تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الاثنين 16-10-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
الاخبار:
أميركا «تهدأ» قليلاً… والقاهرة تشترط ادخال مساعدات ومنع خروج الفلسطينيين | تفاصيل «الصفقة الانسانية» برعاية قطر ومصر
ابراهيم الأمين
تتقدّم إسرائيل يوماً بعد يوم وساعة بعد ساعة من إطلاق عدوانها البري على قطاع غزة. لكنّ المعوّقات لا تتعلق فقط بالحسابات التي يراد إقناعنا بها، مثل تدريب القادة على كيفية تجنب إصابة المدنيين كما أبلغ الأميركيون محاوريهم من العرب، بل تكمن أساساً في أن السقف المرتفع الذي وضعه العدو سياسياً، يحتاج إلى عملية برية كبيرة جداً. وعند هذا الحد، يتوقّف المستوى السياسي عن الكلام، ويُترك الأمر لإجابات المستوى العسكري، حيث يتضح أن القادة العسكريين لا يريدون أي مفاجأة في طريقهم، لذلك يفترضون أنه يجب ممارسة المزيد من القصف ليس لإخلاء السكان من شمال غزة فقط، بل لتوفير درجة عالية جداً من الدمار، فيما تشير مصادر معنية بالاتصالات إلى أن إسرائيل طلبت دعماً عسكرياً أميركياً خاصاً، ولا سيما مخزوناً كبيراً من القذائف المخصّصة لضرب الأنفاق.
إلى ذلك، تفيد المصادر بأن الحكومة الإسرائيلية التي لا تشهد توافقات تامة حول آليات العمل عسكرياً، تواجه تحدياً يتمثل في إصرار الولايات المتحدة على إفساح المجال أمام هدنة مؤقتة، يجري خلالها إتمام «صفقة إنسانية»، تهدف الولايات المتحدة من خلالها إلى تأمين خروج حاملي الجنسية الأميركية وجنسيات أخرى من سكان القطاع، وإطلاق الأسرى الأميركيين.
وعلمت «الأخبار» أن الجهد الأساسي الذي تبذله الولايات المتحدة مع مصر وقطر يتركّز على هذه النقطة. وقد عُرض على قطر مشروع اتفاق يقضي بإطلاق الأسرى المدنيين كافة، بمن فيهم الأميركيون وإفساح المجال أمام خروج «الأجانب» من القطاع، مقابل إدخال مساعدات طبية وغذائية إلى غزة. وفي المعلومات أن القطريين الذين أبلغوا حماس بالمقترح الأميركي عادوا بأسئلة وأجوبة لم تعجب الأميركيين، مثل:
أولاً، تطلب «حماس» تسليمها قائمة بأسماء من تقول أميركا ودول أوروبية أخرى بأنهم في عداد الأسرى الموجودين في القطاع، والتثبت من كونهم مدنيين أو عسكريين كانوا يقاتلون إلى جانب جيش الاحتلال خلال عملية «طوفان الأقصى». ومن يتبيّن أنهم من العسكريين فإن مصيرهم سيكون مرتبطاً بصفقة التبادل مع الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو.
ثانياً، تنفي «حماس» وجود إحصاء شامل لكل الأسرى في القطاع، وقد يتبيّن بعد التدقيق أن من تطالب بهم أميركا قد لا يكونون ممن تم إدخالهم إلى القطاع، وربما كانوا من بين المفقودين الذين لا يزال جيش الاحتلال يبحث عنهم في مستوطنات غلاف غزة.
ثالثاً، تقول «حماس» إن الأسرى ليسوا موجودين جميعاً بيدها أو بيد طرف واحد، وإنهم موزّعون على عدد من الفصائل والمجموعات العسكرية، وإن من سلّمهم المواطنون إلى قيادة الحركة ليسوا كل من تم نقلهم إلى القطاع.
رابعاً، عملية إحصاء كل من هم في عداد الأسرى داخل القطاع تحتاج إلى آلية تتطلب وقتاً غير قصير، وبحثاً يشمل كل القوى والأمكنة، خصوصاً أن عدداً من الأسرى قُتلوا في الغارات التي شنّها العدو، وقد يكون بعضهم لا يزال تحت الأنقاض، خصوصاً من لم تُعرف الجهة التي تحتجزهم.
خامساً، تريد «حماس» هدنة مريحة لا تقتصر على ست ساعات كما يعرض الأميركيون والإسرائيليون، وأن يصار إلى وضع ترتيبات تضمن المساعدات الإنسانية المباشرة مقابل إطلاق المدنيين من الأسرى، وأن العملية الإنسانية يجب أن تكون مضمونة ومقبولة أيضاً، وأن يسمح لأطقم طبية من خارج القطاع بالدخول مع مساعدات كبيرة تحتاج إليها المستشفيات الفلسطينية من جهة، وسيارات إسعاف مجهّزة لنقل أكثر من أربعة آلاف جريح إلى خارج القطاع للعلاج، ممن تبدي دول عدة استعداداً لاستقبالهم، من بينهم مصر.
سادساً، السماح لقوافل المساعدات الموجودة على الجانب المصري من معبر رفح بالدخول إلى القطاع، والوصول بشكل آمن، وضمان عدم تعرضها للقصف، والسماح بتوزيعها على المحتاجين في كلّ مناطق القطاع، وكل ذلك يتطلب وقتاً لا يمكن حصره بساعات محدودة.
التحفّظ المصري
في هذا السياق، أبدى الجانب المصري استعداده للمساعدة، وقالت مصادر رسمية مصرية لمسؤولين في الفصائل الفلسطينية وفي قطر وتركيا إنها جاهزة لاستقبال كل المساعدات الطبية والإغاثية ونقلها إلى القطاع. وأبلغ الرئيس عبد الفتاح السيسي وزير الخارجية الأميركي والقيادات العسكرية المصرية بأنه يجب اتخاذ الإجراءات التي تضمن حصر الخارجين من القطاع بلوائح تُقدم له من قبل الأميركيين وحماس، وأن يصار في الوقت نفسه لانتقال هؤلاء إلى نقل المساعدات، وأن أي محاولة لقيام العدو بفتح النار لترويع الناس ودفعهم إلى المغادرة نحو مصر ستوقف العملية، وأن القرار واضح برفض دخول «أي نازح أو مهجّر» من القطاع إلى مصر.
وعلمت «الأخبار» أن مسؤولين من مصر وتركيا وقطر أبلغوا جهات عدة في غزة وبيروت بأن الضغط لتحريك الملف الإنساني قائم بقوة، وأنه سيصار إلى فرض هذه الخطوات على الإسرائيليين. وقال هؤلاء إن المحادثات التي جرت مع الجانب الأميركي ركّزت على هذه الخطوة. وبحسب ما علمت «الأخبار»، فإن تعمّد هذه العواصم إبلاغ حزب الله بالأمر، سببه أن الولايات المتحدة طلبت منهم حثّ الحزب على «عدم التورط» في الحرب، وأن هذه الرسائل وردت بعدما تلقّت دوائر غربية معلومات بأن الحزب يربط تدخله ليس بتوسيع العملية العسكرية ضد القطاع فقط، بل بتعمّق الأزمة الإنسانية فيه.
«حماس» تطلب وقتا لإحصاء الاسرى والتثبت من عددهم وجنسياتهم والتمييز بين المدنيين والعسكريين… وساعات قليلة لا تكفي!
هل فشلت محاولة الحلف العربي مع إسرائيل؟
من جهة أخرى، قال دبلوماسي عربي لـ«الأخبار» إن جانباً رئيسياً من جولة وزير الخارجية الأميركية أنتوني بلينكن على مصر والسعودية وقطر والأردن، تركّز على البحث في إمكانية قيام حلف سياسي تقوده الولايات المتحدة وتشارك فيه تركيا، يعمل على «استثمار العمليات التي تشنّها إسرائيل ضد عدونا المشترك حماس«. وقالت المصادر إن الولايات المتحدة التي حصلت على موافقة متوقّعة من جانب الإمارات العربية المتحدة والمغرب، فشلت في الحصول على موافقة مصر والسعودية، وإن الأردن نفسه كما الرئيس الفلسطيني محمود عباس رفضا المقترح، وإن كان لكل منهما حساباته الخاصة.
وبحسب مصدر في قوى محور المقاومة، فإن هدف المقاومة الإستراتيجي في منع تهجير غزة أو كسر المقاومة في القطاع، تقاطع للمرة الأولى مع مصالح «قُطرية» لدول وعواصم لا تؤيّد المقاومة. وأشار إلى أن الأردن كشف عبر حديث صريح لملكه ووزير خارجيته عن خشية كبيرة من أن التحالف المنشود يستهدف أساساً تغيير الوقائع الديموغرافية في المناطق الفلسطينية وليس التغيير السياسي، وأن فكرة النزوح تستهدف فرض حالة تهجير ستفجّر الأمور أكثر داخل الشارع الفلسطيني، وأن مصر لا يمكنها السير بالخطة، كما أن ملك الأردن، يرى في الأمر تمهيداً لتهجير جزء كبير من أبناء الضفة الغربية إلى شريط ملاصق للأردن، وتحميله مسؤولية إدارتهم، بما يجعل الأردن خلال عشر سنوات على أبعد تقدير «الوطن البديل». فيما قال عباس إن المشروع يطيح بما تبقّى من السلطة الفلسطينية، ويجعلها قوة قمع في الفترة المقبلة، خصوصاً أن المشروع الأميركي يقوم على تسليم القطاع لسلطة رام الله بعد الغزو البري، وأن على أجهزة السلطة الفلسطينية ضمان عدم بقاء مقاتلين لحماس وبقية الفصائل، وهو ما فسّره المصريون بأنه دعوة إلى حرب أهلية فلسطينية.
وبحسب إعلاميين رافقوا الوزير الأميركي، فإن خطته السياسية فشلت، وإنه شعر بوجود ضغط في الجانب الإنساني، لذلك وعد بخطوة في هذا الاتجاه، وأعلن لاحقاً عن تكليف السفير السابق ديفيد ساترفيلد بالمهمة. علماً أن الخطوة لا تعكس جدية أميركية، خصوصاً ان ساترفيلد من خارج الإدارة، وسيكون مجرد ساعي بريد لا أكثر، ولا سيما أن بلينكن صارح محدّثيه العرب بأن إدارته ليست في وارد منع إسرائيل من تنفيذ الهجوم البري على القطاع.
ايران بلسان المحور: الوقت ينفد
في غضون ذلك، توسعت دائرة الاتصالات والتنسسيق بين قوى وحكومات محور المقاومة. ويبدو ان التنسيق الميداني قائم على اكثر من جبهة، ويتجاوز ساحتي غزة ولبنان. وفيما تلتزم قوى المقاومة الصمت حيال ما يمكن ان تقوم به ردا على العدوان الاسرائيلي، تولت ايران ادارة الدفة الدبلوماسية. وعلمت «الاخبار» ان طهران تلقت رسائل من الولايات المتحدة عبر اطراف وسيطة من بينها قطر، تدعوها الى البقاء بعيدا عن المواجهة، وان تمارس الضغط على حزب الله لمنع تدخله في المواجهة. وقد رد الايرانيون برسائل مضادة اشارت الى ان تهديدات مقابلة. وبينما يحتار كثيرون في عدم تحدث الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله عن مجريات الامور، كان لافتاً ان وزير الخارجية الايرانية حسين أمير عبد اللهيان تحدث في عدة لقاءات، وتعمد القول إنه ناقش مع السيد نصرالله الوضع. وقال «اطلعت على وجهة نظره، وقال لي ان جميع السيناريوهات مطروحة على الطاولة، وفي اي لخطة يمكن ان يتوسع الصراع».
وحرص الوزير الايراني على القول ان طهران تجد نفسها ايضاً في موقع من يهدد القوى الداعمة لاسرائيل بأنها لا تقدر على القيام باي امر في حال تأخر وقف العدوان. وكرر في حديثين منفصلين بأنها «مسالة ساعات، فاما يقف العدوان والا يكون الاوان قد فات وقد يتوسع الصراع في المنطقة، ولن يكون بمقدور احد السيطرة على الوضع»، في اشارة الى الحديث عن الجبهة الشمالية من جهة وجبهات اخرى ايضا، وهو ما أبدى الجانب القطري اهتماماً به بعدما سمع الكلام مباشرة من الوزير الايراني وتولى نقله الى الجانب الاميركي.
حزب الله: توسيع الردّ على العدوّ وصمت سياسي
تهويل دولي متواصل على لبنان وأسئلة عن المقاومة
تواصلت الاتصالات المكثّفة والرسائل والتحذيرات الدولية من «تدخّل» حزب الله في الحرب الوحشية التي يشنّها العدو الإسرائيلي على قطاع غزة، بالتوازي مع تصاعد حماوة التوتر على الحدود الجنوبية. وفيما غسل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يديه تماماً من أيّ دور يمكن أن تلعبه حكومته، بحجّة أن «قرار السّلم والحرب ليس بيدي ولا بيد الحكومة»، يعتصم حزب الله بصمت تام إزاء التطورات بالتوازي مع رسائل الحدود النارية.
فبعد وقت قليل على الرسائل المباشرة التي وجّهها وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان بأن «الإعلان عن ساعة الصفر لأيّ إجراءٍ مُقبل في حال استمرار جرائم كيان الاحتلال الإسرائيلي هو بيد المقاومة اللبنانية»، أصدرت الرئاسة الفرنسية بياناً شدّدت فيه على أنّ على «اللبنانيين وحزب الله أن يبقوا في منأى من النزاع، معربة عن «قلق بالغ حيال الوضع المتوتّر على الحدود اللبنانية».
وقالت مصادر سياسية بارزة إن «الحكومة اللبنانية تتلقّى يومياً اتصالات من مسؤولين أميركيين وأوروبيين يدعون إلى الضغط على حزب الله لكي لا ينخرط في المواجهة»، مشيرة إلى أن ميقاتي «ينقل هذه الرسائل إلى الحزب من دون الحصول على أي جواب». فيما تتواصل الاتصالات على كل المستويات، وفي مختلف العواصم المعنية، لاستكشاف موقف الحزب من التطورات. وفي هذا السياق، يزور بيروت بدءاً من اليوم كل من وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا ووزير الخارجية التركي حقان فيدان، فيما علمت «الأخبار» أن مسؤولاً في وزارة الدفاع البريطانية سيصل إلى بيروت. كما تنشط السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا، وتكثّف حراكها في اتجاه المسؤولين اللبنانيين وكل القنوات المحتملة مع الحزب، داعية إلى عدم استخدام الجنوب ضد إسرائيل، ومهدّدة بأن «الرد سيكون قاسياً».
داخلياً، تمنّى النائب السابق وليد جنبلاط، بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، أن «يبقى لبنان خارج هذه الدائرة إلا إذا أصرّ العدو الإسرائيلي على الاعتداء، واليوم نلاحظ الاعتداء اليومي على لبنان من قبل إسرائيل، وما يجري رهيب». فيما شدّد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على أنه «لا سلام مع إسرائيل من دون مزارع شبعا والجولان وعودة اللاجئين الفلسطينيين». وتوجّه إلى مَن يسأل عن «علاقة لبنان بكل الذي يجري لنقحِمَه ضد إسرائيل» بالقول: «فلينظر إلى شهداء الإعلام وجرحاه في جنوب لبنان منذ يومين، وإلى كل الاعتداءات الإسرائيلية على البلد، والتي ردعتها بسالة المقاومة». واعتبر عضو المجلس المركزي في حزب الله، الشيخ نبيل قاووق، أن العدوان الإسرائيلي على غزة هو «تهديد للأمن القومي في لبنان»، وأن أهداف ونتائج العدوان على غزة، «تتجاوز غزة لتصل إلى لبنان وسوريا وكل المنطقة». وشدّد على أن «أي عدوان إسرائيلي على لبنان في أي زمان ومكان سيقابل بالرد القاسي والعاجل».
ميقاتي ينقل الرسائل الدولية إلى الحزب من دون الحصول على أي جواب
ميدانياً، سيطر التوتّر أمس على طول الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، وواصلت المقاومة استهداف مواقع وتحصينات إسرائيلية في مزارع شبعا المحتلة وتلال كفرشوبا والمطلة – مسكفعام، واستهدفت المستوطنات في الجليل الغربي وفي القطاع الساحلي الغربي بعدد كبير من الصواريخ. وأعلن حزب الله أنه في سياق الرد على الاعتداءات الإسرائيلية التي استهدفت الصحافيين وأدّت إلى استشهاد الصحافي عصام عبدالله وجرح آخرين، والقصف الذي أدّى إلى إصابة منزل في شبعا واستشهاد مواطنَيْن، استهدف أمس مركزاً لجيش العدو في منطقة شتولا بالصواريخ الموجّهة، ما أدّى إلى وقوع عدد من الإصابات بين قتيلٍ وجريح. وفي السياق نفسه، هاجمت المقاومة عصراً ثكنة حانيتا الصهيونية بصواريخ موجّهة، ما أدّى إلى إصابة دبابتي ميركافا وناقلة جند مجنزرة وسقوط عدد من القتلى والجرحى. كما هاجمت المقاومة موقع الراهب بالأسلحة المباشرة والمناسبة، ثم أعلنت استهداف دبابة ميركافا في الموقع عينه بصواريخ موجّهة، ما أدّى إلى إصابتها إصابة مباشرة ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح. كذلك هاجمت خمسة مواقع إسرائيلية حدودية هي جل العلام، بركة ريشا، موقع راميا، موقع المنارة وموقع العباد، وتمّ تعطيل الكاميرات والتجهيزات الفنية الإسرائيلية المثبتة على جدار مستوطنة المطلة.
وأقرّ جيش العدو بتعرّض مواقعه للهجمات، واعترف بسقوط قتيل وإصابة عدد آخر.
اليونيفل تضلّل
كعادتها، انحازت قوات «اليونيفل» إلى العدو الإسرائيلي بعد استهداف فريق من الصحافيين في بلدة علما الشعب، الجمعة الماضي، ما أدى إلى استشهاد الزميل في وكالة «رويترز» عصام عبدالله، وإصابة ستة زملاء آخرين. ففي بيانٍ تضليلي صدر السبت الماضي، ذكرت القوت الدولية أن «إسرائيل ضربت موقعاً يبعد حوالي 2.5 كيلومتر عن علما الشعب، وسمع جنودنا على بعد بضعة كيلومترات إطلاق نار وانفجارات بعد ذلك»، مدعيةً أنّه «لا يمكن التحديد كيف أصيبت مجموعة من الصحافيين الذين كانوا يغطون الأحداث، وإذا استمر الوضع في التصعيد، فَمِنَ المرجّح أن نرى المزيد من هذه المآسي…».
وفيما أثارت محاولة تجهيل الفاعل من قبل «اليونيفل»، استياءً في الوسط الإعلامي، واستدعت بيانات شجبٍ أبرزها من العلاقات الإعلامية في «حزب الله»، أطبق الصمت على لبنان الرسمي حيال هذا التحريف الفاقع للحقيقة، فلم يعمد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أو أي من وزيري الخارجية والإعلام، عبدالله بوحبيب وزياد مكاري، إلى مطالبة قيادة «اليونيفل» بتصويب بيانها. علماً أن الجيش اللبناني أوضح أن تحقيقاته أكدت أن القصف على سيارة الصحافيين تم من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي وأن السيارة الصحافية كانت ملتزمة بالإشارات التي تدل على هوية راكبيها.
وكان المقر العام لقوات الطوارئ الدولية في الناقورة تعرّض أمس لسقوط صاروخ لم يسفر عن إصابات. وقال الناطق الرسمي باسمها أندريا تيننتي إنه يتم التحقّق من مصدره، مشيراً إلى «مواصلة العمل مع السلطات على جانبي الخط الأزرق لتهدئة الوضع».
حربٌ إلى النهاية
هناك مقولةُ في عالم الأعمال بأنّ الحروب والأزمات في منطقتنا شرق المتوسّط لا تؤثّر بشكلٍ جدّيٍّ على البورصة والأسواق العالمية. «ما يحصل في شرق المتوسّط يظلّ في شرق المتوسّط»، قال أحدهم. هذا قد يكون صحيحاً من ناحية أنها بقعةٌ لا تمتلك نفطاً أو مواردَ طبيعية، ولا تقع على طريقٍ تجاري رئيسي، ولا تلعب دوراً أساسياً في الاقتصاد العالمي. ولكن، من ناحيةٍ أخرى، فإنّ الحروب حول فلسطين كان لها دوماً مغزى سياسي يتجاوز أهميتها الظاهرة. منذ حرب الـ56 ووصولاً إلى حرب تمّوز، كان كلّ حدثٍ «فلسطيني» و»مشرقي» هو أيضاً حدثاً عالمياً، بمعنى أنّه كان يؤشّر إلى تحوّلٍ كبيرٍ ما يحصل على مستوى الكوكب وموازين القوى. مرحلةٌ جديدة تعلن عن قيامها هذه الحرب «المحلية»، أو تترجمها، أو حتّى تقودنا إليها.
الصورة وما خلفها: «السابع من أكتوبر»
الصّورة الأولى، بالطبع، هي ضربة السّابع من أكتوبر. خرجت نظريات مؤامرة، بين العرب وغيرهم، بمعنى أنّ القيادة الإسرائيلية كانت على علم بالهجوم وقد «سمحت» به عن قصد. هذا طبيعيّ، ونحن شعبٌ توحّده هواية البحث عن المؤامرات واكتشافها واختلاقها، فكيف لا تخطر المؤامرة في بالك حين ينجح هجومٌ معقّد، مثل السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، بهذا الشكل المذهل؟ المفاجأة الكاملة، التخطيط، التنفيذ، كلّ شيءٍ قد نجح بشكلٍ لا يُصدّق. تمكّن المقاومون من الاختراق في كلّ المحاور، دخلوا مقرّ فرقة غزّة! لا يمكن لفشلٍ إسرائيلي وهزيمة أن يكونا أكثر وضوحاً.
العسكريّون سيجمعون لسنواتٍ قادمة تفاصيل تلك العمليّة، وكيف عطّل الفلسطينيون أنظمة المراقبة والدفاع الآلي، وكيف عبروا السياج إلى الجانب الآخر، وانتظروا قدوم الدبابات كي يضربوها من حيث لا تحتسب. وكيف تمّ الحفاظ على سرّيّة خطّةٍ بهذا الحجم، جرى الإعداد لها لأشهرٍ وبمشاركة الآلاف. ولكن، الآن في الحرب، السؤال الأساسي هو عن خطّة «اليوم التالي»: أنت تستغلّ عنصر المفاجأة في الحرب وتضرب الضربة الأولى لكي تحصّل امتيازاتٍ تسمح لك بحسم المعركة، أن تدمّر قوات رئيسية للعدوّ، مثلاً، أو تحتلّ أرضاً أو تمسك نقطةً محوريّة… من هنا، تعدّدت التفسيرات، منذ اللحظة الأولى، حول الهدف الفعلي لـ»حماس» من تنفيذ الهجوم. هل هو جزءٌ من خطّةٍ أوسع لا تقتصر على غزّة؟ هل هي فرصةٌ قد سنحت للتنفيذ فتمّ اغتنامها؟ أم، حتى، هل هو «عملية» قد نجحت أكثر ممّا كان متوقّعاً لها؟
أنا أميل إلى تفسيرٍ يقول بأنّ «حماس» والمقاومة تريدان، عن قصدٍ، استدراج العدوّ الى عملٍ برّيٍّ في غزّة. والعدوّ لن يجتاح غزّة الّا إن قمت بفعلٍ «كبير» يجبره على ذلك. نحن لا نعرف ولكن، إن كانت لديهم ثقة في قدرتهم على خوض حربٍ دفاعيّة، ومعهم عشرات الآلاف من المقاتلين في الأنفاق والتحصينات، حيث لا يكاد ينفع الطيران، فقد تنجح في تحقيق ما لم نتمكّن من فعله في بيروت. في هذه الحالة، فإنّ السيناريو الأسوأ قد لا يكون في الحرب والمواجهة، بل في استمرار الوضع كما كان عليه: أن تكون المقاومة «حاكمة تحت الحصار»، وإسرائيل تخسر حفنة من الجنود سنوياً مقابل عزل غزّة، ويتم استنزافها ببطءٍ فيما التطبيع يسير عربيّاً. ويتمّ «الاعتياد» على الحصار كحالة دائمة إلى درجة أن يُقام، بكلّ شعورٍ بالأمان، حفل موسيقي صاخب على مرمى حجرٍ من القطاع. كلّ هذه الافتراضات قد انتهت إلى غير رجعة. وحين تندفع إسرائيل إلى خيار الغزو، وتبدأ بدرسه وفهم الخطوات التي أمامها، ستفهم بسرعة حجم الورطة. فلنفترض «السيناريو الأقصى»، وأن الجيش الصهيوني قد نجح – بشكلٍ ما – في احتلال غزّة وقمع «حماس» وفصائل المقاومة بالمعنى الرّسمي الظاهر. هنا، كيف ستحكم مليوني فلسطيني الكثير منهم مدرّب ومنظّم وعدوّه منذ ولد هو الاحتلال؟ سوف تحتاج إلى أكثر من خمسين ألف جنديٍّ بشكلٍ دائم للسيطرة على غزّة وحراستها، وبدلاً من أن يخسر جيشهم خمسة جنود في السنة سوف يُقتل خمسة في كلّ يوم. من هنا، وليس من حاسّة الانتقام والكراهية وحدها، بدأت تخرج في إسرائيل، بسرعةٍ، الطروحات الإباديّة من نوع تهجير أهل غزّة ونقلهم إلى مصر ومحاصرتهم بالمجازر، فيما سلاح الجوّ يجعل من القطاع بأكمله مكاناً غير صالحٍ – بعد الحرب – للسكن والحياة.
مفاجأة كاملة: التخطيط، التنفيذ، كلّ شيءٍ نجح بشكلٍ لا يُصدّق. لا يمكن لفشلٍ إسرائيلي وهزيمة أن يكونا أكثر وضوحاً
حاملات الرسائل
الصّورة الثانية كانت دخول الأساطيل الغربية مياهنا مهدّدة. نعرف جميعاً أنّ إسرائيل لا تحتاج إلى «دعمٍ» من أميركا، أو مزيدٍ من الطائرات أو التكنولوجيا في وجه «حماس» ومن معها. هذه البوارج هي رسائل واضحة للعالم وللإنسان العربي، مفادها أنّ إسرائيل هي بلد من دول «المركز»، وليست بلداً تافهاً مثلك. هي كأنها جزءٌ من الـ»ناتو»، وسيأتون بأنفسهم للدفاع عنها إن تعرّضت لأيّ تهديد. إسرائيل، من غير شكّ، سوف تستغلّ الحرب لكي تحاول توريط أميركا في شيءٍ أكبر، ولكن واشنطن قد لا تريد خوض حروب تختارها لها إسرائيل. مع ذلك، هم أرسلوا سفنهم ليقولوا للصهاينة إنهم يضمنون أمنهم، ثمّ أعطوا قادة إسرائيل إذناً مطلقاً بأن يفعلوا ما يريدونه في غزّة، ولو كان خيارهم الإبادة.
لا بدّ من أنّ رد الفعل الأساسي لدى محمّد بن سلمان، حين يراقب هذه الصّورة، هو الحسد. إن كان يمكن تلخيص سياسات ابن سلمان في السنوات الماضية، فهي تتمحور حول هذه النقطة تحديداً: أن تنتقل السعوديّة إلى موقعٍ في «المركز»، سياسياً واقتصادياً، وأن يتمّ الاعتراف بها كذلك. أن لا تظلّ بلداً «طرفياً»، دوره الوحيد في النظام العالمي هو تصدير النفط والرساميل، مثل كازاخستان. بلدٌ يعيش على وقع أسعار النفط وستنتفي أهميته فوراً مع نضوبه. أو يُترك «وحيداً»، كما اشتكى النظام السعودي، لكي يهزم في اليمن وتُضرب عاصمته ومنشآته الحيوية. مشروع التطبيع السعودي مع إسرائيل، أو العودة عنه، والشدّ والجذب في العلاقة مع أميركا، وفتح القنوات مع بعض خصوم واشنطن، تفسير هذا كلّه هو في رغبة ابن سلمان بأن تتمّ دعوته إلى «الطاولة»، وليس أي شيءٍ آخر. وهذا ديدن كلّ القوى «الثانوية» التابعة على مرّ التاريخ: أن تطمح إلى الارتقاء في مستوى علاقتها مع الحليف المهيمن. وهذا، في عالمنا، لا يمكن أن يحصل إلا وأنت صديقٌ لإسرائيل وحليف. أمّا على النقيض من طموحات وليّ العهد، فإنّ من يؤمن بالمقاومة يفهم من البوارج الغربيّة قاعدةً قديمة ولكن كثيراً ما يتمّ تناسيها: أنت لا يمكن أن تحرّر فلسطين، أو حتى تفرض على إسرائيل شيئاً، من دون أن تهزم أوّلاً أميركا وتتحرّر منها (أقلّه في إقليمك).
العجوز الحاقدة
الصّورة الثالثة كانت في خروج ذلك التصريح الأوروبي عن قطع كلّ المساعدات عن الفلسطينيين، ووضع شروطٍ سياسية عليهم الالتزام بها (من نمط أن يتعلّموا حبّ إسرائيل وأن يتوقفوا عن كراهيتها)؛ هذا قبل أن يتمّ التّراجع رسمياً عن هذا الطرح. وذلك لم يكن لأنّهم يرون الإجراء خطأً بل لأنه «مستعجل»، لم يحن أوانه بعد. الفكرة هنا واضحة، وهي كانت دوماً واضحة لمن يريد أن يرى: هل كنت تعتقد أنّ هذا المال مجّاني؟ هل صدّقت الأسطورة عن مساعدات من غير مقابل؟ هل كذبوا عليك وقالوا إن النفوذ الأوروبي هو غير النفوذ الأميركي، والأخير غير النفوذ الإسرائيلي؟ كلّ من يعمل لدينا، كلّ من يأكل من مالنا، كلّ من يعيش على أرضنا، سوف تُقدّم له فاتورة سياسية في وقتٍ ما، وسيكون عليه أن يلتزم. حتّى التعبير اللفظي سوف يُحاسب عليه.
المشكلة هنا هي أن الأوروبيين هم آخر من يحقّ له أن يتكلّم مع الفلسطينيين بهذه الطّريقة. لا شيء أسوأ من أن تستمع إلى مسؤول أوروبي أو مسؤولة سويديّة وهم «يؤنّبون» المحاصَرين ويحاضرون فيهم ويطلبون منهم أن «يجلسوا بهدوء» في قطاعهم ولا يزعجوا إسرائيل. هناك أناسٌ كثر قد ولدوا وعاشوا وماتوا في غزّة تحت ظروف الحصار، لم يعرفوا غيرها. وأجيالٌ كاملة تكبر وتنضج في هذه الظروف، أصبح حصار غزّة، وعمره يقترب من العشرين عاماً، أطول مدّةً من حصار العراق. لماذا يمكن أن يقبل أيّ عاقلٍ بالتطبيع مع هذه الوضعية لشعبه؟ كيف يقرّرون أن أولادنا يستحقّون أن يكبروا ويعيشوا بهذه الطريقة؟
أوروبا، العجوز الحاقدة، بدل أن تشعر بالذنب بسبب دورها في فلسطين، تحاضر على شعبها بثقة النرجسي
ما أريد الوصول إليه هو أنّ أوروبا كانت تاريخياً سيئة للغاية مع الفلسطينيين. وهم بدلاً من أن يشعروا بالذنب بسبب دورهم في فلسطين، يحاضرون فيهم بثقة النرجسي. عدا دور الأوروبيين في قيام دولة إسرائيل، ودعمها وتسليحها وتزويدها بتقنيات السلاح النووي، هم كذبوا في ما بعد على الفلسطينيين حين دفعوهم – بضمانتهم – إلى الدخول في عملية سلام، تبيّن أنها خديعة، وأنّ إسرائيل ستستخدمها لسلبهم ما تبقّى من حقوقهم فيما هم «يجرجرونهم» في المفاوضات (وهو ما قاله صراحةً أكثر من قائدٍ إسرائيلي). بعد كلّ هذا التاريخ يصبح هناك شيء ثقيل في أن تشرف أوروبا، للمرة الثالثة خلال أقلّ من قرن، على التطهير العرقي للشعب الفلسطيني.
بعد اليوم، الخيارات ستصبح بطبيعتها أكثر «جذريّة»، والمنطقة الرماديّة ستضيق. لا أحد سينجو والدّور يقترب من الجميع. بعد أن يستفيق الإسرائيليون من الصفعة، فإنّ الدّرس الذي سيتعلّمونه ممّا جرى هو أن يكونوا أكثر عدائيةً معنا وأن لا يسمحوا لتهديدٍ آخر بالنموّ في خاصرتهم. إن كانوا قد خسروا، في يومٍ واحد، عدداً من الجنود يفوق بأضعافٍ ما خسروه طوال حرب تمّوز 2006، فالحساب الصهيوني، من غير شكّ، سيكون أنه من الأفضل أن يُقتل جنوده في حربٍ هجوميّةٍ ضدّ الأعداء، ولا يسمحوا لهم بالدخول عليهم مجدّداً. المجزرة قائمة ولكنّ الحرب الحقيقيّة لم تبدأ بعد. نحن ما زلنا في البداية وكلّ ما نعرفه عن إسرائيل «القديمة» وقواعد النار على الجبهات قد تغيّر، والأيّام القادمة هي أيّام سلاح.
خاتمة
فيما كانت الاشتباكات تدور على جبهة الجنوب، وصواريخ المقاومة تصطاد ما تشاء من أهداف، وتتحكّم في اختيار مستوى الأذى الذي تلحقه بالجيش الإسرائيلي، فكّرت في المسافة التي قطعناها منذ الثمانينيات وما قبلها. وحين كانت أسماء المواقع الإسرائيلية وقرانا الحدودية تُذاع، تذكّرت المرّة الأخيرة التي رأيت فيها تلك الأماكن. اتّصل بي فجأة إبراهيم الأمين طالباً منّي أن أتحضّر في الصباح الباكر للذهاب في جولة. كان يوماً لم يخلُ من الغرابة، كأن تدخل السيارة فتجد رجلاً جالساً في الخلف بصمتٍ يحمل كاميرا يوجّهها إليك، ويصوّرك طوال اليوم ولا يقول كلمةً واحدة. وكل الأمور في حياتي، مذّ دخلت «الأخبار»، أصبحت مجبولةً بقدرٍ من الغرابة (the bizarre). المهمّ، تعرّفت يومها إلى تلك المواقع، وإلى الناس الذين يحفظون اسم كلّ وحدةٍ للعدوّ على الجانب الآخر، ومسار كلّ سيارة، وموقع كلّ جهازٍ للمراقبة. مسؤولٌ في لعبة التضليل القائمة مع الاحتلال، يتحدّث عن إجراءات العدوّ كمن يواجه مشكلة شخصيّة عويصة لا بدّ من حلّها، يهزّ رأسه بعصبيّة «لديهم الكثير من التكنولوجيا، الكثير». الأكمة التي تخفي مربضاً خلفه بابٌ خلفه نفق. المبنى «العادي» الذي تدخله، فتجد قاعةً مرصوفة بشاشاتٍ تعرض كلّ ما يجري على الجانب الآخر من الحدود. ورجالٌ وشباب ما إن يخرجون عن طور العمل حتّى يجلسوا بمرحٍ ويبدأوا برواية القصص من حياتهم المثيرة، عن أيّام المقاومة في التسعينيات أو عن علاقتهم بالحاج رضوان؛ ثم يتضاحكون وهم يطلبون من أحدهم أن يروي ما حصل معه وهو يحاول العبور بالزورق إلى اليمن. هم أيضاً أطعمونا، تناولنا معهم الفطور في مركزٍ قرب الحدود، والغداء في مكانٍ ليس بعيداً عن مدينة صور. الفطور – جلسنا على حصيرٍ بسبب طبيعة المكان – كان لبنانياً تقليدياً متنوّعاً، مع خبز مرقوق طازج، والغداء أيضاً كان مصنوعاً في منزل، وكان هذا أشهى طعامٍ أكلته في حياتي.
اللواء:
جبهة الجنوب تقلق الغرب.. والإليزيه يطلب تدخل إيران
غالانت يدعو حزب الله لإبتعاد متبادل عن الحرب.. والمقاومة تحتفظ بورقة المشاركة
لم يطرأ على المشهد اللبناني ما يشير الى ان وتيرة «الستاتيكو» على المستويات كافة تميل الى الخروج عن الرتابة اليومية، باستثناء المتابعة المقلقة لتطورات الموقف العسكري في الجنوب، سواءٌ في ما يتعلق برد حزب الله على القصف الاسرائيلي لمواقع او تحركات خشية من قلب الوضع في مستعمرات الجليل الاعلى، والبلدات الاسرائيلية من مسكافعام، الى كريات شمونة والمنارة، اضافة الى جبل العلام، وبركة ريشا وموقع راميا والعباد.
واعتبرت مصادر سياسية ان جوجلة لنتائج الاتصالات التي أجراها كبار المسؤولين مع سفراء الدول الكبرى والاقليمية والعربية المؤثرة في المنطقة، لتطويق التوتر المتصاعد على الحدود الجنوبية، لم تبدد اجواء القلق التي تسيطر على لبنان، لان معظم هؤلاء نصح المسؤولين بضرورة الحديث مع حزب الله لمنع الانجرار لأية اعمال قتالية ولتهدئة الاوضاع ومنع تسلل عناصر فلسطينية او غيرها من مناطق سيطرته او اطلاق الصواريخ عبر الحدود اللبنانية، لتفادي ردود فعل وتصعيد من الجانب الاسرائيلي.
وكشفت المصادر انه ليس لدى أيّ من هؤلاء السفراء معطيات او مبادرات من دولهم تبعث على الطمأنينه، وتبدد المخاوف من امتداد شرارة الحرب الدائرة في غزة وحولها، الى الحدود اللبنانية الجنوبية،وأن اهتمامات هؤلاء تركز على دور فاعل للحكومة والسياسيين بضرورة اقناع حزب الله بالبقاء خارج الحرب الدائرة الان، حفاظا على مصلحة لبنان والحزب معا لان المخاطر المحدقة كبيرة جدا، ولا يمكن التكهن بنتائجها وتداعياتها المأساوية.
واستبعدت المصادر ان تحمل وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كورونا في زيارتها الى لبنان اليوم اي مبادرة او مقترحات محددة لضمان ابقاء لبنان بعيدا عن حريق غزّة، لان زيارتها تأتي ضمن جولة تزور فيها عددا من دول المنطقة لمناقشة
التطورات في غزّة، وموضوع المواطنين الفرنسيين المحتجزين لدى حركة حماس، ولكنها ستعبر عن دعم فرنسا للبنان في هذه الظروف، ووقوفها الى جانبه، وتشدد على ضرورة التزام حزب الله بوقف التصعيد وعدم الانجرار لأية اعمال او ممارسات تؤدي إلى زيادة التوتر وتعريض لبنان واللبنانيين لمخاطر هم بغنى عنها.
وحسبما يكشف قياديو حزب الله فإن الحزب يدرس الوضع، ويراقبه، ويدقق مما يحصل من مواجهة وصمود لدى فصائل المقاومة من حماس الى الجهاد، وعندما يحين الوقت، يتصرف مراعياً مصلحة لبنان، وعدم السماح لاسرائيل بتحقيق تقدم او احراز مكاسب في الحرب الدائرة.
وتدل الوقائع على تدحرج الوضع العسكري على طول الحدود الجنوبية، من الناقورة الى شبعا وكفرشوبا في ضوء تبادل القصف بين حزب الله والمقاومة وجيش الاحتلال.
وجاء في بيان المقاومة الاسلامية بأنه في مواصلة للردّ على قتل وجرح الصحافيين في بلدة علما الشعب والمدنيين في بلدة شبعا، هاجم مجاهدو المقاومة الاسلامية امس ثكنة حانيتا بالصواريخ الموجهة مما ادى الى إصابة دبابتين من نوع ميركافا وناقلة جند وسقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف العدو.
وتمكنت مدفعية المقاومة من تعطيل الكاميرات المراقبة والتجهيزات الفنية العائدة للعدو على طول الحدود الجنوبية.
وليلاً استهدفت مسيرة اسرائيلية معادية تلة العويضة غربي كفركلا، بالقرب من مركز للجيش اللبناني، ولم يفد عن وقوع اصابات.
واعلن وزير الدفاع الاسرائيلي يواف غالانت بأن اسرائيل ليس لها مصلحة في شن حرب على جبهتها الشمالية. وقال لـ «حزب الله»: «اذا لجمتم انفسكم فنحن سنفعل ذلك ايضاً، وهذه الحرب قاتلة، وستغيّر وجه المنطقة الى الأبد».
ولا تقتصر الهواجس من فتح جبهة الجنوب على اسرائيل والولايات المتحدة بل يتعداه الى اوروبا الغربية ككل.
وفي هذا الاطار، حذر الرئيس الفرنسي، قبيل ايفاد وزيرة خارجية بلاده الى المنطقة، ومنها لبنان ضمناً، الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي، خلال اتصال هاتفي بينهما، من اي تصعيد او توسيع للنزاع بين اسرائيل وحماس، خصوصا في لبنان. وكان وزير الخارجية الايراني امير حسين عبد اللهيان قال من الدوحة: إن لم يقف العدوان على غزة فاتساع جهات الحرب غير مستبعد.
سياسياً، أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» أن التركيز على متابعة تطورات الجنوب وانعكاساتها يجب ألا يصرف النظر عن ملف النزوح انطلاقا من التدابير التي تم اتخاذها وتستدعي استكمالها وتوقفت عند تأكيد مجلس الوزراء الأخير على أن هذا الملف سيحضر بشكل دائم في كل جلسة حكومية.
ورأت هذه المصادر أن قسما من الاتصالات واللقاءات المحلية التي تحصل تصب في سياق استشراف المرحلة المقبلة في ظل هواجس اللبنانيين من توسيع دائرة المواجهات في الجنوب.
إلى ذلك افادت أوساط مراقبة لـ «اللواء» أن الحوار بين حزب الله والتيار الوطني الحر معلق في الفترة الراهنة ملاحظة قيام اتصالات بين الطرفين بعيدا عن ملف الرئاسة ولا يمكن اعتبارها تنسيقية.
وفي اطار المواقف، قال النائب السابق وليد جنبلاط بعد لقاء الرئيس نبيه بري في عين التينة: نتمنى ان يبقى لبنان خارج الصراع، الا اذا اصر العدو على الاعتداء».
وتطرق رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى ما جري في غزة ولبنان، فطرح معادلة، لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا، وخاطب من يراهن على «اجتياح اسرائيل للبنان ستنتظر طويلا لحظة لن تعود».
مضيفاً، مراهناتك الفاشلة لم تثبت فشلك فضلا، بل آذت مجتمعاتنا ووطننا.
وفي محاولة للاستثمار الرئاسي في الحرب الدائرة، دعا باسيل الى ان «ننتخب رئيساً بالتفاهم الآن، من دون انتظار نتائج الحرب التي ستطول..». مذكرا مما اسماه «معادلة الداخل»… مشددا على ان من يظن ان تسويات او اتفقيات او احداث خارجية كأحداث غزة تفرض علينا رئيساً فهو واهم.
واعلن النواب السنّة الـ18 الذين شاركوا في لقاء «نصرة لغزة وفلسطين»، واستهل بقراءة الفاتحة عن أرواح الشهداء، على الحق الوطني للشعب الفلسطيني في ارضه وعاصمتها القدس، والتأكيد ان لا حياد تجاه حقوق الشعب الفلسطيني.
والتّنديد بسياسة القتل الجماعيّ، والقصف العشوائيّ للأحياء السّكنيّة، التي تمارسها القوّات الصّهيونيّة المحتلة على أرض فلسطين، بدعمٍ غربي واضحٍ للعيان، وهذا أمرٌ مستنكرٌ ومرفوضٌ ومدانٌ منْ كلّ الشّعوب العربيّة والإسلاميّة، والشّعوب المحبّة للسّلام، هذا الدّعم اللامحدود، أدّى إلى تدمير بيوت الآمنين ومدارسهمْ، ومستشفياتهمْ، ومساجدهمْ، وكنائسهمْ، في عمليّة عقابٍ جماعيّ، وتدمير همجيٍ أعمى.
البناء:
نتنياهو يهرب من العملية البرية إلى مشروع الترانسفير فتستنفر مصر والأردن
عبد اللهيان ينقل تحذيرات نصر الله إلى الدوحة: توقّف القتل أو الحرب الكبرى
المقاومة ترفع وتيرة العمليات عبر الحدود وتوقع قتلى وإصابات في جيش الاحتلال
كتب المحرّر السياسيّ
مع حلول اليوم العاشر للحرب التي وعد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بأنها حرب برية ضد حركة حماس، لم تبدأ الحرب البرية، وقد وظّف نتنياهو الدعم الغربيّ العنصريّ الذي تلقاه بعد زلزال طوفان الأقصى، لشنّ حرب إبادة على سكان غزة، معتمداً التدمير المنهجي للمباني والمساكن وترويع المدنيين بالقتل بدم بارد، حتى زادت المنازل المدمّرة عن عشرة آلاف وزاد مجموع الشهداء والجرحى عن خمسة عشر ألفاً. وكشف نتنياهو مشروعه البديل عن الحرب البرية التي بات ثابتاً أن جيشه يخشى خوضها ضد قوى المقاومة، بمشروع تهجير سكان غزة إلى مصر، ما تسبّب باستنفار مصري أردني رفضاً لمشروع قديم جديد هو مشروع الترانسفير الذي يبدأ بغزة وتهجير سكانها إلى مصر ويتبعه تهجير الضفة الغربية إلى الأردن، وقد بدأ الموقف العربي الرسمي الذي قدم مساندة سياسية لنتنياهو عبر موقف يساوي المقاومة بالإرهاب الصهيونيّ، أي بين الضحية والجلاد كما ورد في بيان وزراء الخارجية العرب بعد عملية طوفان الأقصى، فيما بدأ الشارع العربي ينهض ويتحرّك بقوة وكانت تظاهرات العاصمة الأردنية ولحقتها الرباط عاصمة المغرب، حيث خرج أمس مئات الآلاف يهتفون لغزة ورفض التطبيع، وبرز تحرّك سعودي مصري أردني عنوانه تسريع وقف النار وتأمين المساعدات لغزة وفك الحصار عنها، وتعمّدت القاهرة والرياض تظهير طريقة إبلاغ وزير الخارجية الأميركية لهذا الموقف بصورة تشير الى بدء تفكك جدار الدعم السياسي الذي حظي به نتنياهو بعد عملية طوفان الأقصى.
بالتوازي كان وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان يُنهي زيارته للدوحة، حيث نقل ما وصفه بالغليان في إيران ولدى قادة محور المقاومة، لافتاً الى أن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رسم المراحل والخطوط الحمراء لكل منها، وأنه إذا لم تفلح مساعي وقف مذبحة غزة خلال أيام أو خلال ساعات فإن الأمور سوف تخرج عن السيطرة، وأنه إذا تدخل حزب الله فإن خارطة المنطقة سوف تتغير.
على حدود لبنان الجنوبية واصلت المقاومة تصعيد وتيرة هجماتها على مواقع جيش الاحتلال، بما بدا أنه توسيع تدريجي لمدى المعركة ومستواها، استعداداً للحظة صدور قرار الانتقال إلى مرحلة أخرى من الانخراط في حرب غزة. وقد تعرّضت ثمانية مواقع لجيش الاحتلال على طول خط الحدود وبعمق عدة كليومترات، لصواريخ المقاومة من أنواع مختلفة، أوقعت عدداً من القتلى والجرحى.
تصاعدت وتيرة التوتر على الجبهة الجنوبية مع فلسطين المحتلة في ظل تكثيف المقاومة عملياتها ضد مواقع الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود بالتوازي مع اقتراب جيش الاحتلال من إعلان الساعة الصفر لبدء العملية العسكرية البرية في قطاع غزة، فيما واصل جيش العدو اعتداءات على القرى والبلدات الجنوبية واستهداف المناطق المأهولة بالسكان ولم توفر في عدوانها الصحافيين وقوات اليونفيل في الجنوب والجيش اللبناني والصليب الأحمر ما أدّى الى سقوط عدد من الشهداء والجرحى، في مقابل سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف جيش الاحتلال بعمليات متعددة للمقاومة.
وأعلن حزب الله في بيان أن “مجاهدي المقاومة الإسلامية استهدفوا بالصواريخ الموجّهة دبابة ميركافا في موقع الراهب مما أدّى إلى إصابتها إصابة مباشرة ووقوع طاقمها بين قتيل وجريح”.
كما وأعلن الإعلام الحربي في حزب الله، أن “مجاهدي المقاومة الإسلامية هاجموا خمسة مواقع صهيونية حدودية وهي: جل العلام، بركة ريشا، موقع راميا، موقع المنارة وموقع العباد، بالأسلحة المباشرة والمناسبة”، كما استهدفت المقاومة موقع الراهب الصهيوني وموقع شتولا بالأسلحة المباشرة والمناسبة.
وأفادت وسائل إعلام عبرية بأن جيش الاحتلال أغلق طرقاً مؤدية لبلدات قرب الحدود مع لبنان وأعلنها منطقة عسكرية مغلقة.
وأعلن جيش الاحتلال سقوط قتيل وعدد من الجرحى في إطلاق نار من لبنان. وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن “الأمن طلب من سكان مستعمرة المطلة الحدودية مع لبنان إغلاق الأبواب والبقاء في المنازل خوفاً من عملية تسلل”.
وأشار متحدث عسكري إسرائيلي إلى أن “حزب الله يعمل على تصعيد الوضع على الحدود اللبنانية لإعاقة الهجوم المضاد على غزة”، مؤكداً بأن “إسرائيل مستعدة للقتال على جبهتين وحتى أكثر إذا استدعى الأمر”.
إلا أن خبراء عسكريين أشاروا لـ”البناء” إلى أن “الاحتلال الاسرائيلي يعمل على إطلاق التهديدات لرفع معنويات جيشه المنهار بعد الضربات القاسية التي تلقاها خلال الأسبوع الماضي، وللإيحاء للرأي العام الاسرائيلي بأنه لا يزال قادراً على القتال على جبهات عدة فيما هو يتعثر بالجبهة مع غزة ويقيم الحسابات حيال العملية العسكرية في غزة تحسباً لتداعياتها التي ستكون كارثية وستكون الضربة النهائية لجيش الاحتلال”. ويستبعد الخبراء توسع اسرائيل بالحرب مع لبنان لأنها تدرك ما ينتظرها من مفاجآت ستكون أضعاف ما واجهته في غزة فجر السابع من تشرين، ولذلك أحد أسباب تردّد القيادة السياسية والعسكرية بالدخول البري الى غزة هو دخول حزب الله الحرب، ما يضع العدو أمام جبهتين ساخنتين وبالتالي سيواجه الهزيمة حتماً”.
وأشارت مصادر مطلعة لـ”البناء” الى أنه وعلى الرغم من أن جيش الاحتلال يخرق قواعد الاشتباك وترد المقاومة في لبنان بضربات موجعة، إلا أن المواجهة على جبهة الجنوب لا تزال ضمن الإطار المقبول نسبياً لكونها لم تتوسع لتطال أهدافاً مدنية بشكل موسع وأهدافاً حيوية وبنى تحتية، في ظل القلق الذي يعتري كيان الاحتلال من توسع جبهة الجنوب ولذلك يعمل العدو وفق قواعد اشتباك معينة وضعها لنفسه كي يتجنب استدراج حزب الله الى توسيع الحرب، لكن المصادر تشير الى أن التوتر المستمر على الحدود وفي ظل أجواء من الاحتقان السائد واشتعال الجبهة الفلسطينية قد تنزلق الأوضاع الى حرب واسعة النطاق وتعجز القوى الغربية عن احتوائها”.
وشدّدت مصادر المقاومة لـ”البناء” الى أن حزب الله غير معني بتقديم ضمانات لأي جهة كانت بأنه لن يدخل الحرب بشكل موسّع، مشيرة الى أن “على كيان العدو أن يبقى قلقاً لأن المقاومة مستمرة باستهداف مواقعه على كامل الحدود مع فلسطين المحتلة، وقد توسع أهدافها في أي وقت تراه مناسباً، ولا تخشى قرقعة طبول الحرب التي يطلقها رئيس حكومة الاحتلال ولا أصوات المدمرات وحاملات الطائرات الأميركية التي ستكون أحد أهداف المقاومة في أي حرب واسعة في الأيام المقبلة”، وحذّرت المصادر من أن تمادي قوات الاحتلال في قطاع غزة من غير المضمون بقاء الوضع الحالي على حاله، وقد تبدأ المفاجآت بالظهور تدريجياً ومن جبهات متعددة لم يتحسّب لها الاحتلال يوماً كما حصل فجر السابع من تشرين. وختمت المصادر بالتأكيد بأن “لا ضمانات بأن تبقى جبهة الجنوب على هذا المستوى من التوتر، وكل الاحتمالات واردة”.
وفي هذا السياق، شدد عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق، على أن “العدوان الإسرائيلي على غزة هو تهديد للأمن القومي في لبنان، وأن أهداف ونتائج العدوان على غزة، تتجاوز غزة لتصل إلى لبنان وسورية وكل المنطقة، وأي عدوان إسرائيلي على لبنان في أي زمان ومكان، سيقابل بالرد القاسي والعاجل”.
ولفت قاووق، خلال احتفال تأبيني في حسينية بلدة خربة سلم، إلى أن “الأساطيل وحاملات الطائرات لن تخيفنا من أن نقوم بواجبنا الوطني والإنساني في الدفاع عن أهلنا ووطننا، ولذلك كلما قصفوا بيوتاً أو قتلوا أحداً من أهلنا أو مقاومينا، فإن المقاومة ردّت وستردّ الصاع صاعين، وعلى الأميركيين أن يعلموا أن بوارجهم لن تغيّر شيئاً من موقف المقاومة، وأن عماد مغنية ما غادر الميدان، وقد خلّف وراءه مئة ألف مقاتل مدربين ومجهّزين، وهم أبطال الميدان وصنّاع انتصاراته”.
إلى ذلك، جدد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبداللهيان التحذير بأنّه “في حال تلكؤ المجتمع الدولي والأمم المتحدة والفاعلين في العالم والمنطقة والذين يدعمون إثارة الحروب الإسرائيلية، فسيلقون الردّ الذي تريده المقاومة في المكان المناسب، وهذا الردّ سيغيّر خارطة الأراضي المحتلة”. وكشف أنّه اطّلع من أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله على “التطورات الميدانية للمقاومة في فلسطين ولبنان”، مضيفاً “إنّه رجل براغماتيّ ولطالما كان له الدور الأبرز في تحقيق أمن لبنان والمنطقة”، لافتاً إلى أنّ “أي خطوة سيُقدم عليها “حزب الله” سينتج عنها زلزال كبير ضد الكيان الصهيوني”.
وأضاف “اقترحنا أن يُعقد اجتماع لوزراء خارجية الدول الإسلامية للبحث في الوضع في غزّة وأعلنّا استعداد طهران لاستضافته”. وإذ اعتبر أن “المقاومة هي التي تحدد شروطها بعد وقف العدوان على غزّة”، لفت إلى أنّ “المقاومة وضعت أمامها السيناريوهات المحتملة عند باقي الجبهات والإعلان عن ساعة الصفر إزاء أي إجراء في حال استمرار الجرائم الإسرائيلية هو في يد المقاومة”.
وكانت قوات الاحتلال قد واصلت اعتداءاتها خلال اليومين الماضيين على القرى الحدودية، فقصفت مدفعيته محيط بلدة مروحين بـ3 قذائف.
وأشارت مصادر “البناء” الى أن القذائف الإسرائيلية طالت مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة وشظاياها وصلت إلى عدد من المنازل وأصابت مواطنًا إصابة طفيفة.
وأفاد الناطق الرسمي باسم “اليونيفيل” اندريا تننتي عن سقوط قذيفة في موقع لليونيفيل، وطمأن بعدم وقوع إصابات.
بدوره، أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي اتصالاً بالقائد العام للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان الجنرال ارولدو لاثارو مستفسراً عن ملابسات سقوط أحد الصواريخ في مقر لـ”اليونيفيل” في الناقورة. وشدّد ميقاتي على التضامن الكامل مع “اليونيفيل” واطمأن الى عدم وقوع ضحايا.
الى ذلك، أوعزت وزارة الخارجية والمغتربين الى بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، “تقديم شكوى الى مجلس الأمن الدولي عن قتل إسرائيل المتعمد للصحافي اللبناني الشهيد عصام عبدالله العامل في وكالة رويترز، وإصابة صحافيين آخرين بجروح من وكالة الصحافة الفرنسية وقناة الجزيرة، مما يشكل اعتداء صارخاً وجريمة موصوفة على حرية الرأي والصحافة، وحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني، من خلال استسهال قتل الصحافيين العزل ضحايا رغبتهم بنقل الحقيقة، والدفاع عنها بعدسات كاميراتهم وأقلامهم، ونقلهم لشريط الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة في جنوب لبنان”.
على صعيد الحراك الدبلوماسي الخارجي، فإن كلا من وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا، ووزير خارجية تركيا هاكان فيدان سيزوران لبنان خلال اليومين المقبلين، للبحث بالأوضاع الأمنية على الحدود.
وعلمت “البناء” أن وزيرة الخارجية الفرنسية تصل اليوم بيروت وتزور رئيس الحكومة عند الرابعة عصراً في السرايا الحكومية وورئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة عند الخامسة عصراً.
وتواصلت الرسائل والاتصالات الدولية – الأميركية الغربية العربية بالحكومة اللبنانية لمحاولة أخذ ضمانات بعدم تدخّل حزب الله بالحرب، إلا أن الحزب لم يقدم أي ضمانة، وعلمت “البناء” أن بعض السفراء سألوا المسؤولين اللبنانيين عن توقيت دخول حزب الله المعركة بشكل أوسع وعلى أيّ مستوى، لكن لم يلقوا أي إجابة وافية.
وفي هذا السياق برزت زيارة السفيرة الأميركية في بيروت دورثي شيا الى المدير العام السابق للأمن العام اللواء ابراهيم.
وفي موقف فرنسي مستغرب، أعلن قصر الإليزيه، أن “الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حذّر نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي في اتصال هاتفي من أي تصعيد أو توسيع للنزاع بين “إسرائيل” وحماس خاصة في لبنان”.
وفي تحيّز واضح وفاضح للعدو الاسرائيلي، ذكّر الرئيس الفرنسي “بضرورة أن يدين الجميع بشكل صريح هجمات حماس الإرهابية في “إسرائيل” وحق “إسرائيل” في الدفاع عن نفسها، وكذلك القضاء على الجماعات الإرهابية التي ضربت سكانها”. وأضاف أن “إيران، نظراً لعلاقاتها مع حزب الله وحماس، تتحمل مسؤولية”، مشدداً على “وجوب أن تفعل كل ما في وسعها لتجنب أي تصعيد إقليمي”.
داخلياً، تمنى رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط في تصريح له من عين التينة بعد لقائه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بأن “يبقى لبنان خارج هذه الدائرة إلا إذا أصرّ العدو الاسرائيلي على الاعتداء، واليوم نلاحظ الاعتداء اليومي على لبنان من قبل “اسرائيل”، وما يجري رهيب، والبعض نسي المشروع الأساس هو حل الدولتين”.
وأطلق رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل سلسلة مواقف من التطورات في كلمة له غامزاً من قناة رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، وقال: “اذا سأل سائل ما علاقة لبنان نحيله إلى شهداء الإعلام ونذكر بكل اعتداءات “اسرائيل” التي ردعتها بسالة المقاومة. وما كنا لنتكلم عن ثروة لبنان وندعو الى عدم التسرّع باستنتاجات خاطئة حول عدم وجود غاز في بحرنا ونذكر بمعادلتنا السابقة أن لا غاز من كاريش من دون غاز من قانا. ومخطئ من يتصوّر أن شرق المتوسط عائم على غاز طبيعي فيما الشاطئ اللبناني محروم منه”.
وشدّد على أنه “من يظنّ انّ تسويات او اتفاقات او أحداثاً خارجية كأحداث غزة تفرض علينا رئيسًا من هنا أو هناك وبحسب نتائج الأحداث والرابح والخاسر فيها فهو واهم”، لافتاً الى أن “لا تنسوا معادلة الداخل لذلك تعالوا ننتخب رئيسًا الآن دون انتظار نتائج الحرب التي ستطول للأسف”.
وأضاف باسيل: “مخطئ من يظن ان إغراق لبنان بالنازحين ينسينا حق العودة لأكثر من نصف مليون فلسطيني”، ولفت الى أن “لبنان لا يمكنه الا ان يكونَ نصيراً لفلسطين، ولكن الا يحقُ له ان يكونَ نصيراً لنفسِه؟ لقد جرَّبَ بعضُنا إباحة أرضنا للغير واختبرنا جميعُنا مآسيها، كما جرَّبَ بعضُنا التعاملَ مع العدو ودفعْنا جميعُنا أثمانَه، وجرّبنا المقاومة واستفدنا من منافِعها. الا يحقُ لنا ان نرفضَ في وقتٍ واحد العمالة وجعل وطننا ساحةً بدل ان يكون دولةً؟”.
ورأى أن “النزوح السوري يتخطى كل قدرة على استيعابه ويتجاوز كل رقم، هذا النزوح يضرب كل المواثيق والقوانين الدولية ويناقض القوانين اللبنانية كافة، وبالتالي النازح الذي يعمل خلافًا للقانون يضرب السيادة إضافة إلى حرمان المواطن من الكهرباء وغيرها لكون النازح يقاسمه إياها يصبح النازح متقدما على ابن الأرض”.
المصدر: صحف