الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع): قوة الإرادة مهما اشتدّت الظروف – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع): قوة الإرادة مهما اشتدّت الظروف

عبير الطويل

 

“اللهم إنك تعلم أني كنت أسالك أن تفرغني لعبادتك اللهم وقد فعلت فلك الحمد”
تجسدت قوة الإرادة الصلبة عند الإمام الكاظم (ع) في تلك الكلمات عندما سجن في عهد هارون الرشيد سبع سنوات ، تسع سنوات أربعة عشر سنة على إختلاف الروايات ، المهم سجن ونقل من سجن إلى سجن ، يقول أحد الشيعة : دخلت على الفضل بن الربيع* وكان مسؤولا عن سجن الإمام الكاظم (ع)  يقول: دخلت إليه فإذا هو في أعلى السطح ، ذهبت إلى أعلى السطح فقال لي الفضل : يا أحمد انظر الى صحن الدار ماذا ترى ؟ قلت أرى ثوبا خرقا ، ثوبا باليا ملقى على الأرض قال له : فقط ؟! قال: هذا ليس ثوبا باليا ، هذا إمامك موسى ابن جعفر إنه منذ أن يصلي الفجر يسجد سجدة واحدة من بعد صلاة الفجر وحتى صلاة الظهر لا يرفع رأسه ، قلت سبحان الله وماذا يقول ؟ قال: طالما سمعناه يقول: اللهم إني كنت أسألك أن تفرغني لعبادتك وقد أجبت دعائي فالحمد لك والشكر لك .
ما هذه الطاقة من الإرادة ؟! إنسان في السجن يقاسي التعذيب ، يقاسي الألم النفسي ، مرارة الوحدة ومع ذلك يملك إرادة قوية تجعله يتفرغ للعبادة ، سجدة واحدة من الصباح إلى الظهر ؛ السلام على حليف السجدة الطويلة وصاحب الدمعة الغزيرة.
لم يكتف هارون بسجن الإمام( ع) وتعذيبه، فبعث للإمام طبق من الرطب المسموم مع السندي، وهو من المعادين لأمير المؤمنين (ع) وقد عامل الإمام بقسوة وجفاء ومنع عنه جميع الإسعافات خصوصا حين احتضاره، فقدمه للإمام (ع ) وأكل منه عشر حبات فقال له السندي : زد على ذلك، فرمقه الإمام بطرفه وقال: حسبك قد بلغت ما تحتاج إليه.

وبقي الإمام ثلاث أيام دون طبيب يعاني من ثقل الحديد وظلم المطامير إلى أن لفظ أنفاسه.
يروي علي بن السويد: ذهبت الى جسر الرصافة، وإذا بجنازة مطروحة والمنادي ينادي: هذا إمام الرافضة قد مات حتف أنفه فانظروا إليه ، فجعل الناس يتفرسون في وجهه، يقول علي بن السويد: جئت لأنظر إليه وإذا هو سيدي ومولاي موسى ابن جعفر الكاظم فمر طبيب نصراني، كانت بينهما صحبة قلت له : أقسمت عليك بالمسيح إلا ما رأيت سبب موت هذا المسجى، قال اكشف لي عن باطن كفه، فكشف له عن باطن كف الإمام (ع)، فأخذ ينظر فيها ويهز رأسه، قال ابن السويد : أخبرني ماذا رأيت؟ قال: يا ابن السويد هل لهذا الرجل من عشيرة؟ قال بلى هذا موسى ابن جعفر سيد بني هاشم قال:  يا بن سويد ابعث الى أهله فليحضروا وليطلبوا بدنه فإنه مات مسموما.
هذا هو التجلي الإلهي في الأئمة (ع ) التي جعلت شخصيات أهل البيت تختلف لإختلاف التجلي الإلهي فيها ، فالله تعالى تجلى لمخلوقاته من خلال صفتي الجلال والجمال ، تجلت صفة الرحمة بالنبي محمد (ص)، وفي علي (ع) من خلال القوة والعدالة ، هي قوة الله وعدالته،  وفي الحسن المحتبى من خلال الحلم والسلم وفي الحسين (ع) عزة الله ، عزة الحسين حكت عزة خالقه وصولا لتجلي قوة وصلابة الإرادة في مولانا الكاظم (ع)  فكان عيه السلام مظهرا لقوة الإرادة حتى استشهده  وختم حياته حيث بدأت في سجن هارون.

* الفضل بن الربيع بن يونس عمل حاجبا عند هارون الرشيد ومن ثم عند ولده الأمين

المصادر:
– مناقب ابن شهر آشوب ج٢ ص٣٧٩
– أمالي الصدوق ١٤٦
– تاريخ بغداد ج ١٢ ص ٣٤٣
– تاريخ أبي الفداء ج ٣ ص

المصدر: موقع المنار