تطلق الألمانية بيترا فوغيل صرخة قد تبدو غريبة لمن لا يعرفون عن ألمانيا سوى أنها بلد الرفاه «أعيش في أحد أغنى بلدان العالم وأُعامل بهذه الطريقة؟ هذا غير معقول» فهي واحدة من عمال كثيرين في هذا البلد لا يستطيعون سد رمقهم.
تبلغ هذه السيدة ستين عاماً أمضت نصفها عاملة في مستشفى بوخوم في شمال الراين- وستفاليا غرب ألمانيا، حيث تطغى القضايا الاجتماعية والمعيشية على المشهد السياسي. تتقاضى بيترا 10.51 يورو عن كل ساعة عمل تحسم منها الضرائب، ليكون راتبها الصافي 1115 يورو شهرياً، مقابل 39 ساعة عمل في الأسبوع.
يذهب القسم الأكبر من راتبها في المصاريف الثابتة، من إيجار المنزل إلى التأمين والهاتف، فلا يبقى لها سوى 350 يورو لتأكل بها وتشتري ثيابها وأدوية مرض السكري…وبين الحين والآخر تهدي نفسها بعضاً من الرفاهية لا تتجاوز قطعة من المثلجات.
ولا يقتصر قلق هذه السيدة على تأمين معيشتها، بل يساورها بين الحين والآخر قلق أكبر على أيامها المقبلة. فبعد خمس سنوات ستتقاعد بعد 41 عاماً من العمل، ولا تعرف ما سيكون مصيرها وقتها. وتقول «أفضل ألا أفكر بالموضوع..حين أتقاعد سيكون راتبي 665 يورو، وسأصبح حينها في خانة المتقاعدين الفقراء». وتضيف «آمل فقط أن أكون بصحة جيدة لأتمكن من العثور على عمل آخر يؤمن لي 450 يورو إضافية في الشهر».
هذه الأعمال الصغيرة لا تخضع لاشتراكات الضمان الاجتماعي، لكنها توفر حلاً مؤقتاً للباحثين عن مدخول يزيح عنهم شبح الجوع. وهي من ضمن بنود خطة العام 2010 الرامية لإدخال إصلاحات ليبرالية على سوق العمل والتي تقدم بها المستشار الاجتماعي الديمقراطي غيرهارد شرودر بين العامين 2003 و2005.
ومن ضمن بنود الخطة أيضاً تخفيض المساعدات للعاطلين عن العمل إذا ما تجاوزوا مدة عام كامل من دون وظيفة. وهذا التخفيض زاد من القلق وجعل الكثيرين يبحثون عن أي عمل مؤقت، حسب ما يقول إريك سيلز الباحث في مؤسسة «هانس بوكلر».
ويرى هذا الخبير أن «انتكاسة المعجزة» الألمانية في التوظيف هي في أعلى مستوياتها منذ توحيد شطري البلد إثر سقوط جدار برلين، فقد بلغت نسبة البطالة 5.8 ٪ من إجمالي السكان في نيسان/أبريل الماضي.
ويعيش 9.7 ٪ من العاملين في ألمانيا تحت خط الفقر، أي أن دخلهم الشهري لا يزيد عن 940 يورو، حسب ما أظهرت أرقام نشرت في العام 2014 علماً أن النسبة هذه لم تكن تتخطى 7.5 ٪ في العام 2006 وهي لا تتخطى 9.5 ٪ في مجمل الاتحاد الأوروبي، وفقاً لهيئة الإحصاءات الأوروبية «يوروستات».
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية