28-03-2024 09:52 PM بتوقيت القدس المحتلة

عندما يتعلّق مصير الوطن .... بشائعة ..

عندما يتعلّق مصير الوطن .... بشائعة ..

شائعة هزت إستقرار الوطن وضربت الأمن الإجتماعي

علي ملّي

لا أحد يشكك  في أهمية ما وصلت إليه وسائل التواصل الحديثة من تطور فتح أفقاً امام المستخدمين فأصبحت الحدود معدومة بتطور تقنيات الإنترنت على الهواتف الذكية وتطبيقات مواقع التواصل الإجتماعي ، وأصبح بإمكان الجميع أن يكونوا ناقلين للخبر ، لم تعد المهنة مقتصرة على أصحابها يقول بعض الناس ، فالخبر أصبح في متناول الجميع ، وبإمكان الجميع تداوله وبشكل أسرع بفضل الواتس أب والفايسبوك .

للوهلة الأولى قد يتحمس البعض ظناً منهم أن المهمة سهلة ، ليس عليك إلا أن تضغط على زر الإرسال حتى تصبح المعلومة بمتناول الجميع ، ولكن هل يدرك هؤلاء بأن ما يتناولون من أخبار غير مؤكدة في بعض الأحيان قد يكون قاتلاً ؟؟ شائعة واحدة كفيلة بإزهاق الأرواح أو كما يقال بالعامية " بتخرب بيت العالم ".


قصة إنتشار الشائعات تنامت مع ظهور تقنية الواتس أب وبالأخص عندما بدأت فوبيا السيارات المفخخة تغزو لبنان
، هناك لم يكد يمر يوم إلا وتنشر فيه ما لا يقل عن عشرة أخبار تتحدث عن سيارة رصدت وأخرى ضبطت وبعد التحقق يتبين أنها محض إشاعات ، تطورت ظاهرة الشائعات الكاذبة لتتحدث عن محاصرة عناصر حزب الله في سوريا ولتعدد مئات من الشهداء الإفتراضيين الذين وقعوا في قبضة المسلحين ، لم يقف الأمر عند هذا الحد إلا أن الشائعات أيضاً حولت شبكات التواصل إلى ما يشبه غرف العمليات بأخبار عن بدء معارك هنا وإنتهاء أخرى هناك ، فمعركة يبرود مثلا بدأت على الواتس أب وإنتهت ما يقارب العشرين مرة ، في وقت لم يكن يفكر الجيش بعد بالدخول إلى يبرود.

حمزة الشهيد وشائعات حول المسؤول عن الجريمة....

مرة أخرى ظهرت الشائعات في خبر إستشهاد الزميل حمزة الحاج حسن. بدأت القصة على الشكل التالي: أخبار على موقع فايسبوك للتواصل الإجتماعي تحدثت عن تعرض فريق المنار لكمين ، تطور الخبر ليتحدث عن إستشهاد الفريق باكمله.

وبدأت الشائعات تكبر ، اخبار عن تصفية عناصر في الجيش السوري بتهمة الخيانة ، وإستهداف فريق المنار والأهم من ذلك ان الشائعة نشرت بشكل يوحى للمستلم أنها حقيقة ، فنشرت فيها أرقام عن مبالغ تقاضاها الجنود لإغتيال الزملاء ، بعد البحث والتدقيق في مصدر "شائعة الخيانة"  تبين أنَّ الذي أطلقها أحد المسلحين الذين إنسحبوا من منطقة معلولا  ، فعلى صفحته على الفايسبوك كتب " إنسحبنا من معلولا قبل ثلاث ساعات من دخول الجيش فانظروا من الخائن " ، لا يخفى على أحد أن إطلاق الشائعات هو من أهم وسائل ما يعرف ب"الحرب الناعمة" ، وسيلة يعمد فيها العدو إلى ضرب الطبقة الشعبية عبر زعزعتها بأخبار كاذبة .

ما يحدث ، فعل ممنهج يستهدف المجتمع اللبناني ...

من وجهة النظر الأكاديمية يرى مدير كليّة الإعلام في الجامعة اللبنانية الدكتور إياد عبيد أن الشائعة هي عبارة عن خبر مهم يحيطه الغموض ، فكل ما هو غامض ومهم يشكل عاملاً جاذباً للناس وخاصة إذا تزامن إطلاق الخبر  مع أحداث أمنية ، كما يرى عبيد ان وسائل الإتصال الحديث ساهمت في تطوير ظاهرة الشائعات ، إلا أنها لم توجدها ، فهي ظاهرة قديمة تعتمد في أساليب الحرب النفسية .

 

أما عن كيفية إنهاء الشائعات ، فيؤكد الأستاذ الجامعي أنَّ الحل الوحيد لضرب الشائعة هو نسف أهميتها وتداركها قبل الإنتشار، وينبغي فور إطلاق الشائعة تكذيبها وكشف غموضها لكي يبطل مفعولها .

الشائعة في المنظور العسكري ...

وجهة النظر الأكاديمية وافقتها النظرة العسكرية ، فرأى العميد المتقاعد الدكتور أمين حطيط ان الشائعة هي خبر يطلق له جذور تتصل بالواقع بشكل محدود ويعمل على تضخيمها وهي تلعب على المزاج العام كوسيلة من وسائل الحرب النفسية ، كما أن الشائعات أنواع فمنها المنتج ومنها غير المنتج ، أما المنتج فهي تلك التي تتناول أخباراً قابلة للتصديق وتطلق في لحظة تكون فيها النفوس متعطشة لخبر يختص بموضوعها ، هكذا يضمن مطلقوها تلقفها بسرعة من الجهة المستهدفة.

 

وأشار حطيط الى أنَّ المجتمع اللبناني عرف الشائعات ، ففي حربه مع إسرائيل شهد محطات كثيرة أشاع فيها العدو الإسرائيلي أخباراً تعلقت بإغتيال قيادات وضباط في المقاومة لمحاولة الضغط نفسياً على الجمهور ، كما اعتبر العميد المتقاعد أنَّ ما يبث اليوم من أخبار بالجملة ليس سوى جزءا من الحرب الدائرة في المنطقة والتي تستهدف امن اللبنانيين والعرب .

القانون يحساب مطلقي الأخبار الكاذبة ....

وبعد الحديث عن الشائعات لا بد من السؤال عن المسؤولية الجزائية التي تترتب على مطلق الشائعات ؟؟؟

في هذا الصدد يشير أستاذ قانون العقوبات في الجامعة اللبنانية الدكتور وسام غياض إلى أن القانون اللبناني حدد الشائعات في إطار الأخبار الكاذبة وحصرها بعنواين معينة ، فتندرج الشائعات ضمن الأخبار الكاذبة التي تستهدف المساس بأمن الدولة أو أمن المواطن ، ويعاقب عليها القانون اللبناني عقوبة قد تصل إلى السجن خمس سنوات مع الأشغال الشاقة مؤكداً أن بعض الأخبار الكاذبة والشائعات قد تطلق لتضليل تحقيق ما أو لإخفاء جرم ما وتلك تعد جريمة أخرى يعاقب عليها القانون اللبناني .