ركزت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم الخميس 3-11-2022 على نتائج الانتخابات الاسرائيلية والفراغ الرئاسي في لبنان والقمة العربية بالجزائر، وغيرها سلسلة من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
نتنياهو بـ 65 مقعداً… ولن ينسحب من اتفاق الترسيم… وبن غفير يطلب الأمن الداخلي / قمّة الجزائر لأولوية فلسطين… وميقاتي: المنارة انطفأت والمرفأ تفجّر والمطار بلا وقود / بري يسحب دعوته للحوار… وقزّي يبشر بنصاب الـ 65: بكركي لم تكن متحمّسة للدعوة
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “البناء” اللبنانية “حسم فوز بنيامين نتنياهو برئاسة الحكومة في كيان الاحتلال، بعدما منحته نتائج الانتخابات مع حلفائه 65 مقعداً من الكنيست المكوّن من 120 مقعداً، ما يعني أنه يملك أكثرية صلبة كافية لتولي رئاسة الحكومة، دون أن ينفي ذلك متاعب تشكيل الحكومة، في ظل صعود اليمين الديني المتطرف بفوز ايتمار بن غفير بـ 15 مقعداً ومطالبته بوزارة الأمن الداخلي ووزارة الحرب معاً، ومنح تكتله المتطرف واحدة من الوزارتين تكفي لوضع حكومة نتنياهو أمام خطر حرب مفتوحة مع الفلسطينيين في الضفة الغربية والقدس والأراضي المحتلة عام 1948، والتدحرج بسرعة نحو حرب مع غزة، وربما مع لبنان، بينما يتجه نتنياهو لتفادي المزيد من التصعيد بعدما انتهت الانتخابات، وقد كان إعلانه التخلي عن فرضية الانسحاب من اتفاق الترسيم مع لبنان، بعكس ما سبق وهدّد به قبل الانتخابات، تعبيراً كافياً عن فهمه للمعادلات التي تفرض على أي حكومة في الكيان السعي لتفادي الحرب، ولذلك ينتظر المراقبون في واشنطن خصوصاً كيف سيتعامل نتنياهو مع مطالب بن غفير وحلفائه لتفادي المزيد من التصعيد، دون أن يعني ذلك توقع انفتاح سياسي من نتنياهو على السلطة الفلسطينية، او تقدّمه برؤى تفاوضية، أو تخليه عن القبضة الحديدية بوجه الفلسطينيين ومقاومتهم.
بالتوازي مع فوز نتنياهو كانت قمة الجزائر العربية تستمع لكلمة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون عن الحاجة لردّ الاعتبار لمكانة القضية الفلسطينية، كقضية عربية مركزية تحتل مكانة الأولوية في الاهتمامات العربية، بينما كان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يلوّح للمرة المئة بوقف التعاون مع سلطات الاحتلال، وكان لرئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي كلمة أمام القمة تحدّث خلالها عن معاناة لبنان طالباً الدعم والمؤازرة من الأشقاء العرب، مضمناً كلمته إشارات للانهيار الذي يقع لبنان تحت وطأته، بقوله إن لبنان الذي كنتم تعرفونه قد تغير فالمنارة انطفأت والمرفأ تفجّر والمطار بلا وقود. وقالت مصادر متابعة للاتصالات اللبنانية الجزائرية على هامش القمة، إن القيادة الجزائرية تجاوبت مع الطلب اللبناني يتجاوز الأزمة التي نتجت عن تاريخ التعامل بين وزارة الطاقة وشركة سوناطراك الجزائرية وفتح صفحة جديدة، واعتماد المعالجة الهادئة والأخوية للإشكالات السابقة وتداعياتها بعيداً عن التصعيد والتشنج.
سياسياً كان مفاجئاً إعلان رئيس مجلس النواب نبيه بري عزوفه عن دعوته لحوار طلباً للتوافق في ملف انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتضمن الإعلان عن قرار برّي العزوف إشارة الى رفض حزبي القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، لكن الوزير السابق سجعان قزي كشف في اطلالة تلفزيونية عن خلفية ربما تكون أهم لموقف بري، حيث قال حسناً إن الرئيس بري تراجع عن الدعوة، وأدرك أنها غير مرغوبة، مضيفاً أن بكركي لم تكن متحمّسة للدعوة، وأن كلام البطريرك بشارة الراعي كان واضحاً في عظة الأحد بقوله إن الوقت للانتخاب وليس للحوار، وأضاف قزي المعروف بصفته مستشاراً للبطريرك الراعي، أن البحث يجب أن يدور حول نصاب انتخاب الرئيس بالأغلبية المطلقة وليس بالثلثين، في الدورة الثانية، فيما تحدّثت معلومات لمصادر متابعة للملف الاستحقاق الرئاسي أن تشاوراً بين بكركي والسفير السعودي وليد البخاري أفضى الى التفاهم على خوض معركة تخفيض النصاب الرئاسي الى الـ 65 نائباً، ما يسهل إمكانية التوصل لانتخاب شخصية يتفق عليها بين السفارة السعودية وبكركي، بعيداً عن الحاجة للتوافق مع الآخرين، وخصوصاً ثنائي حركة أمل وحزب الله وحلفائهما، ومعهم حكماً التيار الوطني الحر.
توزّع المشهد السياسي اليوم بين الجزائر التي استضافت أعمال القمة العربية، وبيروت التي تتخبّط بأزماتها السياسية والدستورية والاقتصادية.
ويحضر الاشتباك الدستوري حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال والرسالة التي وجّهها الرئيس ميشال عون الى المجلس النيابي والأزمة الرئاسية في جلسة اليوم، حيث من المتوقع أن تشهد الجلسة مداخلات نارية وينتقل السجال من على المنابر الإعلامية الى قاعدة المجلس لا سيما بين نواب التيار الوطني الحر من جهة ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وحركة أمل والقوات اللبنانية من جهة ثانية.
وعشية الجلسة تكثفت الاتصالات بين الكتل النيابية لتحديد مواقفها من رسالة عون وفق معلومات «البناء»، وستتمحور مداخلات التيار الوطنيّ الحر على أن رسالة الرئيس عون الى مجلس النواب كانت تجب مناقشتها الاثنين الماضي قبل نهاية ولاية عون، وبالتالي فقدنا النصف الأول من هدفها بانتهاء الولاية الرئاسية ومعها آخر الآمال بتأليف حكومة وسقوط التكليف، ويبقى الهدف الثاني من الرسالة هو الضغط على المجلس للتأكيد على حدود تصريف الأعمال الضيق للحكومة المستقيلة والحث على انتخاب رئيس للجمهورية. فيما سيؤكد أعضاء كتلة التنمية والتحرير على دور الحكومة الحالية بممارسة صلاحياتها وفق ما ينص عليه الدستور وتسيير الوزراء لأعمال وزاراتهم للحؤول دون الفراغ الشامل.
ووفق ما تقول مصادر مجلسية لـ»البناء» فإن المجلس سيعلن أنه أخذ علماً بالرسالة ولن يصدر أي توصية لكون خريطة توزيع الكتل النيابية لا تسمح باتخاذ أي قرار ولا حتى توصية تحتاج الى أكثرية نيابية بالحد الأدنى. وعلمت «البناء» أن كتلاً عدة سترفض الاستفاضة ببحث الرسالة واتخاذ قرار حيالها والتركيز على انتخاب الرئيس، فيما سيعتمد نواب حزب الله التوازن في الموقف بين التضامن مع حليفهم التيار بدعوة ميقاتي لتجنب الدعوة الى جلسة لعدم استفزاز التيار، وبالوقت نفسه دعوة الوزراء وميقاتي الى تسيير شؤون المواطنين اليومية والحياتية في الوزارات كافة لا سيما الخدميّة منها.
وكشفت وسائل إعلام عن لقاء بين الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وبين المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب النائب علي حسن خليل الاثنين الماضي، تطرّق الى الملف الرئاسي والعمل الحكومي، وتحدّثت المعلومات عن مقاربة مشتركة للثنائي حركة أمل وحزب الله باستحقاق انتخابات رئاسة الجمهورية.
وسبق هذا اللقاء، اجتماع بين السيد نصرالله ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل منذ أيام.
وعلمت «البناء» حصول اتفاق بين «الثنائي» والرئيس ميقاتي على أن لا يدعو الى جلسات للحكومة إلا في الحالات الطارئة وبتوافق مسبق.
ولاقى كلام باسيل في إطلالته التلفزيونية الأخيرة، اعتراض عدد من القوى والشخصيات السياسية والقضائية، لا سيما ما كشفه باسيل عن أن ميقاتي اجتمع بمسؤول فرنسي على يخت وطلب منه عدم تأليف حكومة، فضلاً عن إجراء ميقاتي اتصالات بالقضاء لإغلاق ملف الملاحقة القضائية لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، كما استدعى رداً من المدعي العام التمييزي القاضي غسان عويدات الذي نفى كلام باسيل وشنّ هجوماً عليه.
وفي اليوم الثالث على الشغور الرئاسي، قرّر رئيس مجلس النواب نبيه بري التراجع عن الدعوة الى حوار للبحث في الاستحقاق. وأشار مكتبه الإعلامي في بيان الى أنه «بعد استمزاج الآراء حول الدعوة للحوار بين الكتل النيابية للوصول لرئيس توافقي يعتذر الرئيس نبيه بري عن عدم السير قدماً بهذا التوجه نتيجة الاعتراض والتحفظ لا سيما من كتلتي «القوات» و»التيار».
وكشف الوزير السابق سجعان قزي، أنّ «البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، لم يكن متحمسًا لهذا الحوار، وكان قد قال بأننا في وقت انتخاب رئيس للجمهورية، وأعطى شرارة الانطلاق لكل القوى، بأن الوقت من أجل انتخاب رئيس للجمهورية».
وتوالت المواقف الدولية التي تدعو لانتخاب رئيس للجمهورية، إذ دعت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، أعضاء البرلمان إلى «انتخاب رئيس جديد للجمهورية دون تأخير، رئيس يوحّد الشعب اللبناني من أجل المصلحة الوطنية».
وأشارت إلى أنّه «في ظل غياب رئيس للجمهورية وإلى حين تشكيل حكومة جديدة، تدعو مجموعة الدعم الدولية كل الجهات المعنية إلى التحلي بروح المسؤولية من أجل تنفيذ الإجراءات المسبقة المتفق عليها مع صندوق النقد الدولي بالكامل، وضمان قيام المؤسسات الحاكمة في لبنان بخدمة مواطنيها وتلبية احتياجاتهم الملحة، وتؤكد مجموعة الدعم الدولية استمرارها بالوقوف إلى جانب لبنان وشعبه».
وفي سياق ذلك، أعلن وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، أنّ «المملكة تشدّد على محورية سيادة الدولة اللبنانية»، داعيًا الى «انتخاب رئيس يكون قادراً على توحيد البلاد». وقال بن فرحان: «الصراعات الجيوسياسية تنذر بتقويض العالم على مواجهة التحديات»، مشدداً على أنه «يجب توحيد المواقف لتحقيق غايات العمل العربي المشترك». وأكد أنّ «التدخلات الخارجية والميليشيات تحتم تكاتف جهودنا لمواجهتها»، مشيراً الى أننا «نرفض نهج التوسّع والهيمنة على حساب الآخرين».
وواصل ميقاتي مشاركته بأعمال القمة العربية في الجزائر ولقاءاته على هامش المؤتمر، وأكد في كلمة «أن لبنان الذي تعرفونه قد تغيّر. المنارة المشرقة انطفأت، والمرفأ الذي كان يعتبر باب الشرق انفجر. والمطار الذي يعتبر منصة للتلاقي تنطفئ فيه الأنوار لعدم وجود المحروقات». وعوّل ميقاتي على مساعدة جميع الاخوة العرب للبنان، وقال: «وإننا إذ نستذكر اتفاق الطائف الذي أرسى معادلة الحكم في لبنان، فلتأكيد التزامنا التام به، وعدم تساهلنا مع أي محاولة للمس بجوهره».
وقبل الكلمة أعلن ميقاتي أن «الضمانات الأميركية ستحمي اتفاق الحدود البحرية مع «إسرائيل»، ولبنان «مش خائف» من احتمال إلغاء الاتفاق إذا فاز بنيامين نتنياهو بأغلبية في الانتخابات. وأضاف لـ «رويترز» في اتصال هاتفي “أصبح الاتفاق في عهدة الأمم المتحدة، ولبنان من ناحيته ملتزم بهذا الاتفاق الذي أودع في الامم المتحدة ونحن لا نعتقد أن أحداً يمكن أن يزيح قيد أنملة بهذا الموضوع».
وبرز موقفان من ملف الترسيم، الأول جاء على لسان مرشد الثورة الإيرانية السيد علي خامنئي، الذي لفت الى أنّ «فشل أميركا في سورية ولبنان، خاصة في القضية الأخيرة لترسيم الحدود البحرية، مثال آخر على فشلها بسبب الخطأ في الحسابات».
ولفت، وفق ما نقل الحساب الرسمي لخامنئي في مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أنّ «الأميركيين أخفقوا في لبنان، فهذا الاتفاق الأخير بين اللبنانيين والحكومة الصهيونية الغاصبة حول الحدود البحرية ومصادر الغاز هزيمة لأميركا. قال الأميركيون ينبغي أن يكون كما نقول، لكن حزب الله أحبط هذه الخطط كلها. حقق اللبنانيون هذه النتيجة ببركة حزب الله وروحية المقاومة».
في المقابل اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية، أنّ «اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان و»إسرائيل» يخدم مصالحهما، وسنواصل اتصالاتنا مع الجانبين».
وجاء الموقفان الأميركي والإيراني بعد سلسلة تصريحات لرئيس حكومة الاحتلال السابق بنيامين نتنياهو بعد فوزه في الانتخابات، تستهدف اتفاق ترسيم الحدود.
إلا أن خبراء في الشؤون الاستراتيجية يستبعدون إقدام نتنياهو على خطوة كهذه، مشيرين الى أن تفاهم الترسيم أكبر من نتنياهو ومن المصالح الإسرائيلية، بل يرتبط بالمصلحة الاستراتيجية والقومية الأميركية والمصلحة الحيوية الأوروبية، والقرار الأميركي بإنجاز ملف الترسيم بهذه السرعة يأتي في إطار استراتيجية أميركية بالاعتماد على غاز المتوسط ونفطه على المدى الطويل كبديل عن الغاز الروسي، ما يؤشر الى أن الحرب الروسية – الأوكرانية الأوروبية الأميركية ستطول لسنوات. ويضيف الخبراء أن الاعتبارات والحسابات العسكرية والاقتصادية التي انضبط تحتها الإسرائيليون لن يستطيع أي رئيس حكومة إسرائيلي جديد أن يضربها بعرض الحائط، لا سيما وجود قوة عسكرية كبيرة اسمها حزب الله تستطيع تهديد المصالح الاقتصادية والتجارية والنفطية والغازية الإسرائيلية ومنطقة المتوسط برمّتها. وهذا ما ذكره الوسيط الأميركي عاموس هوكشتاين في تصريحه منذ أيام، بأننا أنجزنا اتفاق الترسيم لتفادي حرب عسكرية ستوقف تدفق النفط من كافة حقول المتوسط ومن الخليج الى اوروبا.
وفي سياق ذلك، أشارت مجلة «ناشيونال إنترست»، في مقال تحت عنوان «حزب الله الرقمي والحرب السياسية على الفضاء الإلكتروني»، إلى أنّ «حزب الله اللبناني تطوّر، وعلى مدى العقد الماضي، إلى واحد من أبطال الإنترنت على الساحة العالمية اليوم». مشيرة الى أن «حزب الله، الذي مزج بين الأساليب التكنولوجية النفسية المتقدمة وطرق الحرب غير النظامية، اصبح رائداً في فن استراتيجية التأثير المتعددة الأوجه، بشكل ساعده على نشر تأثيره بدون الحاجة للمواجهة العسكرية المباشرة مع أعدائه الأقوى».
وفيما يشهد سعر صرف الدولار في السوق السوداء تقلبات مستمرة مع ارتفاع أسعار المحروقات. عاد مشهد اقتحام المصارف إلى الواجهة، فقد اقتحم المودعان ابراهيم بيضون ولديه 113 الف دولار وعلي الساحلي ولديه 60 الف دولار وهو متقاعد في قوى الأمن الداخلي، مصرف الاعتماد اللبناني في الحازمية. وتمكنا من الحصول على مبلغ 50 الف دولار.
وإذ طوّقت القوى الأمنية محيط المصرف واستمرت عمليات احتجاز الموظفين والتفاوض مع المودعين الى ساعة متأخرة من ليل أمس، أشارت جمعية المودعين اللبنانيين الى أنها «تحمّل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي شخصياً مسؤولية أي تصرف أحمق من القوى الأمنية تجاه مَن هم في داخل مصرف الاعتماد، وأي نقطة دم قد تُسال».
وأوضحت بأن مطالب المودعين داخل بنك الاعتماد هي:
– حرية اختيار القاضي.
– حضور رئيس مجلس إدارة البنك جوزيف طربيه الى التحقيق بالتوازي.
– التعهد بأن يصل المودعون مع الوديعة الى التحقيق بشكل آمن.
وتوقعت مصادر أمنية ومصرفية لـ»البناء» تكرار عمليات اقتحام لعدد كبير من المصارف في ظل الفوضى الدستورية والتوتر السياسي والفراغ في المؤسسات، ما يتسبب بفلتان أمني وفوضى في أسواق الدولار”.
الأخبار:
وقائع اتصالات على خط الضاحية – بكركي – الرابية – عين التينة: نصرالله لم يقنع باسيل بفرنجية والراعي مع التوافق وبري لحلّ خلال أسابيع
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة “الأخبار” اللبنانية “لم يكن الرئيس ميشال عون قد غادر القصر الجمهوري بعد، عندما تيقّنت غالبية الأطراف السياسية بأن الأوان قد فات لتشكيل حكومة في الساعات الأخيرة، وهو ما أدّى إلى انتقال النقاش، فعلياً، الى العنوان الرئاسي الذي بات أولوية لدى ثنائي حزب الله – التيار الوطني، بعدما كان عنواناً لتحركات ثنائي أمل – الاشتراكي. لكن الجديد في الأمر هو الحركة المستجدّة للبطريرك الماروني بشارة الراعي لتوفير مناخات تسمح بتوافق مسيحي على شخصية يقبل بها المسلمون. وهذا ما كان محل نقاش واسع خلال الأسبوع المنصرم، وقد توافرت لـ«الأخبار» بعض المعطيات حول نتائج الاجتماعات واللقاءات والاتصالات.
اللقاء الذي جمع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والوزير جبران باسيل، الأسبوع الماضي، أخذ حيّزاً واسعاً من الاهتمام بعدما تكشّف مضمونه، على دفعات، في الأيام الأخيرة. فبعدما أبلغ باسيل قياديين في التيار الوطني الحر ببعض ما دار في اللقاء، أعلن في مقابلة تلفزيونية أول من أمس أن نصر الله طرح معه تولي الوزير سليمان فرنجية رئاسة الجمهورية.
وبحسب معلومات «الأخبار»، فإن هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها نصر الله صراحة مع باسيل حول ترشيح فرنجية، بعدما اقتصر الأمر سابقاً على الإطار العام. وقد طرح نصر الله الأمر من زاوية ضرورة وصول رئيس قوي، بالمعنى الوطني، الى رئاسة الجمهورية، يشكّل ضمانة للخيارات الوطنية في البلد، وأن فرنجية كان يمكن أن يكون رئيساً في 2016 إذ كان في حوزته أكثر من 75 صوتاً في البرلمان، لكنه لم يذهب الى الجلسة تاركاً المجال أمام الرئيس عون استجابةً لرغبة حزب الله. وفي المعلومات أن الأمين العام لم يبلغ ضيفه أن الحزب قرّر نهائياً السير في ترشيح زعيم تيار المردة، لكنه شرح له أهمية أن يكون فرنجية رئيساً. ومع ذلك، لم تقنع مطالعة نصر الله باسيل لتعديل موقفه، مكرراً رفضه تأييد ترشيح فرنجية، مبدياً استعداده لترتيب حوار مع الأخير من أجل الوصول الى مرشح ثالث بالتوافق مع بكركي.
لقاء نصر الله – باسيل سبقه اتفاق بين حزب الله وأمل على دخول معركة الرئاسة بتوافق كامل بين الطرفين، والتمسك بخيار فرنجية كمرشح مقبول داخلياً وخارجياً، وعدم الرضوخ بأي شكل لخيار رئيس على شاكلة ميشال سليمان لجهة خروجه عن الخيارات والمعادلات الوطنية، ولا سيما «الجيش والشعب والمقاومة». وتجدد هذا الاتفاق الأسبوع الماضي بعد اجتماع تنسيقي بين حزب الله وأمل، جرى فيه عرض للتطورات على المستوى الحكومي، والبحث في سبل الحفاظ على الهدوء وتبريد الأجواء الحكومية كي لا تشكل دافعاً لعزل التيار الوطني الحر أو الاستفراد به. وقد انعكس ذلك في التحوّل في موقف الرئيس نجيب ميقاتي الذي كان يصرّ، بداية، على عقد جلسة لمجلس الوزراء والذهاب بعيداً في استفزاز الرئيس عون، بغض نظر من الرئيس بري. إلا أن موقف حزب الله بضرورة إبقاء الأمور ضمن تصريف الأعمال واجتماعات الضرورة القصوى، خفّف من حدّة الاشتباك في الملف الحكومي.
من جهة رئيس المجلس، فإن المناخات السلبية التي طبعت علاقته مع الرئيس عون، وخصوصاً في الفترة الأخيرة، تحوّلت الى اشتباك سياسي مع باسيل والتيار الوطني الحر بعد انتهاء ولاية رئيس الجمهورية. إلا أن رئيس المجلس الذي يكرر أنه لن يسكت أمام التعرض له أو لحركة أمل، لا يزال يعتقد بأن الحوار هو أفضل السبل للخروج من الأزمة، ويقول إن دعوته الكتل النيابية الى التشاور كانت تهدف الى فتح كوّة في الجدار المرتفع أمام التوافق على رئيس جديد للجمهورية.
وينقل عن بري قوله إنه نجح مرات عدة في إقناع وليد جنبلاط بالتوافق على مسائل رئيسية في البلاد، رغم كل الضغوط التي يتعرض لها الزعيم الدرزي من حلفاء له في لبنان ومن عواصم خارجية، وإنه فاتح جنبلاط أكثر من مرة بضرورة الوصول الى تفاهم على ملف رئاسة الجمهورية، وأن السير بمرشح تحدّ لن يوصل البلاد الى إي حل.
ويؤكد بري أمام زواره أن «البلد لا يمكنه أن يحتمل فراغاً طويلاً في موقع الرئاسة، ولا بد أن من انتخاب رئيس في غضون أسابيع وليس أشهر، لأن الفراغ هذه المرة مكلف جداً على كل الصعد، ولا سيما اقتصادياً».
ويأسف بري لـ«التحريض» الذي يمارس ضد دعوته إلى الحوار، لافتاً إلى أنه نظّم سابقاً أكثر من ثلاث جولات للحوار ساهمت في تخفيف الاحتقان في البلد وتقريب وجهات النظر، مستغرباً «ما الذي تغيّر حتى يرفضوا اليوم؟». ولفت إلى أنه لم يهاجم عون إلا في الفترة الأخيرة بعدما صار الأخير يهاجمه ويحمّله علناً مسؤولية عرقلة العمل في الحكومة والمجلس النيابي، مشيراً إلى أن ما يُنقل عنه بأنه تعهّد بأنه لن يدع الرئيس عون يحكم «كلام عار من الصحة، ولا يمكن أن نفكر بهذه الطريقة. والصحيح أننا وقفنا الى جانبه وساهمنا في دخوله بقوة الى الدولة يوم كان الجميع ضد ذلك، لأن له حيثيته التمثيلية عندما نال 70% من أصوات المسيحيين».
من جهته، أطلق البطريرك الماروني بشارة الراعي دينامية جديدة بشأن الملف الرئاسي. التقارب الواضح بينه وبين باسيل حول ضرورة حصول توافق على رئيس جديد للجمهورية، جعله يمضي في نقاش حول لائحة أسماء بطريقة تشير الى اقتناعه بفكرة أن يكون هناك توافق إسلامي – مسيحي على الرئيس الجديد، وأنه كما يعارض فكرة أن يفرض المسلمون على المسيحيين رئيساً، يرفض إلزام المسلمين باختيار رئيس لا يتوافقون معه في المسائل الوطنية الرئيسية.
ورغم تركيز الراعي على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وإبلاغه من يهمّه الأمر أنه لن يتناول موضوع الحكومة من زاوية خلافية، إلا أنه مقتنع بأن حكومة ميقاتي لا يمكنها الحلول محل رئيس الجمهورية، ناصحاً بعدم ذهاب المسؤولين عنها الى خطوات تعبّر عن رغبة مبيّتة في تجاوز موقع الرئاسة، وداعياً في الوقت نفسه الى فتح جميع قنوات الحوار من أجل التفاهم على الملف الرئاسي وأولويته.
وفي الأسبوعين الماضيين، أجرى الراعي مباشرة، أو من خلال موفدين، جولة من اللقاءات شملت أبرز القيادات اللبنانية الإسلامية والمسيحية. وحصل تواصل مباشر بينه وبين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، مشدداً لهما على أن الاتفاق المسيحي – المسيحي يسهّل الاتفاق مع بقية اللبنانيين على الرئيس الجديد. كما تواصل مع بري عبر زيارة للنائب علي حسن خليل إلى بكركي، وكذلك مع حزب الله، للبحث في مواصفات الرئيس المقبل، وصولاً الى تبادل الآراء حول أسماء مرشحين لا يشكلون استفزازاً لأيّ قوة رئيسية في البلاد، ويمكنهم أن يؤدّوا دوراً إنقاذياً في المرحلة المقبلة، وإعادة التواصل مع العالم العربي والغرب.
الراعي الذي كان مهتماً بمعرفة موقف ثنائي أمل – حزب الله سمع كلاماً واضحاً بعدم وجود أي فيتو على أي مرشح مسيحي توافقي، وأن فكرة مرشح المواجهة من شأنها تعطيل مهمة انتخاب الرئيس. لكن حزب الله كان حاسماً، بصورة قاطعة، برفض اعتبار سمير جعجع مرشحاً طبيعياً، من دون أن يعطي أي موقف من أي مرشح آخر، علماً بأن الحزب سبق أن ابلغ الراعي وقيادات مسيحية أخرى أنه سيكون الى جانب أي توافق مسيحي – مسيحي على رئيس يضمن الوحدة الوطنية”.
المصدر: الصحف اللبنانية