تناولت الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 15-10-2022 سلسلة من الملفات بينها الملف الرئاسي اللبناني وملف مجزرة الطيونة في الذكرى السنوية الاولى على حصولها وكيفية التعامل القضائي مع هذه القضية، بالاضافة الى ملف ترسيم الحدود البحرية وما يرتبط به لجهة الوصول الى النتائج المبتغاة منه، وغيرها من الملفات المحلية والاقليمية والدولية.
البناء:
بو صعب: رسائل الغاز نهاية الشهر… وفياض: حصة نوفاتك لقطر… وقاسم: رئاسة التحدّي بلا أفق حزب الله وأمل في إحياء ذكرى مجزرة الطيونة: القضاء مسيّس ولن تمرّ محاولات التمييع الأمن العام يبدأ بتنظيم قوافل العودة الطوعية للنازحين… وحملة دولية للتعطيل… رغم الكوليرا
وتحت هذا العنوان كتبت صحيفة البناء ” ثروات الغاز والنفط من جهة والرئاسة من جهة موازية يتصدران المشهد اللبناني، وتتناوب حولهما المواقف المحلية والخارجية، حيث اعتبرت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الخارجية في ختام زيارتها للبنان، أن «الصداقة مع لبنان تسمح لنا أن نقول إنه لا يستطيع أن يتحمل الفراغ وعلى المسؤولين أن يكونوا على قدر المسؤولية». وشددت كولونا على أن «الاتفاق التاريخي الذي عقده لبنان مع «إسرائيل» في موضوع ترسيم الحدود البحرية لن يحلّ مكان الإصلاحات التي تبقى أولوية ويجب تطبيق الاتفاق مع البنك الدولي. وهذا الخيار الوحيد لإرسال رسالة ثقة إلى المستثمرين والإتيان بالتمويل الذي يحتاج إليه لبنان».
في وقائع الملفات، أعلن نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب كمسؤول عن متابعة العلاقات اللبنانية الأميركية في ملف النفط والغاز أن الرسائل الرسمية لإنجاز الملف ستوجه في نهاية الشهر الحالي، بينما قال وزير الطاقة وليد فياض إنه تبلغ رغبة قطرية بالاستحواذ على حصة شركة نوفاتك الروسية في الائتلاف المعني بالتنقيب والاستخراج من البلوكين اللبنانيين البحريين 4 و9، بعدما انسحبت الشركة الروسية، وجرت مباحثات أميركية قطرية قادها عاموس هوكشتاين لشراء قطر حصة الشركة الروسية والمشاركة في الصندوق الجانبي الذي سيموله القطريون شركة توتال لسداد الأموال التي اتفق عليها الأميركيون مع حكومة الاحتلال لقاء تسويق القبول بالاتفاق، بصفتها تعويضاً عن حصتها من حقل قانا، ورفض لبنان أن يؤثر ذلك على حقوقه الخالصة بموجب العقد مع الشركات المشغلة.
في الملف الرئاسي كلام لنائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، حسم من خلاله استحالة مرور رئيس التحدي، بقوله «لا مجال لنجاح رئيس جمهورية بالتحدي والاستفزاز حتى لو اجتمع مع هؤلاء كل دول العالم، لأن المطلوب أن نبحث في لبنان عن قواسم مشتركة من أجل الاتفاق على رئيس يُطمئن ولا يكون منحازًا للدول الأجنبية».
الملف اللبناني الذي حضر بقوة في المراجعات الخارجية والاهتمام الداخلي كان ملف عودة النازحين السوريين، حيث بدأ الأمن العام اللبناني بتنظيم قوافل العودة الطوعية، التي قال عنها المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم إنها لا تنتظر الضوء الأخضر من أحد، وجاءت الحركة الأوروبية التي عبرت عنها وزيرة الشؤون الخارجية الفرنسية بربط العودة مجدداً بالحل السياسي في سورية، بينما خرجت منظمة العفو الدولية ببيان يندّد بالخطوة اللبنانية، من دون أن يكلف أحد من هؤلاء ومن يمثلون، نفسه عناء السؤال عن مصير الأموال التي يقومون بإنفاقها تحت شعار دعم بقاء النازحين، بينما تفتك بهم الكوليرا بسبب فساد الآليات المتبعة في إنفاق الأموال ودور الجمعيات المعتمدة لذلك وفقاً لحسابات سياسية صرفة، بينما الاستجابة لطلب لبنان وسورية بتحويل هذه الأموال للعائدين الى سورية، يوفر لهم حياة لائقة ويجنبهم متاجرة تجار الموت المتعددي الصفات، سواء الذين ينهبون المساعدات أو الذين يدبّرون لهم رحلات المخاطرة بالزوارق المهترئة بوهم الهجرة.
بالتوازي حضرت ذكرى مجزرة الطيونة، عبر إحياء المناسبة على مستوى قيادتي حزب الله وحركة أمل، حيث تكلم كل من رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين ورئيس الهيئة التنفيذية في حركة أمل مصطفى فوعاني، وقال صفي الدين «بعد كل هذه المتابعة، إن كنا نشك في يوم من الأيام بمسار تحقيقي بهذه القضية، نحن اليوم لا نشك بل على جزم ويقين أن من يتولى هذه القضية ليس قاضياً نزيهاً بل مسيّس، ويستمع للتدخلات السياسية ويحسب حسابات سياسية ويقايض». ولفت إلى أن «عدداً كبيراً من المستجوبين والمطلوبين لم يأتوا إلى التحقيق، ثم حصلت مماطلة بالادعاء، مع أن مفوض الحكومة طلب من المحقق ذلك الا أنه لم يفعل، واشترط أن يحيد البعض، وهذا ليس قضاء بل تسييس وإستهتار بالحادثة، فالقاضي الذي يريد أن يستخفّ بدماء شهدائنا لا يمكن أن نسكت عنه مهما كان الأمر، والذي لا يملك شجاعة اتخاذ الموقف القضائي المطلوب فليجلس في البيت».
ولا يزال ملف ترسيم الحدود الاقتصادية الحدث الأبرز الذي يطغى على المشهد الداخلي، في ظل واقع الركود الذي يسيطر على الملفين الرئاسي والحكومي على مسافة أسبوعين من نهاية ولاية رئيس الجمهورية. وبعد إعلان الرئيس ميشال عون موافقة لبنان على الصيغة الأميركية النهائية للترسيم خلال كلمته أمس الأول، تتجه الأنظار الى المراحل والخطوات المقبلة لهذا الملف، إذ توقع نائب رئيس مجلس النواب الياس بوصعب، تسليم الرسائل الموقعة من لبنان والعدو الاسرائيلي بحسب الآلية التي وضعت في آخر أسبوع من شهر تشرين الأول.
واعتبر بوصعب أن «حاجة القارة الأوروبية بالفعل لأي مصدر بديل للغاز الروسي سهلت إتمام الاتفاق ومنح لبنان فرصة كبيرة لإنجاز هذا الاتفاق وللحصول على كامل حقوقه وفي المقابل الجانب الإسرائيلي يدرك أنه استفاد من خلال هذا الاتفاق بعد أن بات قادراً على إنتاج الغاز بمجرد أن منح لبنان حقه في إنتاج غازه». وبحسب بوصعب، والدراسة التي أجرتها توتال «يوجد في حقل قانا 1.7 تريليون متر مكعب من الغاز، مقابل 2.2 تريليون في كاريش، إلا أن هذه الأرقام تبقى مجرد احتمال إلى أن يبدأ الحفر».
وكان ميقاتي عقد اجتماعاً مع وزير الطاقة والمياه وليد فياض وأعضاء هيئة ادارة قطاع البترول. وكشف فياض «عن رغبة قطرية في الدخول إلى التحالف للتنقيب عن النفط في البلوكين 4 و9. وقال: «لقد وردت الرغبة القطرية عبر رسالة من وزير النفط القطري سعد الكعبي أعلن فيها نيات دولة قطر الشقيقة بمشاركة لبنان بالدخول الى التحالف الذي سينقب في البلوكين 4 و9 لتصبح قطر الشريك الثالث لشركتي «توتال» «وأيني» في هذين الحقلين، وهذا أمر مهم جداً، لأننا نعرف قدرة قطر الاستثمارية ورغبتها التي أعلنت عنها عبر زيارات مختلفة لسفيرها للوزارة للاستثمار في النهوض الاقتصادي للبنان في قطاع النفط والغاز، في التنقيب وإنتاج الطاقة».
وعلمت «البناء» أن فياض ومسؤولين آخرين تلقوا سلسلة اتصالات من شركات أجنبية وعربية أبدت عزمها واستعدادها للاستثمار في لبنان في قطاع الطاقة والكهرباء.
وبعد انفراج ملف الترسيم وتوقعات جذب الاهتمام الخارجي الى لبنان وتحقق فورة نفطية ونهضة اقتصادية خلال السنوات القليلة المقبلة، عاد قانون «إنشاء الصندوق السيادي» الخاص بالنفط والغاز الى الواجهة، وأفادت معلومات «البناء» عن إحياء اللجنة النيابية الفرعية لهذا الملف والتي توقف عملها في العام 2020 برئاسة رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، لدراسة ودمج أكثر من مشروع قانون لهذه الغاية».
وسيجري تقسيم عائدات النفط التي تُعدّ بمثابة أصول الدولة كالذهب الى جزءين: ثمانون في المئة ادخار و20 في المئة مساهمة لاستعادة الاستقرار الاقتصادي، وبالتالي تدخل الأموال في الموازنة لكن لن تكون مهمة الصندوق لإطفاء الخسائر وسد العجز.
وأشار كنعان في حديث تلفزيوني إلى أنه سيدعو لجنة المال إلى جلسة الاسبوع المقبل إن كانت هناك إمكانية، «لنجتمع بشأن الصندوق السيادي، ولا بد أن يكون قانونًا عصريًا وعلميًا». مشدداً على ضرورة وجود إدارة وحوكمة رشيدة ومستقلة من خلال سياسة لا ترتكز على إطفاء دين وتغطية هدر وعجز موازنات بل على الادخار كما يحصل في كل الصناديق السيادية في العالم ونحافظ على الأصول لتنمية اقتصادية واجتماعية»، موضحاً أنه يمكن إدخال بعض عائدات الصندوق في الموازنة لكن لن يكون الصندوق ضمن الموازنة.
لكن الإشكالية تكمن بالجهة التي ستمارس الوصاية على الصندوق.. وزارة المال أو رئيس الجمهورية، بحسب أحد مقترحات القانون، ويشير كنعان الى أن الصندوق سيكون تحت مبادئ «سانتياغو» التي وضعها صندوق النقد الدولي كما في أغلب دول العالم، أي المساءلة والرقابة والشفافية والحوكمة والإشراف وطبعاً من خلال المؤسسات السيادية اللبنانية ضمن سياسات نقدية ومالية مستقلة».
في المواقف الدولية، رأى المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك – في بيان بأن اتفاق الترسيم «يمكن أن يعزز الاستقرار المتزايد في المنطقة، ويعزز الرخاء للشعبين اللبناني والإسرائيلي».
وبعدما فشل حزبي القوات والكتائب اللبنانية وتكتل نواب التغييريين الـ13 بمحاولة تشويه إنجاز تفاهم الترسيم الاقتصادي وتظهيره على أن تنازلاً من قبل الحكومة ورئيس الجمهورية بتغطية من حزب الله، عمدوا الى التشكيك بهذه الاتفاقية وتطبيقها ونقلوا المعركة الى مجلس النواب من خلال مطالبتهم بإحالة الاتفاقية الى المجلس لمناقشتها وإبرامها.
في المقابل يرفض ثنائي حركة أمل وحزب الله وتحالفهما وأيضاً كتلة اللقاء الديموقراطي ولبنان القوي وتكتل نواب عكار مناقشتها وإبرامها في مجلس النواب لكونها ليست اتفاقية ولا معاهدة ولا تتطلب إقراراً في مجلس الوزراء ولا إبراماً في البرلمان.
وفيما أكد النائب غسان سكاف لـ»البناء» ضرورة إبرامها في مجلس النواب، يرفض النواب المستقلون الثلاثة عبد الرحمن البزري وأسامة سعد وشربل مسعد ذلك. كما سيلتزم نواب التيار الوطني الحر بموقفهم رفض إبرامها في المجلس وفق خطاب رئيس الجمهورية الذي أكد بأن التفاهم ليست اتفاقية ولا معاهدة أو ترسيم حدود بحرية وبالتالي ليست تطبيعاً مع العدو.
وحذرت مصادر نيابية عبر «البناء» من توجه بعض الكتل النيابية المعارضة لجر المجلس الى مناقشة الاتفاقية وإبرامها لتظهير أنها تطبيع اقتصادي وحدودي مع العدو الإسرائيلي، الأمر الذي يخدم العدو. وشدّدت على أن «نص الوثيقة الأميركية يصب في مصلحة لبنان بعكس ما يحاول البعض تصويره على أنه تنازل للعدو من تحت الطاولة، وأكدت المصادر أن لبنان نال حقوقه كاملة وما كان يطالب به في حقل قانا والخط 23 ولم يعترف بخط الطفافات البحري الذي رسمته «إسرائيل» وحاولت تحويله الى خط حدود بحري، كما لم يلتزم بأي شراكة اقتصادية أـو نفطية أو امنية مع «إسرائيل»، كما نص التفاهم على أن لا علاقة للبنان بأي تفاهم بين شركة توتال والعدو بما خص تعويضات مالية بحقل قانا».
وملأت جولة وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا السريعة على المسؤولين اللبنانيين، فراغ الساحة السياسية، ودعت الى «انتخاب رئيس جديد للجمهورية قبل انتهاء هذا الشهر»، مشيرةً الى أنّ «الرسالة التي أحملها اليوم هي وجوب احترام الاستحقاق الدستوري وهذه ضرورة أساسية للبنان وهو لا يحتمل خطر الفراغ في السلطة». وأكدت في مؤتمر صحافي من مطار بيروت الدولي في ختام جولتها أنّ «انتخاب الرئيس اللبناني المقبل يعود إلى اللبنانيين وحدهم، وعليهم اختيار رئيس يستطيع أن يرأس الشعب ويعمل مع اللاعبين الإقليميين والدوليين لتخطّي الأزمة الحالية لضمان استقرار وأمن وسلامة لبنان».
كما لفتت الى أنّ «الاتفاق التاريخي الذي عقده لبنان مع «إسرائيل» في موضوع ترسيم الحدود البحرية لن يحلّ مكان الإصلاحات التي تبقى أولوية».
كما التقت الوزيرة الفرنسية، رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي في السراي الحكومي، والتقت رئيس المجلس النيابي نبيه بري في عين التينة.
على الصعيد الحكومي، نفى مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية ما بثته محطة «ام تي في « في نشرتها مساء أمس من كلام لرئيس الجمهورية حول الملف الحكومي نسبتها الى مصادر رئاسة الجمهورية. وأشارت أوساط مواكبة للحراك الحكومي لـ»البناء» الى أن الاتصالات شبه مجمدة، مرجحة انتهاء العهد بفراغ مزدوج رئاسي وحكومي عبر حكومة تصريف الأعمال. واتهمت مصادر التيار الوطني الحر عبر «البناء» الرئيس ميقاتي بأنه لا يريد تأليف حكومة في ما تبقى من العهد لكي يتفرد بالحكم في فترة الشغور.
وفيما أظهرت جلسة انتخاب الرئيس الأخيرة بأن الفراغ سيكون سيد الموقف لأشهر مقبلة، أشار النائب غسان سكاف لـ»البناء» الى أن «الأجواء ملبدة، هناك اتصالات مكثفة تجري في موضوع الرئاسة لتحديد من سيكون الرئيس التوافقي. وهذا ما أعمل شخصياً لتحقيقه لكوني مستقلاً وأتواصل مع كل الفرقاء. تأليف الحكومة سيكون مستحيلاً قبل نهاية العهد، خصوصاً ان الاندفاع لتأليف الحكومة سيضخم ظروف إرساء الفراغ».
من جهته، أشار نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، خلال احتفال في صيدا، الى أنّه «لا مجال لنجاح رئيس جمهورية بالتحدي والاستفزاز حتى لو اجتمع مع هؤلاء كل دول العالم، لأن المطلوب أن نبحث في لبنان عن قواسم مشتركة من أجل الاتفاق على رئيس يُطمئن ولا يكون منحازًا للدول الأجنبية».
بدوره، لفت رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين، في الذكرى السنوية الأولى لأحداث الطيونة، «أن من يتولى هذه القضية ليس قاضياً نزيهاً بل مسيّساً، ويستمع للتدخلات السياسيّة ويحسب حسابات سياسية ويقايض».
ولفت صفي الدين في كلمة له بالمناسبة الى أن «عدداً كبيراً من المستجوبين والمطلوبين لم يأتوا الى التحقيق، ثم حصلت مماطلة بالادعاء، مع أن مفوّض الحكومة طلب من المحقق ذلك الا أنه لم يفعل، واشترط أن يحيّد البعض، وهذا ليس قضاء بل تسييس واستهتار بالحادثة، فالقاضي الذي يريد أن يستخفّ بدماء شهدائنا لا يمكن أن نسكت عنه مهما كان الأمر، والذي لا يملك شجاعة اتخاذ الموقف القضائي المطلوب فليجلس في البيت». وأكد أننا «سنتابع هذا الملف حتى النهاية في القضاء ولن نسلم على الإطلاق لهذه النتائج الواهية الاولية والقضاء يجب ان يتحمل مسؤوليته، واذا كان أحد في هذا البلد يعتقد ان هذه الدماء ستذهب هدراً نقول لهم: نحن الذين لم نقبل ان تذهب دماء شهدائنا هدراً والحق يجب أن نصل اليه وسنصل اليه»”.
الأخبار:
الاتفاق لم يبرم ولم يُصادق عليه… واحتمالات الحرب لم تنتفِ بعد
وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار ” يفترض أن يُعرض اتفاق ترسيم الحد البحري بين لبنان و«إسرائيل» للتصويت الحاسم على طاولة الحكومة الإسرائيلية في 26 الجاري، وهو الإجراء الأخير بعد التصويت عليه في المجلس الوزاري المصغر، وبعدما أودع في الكنيست لإطلاع أعضائه عليه، لينتهي مسار المصادقة العملية على الاتفاق من ناحية تل أبيب.
في السجالات التي لا تنتهي في لبنان و«إسرائيل»، وإن بمستوى أقل، تغيب واحدة من أهم نتائج الاتفاق المتبلور، وهي الحرب التي كانت احتمالاتها عالية جداً. أحسنت «إسرائيل» الرسمية لنفسها في أنها تجنبت الحرب بتنازلات نسبية عن جزء مما كانت تدّعي أن لها حقاً راسخاً فيه، وكذلك عبر رفع الفيتو الأميركي عن التنقيب عن الغاز في المياه الاقتصادية اللبنانية. لكن، هل تجنبت «إسرائيل» الحرب حقاً؟
ليس السؤال هامشياً، ولا هو في غير وقته، باعتبار أن الطرفين يتجهان لإبرام الاتفاق. بل هو نتيجة طبيعية لتعقيدات مرحلة اليوم الذي يلي المصادقة النهائية، والمرحلة التي تسبق ذلك وإن كانت أياماً فقط. إذ توجد جملة عراقيل تسبق المصادقة في «إسرائيل»، ولا يقين كاملاً إزاءها. وهناك عراقيل ستكون «إسرائيل» معنية بها إن استطاعت، في مرحلة ما بعد التوقيع وبدء التنفيذ وطوال مراحله اللاحقة:
أولاً، لم ينته مسار المصادقة على الاتفاق إسرائيلياً، وإن كان احتمال المصادقة مرتفعاً جداً، مع احتمال مقابل ضئيل جداً. المهلة التي وضعتها تل أبيب لنفسها للمصادقة على الاتفاق هي 28 الجاري، قبل انتخابات الكنيست بأيام، وقبل نهاية ولاية الرئيس ميشال عون. وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تجتمع في هذا التاريخ وتصادق على الاتفاق. لكن، هل هذه المصادقة مسلّم بها؟
واحدة من الفرضيات المعقولة، هي وجود وزراء ممن يسعون إلى إرضاء ناخبيهم، من اليمين أو أقصى اليمين في الوسط، قد يتردّدون في اللحظة الأخيرة، عبر التهرب من التصويت أو التصويت ضده.
ثانياً، ينتظر الاتفاق استحقاق قضائي أمام محكمة «العدل» العليا في القدس المحتلة، والتي عليها أن تبتّ في عدد من الالتماسات وردت إليها بادعاء أن ليس لحكومة تصريف الأعمال الحالية صلاحية إبرام اتفاقات خارجية، وإن كان مفهوم تصريف الأعمال في «إسرائيل» أوسع مما هو عليه في دول أخرى. كما أن على المحكمة أن تبتّ في ادعاءات هي موضوع التماسات، حول قدرة الحكومة وحدها على التنازل عن «حدود سيادية» دون موافقة الكنيست أو استفتاء شعبي.
وكما تبين من بنود الاتفاق نفسه، وهو ما أقرّ به رئيس هيئة الأمن القومي في إسرائيل إيال حولتا (صحيفة «إسرائيل اليوم»)، فإن الكيان «سيتنازل» بموجب الاتفاق عن عدة كيلومترات مربعة من «مياهه الإقليمية». والحديث هنا لا يتعلق بالمياه الاقتصادية، حيث السيطرة الإسرائيلية عليها نفعية اقتصادية، بل هي سيادية ضمن المياه الإقليمية نفسها. فهل ترى المحكمة وجوب أن يسري على هذه المنطقة المتنازل عليها ما يمليه القانون الإسرائيلي من إجراءات للتخلي عن أرض سيادية؟
مهمة المحكمة غير سهلة. وإن كان الترجيح أن تجد ما يمكنها من تجاوز الإجراءات القانونية، على خلفية أن مصالح الدولة الأمنية، كما تؤكد الأجهزة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية على اختلافها، تقتضي الاتفاق مع الجانب اللبناني. وكما وضعت الأجهزة الأمنية وزراء الحكومة أمام خيارين: حرب في مواجهة حزب الله أو اتفاق مع أثمان اقتصادية، فإنها ستكون معنية بأن تضع الخيارين أمام المحكمة، علماً أن إلزام الحكومة بالتصويت على الاتفاق في الكنيست يقتضي إقناع 80 عضواً من أصل 120، وهو ما يعدّ متعذّراً كما يبدو من السجالات الدائرة. فهل تختار المحكمة الحرب أو الاتفاق؟
ثالثاً، في اليوم الذي يلي المصادقة على اتفاق الحد البحري، في حال حدث، ستكون اليد على الزناد في لبنان من دون تردد في الذهاب بعيداً في مرحلة تنفيذ الاتفاق، وخصوصاً أن إسرائيل بدأت استخراج الغاز من «كاريش»، وعمدت إلى إجراءات بناءً على معطيات وتقديرات مغلوطة عن نيات حزب الله وإرادته الفعلية باللجوء (أو عدم اللجوء) إلى القوة العسكرية في مرحلة ما بعد التوقيع على الاتفاق. فإذا امتنعت «إسرائيل» عن تنفيذ التزاماتها، نتيجة سوء تقدير، أو عرقلت كلياً أو جزئياً تمكين لبنان من حقوقه، وبما ينسحب كذلك على الجانب الأميركي، الوسيط اسمياً، فسيكون على حزب الله أن يتدخّل لحماية الاتفاق وحسن تنفيذه، تماماً كما تدخّل للدفع نحو بلورته والمصادقة عليه.
رابعاً، مرحلة ما سيلي ومآل إسرائيل السياسي وهوية من يترأس الحكومة المقبلة. إذ سبق لرئيس المعارضة، بنيامين نتنياهو، أن تحدث عن إمكان التنصل من الاتفاق لأنه «رضوخ لإملاءات حزب الله». ورغم أنه لم يكرر التهديد بالتنصل، والتقديرات بأنه سينظر الى الاتفاق من على كرسيّ رئاسة الحكومة بغير ما كان ينظر إليه خارجها، إلا أن الفرضيات كلها، مع تقلص احتمالاتها، لا تلغى.
المعادلة التي تحكم أفعال العدو، في مواصلة الالتزام بموجبات الاتفاق، تماماً كما هي المعادلة التي تحكم الوسيط الأميركي الذي تحوّل إلى كفيل تنفيذ لدى الجانبين، مع انزياح دائم للجانب الإسرائيلي، تبقى كما هي من دون تغيير، وإن كان إمكان تغييرها يأتي فقط وفقاً لتغير محركها الرئيسيّ: قوة حزب الله وإرادة استخدامه لهذه القوة.
ما أوجد الاتفاق، إلى جانب عوامل أخرى مساعدة، هو تهديد حزب الله. وما دفع ويدفع إلى المصادقة عليه سيكون تهديد حزب الله. لكن أيضاً، وهو الأهم، ما سيدفع العدو، كما الراعي الأميركي، إلى البدء بتنفيذ الاتفاق ومن ثم الاستمرار في تنفيذه، سيكون – بداهة – تهديد حزب الله. ومعنى كل ذلك أن بقاء القدرة المادية لدى حزب الله على الإضرار بمنشآت إسرائيل الغازية، وأيضاً بقاء الإرادة والقرار باللجوء إلى استخدام هذه القدرة على حاله، سيبقي موجبات الطرف الآخر، أو الطرفين (الإسرائيلي والأميركي) قابلة للتنفيذ.
هذه المعادلة هي التي تحكم القرارات في إسرائيل والولايات المتحدة، وإن تراجعت، فسيعود الحال إلى ما كان عليه. مع أو من دون اتفاق. وفي ذلك، إشارة إلى الآتي:
ما كانت إسرائيل لتتنازل عن مياه «سيادية» أو عن مناطق اقتصادية خاصة، وعن عوائد اقتصادية، إلا لأن التقدير لدى كل الأجهزة الأمنية بأن حزب الله سيلجأ إلى القوة العسكرية ما لم يتحقق اتفاق يراعي المطالب اللبنانية. بمعنى آخر: لو لم تكن لدى حزب الله نية وإرادة وقرار بتفعيل قدراته، ما كان الاتفاق ليتحقق. وهو ما أكده رئيس الحكومة الإسرائيلية لتعليل قبوله بالاتفاق رغم مساوئه، بالإشارة إلى أن الاتفاق جنّب إسرائيل حرباً. كما أكد قادة الأجهزة الأمنية والعسكرية، وإن عبر مصادر، وجزء واسع جداً من الخبراء والمحللين، أن «إسرائيل» لجأت إلى الاتفاق وتخلّت عن عائد اقتصادي و«حق» حدودي كي تتجنب الحرب.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة: ماذا إن تحوّل التقدير لدى إسرائيل؟ وماذا إن قدرت، بشكل مغلوط أو غير مغلوط، أن حزب الله لم يعد متحفزاً للخيارات العسكرية؟ هل تعيد النظر في موجباتها حتى ولو صادقت على الاتفاق؟ وإذا زال السبب الذي دفعها إلى التراجعـ هل تعيد حساباتها وتتخلّى عن التزاماتها؟
في الموازاة، فإن الطرف الثالث في الاتفاق، وهو من يسمّيه البعض بالوسيط الأميركي، خسر أيضاً عبر الاتفاق استراتيجية الحصار التي يفعلها منذ سنوات ضد لبنان، عبر رفع الفيتو عن التنقيب عن الغاز والنفط في المياه الإقليمية والاقتصادية للبنان. وتماماً كما هي الحال مع القرار الإسرائيلي، إذا قدّر الأميركي، بشكل مغلوط أو غير مغلوط، أن حزب الله لم يعد متحفزاً للخيارات العسكرية، أو أن تغييراً ما طرأ على إرادته، هل يعيد النظر في موجباته وموجبات شريكه الإسرائيلي؟
توثب حزب الله واستمرار قراره في تفعيل قدراته هو ما يحافظ على المصلحة اللبنانية، ما يحتم عليه تعظيم القدرة ومنع المساس بها مع إبقاء يده على الزناد. فهذا ما يكفل بقاء الاتفاق، والبدء في تنفيذه، وفي استمرار هذا التنفيذ.
لإعادة التذكير بالمعادلات التي فرضت الاتفاق، يشار إلى ما ورد أمس في صحيفة هآرتس عن «وزير في الحكومة» أنه «منذ زمن طويل لم يكن هناك تطابق مثلما حصل إزاء الاتفاق مع لبنان، شمل آراء رئيس الأركان ورئيس هيئة الأمن القومي ورئيس الموساد ورئيس الشاباك. بل حتى الذين لم تعجبهم التنازلات الإضافية لرئيس الحكومة يائير لابيد، وكذلك من يعتقد أنه كان بالإمكان تحقيق اتفاق أفضل بقليل، لم يخطر على باله التصويت ضد الاتفاق، وخصوصاً بعدما سمع الاستعراضات واطّلع على المواد الاستخبارية»، التي عرضتها الأجهزة الأمنية على الوزراء ضمن خيارَين: حرب أو اتفاق”.
توافق سياسي على التمديد سنتين للضباط العامين
وتحت هذا العنوان كتبت الاخبار “قدّم نائبا اللقاء الديموقراطي بلال عبد الله وهادي أبو الحسن اقتراح قانون معجلاً مكرراً يرمي إلى إيجاد حل ظرفي لحالة الشغور التي يتوقع أن تطال مواقع عسكرية وأمنية رفيعة بسبب إحالة ضباط إلى التقاعد. ويتضمن الاقتراح الذي سيعرض للنقاش والتصويت في جلسة الهيئة العامة الثلاثاء المقبل، مادة وحيدة تنص على «تأخير تسريح الضباط العامين في الجيش المعيّنين بموجب مراسيم صادرة عن مجلس الوزراء وفي باقي القوى الأمنية للمعيّنين بموجب مراسيم بالأصالة أو الوكالة في المراكز التي يشغلونها، وذلك لمدة سنتين». ويشكّل الاقتراح مخرجاً لأزمة الترقيات العسكرية والأمنية العالقة بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري، والتي أدت إلى اختلال في الهرمية القيادية لدى الأجهزة الامنية. وبحسب مصادر مطّلعة، فإن الاقتراح حظي بتوافق بين بري والوزير السابق وليد جنبلاط وحزب الله، كما وافق عليه قائد الجيش لأنه يشمل بعض أعضاء فريقه. وأكدت المصادر أن التيار الوطني الحر يدرس الاقتراح وقد لا يمانع الموافقة عليه لأنه يسبب لا خللاً في الهرمية العسكرية في الجيش وقوى الأمن الداخلي، علماً أن التيار عارض في حزيران الماضي اقتراح قانون تقدّم به عبد الله وأبو الحسن رمى إلى تعديل المادتين 56 و57 من المرسوم الاشتراعي الرقم 102 الصادر في 16 أيلول 1983، بسبب تأثيره السلبي على الهرمية العسكرية داخل الأسلاك العسكرية والأمنية.
المصادر قالت لـ«الأخبار» إن الاقتراح يشكل مخرجاً للقوى السياسية المشتبكة في ما بينها على التعيينات، في ظل انعدام فرص تعيين بدلاء من الضباط الذين يتولّون مراكز رفيعة بسبب الواقع السياسي الراهن، ولعدم وجود حكومة أصيلة، كما أنه يثبت حصص المرجعيات داخل الأجهزة ويؤكد حضورها، ما يعني أن الكل خرج رابحاً. كما يريح الاقتراح القوى السياسية من مناقشة هوية ممثليها المقبلين لدى الأجهزة الأمنية، ويضع حداً للصراع المستحكم بين كبار الضباط في السباق على تولي المناصب التي ستشغر.
عملياً، خضع الاقتراح للدرس في لجنة الدفاع الوطني وتم الاتفاق على تقسيمه إلى شقين. الأول يتعلق بالمديرين العامين حاملي الصفة العسكرية، أي الضباط الذين ما زالوا قيد الخدمة الفعلية وهم في صدد التقاعد، وقد أحيل على الدرس لدى لجنة الدفاع الوطني والداخلية. وباستثناء قائد الجيش العماد جوزف عون، يستفيد من التعديل أعضاء المجلس العسكري؛ ومن بينهم العميد ميلاد إسحاق، ورئيس الغرفة العسكرية والمفتش العام في الجيش. كما أن من أبرز المستفيدين رئيس الأركان اللواء أمين العرم الذي يبدو أن الاقتراح فُصّل على قياسه لقربه من رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وكذلك قائد الشرطة القضائية العميد ماهر الحلبي. كما يشمل الاقتراح قائد الدرك العميد مروان سليلاتي، فيما يستثنى منه المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان لتقاعده في عام 2024 والمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، فيما يشمل في الأمن العام نائب المدير العام العميد إلياس البيسري.
الشق الثاني يتعلق بالمديرين العامين المدنيين للأجهزة، وكان قد أحيل على لجنة الإدارة والعدل. ويستفيد من التعديل في حال إقراره المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الذي يحال على التقاعد في آذار المقبل”.
المصدر: الصحف اللبنانية