يأمل المواطنون في تونس في انتهاء موسم الجفاف قريباً. وكان المزارعون قد دقوا بالفعل ناقوس الخطر في فصل الربيع، ذاكرين أن قلة الأمطار لها عواقب وخيمة على الزراعة، المحرك الاقتصادي الأكثر أهمية في البلاد.
وتفاعل رجال السياسة مع الأمر، فقاموا بخطوات من بينها قطع مياه الشرب عن المواطنين لعدة ساعات كل يوم، وهو ما سبب غضب المواطنين الذين بدأوا يعبئون المياه في أوعية ويقومون بتخزينها في مطابخ وحمامات منازلهم على سبيل المثال، استعداداً لمواعيد قطع المياه.
ومنذ بداية شهر رمضان أي أواخر شهر مارس/ آذار الماضي، اشتكى سكان عدة أحياء في تونس العاصمة من انقطاع إمدادات المياه عنهم بشكل دوري ليلاً دون سابق إنذار. وهذا هو الحال أيضاً بالنسبة للسيدة صباح، وهي امرأة على المعاش.
تسع ساعات يومياً
حكت صباح لدنيا صادقي، مراسلة شبكة “ARD” (ايه آر دي) الإعلامية الألمانية العمومية، خلال زيارة المراسلة لها في منزلها، أن الماء مقطوع من الساعة 9 مساءً حتى الساعة 6 صباحاً، وتقول: “أستحم أثناء النهار وأغسل الأطباق في الصباح. نحن نعاني حقاً. ليست كل الأحياء متأثرة. ففي أحد الأحياء لديهم مياه ونحن لا. لماذا نحن؟ لم يشرح أحد (لنا) ذلك”.
إنه وضع يذكرها بستينيات القرن الماضي، عندما كانت صغيرة تعيش عند جدتها، حيث لم يكن هناك مياه في المنزل. وتقول صباح: ” لكنني لم أصدق أن هذا يمكن أن يحدث في القرن الحادي والعشرين”.
في نهاية مارس/ آذار، بدأت الشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه “SONEDE” (صوناد)، وهي شركة حكومية، في قطع إمدادات المياه على مستوى البلاد، وهو إجراء جاء مفاجئاً ودون سابق إنذار لصباح.
تغير المناخ زاد من طول فترات الجفاف
أما السبب وراء تدابير توفير المياه فهو أن تونس تعاني بشكل كبير من تغير المناخ وفترات الجفاف الطويلة بشكل متزايد. وعام 2023 هو العام السابع للجفاف، بحسب السلطات، التي تضيف أن بحيرات التخزين الكبيرة في البلاد لا تمتلئ بأكثر من الثلث، وحتى أن بعضها اليوم لا يحوي إلا أقل من 15 في المائة من قدرتها الاستيعابية.
وسبق أن حذرت جمعيات المزارعين في البلاد من أن نقص المياه يشكل تهديدا للقطاع الزراعي المهم في تونس. ولم يسفر موسم الحبوب هذا العام عن أي حصاد تقريباً؛ والأسوأ من ذلك هو أن المحصول لن يكون كافياً على الأرجح لتوفير البذور لمحصول العام المقبل.
حلول الحكومة
وفي تونس، تُستخدم معظم موارد مياه الشرب، أي 80 في المائة، في الري الزراعي، وخاصة الري المكثف للطماطم أو الحمضيات مثلاً. ولا يتم استخدام أكثر المحاصيل لتلبية الاحتياجات المحلية ولكن يتم تصديرها.
لكن الزراعة أيضاً يجب أن تواجه قيوداَ، كما يقول مصباح الهلالي، الذي كان رئيساً عاماً للشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه “صوناد” حتى نهاية يوليو/ تموز من هذا العام. ويدافع هلالي عن الإجراء الخاص بقطع المياه عن المواطنين. ويقول القرار لا يؤثر على الأسر في مساكنهم فقط وإنما “على سبيل المثال، حظرنا كل ما يتعلق باستخدام مياه الشرب للري الزراعي. كما أنه ممنوع أيضاً استخدام مياه الشرب في كافة أنواع ري المسطحات الخضراء في المدن وغيرها. وتم حظر غسيل السيارات (بمياه الشرب). كما حظرنا استخدام المياه لتنظيف الأرصفة والشوارع في الأماكن العامة”.
ويوضح الهلالي أنهم يفعلون هذا من أجل تقليل الاستهلاك بشكل فعال”. ويقول إن “السبب ليس لأننا نملك هذه الكميات ولا نريد توزيعها، وإنما لأننا لا نملك هذه الكميات. في الواقع، هذه هي الطريقة التي نحاول بها التعامل مع النقص والمعاقبة على هدر المياه”.
علاوة على ذلك، فإن تونس تعمل على تحسين معالجة مياه الصرف الصحي، وقبل كل شيء، استخدام محطات تحلية مياه البحر في البلاد للحصول على المزيد من المياه، بحسب الهلالي. واليوم يتم الحصول على حوالي 6
المصدر: dw.com