تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 8-12-2022 ملف الاستحقاق الرئاسي عبر الجلسة التاسعة التي سيعقدها مجلس النواب لانتخاب رئيس الجمهورية، بالاضافة الى العديد من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
ألمانيا تلاحق «انقلابيين»… ولافروف: التلاقي التركي السوري في إطار اتفاقية أضنة / حزب الله متمسك بالتفاهم مع التيار رغم الخلاف… والخطوة الثانية عند التيار لا الحزب / جلسة اليوم الرئاسية نسخة عن سابقاتها رغم التلويح بمفاجآت… وآخر جلسات العام؟
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء اللبنانية “فاجأت الأنباء الألمانية التي تحدثت عن مشروع انقلابي لحزب بيت الرايخ الأول، الأوساط الأوروبية والدولية، خصوصاً أن عدد ومواقع الذين ألقي القبض عليهم أقل من أن يمثلوا تهديداً للنظام الألماني، وما لفت الانتباه هو تسريب معلومات عن علاقة لبعضهم بالسفارة الروسية في برلين، التي سارعت للنفي وفعل الكرملين مثلها، ما طرح السؤال حول وجود قطبة مخفية وراء فتح ملف هذه الجماعة الهامشية وتلبيسها ثوباً كبيراً بحجم الانقلاب، لتأزيم العلاقات الروسية الألمانية على خلفية اتهامات لروسيا ينتظر المراقبون متابعة كيفية تعامل الجهات الألمانية معها، طالما أن مصدر المعلومات والتدابير التي تحدثت عن كشف المحاولة الانقلابية هو جهاز المخابرات الألمانية، التي تعمل بتنسيق وثيق مع المخابرات الأميركية المنزعجة من خطوات المستشار الألماني أولاف شولتز نحو موسكو، وفقاً لتصريحاته الأخيرة التي لاقت دعوات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لتقديم ضمانات أمنية لروسيا كمقدمة للتفاوض معها، وهو ما فشل ماكرون في تسويقه أميركياً خلال زيارته الأخيرة لواشنطن.
على صعيد دولي إقليمي حساس كشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن تقدّم على مسار العلاقات السورية التركية، باتجاه العودة الثنائية إلى اعتبار اتفاقية أضنة الموقعة بين الدولتين عام 1998 إطاراً صالحاً لاحتواء الأزمة الحدودية التي تدور حول نشاط الجماعات الكردية المسلحة، بحيث توافق تركيا على أن ضمان أمن تركيا عبر الحدود تتولاه الدولة السورية، وترتضي الدولة السورية منح القوات التركية صلاحيات الملاحقة لمدى جغرافي وزمني معينين عندما تكون تلاحق جماعات مسلحة تسببت بأعمال تستهدف الأمن التركي. واتهم لافروف الأميركيين بتشجيع نزعات انفصالية للجماعات الكردية، داعياً الأكراد الى العودة لدولتهم، مضيفاً أن روسيا متمسكة بأن تضمن اي مبادرة وحدة وسيادة سورية.
لبنانياً، قالت مصادر سياسية في قوى الثامن من آذار، إن العاصفة التي تسبب بها اجتماع الحكومة الأخير لم تهدأ بعد، وإن ما أصاب العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني الحر، بعد موقف رئيس التيار النائب جبران باسيل، الذي حمّل الحزب مسؤولية الجلسة، وتبعه كلام نواب ومسؤولين في التيار بالاتجاه ذاته، لن يلقى تعليقاً من حزب الله المتمسك بالتفاهم الذي يجمعه مع التيار الوطني الحر، وإن الحزب لن يكون الجهة التي تفك تحالفها مع أي من حلفائها، وإن تاريخ حزب الله يقول بأنه يعتمد مناقشة الخلافات في الغرف المغلقة وليس في وسائل الإعلام، وعندما يخرج بكلام علني حول خلاف مع حليف فهذا يعني أن التحالف في أزمة عميقة وأمام مخاطر السقوط، ومن زاوية العلاقة بالتيار لا يبدو هذا هو الحال من وجهة نظر حزب الله، ولذلك تقول المصادر إن الخطوة الثانية بعد كلام قيادة التيار ليست عند الحزب بل عند التيار، ليس فقط لأن الحزب لن يردّ على ما طاله من مواقف واتهامات، بل لأنه لن يبادر الى أي خطوة بانتظار تبلور صورة واضحة عن وجهة ما يريده التيار فعلياً.
الجلسة النيابية التي تنعقد اليوم لانتخاب رئيس للجمهورية لن تسجل جديداً. فالورقة بيضاء باقية خيطاً يجمع الحلفاء رغم الخلاف، ورغم الحديث عن مفاجآت، وفقاً لما تقوله مصادر نيابية في كتل التصويت بالورقة البيضاء، وعن احتمال ظهور مفاجآت في الجلسة المقبلة تقول المصادر إن احتمال ان تكون جلسة اليوم آخر جلسات العام وارد طالما أن الموعد المقبل يفترض أن يكون منتصف الشهر الحالي قبيل موعد عيد الميلاد، حيث يسافر الكثير من النواب الى الخارج قبل الأعياد.
ولا تزال مواقف رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ورسائله التصعيديّة لا سيما تجاه «حارة حريك» تطغى على المشهد السياسيّ بعدما أربكت كافة الأطراف وخلطت الأوراق ودفعت الجميع إلى إعادة حساباته في استحقاقات المرحلة المقبلة وعلى رأسها الاستحقاق الرئاسي.
وإذ تشكل الجلسة التاسعة للمجلس النيابي لانتخاب رئيس الجمهورية أول اختبارات العلاقة بين التيار الوطني وحزب الله لجهة تلويح باسيل بالتوقف عن التصويت بالورقة البيضاء والاتجاه نحو تسمية مرشح بالمواصفات التي وضعها التيار، علمت «البناء» أن تكتل لبنان القويّ لن يقاطع جلسة الانتخاب اليوم بل سيحضرها لكن سيصوّت بالورقة البيضاء بانتظار حسم التكتل لمرشحه الذي قد يظهر في أول جلسة في العام المقبل، على أن نتيجة جلسة اليوم لن تخالف نتيجة سابقاتها من حيث الحضور والتصويت وعداد المرشحين.
وإذ لم يصدر حزب الله أيّ موقف على كلام باسيل التصعيدي، أشارت مصادر نيابية في التيار الوطني الحر لـ»البناء» الى «أننا وحزب الله لسنا حزباً واحداً ومن الطبيعي التباين الحاصل بالمواقف وآخرها حول جلسة مجلس الوزراء التي نكرر أنها غير دستورية وغير ميثاقية وغير وطنية، ونحن وقفنا الى جانب حلفائنا في مراحل صعبة، وكنا نتمنى أن يقفوا معنا في ظل الحرب التي نتعرض لها من أطراف عدة، وصحيح أنه لن يؤدي هذا الخلاف الى قطيعة بين الحزب والتيار والحوار سيستكمل لكن ما حصل أمر جديد بالعلاقة أهمها ابتعاد بيننا في السياسة، الأمر الذي سينعكس على ملفات عدة لا سيما انتخابات رئاسة الجمهورية».
وحذّرت المصادر من «محاولة قوى عدة الضغط على النائب باسيل في ملف الانتخابات الرئاسية لفرض عليه تنازلات والسير بمرشحين لا يمثلون المسيحيين»، مؤكدة أن التيار سيواجه ويخوض معركة الرئاسة حتى النهاية، ولن يقبل إلا برئيس يملك حيثية سياسية على الصعيدين المسيحي والوطني».
ويأخذ التيار على الحزب وفق المصادر أنه كان يعلم بانعقاد الجلسة ولم يحرّك ساكناً باتجاه ثني القيمين على عقدها، بل شارك فيها وكان شاهداً على قراراتها غير الدستورية والشرعية وتتجاوز صلاحيات رئيس الجمهورية وفق ما ظهر بالمرسوم الذي عرضه باسيل في مؤتمره الصحافي والذي وقعه رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عنه وعن رئيس الجمهورية في وقت يجب أن يوقعه الـ24 وزيراً لأنهم يقومون مقام رئيس الجمهورية جميعهم.
ووفق قراءة لمواقف باسيل فإنه يحضر لأمر ما ومواجهة بأسلحة متعددة للمسار الذي يسلكه رئيس حكومة تصريف الأعمال، أهمها التوقف عن حضور جلسات مجلس النواب التشريعية، والطعن بالمراسيم والقرارات التي صدرت في مجلس شورى الدولة، والتوجه للانفراد بتسمية مرشح لرئاسة الجمهورية والإعلان النهائي برفض السير برئيس تيار المردة سليمان فرنجية فضلاً عن إعلان العمل باللامركزية المالية والإدارية بشكل منفرد.
في المقابل كشفت مصادر نيابية في لجنة الصحة النيابية لـ»البناء» أن «كل النواب الموجودين بمن فيهم نواب التيار الأعضاء في اللجنة اقتنعوا بضرورة إقرار البنود الصحية وأن اللجنة تحرّكت من دون طلب من أحد وطالبت بعقد الحكومة، لأنه إن لم تقرّ مراسيم الدواء في مجلس الوزراء سنقع في كارثة صحيّة».
إلا أن مصادر التيار تردّ بالقول إن «هذه الملفات الصحية ليست وليدة الساعة ويمكن إقرارها بمراسيم جوالة، خصوصاً أن مصرف لبنان كان يدعم الدواء بمئة مليون دولار في الشهر وعندما جاء وزير الصحة فراس الأبيض أخذ الحاكم رياض سلامة قراراً بخفض المبلغ الى 35 مليون من دون الرجوع الى وزير الصحة لتحديد حاجات المرضى من الأدوية، وبالتالي كان يستطيع المصرف المركزي زيادة المبلغ، لكن عقد هذه الجلسة تحت العناوين المعيشية والصحية خارج الإطار الوطني في وقت هناك حلول دستورية وقانونية بلا عقد جلسة يشكل استفزازاً مقصوداً للمكوّن المسيحي».
وإذ أبدى عضو كتلة اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله استغرابه حيال خطاب باسيل، محذراً من أبعاده الوطنية، لفت لـ»البناء» الى أن «الخطر الكبير في كلام باسيل هو مطالبته بتطبيق اللامركزية المالية والإدارية بقانون وغير قانون ما يعيدنا الى الطروحات الانعزالية أي الحكم الذاتي»، وتابع: «لا يجوز بهذه الظروف الدولية والإقليمية والاجتماعية استنباط خطابات طائفية وخلق انقسامات جديدة».
واعتبر النائب علي درويش أن «باسيل لم يكن موفقاً بالخطاب الطائفي الذي أدلاه»، موضحاً لـ»البناء» أن «الرئيس ميقاتي استند بعقد الجلسة الى الدستور والى حق الحكومة بتصريف الأعمال خصوصاً بالحالات الطارئة التي تندرج الملفات الصحية وحياة الناس في إطاره»، مؤكدة أن «خطابات ميقاتي وطنية وجامعة، والمسؤول عن هذه الأزمة هو الشغور الرئاسي وليس ميقاتي السبب بعدم انتخاب رئيس، والحل ليس بإطلاق النار على جلسات الحكومة بل انتخاب رئيس للجمهورية».
وكان البطريرك الماروني مار بشارة الراعي التقى ملك الاردن عبدالله الثاني في حضور ولي العهد الأمير حسين بن عبدالله ورأى الراعي أن «لبنان يعاني من عدم وجود سلطة قادرة على الحسم ما ولّد سلطات وأصحاب نفوذ وتقاسم سلطات ويتحمل عبئاً اقتصادياً كبيراً وهويته مهددة وديموغرافيته تتغيّر بسبب وجود نصف مليون فلسطيني ومليون ونصف مليون سوري على أرضه». وطالب الراعي من الأردن بـ «عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة يتناول تطبيق الطائف نصاً وروحاً وقرارات مجلس الامن الثلاثة 1680 و1559 و1701 لحل أزمة اللاجئين السوريين والقضية الفلسطينية وإعلان حياد لبنان».
وفي سياق ذلك، بحث وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمالعبدالله بوحبيب، مع سفراء الدول الاسكندنافية لدى لبنان، قضية النازحين السوريين. وشدد بو حبيب خلال الاجتماع على «ان لبنان لا يستطيع تحمل وجود حوالي المليوني نازح سوري على أرضه من دون تحديد موعد لعودتهم الى بلادهم»، معتبراً أنه «في حال توقفت المساعدات الدولية لهم سيعودون الى بلادهم».
ووفق معلومات «البناء» من مصادر معنية بالملف فإن وزارة المهجرين أنجزت كل ما هو مطلوب منها بملف النازحين ولا سيما بالشق السياسي وتم الاستحصال على كافة الموافقات والتسهيلات والتقديمات من الدولة السورية، لكن العراقيل داخلية وخارجية، هناك ضغوط من الدول المانحة على مفوضية شؤون اللاجئين وعلى الرئيس ميقاتي لعرقلة العودة.
وكشفت المصادر أنه تمّ إعداد لائحة النازحين الذين يرغبون بالعودة من عرسال ويجري إعداد اللوائح أيضاً في كل من عكار وطرابلس. (550 عائلة).
وتحدّثت عن تغير في موقف المنظمات الدولية تجاه الإطار القانوني لأزمة النزوح، إذ اقتنعت مفوضية شؤون اللاجئين بأن القوانين 1951 و1967 تتيح للدولة اللبنانية التعاطي مع الدولة السورية ومن دون العودة الى المنظمات الدولية، لا سيما أن العودة طوعية، وحصل نوع من الاتفاق مع المنظمات للدفع للنازح السوري المال على الأراضي السورية، لكن الدول المانحة لم تعطِ أي جواب بعد للموافقة. ولفتت المصادر الى أنه في حال أعطت الجهات المانحة الضوء الأخضر للمنظمات الدولية بالدفع للنازحين في سورية، تكون نضجت الظروف الدولية لعودة النازحين، وإلا لن يعود النازحون قبل سنوات.
وترأس الرئيس ميقاتي الذي يغادر اليوم الى السعودية للمشاركة في القمة الخليجية – الصينية، اجتماعاً للجنة الوزارية المخصصة للأمن الغذائي في السراي الحكومي، شارك فيه الوزراء موريس سليم، يوسف الخليل، جورج بوشكيان، بسام المولوي، عباس الحاج حسن وأمين سلام الذي أعلن أن «تنفيذ قرض البنك الدولي بشأن القمح سيبدأ بأواخر كانون الأول وبذلك سنحافظ على استقرار لمدة سنة بدعم الخبز».
الى ذلك، علمت «البناء» أن «الزودة على رواتب القطاع العام (ثلاثة معاشات) ستصرَف وتحوّل قبل رأس السنة وبدءاً من 15 الشهر الحالي. إلا أن المساعدة الاجتماعية لأساتذة التعليم الرسمي والتقني (130 دولاراً) لن تعطى للأساتذة كدعم من الجهات المانحة، ويحاول وزير التربية عباس الحلبي تأمين قرض من الدولة لدفعها لكن تعذّر ذلك حتى الآن، مشيرة الى أن أساتذة التعليم الرسمي يتجهون الى الإعلان عن الإضراب المفتوح قريباً.
وبقي قرار وزير المال يوسف خليل بفرض ضريبة الدخل التصاعدية على الرواتب والأجور والتي تصل نسبتها الى (25 %) والتي رفضتها لجنة المال والموازنة في جلستها الاخيرة، بقيت محل متابعة. ووفق معلومات «البناء»، فقد زار وفد من الاتحاد العمالي العام وزير المالية منذ أيام واعترض على هذا الأمر فوعد الوزير بتعديلات على القرار.
وكشفت أوساط نيابية لـ»البناء» أن النواب أجمعوا بالجلسة الأخيرة على الطلب من وزير المال يوسف خليل إعادة درس القرارين لناحية الشطور وسعر الصرف والمفعول الرجعي، لا سيما أن الموازنة أقرّت في شهر 11 من هذا العام، فضلاً عن ضرورة إعادة النظر باحتساب الضريبة على رواتب الدولار على صيرفة، الأمر الذي يربط نسبة الضريبة بسعر صيرفة.
والخلاصة التي خرج بها الاجتماع وفق الأوساط بأن وزير المال خضع لدعوات النواب وتعهّد بإعادة درس القرارات، وبالتالي تجميد العمل بالقرارين ريثما تتم إعادة النظر بهما خلال أيام.
على صعيد القروض الشخصية، علمت «البناء» أن البنك المركزي يُعيد درس موضوع آلية تسديد القروض لإيجاد صيغة لا ترتب أعباء جديدة على المواطنين، والتوجه هو الاستمرار بدفعها على الدولار الرسمي، وذلك بعدما طلب النائب علي فياض ونواب آخرون من وزير المال ومصرف لبنان إعادة النظر بدفع قروض التجزئة والشخصية بالدولار على سعر الصرف الرسمي وليس على 15 ألف ليرة، لكي لا ترتب أعباء إضافية على المواطنين لا سيما ذوي الدخل المحدود”.
الأخبار:
باسيل يضبط السقف والحزب يلتزم الصمت: التيار يبدأ مناورة جديدة من باب الرئاسة
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة الاخبار اللبنانية “التهدئة في التخاطب هي عنوان المرحلة الآن بين حزب الله والتيار الوطني الحر. لكن «الله أعلم كيف سيكون موقفنا في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية» اليوم، على ما قالت مصادر رفيعة في التيار الوطني الحر لـ«الأخبار». وفيما رفضت الإشارة إلى ما إذا كان نواب تكتل لبنان القوي سيستمرون في التصويت بورقة بيضاء، اكتفت بالقول: «القرار لدى النائب جبران باسيل، وسيتبلّغه النواب في اللحظات الأخيرة»، مؤكدة أنه «في شي جديد».
في غضون ذلك، تعمّد حزب الله عدم التعليق على تصعيد باسيل في مؤتمره الصحافي أول من أمس، خصوصاً أن رد الفعل هذا لم يكن مفاجئاً. غياب المسؤولين في الحزب عن الواجهة كان بقرار، فيما القلّة التي تطوّعت للرد التزمت «تعميماً» داخلياً بـ «كظْم الغيْظ»، والتريث في الخوض في النتائِج المحتملة لغضب باسيل، في انتظار رصد أبعاد المضمون السياسي لما قاله، مع التأكيد على «التمسك بالتحالف معه».
وإذا كان حزب الله يتصرف على قاعدة تفهّم غضب رئيس التيار، فإن ذلك ينطلق من اعتبار الحزب أن الأخير يعلم تماماً، كما الحزب نفسه، بأنه لا يمكن التضحية بتفاهم سياسي كانت له نتائج كبيرة على المستوى الوطني. وإذا كان الانفصال وفكّ التفاهم مضراً بحزب الله، فإن باسيل يدرك بأن الضرر على التيار سيكون كبيراً أيضاً. وعليه، فإن الطرفين محكومان بالتفاهم على استمرار التفاهم، مشيرة إلى أن «تفعيل الخط الساخن بين الطرفين لم يحن وقته بعد».
أما باسيل، من جهته، فقد بادر إلى تبريد بعض الرؤوس الحامية التي طالبت في المجلس السياسي للتيار أمس بـ«الإعلان فوراً عن فك التفاهم»، وحض القيادات والمناصرين على عدم الذهاب بعيداً في النقد والمزايدة. وحرص على إبلاغ كل المعنيين داخل التيار بوجوب التزام السقف الذي حدده في مؤتمره الصحافي أول من أمس، وعدم «الشطح» في المزايدة أو الذهاب أبعد، في ظل ارتياح وتأييد عونيين عارمين للتمايز في هذه المرحلة وتكريس الاستقلالية المطلقة في الخيارات.
ونقل زوار باسيل عنه قوله إن انعقاد جلسة مجلس الوزراء «كان رسالة، وقد تم الرد عليها بشكل واضح ومباشر من دون مواربة أو لف ودوران كما يفعل آخرون»، مع اعتياد التيار على رد فعل الحزب في حالات مشابهة، لجهة الانكفاء وعدم التعليق. وتلفت مصادر في التيار إلى أن «تجربة التحريض أو القصاص جربها خصوم التيار منذ عام 2006 على مرأى من الحزب ومسمعه، وهو يعرف جيداً أنها لا تقود مع التيار إلا إلى نتائج عكسية بالكامل».
لكن ذلِك لم يقلّل من أهمية بعض الخلاصات الناتجة من موقف التيار الحاد خصوصاً في ما يتعلق بالملف الرئاسي. فقد اعتبرت مصادر مطلعة أنه «لا يُمكن أن يكون الموقف الحاد لباسيل مرتبطاً بانعقاد جلسة مجلس الوزراء فقط، بل كانت بالنسبة إليه محطة لإيصال رسالة بأن لا مجال للتشاور في ترشيح رئيس حزب المردة سليمان فرنجية وضرورة البحث في خيار آخر»، وهو ما يمكن أن تتبلور بعض ملامحه في مناورة جديدة في جلسة اليوم.
وقالت مصادر التيار إن «التكتل لم يكن قد توصل حتى ليل أمس إلى قرار بشأن الجلسة، لكن النقاش كانَ مفتوحاً على خيارات كثيرة من بينها مقاطعة الجلسة أو التخلي عن الورقة البيضاء والكشف عن اسم مرشحنا الرئاسي».
وقد تداول بعض النواب العونيين باقتراح تصويت التكتل أو نصفه للمرشح ميشال معوض، لكن وجهة نظر باسيل تقول إنه لن يبادل الأخطاء التكتيكية بأخطاء تكتيكية مماثلة، ولن يرد الخطأ الاستراتيجي بخطأ استراتيجي، وإن كان يرى أن الوقت حان للتمايز بالتصويت، طالما أن أهداف كل من المجموعتين من التصويت بالورقة البيضاء ليس هو نفسه.
وبمعزل عن الرسالة السياسية التي أراد باسيل توجيهها، أول من أمس، كردّ أولي على عقد جلسة حكومية من دون التنسيق معه أو رغماً عنه، فإن ما استقاه التيار من هذه الجلسة يتمحور حول «إمكانية إدارة البلد من دون رئيس جمهورية وأن الأولوية اليوم عند حزب الله هي لتسيير أمور الحكومة المستقيلة لا لانتخاب رئيس». هذه المقاربة استفزت باسيل ومعه نواب التيار الذين سمعوا من رئيس التيار أن أي افتراض بأنه يمكن للقوى السياسية الممثلة بالترويكا، وإلى جانبها حزب الله، التعامل مع الفراغ الرئاسي كأمر طبيعي و«بيجي عمهلو»، وأنه يمكن للدولة أن تعمل بشكل عادي لا بل تعيد حكومة منتهية الصلاحية إلى الحياة، سيتم منعه بكل الوسائل المتاحة أكانت سياسية أو شعبية أو قضائية. من هذا المنطلق، يصبح لرفض باسيل لانعقاد جلسة عامة لمجلس النواب لأي سبب باستثناء انتخاب الرئيس، بعدان:
1- رد فعل مباشر على تأمين الغطاء للجلسة الحكومية والإطاحة بما سماه الشراكة الوطنية المنصوص عنها في الطائف والتي تتطلب وجود رئيس جمهورية يمهر المراسيم بتوقيعه ولا يحل محله وزير أو رئيس حكومة.
2- الإطاحة مسبقاً بأي طموح لميقاتي أو غيره بعقد جلسة أخرى عبر التأكيد أن التشريع معطل كما العمل النيابي وكل المعارك والقضايا الملحة إلى حين انتخاب رئيس. بالتالي لا أولوية تعلو فوق هذا الموضوع. اللافت أن رد الفعل العوني هذه المرة ليس مصوباً في وجه ميقاتي أو بري إنما حصراً في وجه حزب الله، شريك وحليف التيار الأساسي. بمعنى أن تفرّد الحزب بعقد جلسة حكومية يدرك مسبقاً حجم ضررها على الموقع المسيحي الأول وعلى ما جرى الاتفاق عليه في مجلس النواب، يعني «تقصّد توجيه ضربة موجعة إلى باسيل مغلفة بعناوين إنسانية». لذلك كانت مقاطعة التيار العامة والشاملة لما يراه حزب الله أولوية، بمثابة ردّ على اعتبار الحزب مسألة الرئاسة غير ملحة ويمكنها الانتظار. كما حرص التيار على تعطيل كل المسارات الفرعية إلى حين إنجاز الانتخابات ولو تطلب الأمر تحالفات مستجدة بين الخصوم.
لكن ثمة من يوضح هنا أن موقف التيار أول من أمس وأمس وغداً هو نفسه الموقف السابق بضرورة تحوّل مجلس النواب إلى هيئة انتخابية فقط، بالتالي الامتناع عن البحث بأي شأن آخر. المستجدّ اليوم، هو بدء ربط الموقف العوني بمواقف القوات والكتائب والمستقلين الذين يدورون في فلك 14 آذار من ناحية التوافق على أولويات ملء الفراغ الرئاسي. ولا شكّ أن البطريركية المارونية لعبت دوراً سريعاً للخروج بموقف مسيحي موحد وجامع بين كل هذه القوى أكان قبيل عقد الجلسة أو بعدها. ترجم الأمر لاحقاً في رفض القوات، حليف بري الرئيسي، حضور الجلسة العامة التي عيّنها رئيس مجلس النواب للبتّ في عريضة الاتهام حول وزراء الاتصالات، ما دفع بري إلى الرضوخ وتأجيلها. حصل ذلك رغم حضور النائب جورج عدوان لاجتماع هيئة مكتب المجلس والاتفاق خلال الاجتماع مع لجنة الإدارة والعدل ورئيسها على حضور الجلسة ومبادرة عدوان إلى التداول باسم مرشح من قبل القوات لتمثيلها في لجنة التحقيق النيابية المعتزم تشكيلها خلال الجلسة. قبل أن تعلن معراب مقاطعتها بشكل مفاجئ لها «من منطلق فرض ضغط سياسي لانتخاب رئيس لأن كل القضايا الأخرى يمكن أن تنتظر، والأجدى تحويل كل الجلسات إلى جلسات انتخاب». هكذا نجحت الأحزاب المسيحية الثلاثة المتناحرة في ما بينها، في تسكير مجلس النواب ومنع انعقاده، ولعب التيار على هذا التوافق الآني لتوجيه ضربة مضادة إلى بري عبر شركائه. علماً أن الأحزاب الثلاثة تفصل ما بين عمل اللجان النيابية حيث سيستمر النواب بالحضور وبين الجلسات العامة، من ناحية تطرق اللجان إلى تحضير القوانين والبحث بموادها من دون القدرة على إقرارها”.
المصدر: الصحف اللبنانية