ما الذي كانت تعرفه الحكومة الألمانية ومتى تبلغت بفضيحة فولكسفاغن هذان هما السؤالان اللذان سيتحتم على المستشارة أنغيلا ميركل الإجابة عليهما الأربعاء أمام لجنة تحقيق برلمانية حول قضية الانبعاثات المثيرة للتلوث.
وتمثل ميركل في هذه الجلسة الاستثنائية التي تبدأ في الساعة 14.00 (13.00 ت غ) بصفتها شاهدة في فضيحة تعتبر من الأكبر في حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، تطاول مجموعة تعتبر من ركائز الصناعة الالمانية.
وقامت المجموعة العملاقة التي تضم 12 علامة سيارات بينها أودي وبورش وسكودا، بتجهيز محركات 11 مليونا من سياراتها في العالم ببرامج معلوماتية تقوم بتزوير بيانات انبعاثات الغازات الملوثة عند اختبارها للتثبت من مراعاة المعايير البيئية.
وكشفت الفضيحة في أيلول/سبتمبر 2015 في الولايات المتحدة وكلفت الشركة ثمنا باهظا سواء على الصعيد المالي، أو على صعيد صورة الشركة التي ترمز الى القوة الاقتصادية الألمانية.
وعند الكشف عن عملية الغش الواسعة النطاق، سعت ميركل للمماطلة، فقالت إن الفضيحة، وإن كانت “هائلة”، إلا أنها لن تؤثر على المدى البعيد على سمعة الصناعة الألمانية.
ودعت إلى “عدم تشويه صورة” مجمل قطاع السيارات، محذرة بأن ذلك “سيعرض للخطر آلاف وآلاف الوظائف في أوروبا”.
وتشكلت لجنة التحقيق بمبادرة من المعارضة (الخضر وحزب دي لينكي اليساري الراديكالي)، وهي تضم أيضا نوابا من الائتلاف الحاكم من محافظين واشتراكيين ديموقراطيين، ومهمتها التدقيق في سلوك الحكومة الألمانية بقيادة ميركل منذ 2007 في تعاطيها مع تخطي شركات السيارات الحد الأقصى المسموح به لانبعاثات الغازات الملوثة.
وقال نائب رئيس لجنة التحقيق أوليفر كريشر (الخضر) “ثمة مؤشرات متزايدة توحي بأن المستشارية والمستشارة ميركل واجهتا مسالة انبعاثات ثاني أكسيد النيتروجين قبل العام 2015 بكثير”.
وأعلن في كانون الأول/ديسمبر “نريد أن نستوضح أيضا الدور الذي لعبته المستشارية في التشريعات الأوروبية حول انبعاثات غازات السيارات”. وتابع “ننتظر من المستشارة توضيحات لم يتمكن الوزير المكلف (وزير النقل ألكسندر) دوبرينت ولا باقي الحكومة من تقديمها حتى الآن”.
وسبق أن استمع النواب في كانون الأول/ديسمبر إلى وزير الاقتصادي السابق الذي انتقل إلى الخارجية سيغمار غابريال الذي أكد أنه لم يكن على علم بأي شيء قبل انكشاف الفضيحة.
وهي ثاني جلسة استماع للمستشارة أمام لجنة تحقيق نيابية خلال بضعة أسابيع، بعدما مثلت في منتصف شباطمفبراير في سياق قضية مختلفة تماما هي التعاون بين أجهزة الاستخبارات الألمانية والأميركية.
وبقيت مجموعة فولكسفاغن متمسكة بخط دفاعها منذ أكثر من عام، مؤكدة أن مجلس الإدارة لم يبلغ بعملية التزوير العملاقة هذه إلا بين “نهاية آب/أغسطس وبداية أيلول/سبتمبر”.
ورفض رئيس فولكسفاغن السابق مارتن فينتركورن لدى مثوله أمام اللجنة ذاتها في 19 كانون الثاني/يناير الاتهامات بإخفاء القضية، مؤكدا أنه لم يكن على علم بشيء قبل اندلاع الفضيحة.
وكلفت القضية الشركة الأوروبية العملاقة للسيارات أولى خسائرها السنوية منذ أكثر من عشرين عاما، وأرغمتها على تشكيل صندوق يزيد عن 18 مليار يورو لمواجهة الملاحقات القضائية الكثيرة وطلبات التعويض.
وفي مطلع كانون الثاني/يناير، أقرت المجموعة بتزوير محركات سيارات في الولايات المتحدة ووافقت على دفع مبلغ إجمالي بحوالى 22 مليار دولار للسلطات واصحاب السيارات وشركات بيع السيارات في هذا البلد، وفي الشهر ذاته، أدانت السلطات الأميركية عددا من موظفي ومسؤولي الشركة، معربة عن شبهات بأن إدارة فولكسفاغن كانت على علم بمسالة المحركات المغشوشة منذ صيف 2015.
وفي ألمانيا، فتحت النيابة العامة في برونسفيك (شمال) تحقيقا في قضية “تلاعب جارية” جمعت أكثر من 1400 شكوى من اصحاب اسهم اعتبروا أنهم تضرروا جراء تأخير المجموعة في الإبلاغ بمحركاتها المغشوشة، وهم يطالبون بتعويضات تفوق ثمانية مليارات يورو.
وانتشرت “فضيحة محركات الديزل” إلى كامل قطاع صناعة السيارات في العالم وكشفت عن ممارسات منتشرة لدى بعض شركات صناعة السيارات.
المصدر: وكالة الصحافة الفرنسية