لعلَّ المآسي التي تُحيطُ اللبنانيَ من كلِ حدبٍ وصوبْ ، مصحوبةً بسياساتِ النَكَدِ اليوميةِ قد شوَّشَتْ رؤيةَ انجازِ الخطوةِ التاريخيةِ كدولةٍ نفطيةْ.. ولعلَّ التنقيبَ في الازمةِ يَكشُفُ أنَّ الدولةَ العميقةَ التي تُمسِكُ بأرزاقِ اللبنانيينَ وماليَتِهِمْ العامَّة، ليسَتْ مسرورةً بالإنجازِ اللبنانيْ، ولا بالآمالِ التي تُبنَى على الخطوةِ لإراحةِ الاقتصادِ وتخفيفِ الحصارْ.. ولذا بَقيَ الدولارْ – سيءُ الذِكرْ – على حالِهِ دونَ أيِ اهتزازْ، تماماً كالسياسيين الذين يَسوقونَ البلادَ الى الفراغِ الكبيرِ دونَ ارتداعْ.. فلا حكومةَ الى الآن، ولا رئيسَ جديداً للجمهوريةْ، ومؤشرُ الساعاتِ القليلةِ المتبقيةِ لا يَشي بالجديدْ..
وفي آخر ساعاتِ العهدِ كلامٌ رئاسيٌ عبر شاشةِ المنارْ، في إطلالةٍ خاصةٍ للرئيسْ العمادْ ميشال عون عندَ التاسعةِ من مساءِ اليوم..
واليومْ كان قصرُ بعبدا زاخراً بالنشاطْ، من مسارِ ترسيمِ الحدودِ البحريةِ مع قبرص السهلةِ المنالْ، الى المواقفِ التي رافقَتْ اللقاءاتِ الوداعيةِ، وأبرزُها مع الاعلاميين المعتَمَدين، حيث كان إنجازُ الترسيمِ اجملَ الكلامْ، وهديةَ الرئيسْ للبنانيين في آخرِ الايامْ – كما قال..
ومن أقوالِهِ التي تصدِّقُها الوقائعُ أنَّ ما تحقَّقَ في ملفِ الترسيمِ إنجازٌ لكلِ لبنان، وأنَّ الكِيانَ العبريَ الذي اعتادَ أن يأخذَ من العربِ، استطاعَ لبنانُ أن يأخذَ منهُ الحدودَ البحريةَ زائدْ حقلْ قانا كاملاً، دونَ أيِ شائبةٍ تطبيعيةٍ مع العدو، الذي قال الرئيسْ عون إن لا اعترافَ به على الاطلاق ..
في اعترافاتِ الصهاينةِ الصريحةِ، أنَّ سلاحَ حزبِ الله الذي وضعَهُ السيدْ حسن نصر الله على طاولةِ المفاوضاتِ جَلَبَ للبنانَ ما سمَّاهُ محللوُهُم بالانتصارِ الكبيرْ، مؤكدين بكلِ خيبةٍ أنَّهم لم يستطيعوا الحصولَ على شيءٍ من الاعترافِ بكِيانِهِم من لبنان، ولا على أيٍ من إشاراتِ التطبيعِ مَعَه..
أمَّا المَطبُوعُون بعناوينِ الخيبةِ في لبنان، فلا يزالون يدفنونَ رؤوسَهم في رمالِ الاحقادِ كي لا يَروا الانجازَ الساطعِ الذي تحقَّقَ لكلِ لبنان، ولو استطاعوا لعطَّلُوهُ لمنعِ الانفراجِ وإراحةِ البلادِ والعباد..
في بلادِ الجمهوريةِ الاسلاميةِ الايرانيةِ كانت اليومَ الصورةُ الحقيقيةُ. جماهيرُ مليونيةٌ عمَّت المدنَ الكبرى والساحاتِ تأكيداً على قِيَمِ الثورةِ الاسلاميةِ ورفضاً لمخططاتِ التخريبِ والارهاب..
المصدر: قناة المنار