لم يكن بعض الأطفال يعلمون أن حياتهم “معرضة للخطر” في بلدة سوفولك البريطانية بسبب وجود نبات الشَّوْكران في طريقهم المعتاد إلى المدرسة، وهو نبات سام يمكن أن يقتل شخصا إذا تناوله.
وعلى الرغم من ذلك، ليس نبات الشَّوْكران الوحيد الذي يشكل خطرا على حياة البشر.
وأصبحت أيام الشَّوْكران معدودة في منطقة بوكليشام بعد أبلغ رئيس مجلس الأبرشية، ديفيد برينكلي، مجلس مقاطعة سوفولك أول مرة في يونيو/حزيران الماضي، وتعهدت السلطات بإغلاق الطريق وإزالة النبات الخطر.
وقال برينكلي، في محتوى البلاغ الذي قدمه، إن التأخير في إزالة النبات “يعرض حياة الأطفال للخطر”.
ويقول البروفيسور إيان بار، من جامعة إيست أنجليا، يقول إن إزالة الشَّوْكران من هذا المكان لا يقضي على المشكلة في ظل وجود 28 ألف نبتة منتشرة في شتى أرجاء المملكة المتحدة.
وتحدث بار، وهو أستاذ في علم البيئة الميداني، لبي بي سي عن عدد من النباتات الخطرة الأخرى الموجودة على مرأى من الجميع، ولماذا يشكل بعضها تهديدا على حياة الإنسان.
نبات “هرقل العملاق”
يقول البروفيسور بار إن نبات هرقل العملاق لا ينبغي الاستهانة به على الإطلاق، “فإذا لمسته وتفاعل جسمك معه، فإنه يمكن أن يسبب رد فعل يجعلك أكثر عرضة لحروق الشمس”.
فهو نبات من بين أكثر من 100 نبات سام موجود في المملكة المتحدة، أدرجته الجمعية الملكية للبستنة على قائمة النباتات الضارة المحتملة. ويمكن أن تسبب العصارة السامة للنبات، الذي ينمو بالقرب من القنوات والأنهار، في حدوث حروق وبثور وندوب للشخص الذي تلامس معه.
وللنبات، وهو قريب من نبات البقدونس البري، أزهار بيضاء وسيقان خشنة كثيفة، وقد يصل ارتفاعه إلى ما يزيد على خمسة أمتار.
وموطن هذا النبات آسيا الوسطى، وجرى إحضاره إلى بريطانيا عام 1893 كنبات للزينة، بيد أنه الآن “خرج عن نطاق السيطرة”.
ويمكن أن تنتقل العناصر السامة في الأوراق والسيقان والجذور والزهور والبذور إلى الجلد عن طريق اللمس. ويحدث غالبا خلط بينه وبين قريبه، نبات هرقل العادي. ويقول بار: “إنه سام أيضا، لكن بنسبة أقل”.
نبات “قفاز الثعلب”
نبات “قفاز الثعلب” من النباتات جميلة الأزهار، بيد أن جماله في الحديقة لا يخل من جانب مظلم.
ويعد النبات، واسمه العلمي (Digitalis)، مصدرا للديجيتوكسين، المعروف بالجليكوسيد، الذي يستخدم كمنشط للقلب منذ عام 1785. كما أنه معروف بسمّيته في جميع أجزاء النبات.
ويمكن أن يسبب تناول الأوراق حدوث آلام في الفم والبطن والغثيان والقيء والإسهال.
وقد تشمل الأعراض، في الحالات المرضية الشديدة، حدوث اضطرابات بصرية، فضلا عن مشاكل في القلب والكلى.
ويقول بار: “على الناس أن يبدوا إعجابهم بالنبات من بعيد”.
نبات “ست الحُسن” أو “الباذنجان القاتل”
يقول البروفيسور بار: “لا تأكله، توجد هذه النباتات في الغابات، على الرغم من أنها لم تعد شائعة كما كان الوضع من قبل”.
تعد عائلة الباذنجانيات القاتلة واحدة من أكثر النباتات السامة في المملكة المتحدة، والتي تحتوي على قلويدات (مركبات شبه قلوية) التروبان، الكافية لقتل شخص.
والباذنجانيات، واسمها العلمي (Solanaceae)، عائلة واسعة تضم ما يزيد على 2500 نبات من بينها الطماطم والبطاطس والفلفل الحار والباذنجان والفلفل والتبغ والباذنجان القاتل.
وعلى الرغم من قدرتها القاتلة، يمكن استخلاص سلفات الأتروبين، وهو ترياق غاز الأعصاب، منه.
شَّوْكران المياه
يقول بار: ” نبات شَّوْكران المياه شائع جدا حول منطقتي (نورفولك وسوفولك). كما أنه شديد السمّية”.
ونبات شَّوْكران المياه، واسمه العلمي (Oenanthe crocata)، يُعرف أيضا باسم “الجزر الأبيض السام”، وهو واحد من أكثر النباتات السامة التي تنمو في المملكة المتحدة.
وينتمي كل من الشَّوْكران وشَّوْكران المياه إلى عائلة الجزر، بيد أنهما يعيشان في موائل مختلفة، كما يختلفان في نسبة السمّية.
وتحتوي جميع الدرنات والسيقان والأوراق على مادة سامة متشنجة وقوية تعرف باسم أوينانثوتوكسين (Oenanthotoxin)، والتي تهاجم الجهاز العصبي المركزي.
كما يحتوي الشَّوْكران على خمسة قلويدات (مركبات شبه قلوية) هي: كونيين، كونهيدرين، سودوكونهيدرين، ميثيل كونيين، وإيثيل بيبريدين، والتي تسبب القيء الشديد وشلل الجهاز العصبي.
“الكيمياء والتطور”
على الرغم من أن الوفيات المرتبطة بالنباتات السامة نادرة جدا في المملكة المتحدة، إلا أنها تحدث بالفعل.
وكان مكتب الإحصاء الوطني قد سجل في عام 2016 وفاة ستة أشخاص بسبب “التأثير السام لنباتات جرى ابتلاعها”. ولكن كيف تصبح النباتات شديدة السمّية إلى درجة قتل الإنسان؟
يقول بار: “الأمر كله يتعلق بالكيمياء والتطور. لقد طورت النباتات سموما لوقاية نفسها من الأكل، لذا يتمتع النبات الأكثر سمّية، ولو بنسبة صغيرة، بميزة طفيفة مقارنة بنبات آخر مجاور له أمام حيوان في المراعي”.
وقال: “بمرور الوقت، تؤدي هذه العملية إلى درجة أن تصبح فيها نباتات معينة شديدة السمّية لأنواع محددة من الكائنات، ومعظم النباتات السامة الأصلية في المملكة المتحدة طورت سمومها بهدف حماية نفسها من حيوانات ضخمة مثل الماموث الصوفي أو ثور الأرخص، الذي كان يبلغ ارتفاعه مترين، بدلا من حماية نفسها من البشر.
وقال بار: “قلويدات النبات تجعل الحيوان، عند إفراطه في تناولها، في حالة غير جيدة، لم يكن الهدف هو قتل الحيوانات، بل جعلها في حالة غير جيدة والتوقف عن الأكل”.
ويقول إن السموم النباتية بالتأكيد لم تتطور لدرجة منع أطفال من السير في طريق ما، كالطريق إلى المدرسة.
المصدر: بي بي سي