ركزت الصحف اللبنانية الصادرة اليوم على الملف السياسي اللبناني وعلى الحرب الاقتصادية على سوريا وكذلك على تطورات المونديال.
الاخبار
سوريا: أميركا تصعّد حرب التجويع
في إطار سياسة «الضغوط القصوى» الممارَسة على سوريا، تتّجه الولايات المتّحدة إلى تضييق الخناق على هذا البلد تحت ذريعة تحوّله إلى «دولة مخدرات». وفي ما يشبه تماماً الحملات التي استهدفت يوغسلافيا السابقة ودولاً في أميركا اللاتينية، بدأت الخطوات العملياتية على طريق تشديد الحصار على سوريا، التي تعيش أصلاً مأساة اجتماعية واقتصادية هائلة، في ظلّ هبوط حادّ في سعر العملة الوطنية، وفقدان للموارد
يستمرّ الكونغرس الأميركي في سنّ القوانين الهادفة إلى تصعيد «الضغوط القصوى» الممارَسة على سورية، في سياسة مستدامة منذ عام 1970. آخر الخطوات على هذا الطريق، هي «قانون مكافحة الكبتاغون»، الذي من المفترض أن يقرّه الكونغرس ويوقّع الرئيس جو بايدن قريباً عليه، بعد عبوره مجلس النواب ولجنة القوات المسلّحة لمجلسَي النواب والشيوخ. وفيما تغرق سوريا، مع غياب الحلول السياسية، في مأساة اجتماعية واقتصادية هائلة، وهبوط حادّ في سعر العملة الوطنية جرّاء الحصار الأميركي الخانق وفقدان الموارد، يشكّل القانون مادةً جديدة لتشديد الخناق على الشعب والاقتصاد السوريَين، في ظلّ الحديث بشكل علني عن ضرورة منْع الحكومة من الحصول على القَطع الأجنبي، بذريعة تحوّل سوريا إلى «دولة مخدّرات». وتبدو الدعوات الصادرة عن نواب وسيناتورات أميركيين، فضلاً عن بعض وسائل الإعلام ومراكز الأبحاث، لإعلان سوريا «دولة مخدرات»، مُشابِهةً للحملة التي استهدفت يوغوسلافيا السابقة، بعد إضعافها بتزكية نيران الحرب في البلقان، وقبل تدميرها بعدوان مباشر من حلف «الناتو»، وتفكيكها إلى دويلات. كما أن هذه السياسات لا تختلف عن تلك المتّبَعة مع دول أميركا اللاتينية التي لا تخضع للمشيئة الأميركية.
القانون الذي بُنيت استراتيجيته من ستّة بنود، يستند إلى التقارير الآتية من دول جوار سوريا، وإلى مجموعة من المواد الصحافية والإعلامية التي أسهمت طوال المرحلة الماضية في شيطنة هذا البلد، وتكريس اتّهام الدولة السورية و«حزب الله» بتغطية مختبرات إنتاج مادة الكبتاغون، وتهريبها إلى الخليج العربي ومصر، وحتى إلى أوروبا. باختصار، تشكّل البنود الستّة استراتيجية أمنية وسياسية واقتصادية متكاملة للتغلغل أكثر في محيط سوريا، وتطويقها وقطْع المواد الأوليّة عنها، بذريعة تفكيك «البنية التحتية لشبكات الكبتاغون للنظام السوري». ويكلّف القانون الإدارات الأميركية الأمنية المتعدّدة، تقديم الدعم والتعاون الأمني والديبلوماسي للجهات المعنية في دول الجوار السوري، ومساعدة وكالات مكافحة المخدّرات فيها على التطوّر وتقديم التدريب والدعم المادّي لها، واستهداف شخصيات وكيانات بالعقوبات، وممارسة الضغوط الاقتصادية على دمشق بالتعاون مع مؤسّسات وشركاء دوليين، وشنّ الحملات الإعلامية ضدّ الحكومة السورية. وبينما يضع القانون مهلة 180 يوماً أمام الإدارات التنفيذية لإنجاز استراتيجية تطبيق القرار الأميركي قبل عرضه مجدّداً على الكونغرس، يَظهر أن الخطوات العملية قد بدأت بالفعل.
وكانت الحملة الإعلامية سبقت مشروع القانون بكثير، وانخرطت فيها العديد من وسائل الإعلام العالمية والعربية، في خطوات ممنهجة لربط تجارة الكبتاغون بأخصام الولايات المتحدة في سوريا، وخلْق غيمة من التشويه ضدّ شخصيات سورية. أمّا مسألة التعاون مع وكالات مكافحة المخدرات والإدارات الأمنية في محيط سوريا، فهذا الأمر يجري بشكل منتظم مع الأردن ولبنان والعراق والدول الخليجية. والدعم العسكري والاستخباراتي الأميركي للأردن يشتمل، ضمن ما يسمّيه الأميركيون خطّة طرْد إيران من الجنوب السوري، «مكافحة المخدرات»، وقد سبق للأردن أن أعلن مراراً توقيف مهرّبين على الحدود مع سوريا. أمّا في لبنان، فيزداد التواصل الأميركي والدعم للأجهزة الأمنية، فيما وسّعت إدارة مكافحة المخدرات الأميركية، وهي وكالة لإنفاذ القانون تابعة لوزارة العدل، اهتمامها بمكتب مكافحة المخدرات المركزي في بيروت، انطلاقاً من مكتبها الدائم في قبرص. وعلمت «الأخبار» أن الدعم المادّي الأميركي للمكتب سيُستأنف قريباً بعد توقّفٍ سبّبته اتهامات للأخير بحالات تعذيب تَبيّن أنها حصلت في مكاتب أخرى. في المقابل، سبق للمندوب السوري لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في فيينا، السفير حسن خضور، أن أعلن أمام لجنة المخدرات في الأمم المتحدة في آذار الماضي، أن مشكلة المخدرات قد تنامت في سوريا بفعل سيطرة التنظيمات الإرهابية المدعومة من عدّة دول على بعض المناطق الحدودية، الأمر الذي خلق مناخاً ملائماً لنقل المخدرات وترويجها، ووفّر عوائد مالية ضخمة لتلك التنظيمات، مؤكّداً أن الجماعات الإرهابية تبتكر دائماً طرقاً للتهريب وهي تمتلك تقنيات. وطلب السفير السوري تعاوناً دولياً مع بلاده وتبادلاً دائماً للمعلومات، وتوفير القدرات الفنية والتجهيزات المخبرية وأجهزة الكشف على المعابر الحدودية.
وعلى الرغم من أن الاستراتيجية التنفيذية للقانون العدائي الجديد ضدّ سوريا لم تتضّح بعد، وما إذا كان يتضمن توجيه ضربات عسكرية أو أعمالاً تخريبية أمنية بذريعة مكافحة المخدرات، عبّر عدد من المعارضين السوريين عن اعتراضهم على القانون كونه لا يتضمن خطوات عدائية أكثر وضوحاً ضدّ سوريا. لكن يجري حديث بالهمس يردّده مقرّبون من الأميركيين في بيروت، عن أن هناك نوايا لشنّ هجمات مجهولة الهويّة ضد مواقع لـ«إنتاج المخدرات» في سورية. إزاء ذلك، يلفت مصدر حكومي سوري، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «هناك دائماً ذرائع كاذبة للاعتداء على سوريا كما يحصل من قِبل العدوّ الإسرائيلي»، مؤكّداً أن «الأجهزة السورية تسعى بكلّ قوتها لمكافحة المخدرات، وسوريا تاريخياً هي دولة عبور، إنّما بسبب الحرب استغلّت العصابات الإرهابية والجنائية المعارك العسكرية وانشغال الدولة بالحرب لتقوم بالترويج والتهريب والتصنيع، وبعضها يتلقّى دعماً غربياً وفي مناطق تحت سيطرة الأميركيين، لكن الدولة تستعيد قوتها وتعمل على ضرب هذه الأوكار وتحتاج إلى المساعدة والتعاون مع الدول الصديقة وليس إلى الحصار».
وعدا عن تبرير التجسّس على سوريا، وتعميق التدخّل في دول الجوار، يضع القانون بعض المواد الأوليّة اللازمة لصناعات عدة، لا سيّما الأدوية، تحت حصار جديد، من شأنه إضافة مأساة أخرى إلى مآسي الأزمة الطبّية الهائلة في هذا البلد. إذ أشار أكثر من تقرير غربي وعربي، ضمن الحملة الأميركية، إلى أن بعض المواد المصنّعة يتمّ استيرادها إلى سوريا من الصين والهند، وهي بمعظمها مواد تدْخل في الصناعات الدوائية، القطاع الذي تعرّض لنكسة كبيرة خلال الحرب ولتدمير مقصود من قِبَل الجماعات المسلّحة.
الكرة الظالمة… فرنسا تستفيد من إصابات المغرب وتتأهّل
تأهل المنتخب الفرنسي إلى المباراة النهائية لكأس العالم بعد فوزه على المغرب مساء أمس بنتيجة (2 ـ 0)، ليضرب موعداً مع المنتخب الأرجنتيني يوم الأحد المقبل. وستكون هذه المباراة إعادة للقاء الذي جمعهما في مونديال روسيا الماضي خلال الدور الثاني وانتهى فرنسياً. خرج المغرب مرفوع الرأس وهو بالتأكيد سيبني على هذا الإنجاز
لم يستحق المنتخب المغربي الخسارة أمام نظيره الفرنسي مساء أمس. الإصابات عقّدت حسابات «أسود الأطلس»، بعد أن سحب المدرب وليد الركراكي المدافع القوي نايف أكرد قبل دقائق من بداية اللقاء نتيجة عدم تعافيه من الإصابة، وأشرك أشرف داري، ثم عاد بعد وقت قصير على الانطلاقة وأخرج المدافع الآخر، القائد رومان سايس بسبب عدم قدرته على الإكمال نتيجة تجدد الإصابة في الفخذ الأيمن، وأشرك مكانه سليم أملاح. صماما أمان المنتخب المغربي أثّرا بشكل كبير على المجموعة، والأكيد أن تواجدهما بكامل لياقتهما كان قد غيّر كثيراً من مستوى المغرب، وبالتالي من مجريات اللقاء.
الإصابات جزء من اللعبة بلا شك، ولكنها في سيناريو نصف نهائي المونديال ظلمت المغرب كثيراً. والجدير قوله أيضاً، أن المدرب المغربي وليد الركراكي وجهازه الفني أثروا سلباً على الفريق في بداية المباراة، نتيجة الإرباك الذي خلقوه بسبب عدم تقييمهم الصحيح للإصابات، كما أنهم خسروا تبديلاً مبكراً. ولم يكن مفهوماً ما فعله الركراكي في الشوط الثاني عندما أخرج أملاح البديل أصلاً، وأشرك عبد الصمد الزلزولي.
البداية كانت بطيئة من جهة المغرب، فسجلت فرنسا عند الدقيقة (5) عن طريق لوكاس هيرنانديز بعد سوء تمركز دفاعي، وخطأ بالتغطية من اللاعب جواد الياميق. خلق هداف فرنسا أوليفييه جيرو فرصة خطرة على مرمى ياسين بونو لكنها انتهت عند القائم الأيمن.
هدف وفرصة محققة، استفاق على إثرهما المغاربة، واستعادوا تركيزهم بخاصة على مستوى الدفاع وخط الوسط. وبعد مرور 20 دقيقة خلق المغرب أولى فرصه عبر تسديدة مركزة من المتألق عز الدين أوناحي، تصدى لها الحارس الفرنسي هوغو لوريس. حاول الفرنسيّون إقفال مناطقهم، إلا أن حكيم زياش ورفاقه واصلوا الضغط وخلقوا العديد من الفرص كان أبرزها قبل دقائق على النهاية عبر جواد اليامق، الذي لعب كرة «أكروباتية» عكسية تصدى لها لوريس والقائم الأيمن للفرنسيين.
الفاتيكان للراعي: التدويل يضرّ بالمسيحيين
أكّدت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ«الأخبار» أن دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي، في عظته في بكركي الأحد الماضي، إلى «تدويل القضية اللبنانية بعد فشل الحلول الداخلية» لقيت عدم ارتياح وانتقادات حادّة في أوساط الفاتيكان وفي عدد من الدول الغربية المعنية بلبنان، وخصوصاً فرنسا.
وبحسب المعلومات، فقد وصلت إلى بكركي نصائح فاتيكانية خصوصاً تدعو إلى الإقلاع عن هذه الدعوة، لاعتبارات كثيرة، منها أن أياً من دول العالم المعنية عادة بالشأن اللبناني غير جاهزة حالياً لمثل هذه الخطوة. غير أن الأهم في ما وصل إلى بكركي هو أن أي مسار نحو التدويل «سيكون على حساب المسيحيين في شكل أساسي». ولفتت هذه النصائح إلى «مخاطر الدعوة إلى التدويل على مسيحيي لبنان في ظل تراجعهم العددي ونسبة الهجرة المرتفعة في صفوفهم خصوصاً بعد الانهيار المالي». وذكّرت بما سمعه الراعي من البابا فرنسيس شخصياً أثناء اجتماع رؤساء الكنائس الشرقية قبل أكثر من عام بعدم تحبيذه الدعوة إلى أي أمر ليس محل إجماع بين اللبنانيين كالتدويل والحياد. وبحسب المصادر فإن الفاتيكان «حريص على الوحدة الوطنية اللبنانية والتلاقي بين المسيحيين والمسلمين، ويعتبر لبنان قبلة المسيحيين المشرقيين، وهو قادر بهذه الوحدة على ضمان بقاء من تبقّى من مسيحيين في بلاد الشام والعراق». وأشارت إلى أن أولوية الفاتيكان العاجلة اليوم هي «انتخاب الرئيس المسيحي الذي يتوافق عليه اللبنانيون»، وذلك «بعيداً من القضايا الخلافية كسلاح حزب الله… وهو يعتبر الحزب مكوّناً أساسياً على المسيحيين التلاقي معه رغم المسائل الخلافية».
وقد غابت الدعوة إلى التدويل عن بيان الاجتماع الشهري لمجلس المطارنة الموارنة أمس الذي رأى أن «الاتصالات الدولية والعربية الجارية في الشأن الرئاسي اللبناني، تُعطي مزيداً من الأمل بانتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية». وأسف «للسجال السياسي الحاد حول اجتماع الحكومة الأخير الذي كان بالإمكان تحاشيه لو أن المسؤولين عالجوا الأمر بروية وتشاور، وبالحوار البنّاء، بعيداً من الكيد السياسي، ومع احترام الدستور والميثاق الوطني نصاً وروحاً»، لافتاً إلى أن «أمور المواطنين الأساسيّة يمكن معالجتها بأساليب دستوريّة شتّى، من دون انعقاد الحكومة المستقيلة، والبلاد في حال الشغور الرئاسيّ».
وفيما لا يزال الشلل السياسي مسيطراً مع ترحيل الملف الرئاسي بعد جلسة اليوم إلى السنة المقبلة، لفتت زيارة نائب مساعد وزيرِ الخارجية الأميركيّ في مكتب شؤونِ الشرق الأدنى المعني بملف سوريا وبلاد الشام إيثن غولدريتش إلى لبنان. مصادر معنية وضعت زيارة غولدريتش، وقبله زيارة مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد هيل في إطار الاستطلاع الأميركي عن قرب لمواقف الأطراف اللبنانية وخصوصاً حزب الله في ما يتعلق بالملف الرئاسي، والمدى الذي يمكن أن يبلغه في دعمه لترشيح الوزير سليمان فرنجية. ولفتت المصادر إلى أن جولة هيل شملت عدداً كبيراً من الأطراف اللبنانية، وقد كان مستمعاً أغلب الوقت، «وهو رغم أنه لا يتبوأ منصباً رسمياً في الإدارة الأميركية إلا أن زيارته لا يمكن أن توضع في إطار لقاءات مع معارف وأصدقاء». وأشارت إلى أن «الأميركيين لم يحزموا أمرهم نهائياً بعد في ما يتعلق بالملف اللبناني، وهم لا يزالون بين حدَّي عدم دفع الأمور إلى الانهيار، والإبقاء على الستاتيكو الحالي ريثما تنجلي الأمور».
البناء
ماكرون ليلة الميلاد في بيروت ويلتقي بري وميقاتي…
حول إدارة الفراغ آخر جلسة رئاسية هذا العام… والجلسات الحكومية مؤجلة حتى العام الجديد
القومي : نشعر بأوجاع الناس وندعو للحوار…وفهمي : 3500 منظمة مخترقة للفتن
حسم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمر زيارة بيروت ليلة عيد الميلاد، كما نقل «مصدر لبناني موثوق» لوكالة سبوتنيك الروسية ما تبلغته الجهات الرسمية اللبنانية من السفارة الفرنسية في بيروت، لجدول أعمال الزيارة التي ستشمل لقاء كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ووفقاً لمصادر نيابية لا يبدو أن ماكرون يحمل بيده شيئاً يعرضه على اللبنانيين كحصيلة لزيارته الى اميركا ولقائه بالرئيس جو بايدن، حيث الحديث عن مبادرة فرنسية وتفويض أميركي، وتصوّر لحل المأزق الرئاسي أقرب للتمنيات منه للوقائع. والأرجح أن ما سوف يناقشه ماكرون يقتصر على كيفية إدارة الفراغ الرئاسي بأقل الخسائر، بانتظار نضوج المناخات لقيام مساعٍ لردم الفجوة بين اللاعبين الداخليين والخارجيين، وتؤكد ذلك وفقاً للمصادر المعلومات التي توافرت عن لقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال بولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي خلا من أي نقاش في تفاصيل الاستحقاق الرئاسي ويكاد يكون أقرب للقاء المجاملة من لقاء العمل.
في هذا السياق تعقد جلسة الانتخاب الرئاسية لمجلس النواب اليوم، كنسخة مكرّرة عن الجلسات السابقة، خصوصاً بعد سقوط دعوة الحوار التي اطلقها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، الذي نقل عنه نائب رئيس المجلس النيابي الياس بوصعب قوله، «إن الوقت من أجل أن يكون هناك تفاهم وتشاور محدّد وليس إلى ما لا نهاية، وبعده سوف يكون هناك عمل جدي أكثر ابتداء من العام المقبل»، موضحًا أنّ «جلسة الغد سوف تكون جلسة انتخابية مثل سابقاتها».
آخر جلسة هذا العام تشبه الجلسة الحكومية التي عقدت وأثارت سجالات واسعة، وتؤكد مصادر وزارية أنها آخر جلسة هذا العام، وأن الباب مفتوح الآن للتشاور حول صيغة العمل الحكومي، الذي تقول المصادر إنه بدأ ثنائياً وسوف يستمر على مستوى مجموعات وزارية وربما يتوج بجلسة وزارية جامعة ليست لها صفة انعقاد دستوري، بل لبلورة الأفكار التي تضمن أعلى نسب التوافق حول العمل الحكومي، وتحصّن أي دعوة مقبلة للحكومة تفرضها الحاجة.
بالتوازي انشغلت الأوساط الإعلامية والسياسية بقنبلة فجرها وزير الداخلية السابق محمد فهمي في حوار تلفزيوني قال فيه إن في لبنان أكثر من 3500 منظمة من جمعيات المجتمع المدني مخترقة لصالح جهات خارجية، أو تقف وراءها بالكامل جهات خارجية، ومهمتها صناعة الفتن الداخلية. وهو ما قالت مصادر سياسية إنه سبب كافٍ للحذر والقلق من استمرار الفراغ في ظل تدهور الأوضاع المالية والاجتماعية، بالصورة التي تحدثت عنها معاونة وزير الخارجية الأميركية باربرا ليف، بقولها إنه يجب أن يحدث الأسوأ حتى يتحرك الشارع ويفرض صيغة للخروج من الفراغ الرئاسي، ودعت المصادر الأجهزة الأمنية الى التدقيق في التدفقات المالية لجمعيات المجتمع المدني ومصادرها وأحجامها، خصوصاً ما يهتم منها بشؤون النازحين السوريين، كمدخل للعبث الأمني.
في الشأن السياسي عقدت قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي اجتماعاً برئاسة رئيس الحزب أسعد حردان أصدرت بنهايته بياناً أكدت فيه أنها تستشعر أوجاع الناس وتؤيد الدعوة للحوار للبحث عن حلول.
ودعا الحزب السوري القومي الاجتماعي القوى السياسية الى الاستجابة لدعوة رئيس مجلس النواب نبيه بري الى الحوار، ورأى فيها مخرجاً وسبيلاً لجلوس الجميع على طاولة واحدة والوصول الى قواسم مشتركة تصبّ في مصلحة لبنان وتحفظ استقراره وتصون وحدته الوطنية.
موقف «القومي» جاء بعد لقاء لقيادته برئاسة رئيس الحزب الأمين أسعد حردان بحثت خلاله الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية في لبنان، والحالة المعيشية الصعبة التي ينوء تحت وطأتها السواد الأعظم من اللبنانيين.
وشدّد الحزب على أنّ أول الاستحقاقات انتخاب رئيس للجمهورية يُقسم على احترام الدستور، في المحافظة على وحدة لبنان وسلامة أراضيه ويصون علاقاته مع محيطه القومي. ولكن، إلى الآن لا نرى خطوات جدية، فعلى ضفة نرى أوراقاً بيضاء تحرص على التفاهم والاتفاق على رئيس يحترم الدستور، وعلى ضفة يستمرّ وضع العصي في عجلات جلسات الانتخاب.
واعتبر انّ المطلوب رئيس للجمهورية، مؤتمن على الدستور، ولا بدّ من الحوار للوصول الى إنجاز هذا الاستحقاق، وتشكيل حكومة جديدة وتفعيل عمل المؤسسات، كي لا يضيع لبنان في مهبّ عاصفة الأطماع والأخطار.
وأكد الحزب السوري القومي الاجتماعي، وقوفه الى جانب الناس وحمل قضاياهم، ورأى أنّ مطالب الناس لا تتحقق بثورات غوغائية غبّ الطلب، استخدمتها جهات وقوى معروفة لتحقيق أهداف الخارج، فأوصلت لبنان الى المربع المكشوف على كلّ احتمالات الخطر، وقد استفادت من سياسات اقتصادية تكفلت بضرب قطاعات الزراعة والصناعة والإنتاج، ومؤسّسات نأت بنفسها عن تحقيق الإنماء المتوازن وتخلت عن أبسط الواجبات تجاه المواطنين.
في غضون ذلك، وعلى وقع الارتفاع القياسي لسعر صرف الدولار حيث بلغ 43 ألف ليرة للدولار الواحد للمرة الأولى منذ بدء الأزمة، يعقد مجلس النواب الجلسة الحادية عشرة لانتخاب رئيس للجمهورية لن تأتي بأي جديد يذكر عن الجلسات العشر التي سبقتها، لا سيما بعد إجهاض حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر مبادرة رئيس المجلس نبيه بري الحوارية، وسط ترقب داخلي للحراك الخارجي الذي يجري على أكثر من عاصمة لا سيما بين باريس والدوحة بانتظار تبلور مبادرة قطرية – فرنسية تتحول الى تسوية رئاسية تنهي الشغور الرئاسي بانتخاب رئيس قبل وقوع الانهيار الاقتصادي والاجتماعي والأمني الذي يتحدث عنه الأميركيون ومسؤولون دوليون آخرون.
وأشار نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، بعد لقائه الرئيس بري في عين التينة إلى أنّ «هناك أفرقاء لم يقتنعوا بطريقة عقد طاولة الحوار، وفكرة عقد الحوار قبل نهاية العام لا أعتقد أنها واردة»، مشيرًا إلى «أننا لن نخرج من الأزمة الحالية دون أن يكون هناك حوار، وأتمنى أن نصل إلى قناعة بأن نذهب إليه». وكشف أنّ «ما لمسته من رئيس المجلس أن الوقت من أجل أن يكون هناك تفاهم وتشاور محدد وليس إلى ما لا نهاية، وبعده سوف يكون هناك عمل جدي أكثر ابتداء من العام المقبل»، موضحًا أنّ «جلسة الغد (اليوم) ستكون جلسة انتخابية مثل سابقاتها».
ومن المتوقع وفق معلومات «البناء» أن يطلق الرئيس بري موقفاً حاسماً في نهاية جلسة اليوم يتوجه خلاله الى الكتل النيابية كافة بضرورة اللجوء الى الحوار في نهاية المطاف والذي من دونه لن نصل الى تفاهم وتوافق على رئيس جمهورية، ما يفتح المجال أمام تدخلات خارجية تفرض تسوية على اللبنانيين.
ووفق معلومات «البناء» فإن تكتل لبنان القوي سيصوّت بالورقة البيضاء ولن يطرح أي مرشح في هذه الجلسة على أن يحسم موقفه من هذا الأمر مطلع العام المقبل. في المقابل ستبقى خريطة تصويت الكتل النيابية الأخرى على حالها باستثناء بعض التغيير بعدد أصوات النائب المرشح ميشال معوض والورقة البيضاء وظهور أسماء أخرى، كما سيسجل المجلس غياب عدد كبير من النواب بداعي السفر والمرض، إذ علمت «البناء» أن أكثر من 4 نواب مصابين بوباء «الكورونا» أو بـ»الرشح» وسيلتزمون منازلهم حتى تعافيهم.
وإذ وصل الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مساء أمس، وحضر مباراة منتخب بلاده مع منتخب المغرب في التصفيات النهائية لمونديال قطر 2022، يتواجد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل في العاصمة القطرية لحضور المباراة أيضاً ولم يعرف ما إذا كان سيحصل لقاء بين باسيل وماكرون أو لقاءات أخرى يجريها ماكرون أو باسيل مع المسؤولين القطريين بالشأن اللبناني.
وأفاد مصدر لوكالة «سبوتنيك« بأن الرئيس ماكرون سيزور بيروت في 24 كانون الأول ويلتقي الرئيس بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.
ويحاول ماكرون وفق معلومات «البناء» جسّ نبض القيادات اللبنانية من قدرة اللبنانيين على التوافق على شخصية رئاسية تترافق مع تسهيلات دولية، كما سيحث ماكرون اللبنانيين على الإسراع بعقد حوار داخلي للتفاهم على رئيس وتأليف حكومة جديدة وإنجاز الإصلاحات المتبقية لاستكمال التفاوض مع صندوق النقد الدولي. ويحاول ماكرون بالتزامن إقناع السعوديين بالعودة الى لبنان سياسياً ومالياً وإشراكهم بالتسوية الرئاسية بالتعاون مع القطريين والتفاهم مع الأميركيين.
ويجري التعويل في الكواليس السياسية على الدور القطري – الفرنسي الذي يقود تحالف الشركات لاستثمار الغاز والنفط اللبناني، بإقناع الولايات المتحدة والسعودية بعقد تسوية للأزمة اللبنانية بانتخاب رئيس يحظى بتوافق داخلي – إقليمي – دولي ويجري الرهان أيضاً على حدث هام سيأتي على المنطقة يتمثل بانعقاد قمة عمان التي سيحضرها الرئيس الإيراني وولي العهد السعودي والرئيس الفرنسي والملك الأردني وربما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وتشكل هذه القمة اول اختبار لإمكانية الوصول الى تسويات في المنطقة لتهدئة حدّة الصراعات الحالية بين المحورين الإيراني والعربي بقيادة السعودية، وتنسحب على لبنان تهدئة بشكل ما وانفراج بالاستحقاق الرئاسي، طالما أنه من دون توافق أميركي – فرنسي على المستوى الدولي وتوافق سعودي إيراني على المستوى الإقليمي لن نخرج من الأزمة والاستحقاق الرئاسي.
وتوقفت المصادر السياسية عند اللقاء الذي جمع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس ميقاتي مشيرة لـ«البناء» الى أنها كسرت جليد العلاقة اللبنانية – السعودية وفتحت ثغرة في جدار المقاطعة السعودية للبنان وخطوة على طريق العودة السعودية الى الساحة اللبنانية، داعية الى انتظار انعكاسات هذا اللقاء على الداخل اللبناني.
وأشارت مصادر حكومية مطلعة لـ«البناء» الى أن «مجرد فتح صفحة جديدة مع السعودية بعد فترة طويلة من الانكفاء عن لبنان مسألة أساسية، لكن الأمور مرهونة بجملة اتصالات وخطوات ثنائية، لكن في المرحلة الحالية السعودية تعتبر أن الأولوية انتخاب الرئيس وإجراء الإصلاحات وتشديد واضح بهذه الفترة على أن فرنسا والسعودية ستستمران بتقديم الدعم الإنساني للبنان، أي أن الدعم سيقتصر حالياً على الصعيد اللوجستي والانساني بموازاة البحث بالعلاقة السياسية بين البلدين والذي يأخذ وقتاً»، موضحة أن حصول اللقاء وإعادة احياء هذه العلاقة لا يعني حل الأمور والمشكلات، والعلاقة قيد المتابعة والبحث».
ورأى المطارنة الموارنة أن الاتصالات الدولية والعربية الجارية في الشأن الرئاسي اللبناني، تُعطي مزيدًا من الأمل بوصول المجلس النيابي إلى انتخابِ رئيسٍ جديد للجمهورية. وأسفوا خلال اجتماعهم الشهري في الصرح البطريركي في بكركي، برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي للسجال السياسيّ الحادّ حول اجتماع الحكومة الأخير، ورأوا «أنه كان بالإمكان تحاشيه لو أن المسؤولين عالجوا الأمر برويّة وتشاور، وبالحوار البنّاء، بعيداً عن الكيد السياسي، ومع احترام الدستور والميثاق الوطني نصًا وروحاً».