين القانونين المتوازنين، وليكن واضحاً أنه إذا لم تكن هناك إيرادات فلا سلسلة». وأجمعَ مجلس الوزراء على هذا الأمر.
لقاء ترامب – الصباح
وفي تطور لافت على جبهة الأزمة الخليجية القطرية، أكّد أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، عقب لقائه الرئيسَ الأميركي دونالد ترامب في واشنطن امس استعداد قطر للبحثِ في المطالب الـ 13 التي قدّمتها دول الخليج، معرباً عن تفاؤله بالتوصّل إلى حلّ لأزمة قطر في القريب العاجل.
من جهته، أبدى ترامب استعداده للتدخّل والوساطة لحلّ الأزمة، معرباً عن اعتقاده في إمكان التوصّل إلى اتفاق سريعاً، وقال: «إذا تسنَّت لي المساعدة في التوسّط بين قطر والإمارات والسعودية خصوصاً، فإنّني سأكون مستعدّاً لفعلِ ذلك، وأعتقد أنه سيكون لديكم اتفاق على نحوٍ سريع جداً».
اللواء
تحية أخيرة لشهداء الجيش اليوم.. ومداهمات ليلاً في عرسال
التيار العوني يطالب بإنتخابات قبل نهاية العام.. و«شظايا التمويل» تهدّد السلسلة
بدورها تناولت اللواء الشأن الداخلي وكتبت تقول “يسدل الستار اليوم، مع تشييع شهداء الجيش اللبناني في الاحتفال الوطني، الرسمي والشعبي الكبير، الذي يترأسه الرئيس ميشال عون في اليرزة، ويشارك فيه الرئيسان نبيه برّي وسعد الحريري وقيادة الجيش وذوي العسكريين الشهداء، عن مرحلة قاسية، عاشها لبنان، في ظل ظروف إقليمية بالغة التعقيد، منذ انفجار الحرب السورية، وتداعياتها الأمنية والعسكرية والديمغرافية والاقتصادية على الواقع اللبناني بكل تشعباته.. وانتهت بما انتهت إليه، لا سيما لجهة طرد «الارهاب المسلح» الآتي عبر الحدود الشرقية، من الجرود اللبنانية، والبلدات المحيطة بها..
ومع التحية الأخيرة لهؤلاء الشهداء بدا التحقيق العسكري، والقضائي في الواجهة، لوضع الأمور في نصابها، فإن العملية التي استهدفت إلقاء القبض على مصطفى الحجيري (المعروف بأبو طاقية) بعد مداهمة منزله في عرسال، حيث لم يعثر عليه، كشفت عن جدّية في استجواب المعنيين بمأساة العسكريين لتبيان حقيقة ما حصل، ودور الأطراف بمأساة عام 2014 في حوادث عرسال في تلك السنة.
والوضع الأمني في البلاد، فضلا عن التحديات التي تواجه لبنان في ضوء الضغوطات الجارية، لا سيما التهديدات الإسرائيلية بعد الضربة يوم أمس علىموقع عسكري في ريف حماه، عبر الأجواء اللبنانية ستكون على طاولة مجلس الدفاع الأعلى الذي دعا الرئيس عون إلى انعقاده، بحضور الرئيس الحريري بعد انتهاء احتفال تكريم الشهداء، وسط إقفال تام وحداد وطني وتنكيس اعلام، انضمت إليه السفارة البريطانية في بيروت تنكيس اعلامها تزامنا مع الحداد اللبناني الذي دعا إليه رئيس الحكومة.
وقالت مصادر مطلعة ان كلمة الرئيس عون في مراسم تكريم الشهداء العسكريين، ستكون وجدانية يوجه فيها التحية إلى أرواح هؤلاء الشهداء، كما يستذكر بطولاتهم. وأوضحت مصادر مطلعة لـ«اللواء»، ان الرئيس عون سيؤكد المضي في اجراء التحقيق لكشف ملابسات اختطاف العسكريين الشهداء، وحق الأهالي في معرفة الحقيقة، معلنة انه سيشدد على أهمية النصر الذي حققه الجيش اللبناني في معركته ضد الارهابيين.
عون: نهاية أزمات المنطقة
ونقل زوّار الرئيس عون عنه قوله لـ «اللواء» ان المرحلة المقبلة هي مرحلة نهاية أزمات المنطقة، الأمر الذي يرتد إيجاباً على لبنان. ولفت هؤلاء الزوار إلى ان الرئيس عون مُصر على اجراء الانتخابات النيابية في موعدها، مؤكدين انه يولي اهتماما باستكمال استحقاقات مؤجلة خصوصاً بعد الارتياح الذي ساد جرّاء انتصار الجيش على تنظيم «داعش» الارهابي، وابرزها: التعيينات.
ولفت الرئيس عون استنادا إلى هؤلاء الزوار إلى انه يعلق أهمية على مشاركته في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك لإعادة حضور لبنان على الخارطة الدولية، وفهم منهم ان رئيس الجمهورية سيثير موضوع النازحين السوريين خلال هذه الزيارة كما انه سيطرح مشروع جعل بيروت مركزا لحوار الحضارات.
ولمس الزوار ارتياح الرئيس عون لمسار الأمور، لكنهم اشاروا إلى ان تركيزه الأكبر ينصب على معالجة المشاكل المرتبطة بالمواطنين، ومن هنا اتى كلامه عن أهمية إطلاق مشاريع تتصل بالكهرباء والمياه فضلاً عن معالجة أزمة زحمة السير لدى المواطنين. واكدوا انه يرغب في ان يُسجل لعهده إنجاز كل ما يتصل بحاجات النّاس.
وبعيد الاحتفال، من المتوقع ان تكون المحطة المقبلة في التحرّك الخارجي للرئيس الحريري موسكو، التي من المتوقع ان يصلها الاثنين في 11 الجاري على رأس وفد وزاري، يضم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة غسّان حاصباني، ووزراء المال والخارجية والداخلية والاقتصاد والإعلام والثقافة علي حسن خليل، جبران باسيل، نهاد المشنوق، ورائد الخوري وملحم رياشي وغطاس خوري.
وقال مصدر رسمي لـ «اللواء» ان المحادثات اللبنانية – الروسية ستؤدي إلى توقيع عدد من الاتفاقات بين الجانبين، تتناول مجالات الصحة والأمن والمال، والإعلام والثقافة والاقتصاد.
مجلس الوزراء
وسط هذه المعطيات تجاوز مجلس الوزراء قطوع تداعيات معركة الجرود، وكذلك الملفات السياسية والإدارية الساخنة، مع ان النقاشات اتسمت بالحدة في بعض الأحيان، ولكن من دون ان تصل إلى مستوى الصخب والسخونة، وساهمت مداخلة الرئيس الحريري، الذي رغب في ان يستهل بها الجلسة، في استيعاب الخلافات الوزارية والتي كشفت حجم التباعد الكبير في المواقف داخل الحكومة، مما يؤثر حتماً على استقرارها وعملها.
ونفت المصادر الوزارية ان يكون النقاش تطرق بشكل مباشر إلى موقف الوزير السعودي ثامر السبهان المتعلق بحزب الله، لكنها لاحظت ان كل ما قيل وأثير كان يتناول هذا الأمر بطريقة غير مباشرة، سواء من خلال الابتعاد عن سياسة النأي بالنفس، أو من خلال المطالبة بالحوار مع النظام السوري أو إظهار الجيش وكأنه لا يأتمر بالحكومة، أو من خلال التهجم على الدول الشقيقة والصديقة، من دون ان نتوقع ان يتم الرد علينا بالمثل، على حدّ تعبير الوزير مروان حمادة.
وشددت المصادر الوزارية، على انه بعد كل هذه النقاشات تمّ التأكيد على الالتزام بالبيان الوزاري، ومن خلاله التزام لبنان بسياسة النأي بالنفس كلياً وليس جزئياً، وبشكل واضح، بمعنى انه ليس بالضرورة ان ندخل في مشاكل إقليمية، ونكون نحن لاعبين أساسيين، كما انه لا يجوز ان يجر مكون لبناني الحكومة إلى مكان يؤثر عليها، وتالياً على الاستقرار الحكومي والسياسي في لبنان.
وتبعاً لذلك، ارجأ مجلس الوزراء البحث في الملفات الخلافية، تلافياً لتوتر الأجواء الحكومية الملبدة اصلاً بفعل المواقف والسجالات المتبادلة بين بعض مكوناتها، فلم يبحث في ملف دفتر شروط استجرار الكهرباء بالبواخر، بسبب امتناع وزير الطاقة سيزار أبي خليل من عرض تقرير هيئة المناقصات في التفتيش المركزي وتقريره الشخصي، لكن نائب رئيس الوزراء وزير الصحة غسان حاصباني سأل وزير الطاقة عن كيفية معالجة مشكلة الكهرباء وقال: اننا لم نتفق على تجاوز ملاحظات ادارة المناقصات ويجب ان نطلع على تفاصيل الملاحظات وما يتضمنه دفتر الشروط الجديد، فرد ابي خليل ان ملاحظاتها تجاوزت استقلالية مؤسسة كهرباء لبنان وسنرد عليها، وعاد حاصباني للرد بانه لا يمكن لأي شخص ان يتجاوز قانون المحاسبة العمومية وطالب بتنفيذ الخطة الدائمة لمعامل الكهرباء لتوفير الطاقة على المواطنين بأسعار مخفضة. وتقرر معاودة البحث بالملف في جلسة لاحقة بعدما يكون وزير الطاقة قد أعد رده على تقرير ادارة المناقصات..
كما أرجأ المجلس ايضاً البت ببند تعيين خلف للمديرة العامة للتعاونيات في وزارة الزراعة غلوريا ابي زيد، بناء لطلب من وزير الزراعة غازي زعيتر. حيث ظهرت بوادر خلاف بينه وبين وزير الاشغال (المردة) يوسف فنيانوس الذي اعلن قبل الجلسة رفضه استبدال ابو زيد، خاصة بعدما تنامى اليه ان البديل هو مرشح من آل عون.
كذلك تلافى المجلس الدخول في سجال حول موضوع اتفاق ترحيل مسلحي «داعش» من جرود السلسلة الشرقية، بعدما اثاره في بداية الجلسة وزير «القوات اللبنانية» بيار بوعاصي، الذي طالب بتوضيح ما جرى لمجلس الوزراء وكيف تمت الصفقة وما هو دور مجلس الوزراء خاصة ان البيان الوازري اكد على سياسة النأي بالنفس، بينما نشهد مواقف واجراءت تأخذنا الى مواقع اخرى، ما يضطر الاخرين الى اتخاذ مواقف وقرارات اخرى ما ينعكس تضاربا في الموقف الحكومي..
وهنا تدخل الرئيس الحريري لمنع تفاقم النقاش وانفجاره، وقال: إنه بعد التثبت من ان الرفات التي وجدت في الجرود تعود لعناصر الجيش، انه يوم حزن وطني، ويجب أن تكون هذه المناسبة، مناسبة وحدة وطنية والا تتحول الى انقسام سياسي، داعيا الجميع الى الترفع الى مستوى شهادة ابطالنا العسكريين والابتعاد عن المزايدات السياسية الصغيرة.
وأضاف: منذ البداية انتهجنا سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان. وفي هذه اللحظة من مصلحة لبنان الابتعاد عن توتير الاجواء مع كل الاصدقاء وخصوصا الاشقاء، والبحث عن حماية مصلحة لبنان واللبنانيين. وشدد الرئيس الحريري على ان لبنان ليس جزءاً من اي محور، بل هو جزء فاعل من التحالف الدولي لمحاربة الارهاب ويقوم بدوره ويتحمل مسؤولياته في حماية شعبه وحدوده وسيادته من خلال قواه الامنية الذاتية.
وتحدث وزير الدفاع يعقوب الصراف بناء لسؤال وزراء «القوات» متمنياً عدم تضييع الفرحة بالنصر، ورد وزير «حزب الله» محمد فنيش مكتفياً بالدعوة الى مناقشة موضوع معركتي الجرود من اساسها وليس تناول نتائجها فقط، وقال: نحن جنّبنا لبنان مخاطر لا يجوز التغاضي عنها عند جيراننا في سوريا لأنها مخاطر على لبنان ايضاً، متسائلاً: هل كان المطلوب ان لا نحارب الارهاب؟
وقال الوزير حمادة: كلما خرجنا عن تحييد لبنان عن الصراعات وعن سياسة النأي بالنفس تكون الاكلاف كبيرة على لبنان على جميع الصعد. ورفض وزير الداخلية نهاد المشنوق النقاش في مواضيع الاختلافات لأنها كبيرة وتؤثر على الحكومة. وأكد وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون، على «ضرورة التمسك بمبدأ تحييد لبنان والنأي عن النفس الذي أسس لمرحلة استقرار سياسي».
ورد عليه الوزير علي قانصو بالقول: نتمنى ان نسمع منك رداً عندما تكون هناك مواقف خارجية تتدخل في الشؤون اللبنانية. فرد فرعون: اتمنى ان نتفق جميعاً على الا يكون هناك صيف وشتاء على سطح واحد، وعلى ان نسمح لأي طرف بالتدخل في شؤون لبنان الداخلية. وانتهى النقاش في الموضوع عند هذا الحد.
وذكرت المصادر الوزارية ان الرئيس الحريري عرض مسألة سلسلة الرتب والرواتب بعد تعليق المجلس الدستوري تنفيذ قانون الضرائب وكيف يمكن تمويلها بلا موارد؟. فتحدث وزير المال علي حسن خليل محذراً من مخاطر على المالية اذا استمر العجز بين النفقات والرواتب وبين الايرادات، موضحاً ان نسبة العجز للعام الحالي فاقت توقعاتنا، ولا نستطيع الاستمرار على هذا النحو.
ووافق الوزراء على مطالعة خليل خصوصاً بعدما أكّد الخوف من ان يصيب لبنان ما أصاب اليونان من أزمة مالية كبيرة. وتم التشديد على انه لا يمكن ان تكون هناك سلسلة إذا لم يتم تطبيق ما تمّ اقراره من ضرائب.
كذلك تجنب مجلس الوزراء الخوض في موضوع الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، لكن وزير الداخلية نهاد المشنوق وعد كما كل مرة «بإثارتها في الجلسة المقبلة».
المجلس الاعلى للدفاع
الى ذلك دعا الرئيس ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع الى الاجتماع اليوم في القصر الجمهوري، بعد مراسم تكريم الشهداء العسكريين، الذي يرأسه في العاشرة قبل الظهر في باحة وزارة الدفاع في اليرزة. وسيعلق عون على نعوش الشهداء العشرة الاوسمة ويلقي كلمة في المناسبة، التي دعي اليها ايضا رئيس مجلس النواب نبيه بري، والرئيس سعد الحريري، ووزير الدفاع وقادة الاجهزة الامنية وممثلون عن رؤساء الطوائف، اضافة الى افراد عائلات الشهداء العسكريين، وبدا لافتا ان الدعوة لم تعمم على الوزراء، بما يراعي مطلب اهالي العسكريين عدم حضور وزير الداخلية نهاد المشنوق هذه المراسم.
ورجحت مصادر وزارية ان يتم البحث في اجتماع مجلس الدفاع في كيفية تحصين الوضع الامني بعد تحرير الجرود من خطر الارهاب، والاجراءات اللازمة لذلك، اضافة الى مواضيع تتعلق بتعزيز قدرات القوى العسكرية والامنية ومنها تطويع الضباط، والذي ارجأ البحث فيه في مجلس الوزراء، قبل اتخاذ القرار في شأنه في مجلس الدفاع.
وشددت المصادر على ان الاجتماع ضروري بعد انتهاء معركة «فجر الجرود» لتقييم ما جرى، خصوصاً وأنه هو الذي وضع لمساته عليها، ويفترض بالتالي ان يتم رسم الخطوات المقبلة خطة عمل الوحدات العسكرية في منطقة الجرود بعد تطهيرها ومتطلبات ذلك، بالإضافة إلى متابعة التحقيقات القضائية التي بدأت في موضوع احداث عرسال 2014.
وعلى صعيد الانشغال بالسلسلة كشف الوزير خليل ليلاً ان وزارة المال بدأت بتطبيق قانون سلسلة الرتب والرواتب واعداد الجداول الجديدة على أساسه ليتحمل الجميع المسؤولية لأن المخاطر كبيرة في حال اخلينا بالتوازن بين السلسلة والضرائب، لافتاً إلى مخاطر مالية كبيرة إذا لا يوجد توازن بين السلسلة والواردات (الضرائب).
البطاقة الممغنطة
في غضون ذلك، كشفت مصادر وزارية عن خلاف عميق يسود اجتماعات اللجنة الوزارية المكلفة البحث في كيفية تطبيق قانون الانتخاب، حول اتجاه اللجنة لإلغاء البطاقة الممغنطة، واستبدالها بهوية جديدة تعتمد النظام «البيومتري» وفق ما كشفته «اللواء» أمس.
وقال وزير بارز في «التيار الوطني الحر» لـ«اللواء» أنّ التيار في الأصل قبل بالتمديد التقني للمجلس النيابي أحد عشر شهرا على أن يكون مشروطا بإنجاز الإصلاحات وأبرزها البطاقة الممغنطة، امّا في حال لم يتم الاتفاق على اعتمادها، فإنّ التيار يطالب بإجراء انتخابات نيابية فورية بلا أيّ تأخير قبل نهاية السنة الحالية حدّا أقصى، بما يؤدي الى إنتفاء مفعول التمديد.
ولفت هذا الوزير الذي رفض الكشف عن اسمه ان «التيار يريد أكبر مشاركة ممكنة الانتخابات النيابية أكان في دول الانتشار أو في الداخل وخصوصا المشاركة المسيحية في الأطراف. وعلى سبيل المثال، أشار الى انّ مسيحيي الشوف وعاليه يقترعون بنسب منخفضة لعدم رغبتهم او اعتيادهم على المشاركة في الإنتخاب.
كما أنّ ثمّة مناطق لا تتعدّى نسبة المشاركة المسيحية فيها العشرة في المئة، لذلك يشدّد التيار في كلّ النقاشات على أهمية زيادة نسبة المشاركة وإحدى وسائلها اعتماد البطاقة الممغنطة وتاليا تذليل أي حواجز او عوائق يمكن ان تعترض المقترعين وتحدّ من حرية الخيار لديهم وهذا الواقع هو في صلب فلسلفة القانون الجديد. أمّا بقية القوى فيقاربون هذه المسألة من زاوية مصلحية بمعنى أنّهم يقدّمون حاجات ماكيناتهم على أيّ عامل آخر.
ولم تتمكن اللجنة في اجتماعها الثاني في غضون 24 ساعة برئاسة الرئيس الحريري من الوصول إلى توصية محددة بالنسبة إلى آلية الاقتراع، مما فرض تأجيله إلى الأسبوع المقبل، من دون ان يتسنى للوزراء الاطلاع كفاية على الدراسة التي وزعها عليهم وزير الداخلية نهاد المشنوق الذي أوضح ان وزارته بحاجة إلى ثلاثة أشهر لإنجاز بطاقة الهوية الجديدة.
تعطيل الجمعة
وفي ما يتعلق بالتحركات الجارية لإقرار يوم الجمعة عطلة رسمية عبر تعديل يطال المادة 23 من القانون رقم 46/2017 والذي اعتبر السبت والاحد عطلة رسمية، بحيث تصبح الجمعة والاحد، لأن تعطيل الجمعة كان مطلباً تاريخياً للمسلمين في لبنان.
وعُقِدَتْ في هذا الإطار، سلسلة اجتماعات في المناطق، لا سيما في عكار والمنية والضنية وفي البقاع، لتنسيق مواصلة التحرك بعد انقضاء عطلة عيد الأضحى وفترة الحداد على شهداء الجيش اللبناني. وأسفرت هذه الاجتماعات عن تحديد يوم الثلاثاء المقبل كموعد اولي لاعتصام نخبوي أمام مجلس النواب لتكريس المطالبة بعطلة يوم الجمعة.
وفي هذا الإطار، عقد «منتدى الحوار الإسلامي» اجتماعه الدوري في دارة المهندس فؤاد مخزومي في «بيت البحر»، بحضور عدد من الشخصيات البيروتية، للتشاور في عدة مواضيع تهم الطائفة السنية الكريمة، وتم «ان التوافق تم على، المطالبة بأن يكون يوم الجمعة يوم عطلة، تمسكاَ بميثاق الطائف والعيش المشترك الذي يحترم شعائر وتعاليم الأديان السماوية»، والدعم المطلق لمواقف مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان، حفاظاَ على التوازن القائم بين الطوائف والمذاهب الموجودة في لبنان على أساس المناصفة والعدل والكرامة».
مداهمة «ابو طاقية»
وفي هذا السياق، دهمت قوة من فوج المكافحة في الجيش مساء أمس منزل مصطفى الحجيري المعروف «بأبو طاقية» في عرسال، ولم يتم العثور عليه، وطوق فوج المكافحة المنزل لنحو ساعة قبل مغادرته، فيما استمرت دوريات الجيش تجوب في البلدة.
وإذ نقلت إحدى المحطات التلفزيونية عن مصادر بأن هناك توجهاً لتوقيف 150 شخصاً يعتقد أنهم على صلة بكل المرحلة التي أحاطت باحداث عرسال وجرودها، استغربت أوساط عرسالية هذه الاخبار التي ادرجتها في إطار «التحريض والعمل الاستخباراتي» متوقفة عند بث تسجيلات قديمة اعتبرتها بمثابة صب الزيت على النار.
البناء
رسالة «إسرائيلية» بالنار في ريف حماة… وميليشات الجنوب تنسحب إلى الأردن
مجلس الدفاع يُطلق التحقيق العسكري… ومداهمات وملاحقات واحتمالات مفتوحة
حزب الله لتصويب العلاقة بسورية سريعاً… وحردان لتثبيت ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة
صحيفة البناء كتبت تقول “مع الانتصارات السورية المدوّية على داعش والتغييرات السورية المتلاحقة لصالح التسليم بسقوط مشاريع تقسيم سورية وإسقاط دولتها، دخلت «إسرائيل» على الخطّ برسائل نارية صاروخية أطلقتها من الأجواء اللبنانية نحو موقع عسكري سوري في ريف حماة بخراج بلدة مصياف، وتابعته ببيان وتصريحات تربط الرسالة بالوجود الإيراني في سورية وهواجس «إسرائيل» الأمنية من مرحلة ما بعد الانتصار السوري، بلغة تستند إلى المناورات التي تجريها قوات الاحتلال وتلوّح بالتصعيد، وهو ما قالت مصادر مطلعة في محور المقاومة لـ«البناء» إنه موضع درس وتقييم لاتخاذ القرار المناسب بالتعامل مع هذه الرسائل «الإسرائيلية» في مرحلة تختلف عما مضى، فيما سيواصل محور المقاومة قتاله مع الجيش السوري وبدعم روسي لتحرير ما تبقى من الجغرافيا السورية تحت سيطرة الجماعات الإرهابية.
الإشارات السياسية التي افتتحها كلام المبعوث الأممي ستيفان دي ميستورا بدعوة أطراف المعارضة للتسليم بخسارة الحرب، وأثارت عاصفة من الاحتجاجات لدى جماعة الرياض، تبعتها رسائل متمّمة تمثلت بانسحاب الميليشيات المسلحة جنوب سورية والتابعة لغرفة الموك التي تديرها واشنطن إلى ما وراء الحدود الأردنية ضمن التزام أردني، بمشاركة أميركية حكماً، بتسلّم الجيش السوري لنقاط تمركز هذه الميليشيات، وتأمين المناطق الحدودية بين سورية والأردن.
لبنان الذي يشيّع شهداءه العسكريين اليوم وسط حداد عام ومواكب شعبية ورسمية، يواكب ملف التحقيق في مقتل العسكريين واختطافهم، وما جرى في آب العام 2014، حيث سيطلق المجلس الأعلى للدفاع برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التحقيق العسكري في القضية مؤكداً رفع الغطاء عن كلّ مَن يطاله التحقيق، لكشف حقيقة المقصّرين والمتورّطين، بينما سجلت تصريحات ومواقف وإفادات لأهالي وذوي العسكريين مليئة بالاتهامات والوقائع التي قالت مصادر متابعة إنها غيض من فيض ما سيفجّره الملفّ من خبايا وأسرار، متوقعة حملات مداهمات وملاحقات للعشرات من الأسماء، بمن فيها بعض السياسيين مشيرة لموقف حازم لدى رئيس الجمهورية بفتح الاحتمالات على أيّ قرار يستدعيه كشف الحقيقة ومحاسبة المسؤولين.
على إيقاع قضية العسكريين والسجالات المتمّمة المتتابعة من قضية تحرير الجرود كانت المواقف السياسية التي عبّرت عنها كتلة الوفاء للمقاومة بدعوتها لأولوية تصويب مسار العلاقة مع سورية، كما الكلام الصادر عن عضو الكتلة القومية الاجتماعية النائب أسعد حردان بالدعوة لتثبيت معادلة الجيش والشعب والمقاومة.
وفيما قالت كتلة الوفاء للمقاومة في بيانها أمس، «قد آن الأوان لتصويب العلاقات مع سورية ومعالجة الشوائب التي تضرّ بالمصالح المشتركة والمتداخلة بين البلدين»، مضيفة «انّ التطورات الإيجابية في كلّ من لبنان وسورية تسمح للدولتين بمقاربة موضوعية للعلاقات في ما بينهما تسهم إيجاباً في تخفيف الأعباء عن الشعبين الشقيقين، ومعالجة عودة النازحين الطوعية الآمنة، وتدفع باتجاه إعادة تفعيل العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها في إطار الاحترام المتبادل بين الدولتين، وتحقيق المصالح المشتركة»، دعا النائب حردان لأن يكون يوم تشييع شهداء الجيش اللبناني الذين قتلهم «داعش» الإرهابي بعد اختطافهم، يوماً لترسيخ الثوابت وتعزيز الوحدة الوطنية، لأن هؤلاء الشهداء قضوا في موقع الدفاع عن وحدة لبنان وسيادته وكرامته. وأكدّ حردان أن مراسم تكريم ووداع الشهداء العسكريين الثمانية، هي مراسم تكريم لكل شهداء الجيش والمقاومة الذين حاربوا الاحتلال والإرهاب، فحرّروا الأرض وانتصروا.
ورأى حردان، أن التكريم الأكبر للشهداء، هو عندما نذهب جميعاً باتجاه تعزيز عناصر قوة لبنان في مواجهة الاحتلال والإرهاب، وتثبيت معادلة الردع المتمثلة بثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، فلولا هذه المعادلة، لم يكن بمقدور لبنان تحرير جنوبه، وطرد الإرهاب من جرود عرسال والقاع ورأس بعلبك، ومعرفة مصير الجنود الأبطال.
واستغرب حردان تكرار البعض لمواقف «النأي بالنفس» والابتعاد عن المحاور، معتبراً أن هذه المواقف منفصلة عن الواقع، لأن لبنان في أساس معادلة المقاومة، بمواجهة العدو الصهيوني والإرهاب، وهذه ليست معادلة محاور بل معادلة دفاع عن الأرض والحق والسيادة والكرامة، والقيم الوطنية تفرض تثبيت هذه المعادلة، لا إطلاق المواقف النقيضة لها.
وشدّد حردان على أن مصالح لبنان تكمن في العلاقات المميزة مع سورية، وبأن يذهب لبنان الرسمي في هذا الاتجاه، لأنه بمنطق المصالح، لبنان هو المستفيد من هذه العلاقات مع سورية على الصعد كافة.
وأدان حردان العدوان الصهيوني الذي استهدف مواقع سورية في مصياف ـ حماه، معتبراً أن هذا العدوان يكشف مجدداً عن مدى وحجم الدعم الصهيوني للمجموعات الإرهابية، كما ويعبر عن حالة الهلع التي أصابت «اسرائيل» جراء انتصارات الجيش السوري. وإذ حذّر حردان من خطورة هذا التصعيد الصهيوني، أكد أن سورية وقوى المقاومة يأخذون بعين الاعتبار التهديدات الصهيونية، ومستعدّون للتعامل مع كل سيناريواتها.
لبنان يشيّع شهداء الجيش اليوم
ويشيّع لبنان اليوم شعباً ورؤساء ومؤسسات وقوى سياسية شهداء الجيش اللبناني وسط حداد عام يلفّ البلاد، وقد أعدّت قيادة الجيش برنامجاً لمراسم تكريم الشهداء الذين ستغادر نعوشهم وزارة الدفاع الى بلداتهم.
ودعا رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع إلى الاجتماع اليوم في القصر الجمهوري، بعد مراسم تكريم الشهداء العسكريين، الذي يرأسه في باحة وزارة الدفاع في اليرزة. وسيعلّق عون على نعوش الشهداء العشرة الأوسمة ويلقي كلمة في المناسبة التي دُعي إليها ايضاً رئيس مجلس النواب نبيه بري، رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، وزير الدفاع يعقوب الصراف وقادة الأجهزة الأمنية وممثلون عن رؤساء الطوائف، اضافة الى افراد عائلات الشهداء العسكريين، وبدا لافتاً ان الدعوة لم تعمم على الوزراء، بما يراعي مطلب أهالي العسكريين عدم حضور وزير الداخلية نهاد المشنوق هذه المراسم.
مداهمة منزل «أبو طاقية» من دون العثور عليه
وفي مسار التحقيقات في قضية العسكريين، أفادت معلومات بأن «التحقيق سيجري مع كل شخص ظهر في التسجيلات التي أظهرت جلسات متزعم جبهة النصرة أبو مالك التلي ومصطفى الحجيري، بحضور أعضاء هيئة العلماء المسلمين حسام الغالي والشيخ سميح عز الدين»، كما أشارت المعلومات بأن «هناك توجهاً لتوقيف 150 شخصاً يُعتقد أنهم على صلة بكل المرحلة التي أحاطت بأحداث عرسال وجرودها».
وأمس دهمت قوة من الجيش منزل مصطفى الحجيري الملقب بأبو طاقية في عرسال بعد اعترافات نجله عبادة بتورطه بملف العسكريين من دون أن تعثر عليه، وأفادت مصادر «البناء» بأن الحجيري قد هرب الى أحد الكهوف في الجرود المحيطة بعرسال قبل وصول قوة الجيش محاولاً الفرار الى الداخل السوري للالتحاق بجماعة «النصرة».
وكان الحجيري قد حاول إلحاق نفسه ضمن صفقة التبادل التي تمّت بين حزب الله و«جبهة النصرة» في آب الماضي، لكن الطرف اللبناني رفض ذلك لتورط الحجيري بجرائم إرهابية وأهمها خطف العسكريين وقتلهم. وتابعت وحدات الجيش ملاحقته والبحث عنه داخل مخابئه المحتملة، ورجّحت المصادر العثور عليه قبل تشييع العسكريين.
..ومجلس الوزراء نأى بنفسه
ونأى مجلس الوزراء بنفسه عن الملفات الساخنة والشائكة في جلسته أمس، التي عقدت في السراي الحكومي برئاسة الرئيس سعد الحريري، وحضر ملف العسكريين وحرب الجرود وتسوية انتقال مسلحي تنظيم «داعش» الى الداخل السوري الى جانب ملف العلاقة مع سورية في مناقشات الوزراء.
وبحسب معلومات «البناء» فقد شهدت الجلسة في نصف الساعة الأولى منها، نقاش بين الوزراء حول هذه المسائل لم يتطور الى سجال، لكن المواقف كانت متباعدة جداً، لذلك حاول رئيس الحكومة سحبها من التداول للحفاظ على الوحدة الوطنية في ظل الحداد العام الذي يعيشه لبنان على شهداء الجيش.
وبدأ الحديث عن موضوع صفقة الجرود الوزير مروان حمادة الذي سأل عن أسرار تلك الصفقة، ثم تبعه وزيرا حزب «القوات اللبنانية» غسان حاصباني وملحم رياشي، اللذين طالبا بحسب ما علمت «البناء» بتوضيحات من وزير الدفاع والوزراء المعنيين بشأن ما جرى ميدانياً والصفقة التي تمّت مع «داعش»، وقد دعا وزراء «القوات» الى عدم ادخال لبنان في صراعات المحاور والحفاظ على مبدأ النأي بالنفس وعدم استدراج الحكومة إلى مواقف لا تخدم المصلحة اللبنانية، وتهز استقرار الحكومة، وأشاروا خلال الجلسة الى ضرورة الحرص على الأسس التي بُنيت عليها الحكومة.
ثم ردّ وزير الخارجية جبران باسيل مستعرضاً المرحلة في إطارها العام، الى أن حسم الرئيس الحريري الجدال مؤكداً ضرورة تجاوز تلك المرحلة وفتح صفحة جديدة وعدم إدخال القضية في الصراع السياسي والعودة الى البيان الوزاري والنأي بالنفس وتجنّب إدخال لبنان بالمحاور بما يؤدي للضرر بالعلاقات مع دول أخرى.
لكن مصادر وزارية قالت لـ «البناء» إنه «لم تصدر أي إجابات على تساؤلات وزراء القوات بشكل مفصّل ودقيق، كما لم تقدّم أي تبريرات وترك الموضوع لمراحل لاحقة على أن يبحث في اجتماع مجلس الدفاع الأعلى. لكن الوزير محمد فنيش أشار الى ضرورة البحث في الأسباب التي دفعت حزب الله الى خوض معركتي الجرود وليس مقاربة نتائجها فقط، وسأل: لو لم تخرج المقاومة لقتال الإرهابيين من النصرة وداعش مَن كان سيحاربها وأين ومتى في ظل قرار سياسي يمنع الجيش من القيام بهذه المهمة؟ وكما دعا فنيش إلى إعادة التفاهم على مفهوم النأي بالنفس في ظل التحولات في المنطقة.
واستهل الحريري كلمته بالحديث عن ملف العسكريين، داعياً «الجميع الى الترفع الى مستوى شهادة ابطالنا العسكريين والابتعاد عن المزايدات السياسية الصغيرة». وأضاف «منذ البداية انتهجنا سياسة النأي بالنفس وتحييد لبنان. وفي هذه اللحظة من مصلحة لبنان الابتعاد عن توتير الأجواء مع الأصدقاء كلهم وخصوصاً الأشقاء، والبحث عن حماية مصلحة لبنان واللبنانيين». وشدّد على أن «لبنان ليس جزءاً من اي محور، بل هو جزء فاعل من التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب ويقوم بدوره ويتحمل مسؤولياته في حماية شعبه وحدوده وسيادته من خلال قواه الأمنية الذاتية».
وأرجأت الحكومة ملف البواخر ودفتر شروط استجرارها إلى جلسة أخرى، لأن «وزير الطاقة لا يزال يضع اللمسات الأخيرة على ملف ادارة المناقصات»، وشدد عدد من الوزراء على ضرورة أن يأخذ مجلس الوزراء بالملاحظات التي وردت في تقرير إدارة المناقصات لا سيما لجهة التقيد بشروط المنافسة بالتزامن مع وضع خطة دائمة لتأمين الكهرباء بأقل كلفة».
كما أرجأ المجلس أيضاً البت بالوضع الوظيفي للمديرة العامة للتعاونيات غلوريا ابي زيد وبمسألة تعيين بديل عنها، بناء لطلب من وزير الزراعة غازي زعيتر. وبحسب معلومات «البناء»، فقد حصل نقاش حول هذه المسألة في بداية الجلسة وتم التوصل إلى قرار على سحب الملف من التداول، بعد أن طالب زعيتر وضع الملف في عهدة الرئيسين عون والحريري.
وطرح مسألة قانون الضرائب وسط انقسام بين الوزراء، بانتظار قرار المجلس الدستوري، غير أن عدداً من وزراء القوات والمستقبل شددوا خلال الجلسة على ضرورة إقرار الضرائب للحفاظ على سلسلة الرتب والرواتب، محذرين من أن لا سلسلة من دون إيرادات وضرائب مع احترام شمولية الموازنة، وبالتالي سيتم تعليق مفعول السلسلة حتى تأمين المداخيل.
وتحدّث رئيس الحكومة ووزير المال حول الأمر، وكان هناك توافق على أن إقرار السلسلة من دون ضرائب سيسبب مشكلة على المالية العامة ونقع في عجز في الموازنة ويحصل كما حصل في اليونان. ودعا الحريري جميع مكونات الحكومة والمجلس النيابي الى التصرف بمسؤولية في هذه المسألة، كي لا نصل الى مرحلة اضعاف قدرة الدولة المالية.
ورجّحت مصادر وزارية لـ «البناء» أن يشهد قانون الضرائب تعديلات على بعض بنوده، وأشارت الى أن تجميد قانوني السلسلة والضرائب سيعرقل البدء بمناقشة موازنة العام 2017.
ولم تعرض الحكومة لملف الانتخابات الفرعية في طرابلس وكسروان.
..واجتماع للجنة الانتخابات
وترأس الحريري عصر أمس، في السراي الحكومي، اجتماعاً للجنة الوزارية المكلفة البحث في تطبيق قانون الانتخاب، وتناول البحث خلال الاجتماع مناقشة آلية الاقتراع، وما إذا كان الاقتراع سيخضع للتسجيل المسبق إذا كان خارج مكان القيد ومسائل تقنية أخرى. وستستكمل اللجنة البحث في اجتماعات لاحقة.
الوفاء للمقاومة: آن الأوان لتصويب العلاقة مع سورية
ورأت كتلة الوفاء للمقاومة أن «معركة الجرود ضد الإرهابيين التكفيريين، وأثبتت أن الاستراتيجية الوطنية المجدية والناجحة للدفاع عن لبنان وأرضه وشعبه وسيادته هي الاستراتيجية التي ترتكز إلى معادلة الشعب والجيش والمقاومة».
ولفتت الكتلة في بيان الى أن «الانتصار المدوّي في معركة تحقيق التحرير الثاني للبنان في 28 آب 2017 هو دون شك انتصار لقوى محور المقاومة في لبنان والمنطقة.. وأن ما بعده ليس كما قبله، سواء لجهة تعزيز مناعة لبنان وقدرته على مواجهة أي عدوان، أو لجهة إحباط وفشل المراهنين على المشاريع الدولية أو الإقليمية الهادفة الى إخضاع لبنان أو توسله كمعبر لإخضاع المنطقة وشعوبها».
إذ شددت الكتلة على أنه «آن الاوان لتصويب العلاقات مع سورية ومعالجة الشوائب التي تضرّ بالمصالح المشتركة والمتداخلة بين البلدين..»، قالت «إن التطورات الايجابية في كل من لبنان وسورية تسمح للدولتين بمقاربة موضوعية للعلاقات بينهما تسهم إيجاباً في تخفيف الأعباء عن الشعبين الشقيقين، ومعالجة عودة النازحين الطوعية الآمنة، وتدفع باتجاه إعادة تفعيل العلاقات السياسية والاقتصادية وغيرها في إطار الاحترام المتبادل بين البلدين، وتحقيق المصالح المشتركة».
وفي المقابل أشارت كتلة المستقبل في بيانها الى أن «الاستقرار السياسي لا يستقيم على قاعدة الإفراط في الإساءة للسعودية والخليج»، مشيرة الى أن «حزب الله يدفع عبر هذا الإفراط بالعلاقات نحو الهاوية».
المصدر: صحف