الصحافة اليوم 27-2-2023 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 27-2-2023

الصحافة اليوم

تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الإثنين 27-2-2023 سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.

البناء:

قمة العقبة: العودة للتنسيق الأمني… سمو تريتس: لن نوقف الاستيطان ليوم واحد / الأسد يستقبل رؤساء البرلمانات العربية… وسامح شكري اليوم في دمشق / فرع المعلومات يجهض فتنة قتل الشيخ الرفاعي… والمصارف تعود بوعود قضائية حكومية

البناءوتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء “تفادياً لخطر داهم ومتصاعد تراه الأوساط الأميركية آتياً من البوابة الفلسطينية مع شهر رمضان المقبل، في ظل انسداد الأفق أمام الحلول السياسية للقضية الفلسطينية، دعت واشنطن ورعت اجتماعاً إسرائيلياً ومصرياً وأردنياً وفلسطينياً في مدينة العقبة الأردنية بهدف العودة الى التنسيق الأمني الإسرائيلي الفلسطيني، مقابل وعود للفلسطينيين بتجميد السياسات الاستيطانية وتخفيف القبضة الأمنية الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس، وقبل أن يجفّ حبر بيان العقبة كان المتطرفون في حكومة بنيامين نتنياهو، بجناحيهما، ايتمار بن غفير وبتسلائيل سمو سترتش، يعلنون أن لا مجال لوقف الاستيطان ولو ليوم واحد، ويقودان جماعات المستوطنين لهجوم على مدينة حوارة قرب نابلس وإحراق بيوت الفلسطينيين فيها.
في المنطقة أيضاً زيارة هامة لرؤساء البرلمانات العربية الى دمشق والرئيس السوري بشار الأسد يستقبل الزوار الذين يتصدّرهم رؤساء برلمانات مصر والعراق والأردن والإمارات وفلسطين، ويتحدث عن أهمية الزيارة وما تمثله من معانٍ للسوريين حول أن الوضع العربي لا يزال بخير، وأن هناك مؤسسات عربية لا تزال قابلة للحياة، بينما أعلنت القاهرة عن زيارة وزير الخارجية المصرية سامح شكري لدمشق اليوم، وهي أول زيارة لوزير الخارجية المصري الى دمشق منذ بدء الحرب على سورية قبل أكثر من عشر سنوات.
لبنانياً، جاء اكتشاف فرع المعلومات لتفاصيل جريمة قتل الشيخ أحمد الرفاعي في عكار، واعتقاله للمجرمين وكشفه أسباب الجريمة واتصالها بأسباب عائلية ومالية، ليجنب لبنان خطر فتنة كانت تهدّد الاستقرار مع الشائعات التي تمّ ترويجها عن وقوف حزب الله وراء خطف الشيخ الرفاعي وقتله، بينما تعود المصارف اليوم الى العمل ضمن هدنة الأسبوع التي تم الاتفاق عليها مع رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي بأن تجري معالجة المسار القضائي المصرفي تحت سقف وقف الملاحقات التي بدأتها القاضية غادة عون.

يعقد مجلس الوزراء، جلسةً عند السّاعة التّاسعة من صباح اليوم في السّراي الحكومي، وعلى جدول أعمالها 8 بنود أبرزها إقرار تحصيل الواردات، وصرف النفقات على القاعدة «الإثني عشرية»، لحين إقرار موازنة العام الجديد، وتخصيص موارد مالية لاستكمال أعمال مسح الأبنية المتصدّعة وغير القابلة للسكن نتيجة الهزة الأرضية، أو العوامل الطبيعية من قبل البلديات.
كما يشمل جدول الأعمال، تأمين سلفة بقيمة 100 مليار ليرة لبنانية بدل إيواء للوحدات التي توصي لجان الكشف بإخلائها، وعلى أن يحدّد بدل الإيواء بقيمة 30 مليون ليرة لبنانية عن مدة ثلاثة أشهر وتشمل كل وحدة سكنيّة مأهولة ومتضرّرة ومصنفة غير صالحة للسكن، إضافة إلى الطلب من الإدارات العامة الكشف عن المنشآت التابعة لها وإيداع تقرير مفصل بالموضوع لدى الهيئة العليا للإغاثة، إضافة لبندين بمشروعي مرسومين لزيادة أجور العاملين في القطاع العام للدولة والعسكريين.
الى ذلك تعود المصارف إلى العمل اليوم بعد قرارها تعليق إضرابها لمدة أسبوع، ويأتي ذلك، بحسب مصدر مطلع لـ”البناء” نتاج للمساعي التي قام بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والتي أفضت الى تعليق المصارف لإضرابها بانتظار ان تتم معالجة الأمور جذرياً خلال الاسبوع الحالي لا سيما في ما خص تلك الدعاوى الصادرة ضد عدد من المصارف بتهم تبييض الأموال. وهذا الامر من شأنه ان يشكل ضربة قاضية للقطاع المصرفي ويزيد الأمور سوءاً على المستوى النقدي وعلى المودعين، ولذلك من المرجح أن ينشط الحراك السياسي والقضائي والمصرفي في الايام المقبلة من اجل ان تعود الامور الى ما كانت عليه قبل إضراب المصارف.
وأفادت صحيفة “زونتاغستسايتونغ” الأسبوعية السويسرية، أمس، بأن جزءاً كبيراً من مبلغ 300 إلى 500 مليون دولار، يُتّهم حاكم “مصرف لبنان، رياض سلامة، باختلاسه، أُودع ضمن حسابات في 12 مصرفاً سويسرياً.
ولفت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الى أنه “مهما طال الشغور لا بدّ وأن تجري الانتخابات انطلاقاً من آلية اقتراع في المجلس النيابي”. من جهة أخرى، رأى الراعي أنه “في ظل الصراعات الشخصية والسياسية التي تنذر بنتائج عكسية تطيح بالأخضر واليابس في نظام المصارف وتقضي على سمعة لبنان الخارجية فيصبح لبنان دولة خارج النظام العام المالي وحينها لا فائدة من أي علاج”. وحذّر من “المساس بأموال الشعب وبالنظام المصرفي”. وأضاف، “نتساءل لماذا يسعى الأطراف في لبنان الى آليات غير دستورية طالما لدينا آلية دستورية واضحة تغنينا عن أبحاث لا طائلة منها”. وعبّر عن “خشيته من أن تطول مدة الشغور كما تشير غالبية المعطيات”.
وجدد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ما كان أكده الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله “اننا لا نقبل أن يملي الخارج إرادته على استحقاقاتنا الوطنية، وان يسمّي رئيس جمهوريتنا. ولا نقبل ان يرهن الخارج مصيرنا السياسي ومستقبل أجيالنا، نتيجة سياسة عقوبات وحصار ظالم منفرد تقوم به دولة نافذة خلافاً للقانون الدولي، وتمردا على مجلس الامن والامم المتحدة”. ودعا الى “اعادة النظر بجسمنا القضائي وسلطتنا القضائية، وبالقوانين التي تتعاطى مع الفساد”.
وأمس، شيعت بلدة القرقف الشيخ احمد الرفاعي وسط حالة من الغضب عمت البلدة، بعدما كانت القوى الأمنية تمكنت من سحب الجثة من المكان الذي كانت فيه قرب بحيرة البارد وتمّ نقلها إلى المستشفى الحكومي في طرابلس قبل أن ينطلق موكب التشييع الى القرقف.
وكانت شعبة المعلومات تمكنت من القبض على مدبري الجريمة وهم خمسة أشخاص، معظمهم من آل الرفاعي قاموا بتنفيذ عملية الخطف والقتل والدفن بعد تقسيم الأدوار فيما بينهم ضمن خطة قام رئيس بلدية القرقف الشيخ (ي. ر.) ونجله (ع. ر.) بإعدادها ميدانياً ولوجستياً منذ حوالى الشهر، بعدها تمّت الاستعانة بـ/3/ أشقاء من اقاربهما وهم: (ع. ر.)، (ي. ر.)، (ا. ر.) لتنفيذ عملية الخطف. فيما تبيّن أن باقي الموقوفين وهم اللبنانيون: (م. م.)، (خ. ر.)، (م. ر.) نجل رئيس بلدية القرقف، (و. ب.) ليسوا على علاقة أو علم بالجريمة، وتم إخلاء سبيلهم بناء على إشارة القضاء المختص. من جهة أخرى، كانت شعبة المعلومات توصّلت إلى تحديد مكان جثة المغدور في منطقة الريحانية القريبة من بحيرة البارد تستخدم كمكب للنفايات، كما تبيّن ان الجثة قد دفنت في حفرة عمقها حوالى /3.5/ أمتار، الأمر الذي دفع الى استقدام جرافة للحفر، بعد وضع سيارته قرب مستشفى الهيكلية. ورمى هؤلاء الجثة تحت كومة من التراب قرب مكب للنفايات في عيون السمك القريبة من القرقف. واعلنت انه وبتفتيش منزل رئيس بلدية القرقف، عُثر على مستودع يحتوي على كمية كبيرة من الأسلحة المتوسطة والقذائف والذخائر والصواعق والقنابل والمتفجرات من نوع “اي ان اي” تمّت مصادرتها تمهيداً لإجراء التحقيق بشأنها بالتنسيق مع القضاء المختص”.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: “هذا الملف قيد المتابعة من قبلنا مع المراجع القضائية والأمنية المختصة، وهناك بعض المعطيات الجديدة التي تجري متابعتها، ومن شأنها كشف الملابسات الكاملة لهذه القضية”.
ودعا مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان أجهزة الدولة الأمنية والقضائية إلى “الإسراع في إنهاء التحقيقات وكشف ملابسات مقتل الشيخ الرفاعي ومعاقبة المجرم وإنزال القصاص العادل بحق الذين ارتكبوا هذه الجريمة النكراء. لنا ملء الثقة بالدولة ومؤسساتها المعنية بمعالجة آثار وتداعيات هذه الجريمة، وندعو كل المواطنين إلى التزام القوانين والأنظمة المرعية الإجراء. ونشكر الأجهزة الأمنية التي سارعت لكشف الجناة ودرء الفتنة ووضع حد للشائعات التي رافقت هذا الحدث الجلل”.
وبحسب مصادر سياسية لـ”البناء”، فإن شعبة المعلومات أثبتت مجدداً أنها ركيزة اساسية من الركائز المتبقية في الدولة الى جانب الأجهزة الأمنية والعسكرية التي لا يزال المواطن يراهن عليها، مشيرة الى ان كشف الحقيقة سريعاً في جريمة مقتل الشيخ الرفاعي أنقذ الشمال من مواجهة وتوتر، بعد ان تمّ توجيه الاتهامات الى الأمن العام.
وأمنياً أيضاً، حقق الجيش اللبناني ومديرية المخابرات إنجازاً نوعياً تمثل بتحرير الشاب ميشال مخول تحت وطأة عمليات عسكرية وأمنية بدأت من لحظة الاختطاف في كسارة وصولاً الى بلدة بريتال، حيث تمّت عملية التحرير حيث سيطرت قوة من مخابرات الجيش على سيارة المرسيدس التي كان بداخلها مخول وخاطفيه ونتج عن العملية إصابة وتوقيف ثلاثة من الخاطفين فيما يستمر الجيش اللبناني بملاحقة أفراد آخرين”.

الأخبار:

النافخون في نار الفتنة؟

جريدة الاخباروتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار “لم ينتظر المصطادون في الماء العكر انتهاء التحقيق ليُسارعوا إلى ادّعاء امتلاك الحقيقة. النائب السابق خالد الضاهر، مثلاً، جزم في مقابلة إذاعية بأنّه يعرف الفاعلين: «أؤكد أنّ الشيخ أحمد شعيب عند أحد الأجهزة الأمنية. الشيخ أحمد شُعيب اختُطف من قبل الحرس الثوري الإيراني عبر بعض الأجهزة الأمنية». وعندما سأله المحاور: «بناء على ماذا تقول ذلك؟»، أجاب مزهوّاً: «بناء على أوضاع وشهود وكلام في هذا الموضوع». وعندما كرر المحاور لفت انتباهه إلى ما يقوله: «أنت بذلك تجزم؟»، رد الضاهر: «نعم أجزم».

وعلى خطى الضاهر، ظهر من بين الركام العقيد المتقاعد في الجيش اللبناني عميد حمود، «قائد جيش السنّة» ، كما يحلو له أن يُسمّي نفسه. هذا الأخير كان أكثر حدة في الإعلان عن «الحقيقة» التي يمتلكها. في تسجيل وزّعه أكد أن «في جهاز بالبلد متخصص بشيطنة أهل السنة. وكلّنا منعرف هذا الجهاز . بكل بساطة إذا ميليشيا اللي خطفته للشيخ أحمد الرفاعي، فعلينا نتجعّب وكل اللي متلنا يتجعّبوا وينزلوا عالشارع. أو الأجهزة الأمنية تخبرنا مين خطفه أو رح نحط مسلحين تحت بيوتنا». وللتأكيد على امتلاكه حقيقة ما حدث، حتى أنه أعطى مواصفات سيارات الخاطفين، وتوعّد: «إذا لبكرا ما بيّن… رح احكي مين الجهاز الأمني. ومين خطفه بالضبط… والسيارة اللي معن تابعة لمين… Altima و Nissan تابعين لمين؟»، متهماً الأمن العام ومديره اللواء عباس إبراهيم، مشيراً إلى أن «قائد هذا الجهاز ما عم يعرفوا كيف بدن يراضوه. وكيف بدن يجددولوا وكيف بدن يمددولوا».

المحامي طارق شندب، أيضاً، الذي سجل نشاطاً تحريضياً بارزاً، لكنه كان أكثر ذكاء من حمود والضاهر مستفيداً من خبرته القانونية. إذ لم يوجه علناً التهمة لطرف بعينه، لكنه حرص على إعادة تغريد معظم التغريدات التي تتهم حزب الله، واقترب من التصريح باتهام حزب الله من دون أن يتفوّه بحرفيته. فغرّد: «من يخطف المشايخ السنة في لبنان؟»، وأتبعها بأنّ «لبنان على خطى العراق وسوريا واليمن، عمليات خطف العلماء السنة في لبنان مستمرة والدولة اللبنانية تغطي الميليشيات». وفي تغريدة ثالثة، سأل: «لماذا استهداف السنة من قبل الدولة وميليشيات حزب الله والنظام السوري». ثم أعاد تغريدة لأحد النشطاء مفادها أنّ «اليد التي امتدت لتختطف الشيخ الرفاعي في لبنان هي نفسها من تغتال في العراق وتقتل في سوريا… مخطط إيران الطائفي قائمٌ على قدم وساق». وقبل ثلاثة أيام من اكتشاف الحقيقة، كتب شندب: «أحمد الرفاعي شيخ وأستاذ وخطيب جمعة خُطف من مدينة طرابلس. الإعلام اللبناني غير مبالٍ بأهل السنة الأجهزة الأمنية والدولة غائبة. تذكروا من خطف عرفان المعربوني ومحمد ناصيف وشبيل العيسمي… ميليشيات الخطف في لبنان تمشي ببطاقات أمنية رسمية». وقبل يومين، كتب: «هناك مقرات أمنية لميليشيات حزب الله داخل منطقة طرابلس وأقضيتها، هل تستطيع الأجهزة الأمنية الدخول إليها للتحقيق والتفتيش أو السؤال عما يجري بداخلها؟». ورغم اكتشاف الجريمة، قرر شندب الإكمال في سيمفونية اتهام الحزب فأعاد تغريدة كُتب فيها: «تم العثور على جثة الشيخ أحمد الرفاعي بمنطقة عيون السمك في لبنان مقتولاً بعد اختطافه خمسة أيام لأنه ضد ميليشيات إيران والنظام الكيماوي»، وعلّق شندب: «رحم الله الشيخ المغدور. وقف مع الثورة السورية ومع أهل الحق. قتلته عصابات الفساد والإجرام».
ليست المرة الأولى التي تُستغل فيها جريمة لتوجيه الاتهام السياسي بهذا الشكل، لكنها من المرّات القليلة التي يتضح فيها كذب المحرّضين بالصوت والصورة، بمقدار ما كان واضحاً أن هدف الاتهام السياسي إحداث فتنة طائفية حالت دونها العناية الإلهية وجهود الأجهزة الأمنية”.

مساعي الخارج يحرّكها تهديد نصر الله بعد فشل لقاء باريس: وقائع من الحصار الأميركي

وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “في آب 2021، في ذكرى مرور عام على تفجير مرفأ بيروت، فشلت محاولة جادّة للولايات المتحدة وعواصم غربية وعربية لإعادة إشعال الحراك الشعبي، لكن في مواجهة حزب الله حصراً. يومها، خُطّط لكثير من الفعاليات والاحتفالات ولاحتجاجات لاحقة تصبّ غضبها على الحزب وتحمّله مسؤولية التفجير وخراب لبنان. في الرابع من آب 2021، كانت السفارة الأميركية في بيروت تنتظر نتائج البرنامج الذي أُعدّ بالتعاون مع عدد كبير من الجمعيات غير الحكومية والتجمّعات والأطر السياسية التي ولدت على هامش حراك 17 تشرين 2019. لكن العودة الى أرشيف ذلك العام تعيدنا الى الصدمة الكبيرة التي واجهت الأميركيين ومعهم دول أوروبية بارزة وعواصم عربية، نتيجة أمرين:

الأول، أن إحياء الذكرى جُعل حصراً للمسيحيين، ولم يتم إشراك مؤسسات دينية إسلامية في المناسبة.
الثاني، فشل كل حلفاء أميركا في حشد أكثر من ثلاثة آلاف مواطن حضروا لساعات، ثم غادروا الساحات والطرقات وكأنّ شيئاً لم يكن.
عقب المناسبة مباشرة، طلبت السفيرة الأميركية دوروثي شيا من مساعديها استدعاء ممثّلي هذه الجمعيات الى مكتبها. وقامت بعملية توبيخ شهيرة لـ 16 منهم على الأقل، قبل أن تبلغهم أن الرقابة على أعمالهم صارت مسبقة جراء فشلهم، لكنها أكّدت لهم أن المعركة يجب أن تبقى مفتوحة في وجه حزب الله، وأن كل الضغوط على لبنان هدفها تحميل حزب الله المسؤولية، وتخيير الشعب اللبناني بين الخراب والجوع وبين التخلّص من المقاومة وسلاحها.

لم يكن الإحباط الأميركي سبباً وراء وصول الرئيس إيمانويل ماكرون الى لبنان، وإطلاق برنامج عمل مكثّف قال الفرنسيون إنه منسّق تماماً مع الأميركيين، وبصورة أقلّ مع السعوديين. ومع انطلاق المحاولة الفرنسية القائمة على «التعامل بواقعية مع عناصر الأزمة اللبنانية»، كان الأميركيون يواصلون برنامجهم الهادف الى مزيد من الضغوط السياسية والاقتصادية والمعنوية على لبنان ومؤسساته. وحتى موعد الانتخابات النيابية، جهد الأميركيون، مع السعودية، لتنظيم جبهة تحصل على غالبية نيابية واضحة في البرلمان تسمح بتشكيل حكومة مختلفة، ثم انتخاب رئيس جديد للبلاد لا يحظى برضى حزب الله. وكان الأميركيون يمارسون كل الضغوط لعزل المقاومة، وعملوا من دون توقف على فك تحالفها مع التيار الوطني الحر، كما رفعوا من سقف السجال مع آخرين مثل وليد جنبلاط وقيادات قريبة من سعد الحريري، وأنفقوا مع السعوديين والإماراتيين مبالغ لا بأس بها لتعزيز الخطاب الخاص بهم إعلامياً، حتى باتوا يسيطرون على القسم الأكبر من المؤسسات الإعلامية بكلّ صنوفها، وساد خطاب شيطنة المقاومة وإلصاق كل موبقات الذين تعاقبوا على الحكم والقوى الحليفة لأميركا بالحزب. وكان الهاجس عندهم أن يسقطوا من وعي الناس أن هناك حصاراً أو ضغطاً أميركياً مباشراً على لبنان. وحتى عندما أحرجتهم المقاومة بقرارها الإتيان بالمازوت من إيران، عمدوا الى أبشع عملية احتيال سوّق لها كل عملائهم من سياسيين وإعلاميين ورجال دين، وأوهموا الجميع بأن المساعدات النفطية ستصل قريباً الى لبنان، من دون أن يلمس أحد شيئاً على الأرض.
إلا أن الاستراتيجية الأميركية استمرت على حالها، على أساس أن الضغط الاقتصادي على لبنان لا بد أن يصيب حزب الله وبيئته، وينهكه ويجرّه الى تنازلات كبيرة. وكان الأميركيون يرفضون الاستماع حتى الى آراء حلفائهم من اللبنانيين ممّن كانوا يعرضون نتائج الضغط والحصار عليهم وعلى مناصريهم، ويحاولون أن يشرحوا للأميركيين كيف أن حزب الله يقود أكبر عملية تكافل ودعم ساعدته على حفظ دعم بيئته له، وفتحت له الباب للوصول الى قواعد شعبية من خارج بيئته الطائفية أو السياسية.

بعد انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، حاول الفرنسيون القيام بمقاصّة مع السعودية والولايات المتحدة في سياق محاولة باريس لإبرام صفقة جديدة في لبنان يكون عنوانها الاتفاق على رئيس جديد. لكن الفرنسيين سرعان ما اكتشفوا أن واشنطن والرياض ليستا مهتمّتين بتسوية مع حزب الله، بل تريدان مواصلة الضغط عليه من خلال الضغط على اللبنانيين. وهو ما عطّل محاولة أولى جرت الخريف الماضي، وكانت تهدف الى تسوية تأتي برئيس يمكن اعتباره من حصة حزب الله، مقابل الإتيان برئيس للحكومة يعدّ من حصة خصومه، وهو ما عرف يومها بتسوية سليمان فرنجية – نواف سلام. والمفارقة أن حزب الله لم يعارض مبدأ التسوية، لكنه كان يبحث عن عناصر دعم داخلية أقوى لها، وخصوصاً مع حلفائه، واصطدم سريعاً بموقف التيار الوطني الحرّ الرافض لتولّي سليمان فرنجية رئاسة الجمهورية، ما أفقد الفريق الداعم لفرنجية الغالبية النيابية المطلوبة، وأعاد الأمور الى النقطة الصفر. وهذه النقطة كانت تعني للأميركيين استغلال الخلاف المستجدّ بين الحزب والتيار، لإطاحة فرنجيّة والإتيان بقائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للبلاد. وجرت محاولات استمرت أسابيع عدة، انتهت الى الخلاف في اجتماع باريس الأخير بين ممثلي أميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، وهو خلاف ترافق مع تطورات لبنانية عدة؛ من بينها:
أولاً: اضطرار الأميركيين إلى القبول بالصيغة اللبنانية لتفاهم الحدود البحرية مع العدو. وهو تفاهم تمّ في ظل الضغط المباشر للمقاومة التي هدّدت بشنّ حرب على إسرائيل إذا لزم الأمر.

ثانياً: واصل الأميركيون معارضة وصول أيّ دعم لقطاع الطاقة في لبنان، فواصلوا مع البنك الدولي تعطيل صفقة جرّ الغاز من مصر والكهرباء من الأردن، وهددوا لبنان بعقوبات إن قبل بأيّ دعم نفطي من إيران، ثم منعوا الكويت وقطر والإمارات من تقديم أيّ هبات نفطية للبنان.
ثالثاً: ممارسة نوع مختلف من الضغوط الهادفة الى إسقاط جميع المؤسسات الرسمية في لبنان. وجاء الانهيار المتسارع لسعر صرف الليرة ليزيد مأزق المالية العامة في لبنان، ويعزّز الفوضى في السوق النقدية. وبينما كان يفترض معالجة الأمر عبر تغيير الفريق المسؤول عن السياسة النقدية ممثلاً برياض سلامة وآخرين، عمدت الولايات المتحدة الى توفير الغطاء الكامل له. ولولا أن التحقيقات التي جرت في قضّيته انتقلت من لبنان الى أوروبا ثم عادت الى لبنان، لمنع الأميركيون أحداً من الإتيان على ذكر سلامة بكلمة سوء. وخلال هذه الفترة، واصل الأميركيون الضغط عبر العقوبات من جهة، وعبر التضييق على الشركات المالية من جهة ثانية، ما جعل لبنان معطلاً بصورة كاملة مالياً ونقدياً.
رابعاً: تعزّز التدخل الغربي، الأميركي منه والأوروبي (الألماني على وجه الخصوص) في السلطة القضائية، وجرت، ولا تزال، محاولات لاستخدام القضاء من أجل ترهيب المسؤولين اللبنانيين، وخصوصاً من خلال تسييس التحقيق الجاري في تفجير مرفأ بيروت، أو من خلال ترهيب القضاة أنفسهم بالتهويل عليهم بفرض عقوبات إن هم خالفوا التوجّهات الغربية، وقدّموا مغريات لبعضهم بأنّ حظوظهم في أدوار سياسية أكبر مرتبطة بسلوكهم الآن، وخصوصاً رئيس مجلس القضاء الأعلى سهيل عبود. لكن ما حصل، عند تعطيل التحقيقات في ملف سلامة وبقيّة مصارف لبنان، أضيف الى قيام السلطة الحاكمة بتعطيل أي محاولة قضائية للتحقيقات في المخالفات، من خلال عرقلة التحقيق الجنائي من جهة، أو منع سريان العمل القضائي في ملفات كبيرة، كملف سوليدير الذي لا تقلّ الجريمة والفضيحة فيه عمّا يجري اليوم تناوله في قصّة حاكم مصرف لبنان. وكانت النتيجة تعطيل القضاء.
خامساً: أصرّ الأميركيون ومعهم دول غربية، على التعامل مع الدولة اللبنانية على أنها «دولة فاشلة»، وجاهروا بأنهم لن يتعاملوا مع الدولة في أيّ مشاريع دعم أو تطوير، وفرضوا على لبنان القبول مسبقاً بكامل شروط صندوق النقد الدولي، كما فرضوا رقابة شبه يومية على مؤسسات وإدارات رسمية عدّة، بينما أطلقوا العنان لماكينتهم القائمة على المنظمات غير الحكومية، ومنعوا مساءلة هذه المجموعات عمّا تقوم به. هل يعرف اللبنانيون، مثلاً، الحجم الفعلي للمساعدات التي أتت بعد تفجير المرفأ، وما الذي حلّ بها وأين هي وكيف أنفقت؟

سادساً: انطلاق جماعة أميركا والسعودية في لبنان بخوض معركة الفساد بطريقة مقلوبة، مستغلّين الانهيار من جهة، وحاجة الجمهور الى بطولات من جهة أخرى، وأطلقوا العنان لعمليّات أمنية استهدفت مؤسسات تخصّ شؤون الناس مباشرة، حتى وصلنا خلال شهور قليلة الى نتيجة واحدة مفادها: ننتظر الفرج حتى نحصل على جوازات السفر، تتوقف النافعة عن عملها، ثم تقفل الدوائر العقارية، وتتعطّل حتى الوحدات الخاصة بالضريبة في وزارة المالية، ويترافق ذلك مع توقف التعليم في المدارس الرسمية، وتعثّره في الجامعة اللبنانية، بينما يتولّى مصرف لبنان والمصارف ابتزاز الموظفين في القطاع العام شهرياً.
سابعاً: اعتبار عملية الضغط ناجحة، وبدء إعداد العدّة لاحتمال حصول انفجار اجتماعي كبير، وحصول توترات أمنية في مناطق مختلفة من البلاد. ومع إدراك الأميركيين أنّ واقع لبنان لا يسمح بقيام قوة قادرة على مواجهة المقاومة أو جرّها الى حرب أهلية، وإزاء تعطّل خيار الحرب الإسرائيلية أو الأميركية على المقاومة في لبنان، كان لا بدّ من استراتيجية جديدة تقوم على تحييد القوى العسكرية والأمنية عن عمليات التدمير الممنهج لبقية مؤسات الدولة.
وفي هذا السياق، طُلب من القطريين، مثلاً، إهمال ملف دعم الجامعة اللبنانية والتعليم المدرسي الرسمي، وتخصيص ملايين لدعم مصلحة الجيش اللبناني، وعمد الأميركيون أنفسهم الى فتح حسابات خاصة للجيش اللبناني تغذّى بالدولارات من دون علم الحكومة أو وزارة الدفاع، وترك لقائد الجيش حصراً حرية التصرف بها، ليتبيّن لاحقاً أنّ الدعم المالي والعسكري للجيش وقوى الأمن هدفه إبقاء هذه المؤسسات وحدها العاملة، بعد إخضاع قياداتها لإمرة جديدة. وفي هذا السياق، فتح مسؤول الاستخبارات العسكرية الأميركية في لبنان خزائنه في سفارة عوكر، وصرف ملايين الدولارات على الأجهزة الأمنية كافة، ضمن برنامج مساعدات للمساعدة على الصمود. ووصل الأمر مع الوقت إلى أن تسلّم الأميركيون، ومعهم دول أخرى، داتا العاملين في المؤسسات العسكرية والأمنية لتلبية دعمهم بالمال المقطّر مباشرة، وجعلهم رهائن هذه «المكرمة الشهرية» التي لا تتجاوز المئة دولار!

ثامناً: العودة الى خوض معركة توطين النازحين السوريين في لبنان، واعتمد الأميركيون، ومعهم الأمم المتحدة والدول الأوروبية وحتى العربية، الضغط المباشر على الحكومة لمنع أيّ تنسيق عملاني مع الحكومة السورية. ثم طالبوا لبنان رسمياً (فعل ذلك السفير الألماني بكل صفاقة) بمنح هؤلاء حقوق الإقامة الدائمة في لبنان على غرار ما فعلته بلاده مع نحو مليون سوري هاجروا إليها خلال العقد الماضي. وفي الوقت نفسه، تولّت المنظمات والجمعيات غير الحكومية الناهبة لحقوق لبنان والنازحين على حدّ سواء، مهمة ترهيب هؤلاء النازحين، وإقناعهم بأن عودتهم الى سوريا غير آمنة، وأنهم سيعانون الجوع الى جانب القهر إن عادوا الى دولة منهارة، ثم قدّموا روايات من نسج الخيال عن عائدين سجنوا أو تعرّضوا للاضطهاد من قبل الدولة السورية بعد عودتهم الطوعية الى قراهم.
إلى جانب كل ما سبق، يواصل الأميركيون تهديد اللبنانيين بأنّهم إن لم يقرّوا بطلبهم الثورة على حزب الله، فإن موجات الضغط ستزداد يوماً بعد يوم. وكل المؤشرات الاقتصادية والمالية تشير الى ذلك، وأن مداولات باريس السابقة أو اللاحقة على الاجتماع الرسمي تشير الى أن فرنسا تحاول من جديد إعادة تعويم مبادرتها الأولى بمقايضة رئاسة الجمهورية برئاسة الحكومة. لكن الفكرة لم تلقَ قبولاً سعودياً أو قطرياً، ولم تباركها الولايات المتحدة التي يبدو أنها تواصل من أبواب أخرى العمل على ممارسة نوع جديد من الضغوط لإجبار حزب الله على التراجع. وقد تمّ جمع الكثير من المعطيات الأمنية والسياسية والاقتصادية التي تقود الى موجة أقصى من الضغوط على لبنان، ولعلّ هذا ما يفسّر الغضب الكبير الذي اعترى وجه السيد حسن نصر الله وهو يحذّر الأميركيين (وأتباعهم في لبنان) من أن الذهاب نحو الفوضى بقصد فرض قائد الجيش رئيساً، أو جرّ حزب الله الى حرب أهلية، دونه الأهوال التي تنتظر الأميركيين وعملاءهم في لبنان، ونار تلهب إسرائيل… وهو تحذير بدأ يؤتي مفعوله.
مرة جديدة، لنصبر وننتظر!”.

المصدر: الصحف اللبنانية

رأيكم يهمنا

شاركوا معنا في إستبيان دورة برامج شهر رمضان المبارك