تناولت الصحف الصادرة في بيروت نهار الخميس في 26-1-2017 العديد من الملفات المحلية والإقليمية، وجاءت افتتاحياتها على الشكل التالي.
النهار
المعادلة – المأزق: قانون جديد أو الفراغ
بين كلام تضمن موقفاً حاداً لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمام مجلس الوزراء لجهة رفضه قانون الستين الانتخابي والتمديد لمجلس النواب الى حدود تفضيله الفراغ المجلسي صراحة، واجتماع رباعي اكتسب دلالات من شأنها اثارة مزيد من التوهج خصوصا أنه انعقد في القصر الجمهوري، تصاعد أمس المناخ السياسي حول ملف قانون الانتخاب موحياً بأن الاسبوعين المقبلين سيشهدان تطورات استثنائية في هذا المسار. وبدا واضحا ان موقف الرئيس عون شكل “رأس جبل الجليد” او أول الغيث في اندفاع الملف الانتخابي الى درجات عالية من السخونة وربما التصعيد، كما وصفه مصدر سياسي بارز معني بالمشاورات الكثيفة الجارية على مختلف المستويات سعيا الى بلورة مخرج للمأزق الذي يحاصر ملف قانون الانتخاب.
واذ لاحظ المصدر ان الاجتماع الرباعي الذي عقد بعد الظهر في قصر بعبدا اقتصر على ممثلي “التيار الوطني الحر ” و”تيار المستقبل ” وحركة “امل” و”حزب الله” ولم يضم ممثلين للحزب التقدمي الاشتراكي وحزب “القوات اللبنانية”، كشف ان الاشتراكي بعث برسائله الى المعنيين مع الوزير علي حسن خليل والسيد نادر الحريري بمضمون واضح مفاده رفضه التام للنسبية ووجوب تطبيق الطائف لجهة اعادة رسم التقسيم الاداري واستطراداً انشاء محافظة الشوف عاليه. واعتبر المصدر ان الكلام الذي يصدر عن بعض الجهات ملمحا الى تحرك في الشارع في حين تستمر المشاورات في شأن قانون الانتخاب أثار استغراباً لانه في غير محلّه ويخالف التوافق الذي أحاط انتخاب الرئيس عون وتشكيل الحكومة.
والواقع ان قلّة من الوزراء كانت على علم بأن اجتماعاً رباعياً سيعقد في قصر بعبدا للبحث في قانون الانتخاب. وما ان انتهت، جلسة مجلس الوزراء حتى عاد وزير المال علي حسن خليل الى قاعة مجلس الوزراء، فيما دخلها مجدداً وزير الخارجية جبران باسيل ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري السيد نادر الحريري وممثل “حزب الله” النائب علي فياض.
وفيما أحيط الاجتماع بتكتم كبير وأبعد عن عدسات المصورين، كان شبه اجماع من المشاركين فيه على أنه “اجتماع تشاوري وليس حلفاً أو جبهة “. وقال الوزير حسن خليل: “نحن لسنا حلفاً ولا جبهة بل نتشاور بَعضُنَا مع البعض ونضع الأفكار ولدينا اتصالات مع الأطراف الآخرين بدلاً من استمرار الكلام ثنائياَ.هناك تتمة ولن تكون فقط بالموجودين بل بمشاركة أفرقاء آخرين ومن المبكر البحث في رؤية موحدة او نهائية. وهذا الاجتماع أشار اليه الرئيس عون عندما حكى في الجلسة عن ان قوى تبحث بعضها مع البعض في قانون انتخاب جديد”.
وقال النائب فياض بدوره: “ندرس بكل جدية وإصرار وباجتماعات متلاحقة صيغاً عدّة بهدف تقريب وجهات النظر. وأهمّ ما يميّز هذه الاجتماعات هو جديتها العالية والأهم في الموضوع ايضاً ان هذا الاجتماع ليس اقصاء لأحد وليس لديه أي طابع تحالفي انما مجرد اطار يمهّد للتواصل أيضاً مع الآخرين لمتابعة النقاش معهم”. واشار الى ان الاجتماع المقبل سيعقد غداً الجمعة.
أما نادر الحريري فقال: “هناك تداول لعدد من الصيغ والقاسم المشترك انه لن يكون هناك قانون فيه إقصاء لأحد”.
وتوقعت مصادر مواكبة لهذه المشاورات أن ينضم الى الاجتماع المقبل ممثل للحزب التقدمي الاشتراكي، وان تكون الصيغة الأقرب الى التوافق هي التأهيل على الأكثري والانتخاب على النسبي سواء في الدائرة الواحدة القضاء أو على دورتين في القضاء ثم في المحافظة، على أن تكون طمانة النائب وليد جنبلاط بجعل الشوف وعاليه دائرة واحدة. لكن كل ما يتم تداوله لا يزال افكاراً تحتاج الى مزيد من البلورة وتوسيع مروحة التشاور حيالها. وفي المقابل أوضح النائب وائل ابو فاعور “أننا لسنا جزءاً من هذه الحلقة ولم ندع الى أي اجتماع ومع تقديرنا للجهود التي تبذل فان أي قانون انتخاب لا يقر الا بنصاب وطني مكتمل “.
عون ومجلس الوزراء
وكان الرئيس عون لوح في جلسة مجلس الوزراء الى أنه قد يوصل مجلس النواب الى الفراغ اذا تمّ وضعه بين خياري التمديد للمجلس أو الفراغ، جازماً بأن الاولوية هي لوضع قانون انتخاب جديد، “ولا مشكلة في المهل القانونية الملزمة، طالما أن هناك بحثاً بين القوى السياسية عن صيغة قانون جديد “.
والتشدد الذي اظهره رئيس الجمهورية لم يقتصر على قانون الانتخاب، اذ علم انه لدى البحث في قرض من البنك الدولي لوزارة التربية بمئة مليون دولار، تعمّد لفت الوزراء الى ان التفاوض في شأن الاتفاقات الدولية هو من صلاحية رئيس الجمهورية حصراً ولا يمكن تالياً ان يتولى الوزراء هذه المهمة الا بتفويض من رئيس الجمهورية فيما إبرام الاتفاقات هو من مسؤولية رئيسي الجمهورية، والحكومة والمصادقة عليها هي من مسؤولية مجلس النواب.
ورفض الرئيس عون تعيين هيئة الاشراف على الانتخابات كما رفض أن “يهدده أحد أو أن يتم زركه بين الفراغ والتمديد، لأنه لا يخشى الوصول الى التمديد”، موحياً بانه لن يسير بأي تمديد بامتناعه عن توقيع المرسوم في مثل هذه الحال، بحيث يصبح التمديد باطلاً.
وأوضحت مصادر وزارية لـ”النهار” أن وزير الداخلية نهاد المشنوق طلب البحث في موضوع الهيئة من أجل طرح الأسماء العشرة المقترحة للتعيين. فردّ الرئيس عون: “أنا حكيت معك أمس (الثلثاء) لكنني لست موافقاً على طرح موضوع هيئة الاشراف على الانتخابات لأن من واجباتنا وضع قانون انتخاب قبل البحث في هذه الهيئة”. وأضاف: “اذا خيرت ما بين التمديد للمجلس او الفراغ فموقفي واضح في هذا الموضوع وسأختار الفراغ. انا أقسمت على الدستور وأديت اليمين واتفق كل الفرقاء السياسيين على إعداد قانون انتخاب،واذا لم نتوصل بعد ثماني سنوات الى وضع قانون انتخاب جديد فأين فعاليتنا وصدقيتنا ؟”.
وسأل وزير الداخلية عن المهل القانونية التي نقترب منها، فكان ردً رئيس الجمهورية بأنه “يمكن معالجتها في وقت لاحق، ولنترك المجال الآن للبحث في قانون انتخاب جديد، طالما ان القوى السياسية تجمع على انها تريد قانوناً جديداً وهناك مشاورات تجري لهذا الهدف”.
وفي الموضوع الامني، ناقش مجلس الوزراء الاجراءات الامنية الواجب اتخاذها لوقف عمليات الخطف ولاستباق أي عمل ارهابي قد تعمد اليه خلايا نائمة. وعلم ان وزراء “حزب الله” وحركة “أمل” اجمعوا على ان لا غطاء على أحد وعلى الاجهزة الامنية القيام بواجباتها بتنفيذ الاجراءات الامنية المقررة سابقاً ولا حاجة الى خطة امنية جديدة بل الى تطبيق الخطة الموضوعة سابقاً. كما تمً تأكيد ضرورة قيام الدولة بواجباتها بطريقة عادلة دون استثناءات وبعيداً من قيام أي محميات امنية.
مبادرة الشفافية
اما القرار البارز الذي اتخذه مجلس الوزراء، فكان في ملف النفط اذ وافق على اعادة اطلاق الدورة الاولى لتراخيص التنقيب عن النفط والإعلان عن الانضمام الى مبادرة الشفافية في مجالات الصناعة الاستخراجية والتي تشكل معيارا لادارة موارد النفط والغاز والمعادن في البلدان المنضمة الى هذه المبادرة. واعتبر هذا القرار خطوة مهمة في اطار مساعي الحكومة لتحصين الملف النفطي واتباع المعايير العالمية في الشفافية. وجاءت الخطوة وقت اظهر المؤشر الجديد لمدركات الفساد لمنظمة الشفافية الدولية للعام 2016 والذي اعلنته امس الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافية – لافساد بقاء لبنان في مرتبة متقدمة اذ احتل المرتبة الـ136 من اصل 176 دولة يستشري فيها الفساد!
الاخبار
عون يلوّح بالفراغ… وكل المشاريع تؤدي إلى «الستين»
الوطني الحر: الرئيس يملك صلاحية تعطيل الانتخابات ومنع المجلس من التمـديد لنفسه
لم يعد الامر تكهناً ولا تسريباً. رئيس الجمهورية اعلن امتلاكه مفاتيح تعطيل إجراء الانتخابات وفق «الستين»، وسلطة منع التمديد للمجلس النيابي، ونيته استخدام هذه المفاتيح والسلطات. لكن ذلك لم يدفع القوى السياسية بعد إلى التوافق على مشروع قانون انتخابي قابل للتطبيق، ولا على قانون يؤمّن فعلاً عدالة التمثيل، خارج الحسابات الطائفية والمذهبية. الخلاصة، مزيد من «الستين» شكلاً ومضموناً.
حسم رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمره، ووجّه رسالة شديدة الوضوح إلى الجميع. من كانوا يشككون بموقفه، ويعتبرونه تهويلياً، تيقنوا من جديته. ففي جلسة مجلس الوزراء أمس، رفض عون طلب وزير الداخلية بحث تمويل العملية الانتخابية وتعيين هيئة الإشراف على الانتخابات. وهذان شرطان إلزاميان لإجراء الانتخابات وفق القانون النافذ، أي قانون «الستين». عون سبق أن وجّه رسائله إلى الجميع، قبل أن يُعلنها أمس بلا لبس: «لن أقبل بمخالفة قسَمي، ولا بإجراء الانتخابات وفق الستين. الفراغ أهون من ذلك، وأهون من التمديد».
مصادر مطلعة في التيار الوطني الحر أكّدت لـ «الأخبار» أن لدى رئيس الجمهورية «كل الإمكانات القانونية والدستورية للمضي في موقفه، لأن في يده مفاتيح كل من التمديد للمجلس النيابي أو إجراء الانتخابات وفق قانون الستين». وأوضحت أن الذهاب إلى انتخابات وفق القانون النافذ «بحاجة إلى مرسوم عادي لا يمكن في أي شكل من الأشكال أن يمرّ من دون توقيع الرئيس، ولا توجد أي وسيلة دستورية أو قانونية لتخطي هذا التوقيع». أما في ما يتعلّق بالتمديد، «ففي إمكان الرئيس، دستورياً، وقف جلسات مجلس النواب لمدة عقد كامل، بما يتخطى مهلة نهاية ولاية المجلس». وشدّدت المصادر على أن أحداً لا يتمنى الفراغ، وأن «وجود هذه المفاتيح في يد رئيس الجمهورية يفترض أن يدفع كل الأطراف إلى العمل على التوصل إلى قانون انتخابي جديد».
وفيما حاول المشنوق، في جلسة الحكومة، تذكير رئيس الجمهورية بالالتزام الدستوري، وبـ»مصداقية لبنان الدولية»، وبأن «العالم يراقبنا»، ردّ الوزير جبران باسيل بالقول: «الموضوع الدولي عليّ. أتولاه في الخارجية». وعندما قال له المشنوق: «اعتبرنا منعرف شوي»، أصرّ باسيل قائلاً: «أنا بحلّها». وهنا تدخل رئيس الحكومة سعد الحريري الذي فهم على ما يبدو رسالة عون، إذ قال: «فخامة الرئيس لا يتجاوز المتطلبات القانونية والدستورية، لكنه يريد منا الإسراع في التوصل إلى قانون جديد».
النقاش الذي حسمه رئيس الجمهورية سريعاً، أدى إلى تسارع اللقاءات أمس: أحدها في قصر بعبدا ضم الوزراء علي حسن خليل ومحمد فنيش وجبران باسيل والنائب علي فياض ونادر الحريري (مدير مكتب الرئيس الحريري). وآخر في معراب جمع باسيل والنائب إبراهيم كنعان والوزير ملحم الرياشي. وثالث في وزارة الثقافة ضم «خبراء انتخابيين» يمثلون تياري المستقبل والوطني الحر والقوات اللبنانية، ورابع في حارة حريك بين كتلتي الوفاء للمقاومة واللقاء الديموقراطي. لكن النتيجة لا تزال كما هي: لا مشروع جدياً يتيح التوصل إلى قانون. إذ تركّز البحث على مشروعَين: التأهيلي الذي يعتمد النظام الأكثري في الأقضية حيث يختار أبناء كل مذهب إسلامي مرشحيهم، ويختار المسيحيون مرشحيهم (لا يُعامَل المسيحيون كأبناء مذاهب، بل كأبناء طائفة واحدة، بحسب التعديل الذي اقترحه التيار الوطني الحر). وبعد تأهيل المرشحين في القضاء (مرشحان عن كل مقعد)، تجرى الانتخابات في المحافظات على أساس النسبية. لكن خطورة هذا القانون، إضافة إلى كونه يعمّق التصنيف المذهبي والطائفي للمواطنين، تكمن في أنه يسمح للكتل الكبرى في الطوائف والمذاهب باختيار مرشحين من لون سياسي واحد في عدد كبير من الدوائر، ما يجعل المرحلة الثانية نسبية ممسوخة، وأشبه بمسرحية معروفة النتائج سلفاً، ويُفرغ النسبية من أي مضمون إيجابي.
المشروع الثاني الذي تقدّم البحث بشأنه أمس، طرحه التيار الوطني الحر، ويعتمد النظام المختلط بين النسبية والأكثرية. وهو يُقسّم النواب إلى فئتين: منتخبون وفق النسبية في المحافظات الخمس؛ ووفق الأكثري في الأقضية. تضم الفئة الأولى كل المنتمين إلى طوائف لا تتجاوز نسبة ناخبيها عتبة الـ66 في المئة (مثلاً، في بيروت الثالثة، الدرزي والأرثوذوكسي والشيعي والإنجيلي والأقليات يُنتخبون وفق النظام النسبي، مع نواب الدائرة الثانية، على أساس أن بيروت كلها دائرة واحدة. أما النواب الخمسة السنّة فيُنتخبون وفق النظام الأكثري، لأن السنّة يمثلون أكثر من 66 في المئة من ناخبي بيروت الثالثة. وفي البقاع الشمالي، يُنتخب النواب الشيعة الستة وفق النظام الأكثري، فيما يُنتخب الماروني والكاثوليكي والسنيان وفق النظام النسبي في دائرة تضم أقضية البقاع مجتمعة).
من ثُغَر هذا الاقتراح أنه يناقض فكرة المساواة بين النواب، ويتعامل مع المسيحيين، من مختلف المذاهب، ككتلة طائفية واحدة، فيما يقسّم المسلمين إلى سنّة وشيعة ودروز وعلويين. وبناءً على ذلك، يُنتخب وفق النظام الأكثري نواب الدوائر الآتية: بيروت الأولى (الأشرفية)، بشري، الكورة، زغرتا، البترون، كسروان، المتن، جزين، صيدا، بنت جبيل، النبطية، صور، المنية الضنية، والنواب المسيحون في جبيل وبعبدا، والنواب السنّة في طرابلس وعكار وبيروت الثالثة، والنواب الشيعة في بعلبك الهرمل والزهراني. ويُنتخب وفق النظام النسبي نواب زحلة والبقاع الغربي ــ راشيا، وبيروت الثانية، مرجعيون ــ حاصبيا، والشوف وعاليه. كذلك يُنتخب وفق النظام النسبي النواب غير السنّة في طرابلس وعكار، والنواب غير الشيعة في بعلبك ــ الهرمل، والنواب غير المسيحيين في بعبدا وجبيل، والنواب غير السنّة في بيروت الثالثة، والنائب الكاثوليكي في الزهراني.
والأزمة هنا، بحسب تقسيمات المشروع، أن النسبية تفرغ من مضمونها، لناحية إيجاد تنوع داخل الطوائف. فعلى سبيل المثال، بمقدور تحالف حزب الله وحركة أمل أن يحصد كافة المقاعد التي ستُنتخب وفق النسبية في الجنوب (دائرة النظام النسبي تضم محافظتي الجنوب والنبطية معاً)، بقليل من حُسن إدارة المعركة. كذلك، إن حصول أي لائحة معارضة لأمل وحزب الله على «الحاصل الانتخابي» (أي الحد الأدنى من عدد الأصوات المطلوب للحصول على مقعد نيابي واحد) شبه مستحيل، لأن عدد المقاعد التي ستُنتخب وفق النسبية ضئيل للغاية، ما يقتل أي تنوّع سياسي داخل الطوائف. كذلك يجعل المشروع التنوع داخل الطوائف المسيحية شبه مستحيل، باستثناء دائرة زحلة التي سيُنتخب جميع نوابها وفق النظام النسبي في محافظة البقاع. خلاصة الأمر، أن هذا المشروع ينضم إلى مشاريع القوانين المبنية على النظام المختلط، التي تنتحل صفة النسبية كنوع من المخدّر للمطالبين بها، فيما هي تُعيد إنتاج المجلس النيابي نفسه، وتمنع أي تنوّع داخل الطوائف، ولا تُنتِج قانوناً انتخابياً. كذلك فإنه يعاني من ثغرة أساسية، تتصل بكونه جعل جميع النواب الدروز يُنتخبون وفق النسبية، فيما غالبية النواب المسيحيين والسنّة والشيعة يُنتخبون وفق الأكثري، وبتقسيمات الستين نفسها. ويؤدي ذلك حكماً إلى رفض النائب وليد جنبلاط له. كذلك فإن حزب الله وحركة أمل يرفضانه، رغم أنه يمنحهما قدرة على حصد مقاعد يفوق ما هو موجود لديهما. فالحزب سبق أن أبلغ جميع محاوريه بأنه يريد النسبية الكاملة، لأنها تمنح قدرة التمثيل لجميع الأقليات الطائفية، وبالتنوع داخل الطوائف، وهي المعبر الإلزامي لبناء الدولة وتحقيق حد أدنى من الانصهار الوطني. أما حركة أمل، فذهبت بعيداً أمس في تأييد النسبية، على لسان النائب هاني قبيسي الذي طالب بتطبيق اتفاق الطائف، كمخرج من الأزمة الحالية، ولمواجهة العجز عن التوافق على قانون انتخابي. واقترح قبيسي اقترح اعتماد قانون للانتخابات النيابية على أساس لبنان دائرة واحدة خارج القيد الطائفي، وإنشاء مجلس للشيوخ تتمثّل فيه الطوائف. ورداً على سؤال «الأخبار»، قال قبيسي إن حركة أمل لا تعتبر أن إنشاء مجلس للشيوخ ينتقص من «حصة الطائفة الشيعية في النظام»، لأن السلطتين التشريعية والرقابية ستبقيان للمجلس النيابي، فيما القضايا المصيرية ستُبحث في مجلس الشيوخ، «والقضايا المصيرية لا تُبحث عادة في مجلس النواب ليُقال إن مجلس الشيوخ ينتقص من سلطته». «وأكّد أن هذا حل دستوري يلتزم الطائف، ويحترم في الوقت عينه هواجس الطوائف».
البناء
الجيش السوري والمقاومة يبدآن هجوم دير الزور… والنصرة تهاجم «الحر»
عون: إذا خُيِّرت فسأختار الفراغ… وقانصو للثبات بوجه الإرهاب
اجتماع بعبدا الرباعي يرسم جدول أعمال تشاور مفتوح لإنتاج قانون جديد
بدأت مفاعيل عملية أستانة بالظهور في الميدان على جبهتين عسكريتين في سورية، فتحت تأثير ما تقرّر في أستانة بين الثلاثي الروسي التركي الإيراني من ترجمة لمفهوم الحرب على الإرهاب ستسقط الحصانة التي استمدتها جبهة النصرة من تحالفها مع تركيا والفصائل العاملة تحت العباءة التركية، فقررت قيادة جبهة النصرة شن حرب استباقية على الفصائل العاملة تحت اسم الجيش الحر وتنظيف مناطق سيطرتها من أي تداخل أو تشابك مع فصائل أخرى، قاطعة الطريق على ميوعة مواقف هذه الفصائل وسعيها لمواصلة اللعب على الحبال. ونتج عن حرب النصرة فرز متسارع للمناطق التي تتداخل السيطرة عليها بين النصرة والجماعات التركية، وما مثله ذلك من مطلب شائك مضت سنوات على السعي الروسي لتحقيقه، لتأتي الطريق إليه من بوابة مخاوف وهواجس أستانة لدى النصرة فتبدأ صيرورة وينفتح مسار يحتاجان المزيد من الوقت لمعرفة الخريطة التي ستنتجها هذه المواجهة. وعلى ضفة موازية في دير الزور أتاحت عملية أستانة للجيش السوري والمقاومة حشد قوات النخبة وتأمين إنزال مظلي لبدء هجوم معاكس على مواقع تنظيم داعش بدعم روسي بالقاذفات الاستراتيجية أراد تأكيد وجهة الحرب بعد أستانة، ليتحقق تقدم وازن للجيش السوري والمقاومة على عدد من محاور المواجهة الواقعة بين مطار دير الزور والمدينة.
لبنانياً، كانت الكلمة الفصل لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي وضع بصمته أمس في تاريخ الجمهورية، ممسكاً بناصية قانون جديد للانتخاب عنواناً واحداً للواقعية السياسية. فالتفكير بالتمديد وقانون الستين لهما مرادف عوني هو: الفراغ أفضل. لم يتردد الرئيس بقولها صريحة، إن خُيّرت بين التمديد والستين والفراغ فسأختار الفراغ، وحسم النقاش ولم يبق من باب للواقعية السياسية سوى حث الخطى لتفاهمات تنتج قانوناً جديداً يحقق المرجوّ من حد أدنى إصلاحي قابل للتطور باعتماد النسبية. ولهذا عُقد في قصر بعبدا لقاء رباعي ضم الوزيرين علي حسن خليل وجبران باسيل والنائب علي فياض ومدير مكتب رئيس الحكومة نادر الحريري. وقالت مصادر متابعة للاجتماع إن الهدف منه كحلقة تفكير مصغّرة ليس استبعاداً لأحد بل محاولة لإنضاج أفكار تخضع للتشاور المفتوح مع القوى الأخرى وهو ما لم يتحقق أو تبدو طلائعه بعد ويحتاج لمواظبة يومية سيقوم بها الرباعي حتى يخرج الدخان الأبيض بصيغة توائم بين صيغة ما لنظام يعتمد النسبية وهواجس الأطراف المعترضة عليها.
لفت رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي الوزير علي قانصو إلى أنّ الإرهاب شأنه شأن كلّ من ينتمي إليه من فصائل ومدارس ومناهج، همّه القتل من أجل القتل. وقال بعد زيارته مساء أمس، مقهى «كوستا» على رأس وفد من قيادة الحزب: نحن في الحزب السوري القومي الاجتماعي إذ ندين هذه المحاولة الإجرامية، وندين من خطّط لها ووقف وراءها وحدّد أهدافها، نؤكد أن الإرهاب قصد من وراء محاولته في هذا المقهى إصابة هدفين متلازمين، قصد إصابة نموذج وحدة الحياة وضربه من جهة، ومن جهة ثانية قصد ضرب الدور الاقتصادي الذي تنهض به منطقة الحمرا، والذي يزدهر باضطراد، لأنّ الإرهاب يريد أن يحوّلها كما لبنان وأيّ منطقة تطالها أقدامه، إلى خراب، إلى جحيم، حيث تنعدم فيها أسباب الحياة، وفي طليعتها، الأسباب الاقتصادية.
عون: أفضل الفراغ على التمديد
فيما أوصد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، الأبواب أمام التمديد الثالث للمجلس النيابي الحالي، كان رئيس الجمهورية ميشال عون يعمل على الموجة نفسها بقطعه الطريق في مجلس الوزراء على فرض انتخابات على قانون الستين والتعامل معها كأمر واقع وكآخر الخيارات المتاحة، مفضلاً الفراغ على التمديد إذا خُيِّر بين الأمرين.
وإذا كان خيار الفراغ النيابي موجوداً في حسابات رئيس الجمهورية، فإن رفضه الانتخابات على القانون الحالي احتمال قائم وجِدّي، أما ممارسة صلاحيته الدستورية بعدم توقيع مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، فهو كافٍ لتعطيل الاستحقاق النيابي ودفن الستين الى غير رجعة. وفي حال لم يتم إقرار قانون جديد خلال المهلة المتبقية حتى 21 شباط المقبل، فإن الفراغ سيبقى سيد الموقف وإن كانت دونه مخاطر دستورية وسياسية، لكن يبقى أفضل من إضفاء الشرعية على انتخابات وفق قانون لن ينتج إلا تركيبة المجلس الحالي.
القوانين على مشرحة بعبدا
وفي حين وضعت مشاريع القوانين على المشرحة السياسية في اللقاء الرباعي التشاوري الذي عقد في بعبدا أمس، لم ترشح أي صيغة توافقية نهائية، لكن باب النقاش قد فتح واسعاً حيال طبيعة المولود الجديد الذي يبشر به الجميع، خصوصاً أن الوقت بدأ ينفد ويداهم القوى السياسية التي لم يعد أمامها إلا التوافق على استيلاد قانون جديد قبل أن تجد نفسها في مواجهة السيناريوات الأسوأ، فهل هو قانون الستين معدلاً أم التأهيل على مرحلتين أم مختلط الرئيس بري أم إجراء عملية تزاوج بين القوانين المختلطة؟
رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط استبق اجتماع بعبدا التشاوري الذي استثني «اللقاء» منه، بوصفه قانون الانتخاب بـ»العملية الجراحية الدقيقة وأنها لن تكون العملية ناجحة إذا استبعد أحد الجراحين»، بينما أفادت وسائل إعلامية أنه وبعد تغريدة رئيس الحزب الاشتراكي وجهت الدعوة اليه للمشاركة في اللقاء، لكنه رفض.
وضمت خلوة بعبدا، وزير المال علي حسن خليل، وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب علي فياض، ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري. وأوضح خليل، بعد اللقاء أننا «لسنا حلفاً ولا جبهة، بل نتشاور مع بعضنا ونضع الأفكار ولدينا اتصالات مع الأطراف الآخرين بدلاً من استمرار الكلام ثنائياً». أضاف: «هناك تتمة وليس فقط بالموجودين بل مع فرقاء آخرين ومن المبكر البحث برؤية موحّدة أو ونهائية». وأشار فياض الى أن «الاجتماع تشاوري وندرس بكل جدية وإصرار وهناك اجتماعات متلاحقة لمناقشة صيغ عدة لتقريب وجهات النظر، وهذا الاجتماع ليس إقصاء لأحد وليس لديه طابع تحالفي، ولكنه مجرد إطار للمتابعة ويهدف للتواصل مع الآخرين»، بينما قال نادر الحريري: «هناك تداول بعدد من الصيغ والقاسم المشترك أنه لن يكون هناك قانون فيه إقصاء لأحد».
ويُعقد اجتماع ثانٍ يوم غدٍ لاستكمال النقاش، وقالت مصادر لـ«البناء» إن «الاجتماع الرباعي كان منتجاً وإيجابياً وبحث في العمق وبشكلٍ جدي مشاريع القوانين المقترحة وحاول المجتمعون تضييق مساحة الخلاف وتم الاتفاق على تكثيف اللقاءات من أجل إقرار قانون انتخابات جديد»، لكن المصادر نفت «التوافق على أي صيغة وأن الأمر يحتاج الى مزيدٍ من الدرس».
بري وحردان: النسبية خلاص لبنان
رأى عضو المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان أن خلاص لبنان وتحقيق الإصلاح السياسي يتمثلان في إقرار قانون انتخابي على أساس النسبية والدائرة الواحدة خارج القيد الطائفي.
ولفت بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري أمس، إلى «أننا قدمنا مشروعاً في هذا الإطار موجوداً في المجلس النيابي يؤمن صحة التمثيل وعدالته ولا يلغي أي فريق»، مشيراً إلى أن قانون الستين يلغي ويقصي تمثيل بعض الشرائح الاجتماعية في الندوة البرلمانية، ومشدداً على أننا مع النسبية والدائرة الواحدة أو الدوائر الموسعة. وقال: اطلعنا على وجهة نظر الرئيس بري حول مجريات الأوضاع في لبنان، خصوصاً النقاش الدائر حول قانون الانتخاب لا سيما أننا على أبواب الانتخابات، وهناك قلق لدى الجميع من الصيغ التي لا تحقق صحة التمثيل.
وأضاف: أصبح للبنان رئيس للجمهورية وهناك حكومة معنية بإعداد مشروع قانون للانتخابات، يسهم في تحصين الوحدة وتثبيت الاستقرار. ونوّه حردان بدور الجيش والقوى الإمنية والإنجازات التي تحققت والسهر الدائم على أمن واستقرار البلد ومكافحة الإرهاب استباقياً.
وجدد الرئيس بري التأكيد على رفضه التمديد لمجلس النواب بالمطلق، وقال: «لا أسوأ من السوء إلا التمديد». وأضاف «أن قانون النسبية هو خلاص لبنان»، منتقداً قانون الستين «الذي يبقي الوضع على ما هو عليه في المجلس النيابي ويقضي على الأصوات المستقلة ولا يضمن صحة التمثيل».
وكشف خلال استقباله مجلس نقابة الصحافة برئاسة النقيب عوني الكعكي أنه «حتى الآن ليس هناك استقرار على قانون معين، لكن البحث واللقاءات جارية بقوة للاتفاق على قانون جديد للانتخابات، وأن أي قانون يجب أن يحظى بتوافق جميع الأطراف»، مضيفاً: «لن أسير بأي قانون لا ترضى أي طائفة من الطوائف عليه وأن عدم الاتفاق على القانون يُحدث شرخاً في البلاد».
هواجس المختارة في الضاحية
وفي غضون ذلك، نقل وفد اللقاء الديمقراطي الهواجس الجنبلاطية حيال النسبية، إلى الضاحية الجنوبية خلال اجتماعه مع كتلة «الوفاء للمقاومة» في إطار جولته على القوى السياسية، وأعلن النائب أكرم شهيب، أن «الزيارة للتأكيد على أن قانون الانتخاب لن يكون إلا بتوافق جميع اللبنانيين»، مشدداً على «قانون يحفظ حق الجميع»، وقال: «مستعدون للتواصل مع الجميع للوصول الى قانون لا يلغي أحداً»، ومؤكداً ضرورة «إجراء الانتخابات في موعدها».
وأشارت مصادر مطلعة على اللقاء لـ«البناء» الى أن «اللقاء كان إيجابياً ولم يتطرق الى تفاصيل مشاريع القوانين، لكن هناك إصرار من جنبلاط على رفض النسبية بأي شكل من الأشكال»، مشددة على أن «حزب الله لم يعط الوفد أي وعود برفض قانون انتخاب لا يوافق عليه جنبلاط، بل تمّ تبادل وجهات النظر وأن تستمر الجهود للتوافق على قانون رغم ضيق الوقت»، موضحة أن «حزب الله مستعد لنقاش أي اقتراح قانون من الاقتراحات الموجودة ولن يفرض أي قانون على الآخرين، لكن لن يقبل بأن يفرض أحد عليه قانون الستين أو التمديد»، مشيرة الى أن أكثر من قانون انتخاب يتم درسه والقانون الذي يتم التوافق عليه سيُعتمد»، ولفتت الى أنه من «المبكر الحديث عن الفراغ النيابي وأن رفض الرئيس عون التمديد واختيار الفراغ جاء لحث الأطراف على التوافق على قانون وهو سيستعمل ما يملك من أسلحة للدفع بهذا الاتجاه».
.. وجلسة منتجة للحكومة
وفرض قانون الانتخاب نفسه بقوة على طاولة مجلس الوزراء بعد أن رفض الرئيس عون طرح وزير الداخلية نهاد المشنوق تشكيل هيئة الإشراف على الانتخابات من خارج جدول الأعمال، حيث طالب بإعطاء الاسماء المرشحة لهذه الهيئة وهم 10 أشخاص. فأجابه عون «لست موافقاً على تشكيلها لأنه من واجباتنا وضع قانون الانتخابات قبل البحث بالهيئة»، مضيفاً «لا أحد يهدّدنا بين الفراغ والتمديد، فخطاب القَسَم واضح، وسنصل الى قانون جديد للانتخابات، واذا خُيرت بين التمديد والفراغ فأختار الفراغ»، وتابع «إذا لم نستطع بعد ثماني سنوات وضع قانون جديد فأين مصداقيتنا؟».
وأوضحت وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية عناية عز الدين لـ«البناء» أن «وزير الداخلية لم يضع مجلس الوزراء أمام خيار إجراء الانتخابات على القانون الحالي، بل من واجباته الدستورية تأليف هيئة الإشراف على الانتخابات وفق القانون، لكن رفض الرئيس عون ذلك ليس من باب الخلاف مع المشنوق، بل لحث الأطراف السياسية على إقرار قانون جديد لحرصه على الوفاء بخطاب القسم وتعهداته للشعب اللبناني».
ولفتت الى أن «الأجواء غير سلبية في مجلس الوزراء حيال القانون وتم تبادل وجهات النظر ولا خلافات»، وجددت عز الدين تمسك حركة أمل والرئيس بري الثابت بإقرار قانون عصري جديد على النسبية والدائرة الموسّعة، لكنها أوضحت أن مقتضيات الوفاق الداخلي تدفعنا الى إجراء تعديلات على موقفنا، لأن قانون الانتخاب موضوع وطني وتوافقي»، وشددت على تطابق وجهات النظر بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي حيال رفض التمديد والقانون الحالي».
وطغى الوضع الأمني على أجواء الجلسة التي كانت منتجة، فجدّد رئيس الجمهورية التنويه بدور الأجهزة الأمنية في إحباط العملية الانتحارية التي كادت تقع في منطقة الكوستا في الحمرا، فيما تطرّق المجتمعون الى الوضع الأمني في البقاع ولا سيما تجدد عمليات الخطف في عدد من المناطق وطلب الرئيس الى الوزراء المعنيين إصدار تعليمات في هذا الخصوص إلى الأجهزة الأمنية للتنسيق الشامل والكامل في ما بينها لمنع أية إساءة الى الاستقرار والأمن في المنطقة.
ونقل وزير الإعلام بالوكالة غطاس خوري عن رئيس الجمهورية دعوته المجلس لعقد جلسات متتالية لإقرار مشروع الموازنة. وعن موضوع التفاوض في الاتفاقات الدولية، شدّد عون على أن هذه من صلاحيات الرئيس حصراً ولا يمكن أن يتولى اي وزير هذه المهمة إلا بتفويض من رئاسة الجمهورية.
وقال الرئيس الحريري في مستهلّ الجلسة إنّ «حكومتنا هي حكومة استعادة الثقة ولن نتساهل في كل ما يوثر على الاستقرار في البلاد»، مؤكداً ضرورة التفاف جميع اللبنانيين حول دولتهم وأجهزتهم الأمنية.
وطمأن وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري الى أن «الوضع الاقتصادي والتجاري والسياحي بخير وبعض التوترات الأمنية لن تؤثر على الحركة التجارية والسياحية والنهوض الاقتصادي الذي انطلق مع وصول عون الى سدة الرئاسة وتأليف حكومة جديدة»، وشدد خوري لـ«البناء» على أن «الوضع الأمني جيد في لبنان مقارنة بدول أخرى تعاني موجات إرهابية مستمرة وأن خطر الارهاب لا يطال دولة بعينها بل هو خطر دولي ولبنان أقل دولة بعدد العمليات بجهود القوى الأمنية التي أثبتت قدرتها على إحباط العمل الإرهابي استباقياً»، داعياً المواطنين لـ«عدم التأثر بحالة الهلع وأن الاقتصاد يتجه نحو الأفضل».
وكان الحريري قد ترأس أمس في السراي الحكومي، اجتماعاً للجنة الوزارية الخاصة بتشغيل محطات المعاينة والكشف الميكانيكي، بحضور وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، وزير العدل سليم جريصاتي، وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري، والأمين العام لمجلس الوزراء فؤاد فليفل.
وقالت مصادر وزارية لـ«البناء» إن «أي اتفاق لم تصل اليه اللجنة التي تدرس الملف من جوانبه كلها وباتت في خواتيمه بعد أن توضحت المعطيات كلها، والأمر يحتاج الى وقت لاتخاذ القرار المناسب»، لكنها أكدت أن «المناقصة الحالية للمعاينة الميكانيكية لن تمر بكامل بنودها».
أمّون في قبضة الجيش
ورغم انشغال السياسيين في قانون الانتخاب، كانت عيون الجيش اللبناني تترصد عبد الحكيم أمون، أحد أخطر الارهابيين الذي ينتمي الى تنظيم داعش وسقط في قبضة الجيش عبر كمين محكم في بلدة عرسال. ويعتبر الموقوف صيداً ثميناً بالنسبة لما يمتلكه من معلومات كما وشارك بالمعارك ضد الجيش وبقتل عسكريين ومدنيين. وهو شقيق الموقوف الارهابي أحمد أمون المقلب بالبريص.
اللواء
صدمة عون في مجلس الوزراء: الفراغ لا التمديد
لقاء بعبدا الرباعي أسير المراوحة.. والأولوية المسيحية للتشريع الإنتخابي
هل أصبح الفراغ هو الخيار بين قانون الستين أو التمديد للمجلس النيابي الذي يكون قد مضى على انتخابه ثماني سنوات حتى 21 أيار المقبل؟
ليس مرد هذا التساؤل موقف الرئيس ميشال عون في جلسة مجلس الوزراء الذي فاجأ المجتمعين، وشكل أو اهتزاز، ستتبعه مخاوف مما ستؤول إليه الأوضاع، لو تبين بالتجربة أن الطبقة السياسية عاجزة عن إنتاج قانون انتخابي جديد. ومن معالم الأزمة التي حذّرت منها «اللواء» في عددها أمس، أن عدداً من الوزراء الذين حاولت «اللواء» تسجيل آرائهم إزاء ما حدث في مجلس الوزراء، أمس، امتنعوا عن الكلام، وآثروا الترقب والانتظار، لكنهم لاحظوا انه لم يكن هناك اي تشنج.
على أن الطبقة السياسية سرعان ما استدركت مخاطر «الدعسات الناقصة»، ولجأت إلى عقد لقاء على مستوى ممثلين للكتل والأطراف، بعد انتهاء جلسة مجلس الوزراء، حضره الوزيران علي حسن خليل وجبران باسيل والنائب علي فياض ومدير مكتب الرئيس سعد الحريري نادر الحريري.
واستمر الاجتماع قرابة الساعتين، وتركز على:
1 – ضرورة الإسراع في إنجاز قانون الانتخاب الجديد، انطلاقاً من الكلام الذي جرى في مجلس الوزراء، واشتراط الرئيس عون وضع قانون جديد للانتخاب قبل تشكيل هيئة الاشراف على الانتخابات.
2 – تداول المجتمعون بالصيغ المطروحة، انطلاقاً من رغبة ممثلي الأطراف الأربعة: حركة «امل» و«التيار الوطني الحر» و«حزب الله» و«المستقبل»، بالتوصل إلى قانون جديد، في ضوء خطاب القسم وبيان حكومة «استعادة الثقة» التي يرأسها الرئيس الحريري.
ومن بين الصيغ التي طرحت في الاجتماع القانون الارثوذكسي والقانون المختلط واقتراح الرئيس نبيه برّي، والصيغة المتداولة لتطوير قانون الستين، بعد إدخال تعديلات تتعلق بعدد مجلس النواب بين 108 و128، وإعادة دمج أقضية ومحافظات، ونقل نواب من منطقة إلى منطقة، على ان تؤسس التقسيمات الانتخابية الجديدة إلى اللامركزية الإدارية وإنشاء مجلس الشيوخ. وفي المعلومات التي تقاطعت مع معلومات «اللواء» أن ممثلي الأطراف الأربعة اتفقوا بصفتهم ممثلي كتلهم على اجراء الانتخابات في ضوء قانون جديد، وهذا هو صلب الموضوع. ولم يتم التوصّل إلى أية صيغة، لكن اجتماعاً عقد ليل امس بين «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» في إطار انضاج ورقة موحدة، على أن يُشارك ممثلون عن «القوات» والحزب التقدمي الاشتراكي في الاجتماعات المقبلة. واتفق على العودة إلى متابعة الأفكار الانتخابية في اجتماع ثان يوم غد الجمعة.
وتحدثت معلومات قريبة من الثنائي المسيحي أن الطرفين يتجهان إلى إبلاغ رئاسة مجلس النواب أن الجلسات التشريعية يجب أن تكون آخرها جلسة اليوم، بحيث يعكف المجلس على العودة إلى مناقشة وإقرار قانون جديد للانتخاب. الا أن مصادر نيابية اعتبرت أن موقف الرئيس بري الذي أعلنه امام نقابة الصحافة، من انه لن يسير بأي صيغة انتخابية لا ترضي أي طائفة من الطوائف، يؤشر إذا ما وضع بموازاة موقف الرئيس عون والنائب وليد جنبلاط، إلى ان البحث عن صيغ انتخابية دخل في دائرة الصعوبات. والتقى المشاركون الأربعة في الاجتماع بعد الانتهاء منه عند نقطتين: الأولى تتعلق بأن البحث ليس اختصار المجلس النيابي، ولا هو اقصاء لأي طرف، والنقطة الثانية تتعلق باستبعاد أي صيغة تشعر من خلالها أية طائفة انها مغبونة في حقوقها التمثيلية.
مجلس الوزراء
وبالعودة إلى جلسة مجلس الوزرا؛ء، فقد وصف وزير الاقتصاد رائد خوري الجلسة بأنها كانت إيجابية. وقال لـ«اللواء»: «الانتخابات ستحصل، لكن الأكيد ليس على قانون الستين»، مشيراً إلى انه إذا كانت هناك إرادة وطنية مشتركة فانه يمكن الوصول إلى قانون جديد خلال الفترة المتبقية قبل موعد دعوة الهيئات الناخبة.
وحول ما دار في الجلسة، كشفت المصادر أن الرئيس عون رفض ادراج بند تعيين عشرة أسماء في هيئة الاشراف على الانتخابات، طرحها وزير الداخلية نهاد المشنوق في إطار واجبه الدستوري، وقال موجهاً حديثه إلى المشنوق: «حكيت معك، لكني لست موافقاً على طرح هذا الموضوع، لأن واجباتنا تقضي بإنجاز قانون قبل البحث في الهيئة، وإذا ما خُيّرت بين التمديد للمجلس والفراغ، فسأختار الفراغ». وتابع: «أنا اقسمت على الدستور وأديت اليمين، واتفق كل الفرقاء السياسيين على اعداد قانون انتخابات، فإذا لم نتمكن من إنجازه بعد ثماني سنوات، فأين هي فعاليتنا وصدقيتنا؟». وبعد ذلك توقف النقاش حول الموضوع، واستكمل جدول الأعمال، ووافق المجلس على إعادة إطلاق الدورة الأولى لتراخيص التنقيب عن النفط والإعلان عن الانضمام إلى مبادرة الشفافية في مجالات الصناعات الاستخراجية.
وكانت هناك نقطة أثارت اهتمام الوزراء تتعلق بما سمعوه من الرئيس عون في ما خص المحكمة والاتفاقات الدولية، من زاوية ان المعاهدات هي من صلاحية رئيس الجمهورية ولا شأن للوزراء بهذه المهمة الا بتفويض منه، مشدداً على وجوب ان تصدر المحكمة الدولية احكامها لأن العدالة المتأخرة ليست بعدالة. وفيما خص النظام المالي لقطاع النفط، فلم يطرح في الجلسة بانتظار إنجاز صياغته من خلال وزارتي المالية والطاقة، فيما حضر الوضع الأمني في استهلالية الرئيس عون والرئيس الحريري وفي التنويه باحباط الاعتداء على مقهى «كوستا» في الحمراء، والتأكيد على التنسيق بين كافة الأجهزة وتنفيذ إجراءات أمنية سريعة لمنع تكرار عمليات الخطف، من دون حاجة إلى خطة أمنية.
ووصفت مصادر معنية كلام الرئيس عون في مجلس الوزراء بأنه جاء للحث على الإسراع في إنجاز قانون الانتخاب. وكشفت ان النقاشات الدائرة في «لجنة الأربعة»، اتسمت «بالجدية وبالنقاش المفتوح من أجل إنتاج صيغة تسمح بصياغة مشروع قانون انتخابي جديد». وإذ اشارت إلى اجتماعات أخرى ستعقد، وصفت المداولات بأنها ليس مغلقة، ومن الممكن ان تسفر عن تقدّم.
موغريني في بيروت
وتتزامن الجلسة التشريعية للمجلس، والتي يفترض ان تستكمل جدول الأعمال، أو ما تبقى منه، مع بدء جولة الممثلة العليا للاتحاد الاوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية فريدريكا موغريني على المسؤولين اللبنانيين، حيث من المقرّر ان تعقد لقاءات مع كل من الرئيس عون والرئيس برّي ووزير الخارجية جبران باسيل. وكانت موغريني وصلت إلى بيروت قرابة التاسعة من ليل أمس آتية من بروكسيل، وانتقلت مباشرة من المطار للقاء الرئيس الحريري الذي أقام على شرفها مأدبة عشاء، في حضور الوزير جان اوغاسبيان ورئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي في لبنان كريستينا لاسن ونادر الحريري، ومستشار الرئيس الحريري للشؤون الاقتصادية مازن حنا والوفد المرافق لموغريني.
وحرصت المسؤولة الأوروبية، بعد انتهاء العشاء قرابة الحادية عشرة ليلاً، على التأكيد بأنه بإمكان الرئيس الحريري ان يعتمد ليس فقط على دعمي الشخصي الكامل، لكنه أيضاً على الدعم الكامل من الاتحاد الأوروبي في هذه الظروف الصعبة، ولكن أيضاً المثيرة.
وقالت انها ناقشت مع الرئيس الحريري دعم الاتحاد الأوروبي للبنان ولكل الشعب اللبناني وكل مؤسسات الدولة، مشيرة إلى ان المناخ السياسي والمؤسساتي الجديد في لبنان يحظى بكل الدعم الذي يستحقه ويحتاجه. ولفت إلى ان الدعم الأوروبي للبنان سيكون في مجالين: استضافة الكثير من النازحين السوريين والاستثمار، في إعادة إطلاق عجلة الاقتصاد، ومضاعفة العمل من أجل احلال الأمن ومحاربة الإرهاب (راجع ص 3).
المصدر: صحف