الصحافة اليوم 19-9-2020 – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

الصحافة اليوم 19-9-2020

صحف محلية

ركزت افتتاحيات الصحف اللبنانية الصادرة في بيروت صباح اليوم السبت 19 ايلول 2020 على المبادرة الفرنسية واتصال الرئيس الفرنسي ماكرون بالرئيس عون لمتابعة المشاورات السياسية حول تاليف الحكومة ما دفع الرئيس المكلف مصطفى اديب الى تمديد مدة المشاورات..

البناء

البناءماكرون أجرى اتصالات بالرياض وواشنطن وبيت الوسط لفصل «المداورة» عن «المبادرة»

أديب مدّد المشاورات للوصول لتفاهم حول وزارة المال مع الثنائيّ بمسعى فرنسيّ

العقدة بتمسّك الحريريّ بتسمية صاحب التوقيع الثالث… والحل الوسط قيد البحث

كتب المحرّر السياسيّ

توضّحت الصورة وسقطت المناورة ومعها المداورة، وحسمت الحلقة الأولى من العقدة المتصلة بالتوقيع الثالث الذي يحمله وزير المال وأصرّ ثنائي حركة أمل وحزب الله على رفض انتزاعه منه بذريعة المداورة. فقد ترتب على استعادة باريس زمام المبادرة في توضيح مضمون الخطة الفرنسية للإنقاذ، ونفي أن تكون المداورة من مكونات مبادرتها، رغم عدم ممانعتها بطرح الأمر من خارج المبادرة إذا لم تترتب عليه نتائج تهدّد مصير المبادرة وتعطل ولادة الحكومة، كما حدث عملياً. وتولى الرئيس الفرنسي امانويل ماكرون إجراء اتصالات بواشنطن، حيث قالت المعلومات إنه تحادث مع وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو معاتباً على كلامه حول لقاء ماكرون برئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ضمن إطار ما كان متفقاً عليه بين باريس وواشنطن لمضمون الدور الفرنسي، وموضحاً أن المداورة لم تطرح ضمن الخطة الفرنسيّة وبالتالي لا يمكن تحميل مطلب التوقيع الثالث مسؤولية تعطيل المبادرة الفرنسية، طالباً المزيد من الدعم مع نادي رؤساء الحكومات السابقين الذي وصفته مصادر تراقب دوره الصاعد بالحزب الحاكم الشمولي. وقالت المعلومات إن ماكرون اتصل بولي العهد السعودي محمد بن سلمان للغرض نفسه، وأوضح للرئيس سعد الحريري موقف باريس داعياً لتليين الموقف من مطلب الثنائي بالتوقيع الثالث، سائلاً الحريري عن سبب عدم مصارحته بمطلبه قبل السير بالخطة الفرنسيّة لمناقشة الأمر مع الثنائيّ قبل اعتماد الخطة والتفاهم على تسهيل عمل الحكومة بدلاً من الوقوع في مطبات مشابهة لما هو حاصل.

مصادر فرنسية قالت إن الرئيس ماكرون يتولى مباشرة وعبر مدير مخابراته السفير برنار ايميه ومسؤول ملف لبنان في الرئاسة السفير امانويل بون، تفاصيل التفاوض الذي بدأ بمسعى فرنسي بين الرئيس المكلف مصطفى اديب وممثلي الثنائي المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل، حيث تبلغ الثنائي عدم الممانعة بالتوقيع الثالث، مقابل تولي التسمية من قبل الرئيس المكلف، ولما دار النقاش معه وعرضت أمامه المواقف طلب الاستمهال لسؤال مرجعيته التي تتمثل بالرؤساء السابقين للحكومات، بعدما كان أديب زار قصر بعبدا وطلب من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون المزيد من الوقت لمزيد من المشاورات تطبيقاً للنصيحة الفرنسية.

العقدة باتت في تحديد مَن يقوم بتسمية وزير المالية بين إصرار الثنائي على التسمية ورفض الحريري لذلك وتمسكه باختيار الوزير، وتدور المساعي الفرنسية لتذليل هذه العقدة، بتقديم مقترحات في منتصف الطريق كمثل تقديم لائحة مختصرة من ثلاثة أسماء من أحد الطرفين يختار الطرف الآخر اسماً منها، وهنا أيضاً عادت العقدة بإصرار الطرفين على القيام بإعداد اللائحة، وثمة مخرج تحدّثت عنه مصادر على صلة بالمفاوضين الفرنسيّين يقوم على طرح أسماء للوسيط الفرنسي من الفريقين لاستكشاف ما إذا تضمّنت اسماً مشتركاً أو أكثر فيتم اعتماده أو الانتقاء من بين هذه الأسماء المتقاطعة، وقالت المصادر إن لا أبواب كثيرة ستفتح لتسمية وزراء، بل استمزاج المكونات الطائفية والسياسية بلوائح اسمية سيتم الاختيار من بينها ومراعاة التفضيل الذي يبديه المعنيون بتمثيل هذه المكونات، لكن عندما تنتهي عقدة وزارة المال، وفيما قالت المصادر إن الموعد الجديد للمهلة هو يوم الاثنين، أبقت الباب مفتوحاً لتمديد جديد إذا تقدمت المساعي ولم يظهر أن الأبواب مغلقة أمام التسويات، وأن نضوجها يحتاج إلى المزيد من الوقت.

تشدّد الثنائي مع أديب

لم تفضِ مفاوضات الساعات الأخيرة يوم أمس، إلى نتيجة إيجابية على صعيد تأليف الحكومة، إذ راوحت الأمور حول عقدة وزارة المال “المختلقة” لأسباب سياسية مكشوفة، بحسب ما قالت مصادر ثنائي أمل وحزب الله، الأمر الذي دفع الرئيس المكلف مصطفى أديب إلى اتخاذ القرار بالاعتذار خلال زيارته بعبدا، إلا أنّ دخولاً فرنسياً على الخط استمهل الرئيس المكلّف ثلاثة أيام فاتحاً الباب أمام مزيد من المشاورات تمتد حتى يوم الأحد المقبل.

فاللقاء الذي عُقد بين الرئيس المكلّف وبين المعاون السياسي لرئيس المجلس النيابي النائب علي حسن خليل والمعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل في منزل أديب المؤقت، لم يُحرزْ نتائج إيجابيّة بل على العكس انتهى كما بدأ بتشدد وتشبث بالمواقف، حيث أشارت معلومات “البناء” إلى أنّ الخليلين أبلغا الرئيس المكلف تمسّك الثنائي بحقيبة المال وبتسمية الوزراء الشيعة.

وأفادت المعلومات أن أديب كان يفترض أن يزور عين التينة للقاء رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لكنه أحجم عن ذلك مستعيضاً بلقاء مع “الخليلين” قبل زيارته بعبدا.

لكن النائب خليل أوضح في دردشة أنه لم يُحدد موعد لأديب في عين التينة، مشيراً الى أن هناك وجهات نظر مختلفة مع الرئيس سعد الحريري ولكن لا خلاف، والأمور مفتوحة على كل الاحتمالات.

«النادي» عطل التأليف

من جهتها، أكدت مصادر قناة “المنار”، أنه حصل تواصل فرنسي مع رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري للتراجع عن تولي السنيّ وزارة المالية ووافق بشرط أن يسمّي هو وزير المالية الشيعي، ما رفضه الثنائي، ثم طلب الفرنسيون من رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب التريّث، أرجئ موعد اللقاء مع رئيس الجمهورية لساعات، اجتمع مع ممثلي حزب الله وحركة أمل حسين الخليل وعلي حسن خليل مع أديب، حيث جدّدا تمسكهما بوزارة المالية على أن يلقى الإسم قبول أديب. وأكدت المصادر أن “العقدة في بيت الوسط والفرنسي يعمل على الحل، وأتت النتيجة بتمديد فرصة التأليف.

ولفتت المصادر إلى أن “الأمور تراوح مكانها والفرنسي يحاول عدم الذهاب لأماكن صعبة، وأن الثنائي من أكثر من سهلوا تشكيل الحكومة، وهناك بعض القوى تنتظر ضغوطاً خارجية، لكن الكرة بيد الرئيس المكلف والجانب الفرنسي”.

وحمّلت مصادر مطلعة “نادي رؤساء الحكومات والرئيس الحريري مسؤولية عرقلة تأليف الحكومة وإجهاض المبادرة الفرنسيّة حتى الآن من خلال طروحات جديدة مخالفة للأصول والأعراف والقواعد الدستورية تخفي أهدافاً سياسية ورهانات وطموحات شخصيّة لن تصل الى أي مكان سوى مزيد من التأزيم ودفع الأمور الى نفق مجهول، وبالتالي تهديد الاستقرار والسلم الداخلي وطعن الدستور واتفاق الطائف في الصميم”، مشيرة الى أن الحريري يضع العقبات أمام الرئيس المكلف لإسقاطه وإلا ما سبب لزوم فتح مبدأ المداورة لانتزاع المالية من حركة أمل وهو يعلم علم اليقين أن الثنائي متمسك بها ولن يتنازل عنها، فهل هذه العقدة كانت الذريعة لإجهاض مساعي أديب وإحراجه أمام الثنائي والفرنسيين تمهيداً لإخراجه من سباق التأليف؟ علماً أن الحريري كان قد وافق طيلة حكومتين في العهد الحالي على إسناد المالية لحركة أمل وتحديداً للنائب علي حسن خليل، فلماذا فتح هذا الإشكال الطائفي – الدستوري في هذا التوقيت بالذات في ظل الأوضاع الخطيرة التي يواجهها لبنان؟ داعية الفرنسيين للتحرك لإنقاذ مبادرتهم والحكومة العتيدة قبل فوات الأوان، مشيرة لـ”البناء” الى أن “الكرة في ملعب الحريري والرئيس المكلف والفرنسيين”.

في المقابل، نفى المستشار الإعلامي للرئيس سعد الحريري حسين الوجه على «تويتر» ما ذكرته قناة «أل بي سي» عن ان «الرئيس سعد الحريري اشترط ان يسمّي هو الشخصية الشيعية التي ستتولى المالية، لكنّ هذا الأمر اصطدم برفض رؤساء الحكومة السابقين لا سيما الرئيس فؤاد السنيورة وبرفض الثنائي الشيعي».

لقاء أديب – عون

وبعيد لقاء الخليلين – أديب، توجه الأخير إلى بعبدا واجتمع برئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وبحسب المعلومات، فإن عون طلب من الرئيس المكلف الاستمرار في الاتصالات الجارية لمعاجلة الملف الحكومي لأنّ الظروف الراهنة في البلاد تستوجب عملاً إنقاذياً سريعاً، لا سيما وأنه مضى 16 يوماً على التكليف والبلاد تنتظر التفاهم على تشكيل حكومة جديدة.

ووضع الرئيس المكلّف عون بأجواء الاتصالات التي أجراها منذ اللقاء الأخير معه وجرى نقاش في السبل الكفيلة بتذليل العقبات من أمام التشكيل، وقد اتُفق على استمرار الاتصالات لتذليل العقبات، وجرى تبادل للآراء بين الطرفين في هذا الإطار. كما عرض عون لأديب حصيلة الاستشارات التي أجراها عون مع رؤساء الكتل النيابية.

وقال أديب بعد انتهاء اللقاء: «عرضت مع فخامة الرئيس الصعوبات التي تعترضنا لتشكيل الحكومة الجديدة. أعي تماماً أنه ليس لدينا ترف الوقت، وأعوّل على تعاون الجميع من أجل تشكيل حكومة تكون صلاحياتها تنفيذ ما اتفق عليه مع الرئيس (الفرنسي ايمانويل) ماكرون»، وأضاف: «اتفقنا مع فخامة الرئيس على التريث قليلاً لإعطاء مزيد من الوقت للمشاورات لتشكيل الحكومة، ونأمل خيراً».

مصادر رئيس الحكومة المكلّف نقلت عنه قوله «إن المهمة التي تم تكليفي على أساسها نتيجة تفاهم غالبية القوى السياسية اللبنانية، هي تشكيل حكومة اختصاصيين غير سياسية، في فترة قياسية، والبدء بتنفيذ الإصلاحات فوراً. وعلى هذا الاساس لم يكن الهدف لا التفرد بالرأي ولا استهداف أحد من المكونات السياسية اللبنانية، بل اختيار تشكيلة حكومية من اختصاصيين. وأي طرح آخر سيفرض تالياً مقاربة مختلفة للحكومة الجديدة. وهذا لا يتوافق مع المهمة التي كلفت من اجلها». واضافت اديب بحسب مصادره: «لأنني حريص على أن تبقى المهمة التي أقوم بها متوافقة مع روحية التفاهم الأساسي على حكومة اختصاصيين، طلبت من الرئيس ميشال عون إرجاء الاجتماع بيننا الى عصر اليوم، لإجراء مزيد من الاتصالات قبل تحديد الموقف النهائي».

ويبدو بحسب أوساط سياسية أنّ المبادرة الفرنسية خدعة للالتفاف على حزب الله والمقاومة عبر استهداف حلفاء الحزب عبر استهداف الرئيس بري من خلال انتزاع المالية منه، وبالتالي تقليص دوره كممثل للطائفة الشيعيّة في الدولة وموقعه الوطني، وبالتالي في مركزية القرار السياسي في مجلس الوزراء، إلى جانب استهداف تيار المردة وحركة أمل بعقوبات مالية دون الأطراف الأخرى. ولفتت الأوساط الى أنّ المبادرة الفرنسية منسقة مع الأميركيين مع تبادل للأدوار بينهما لتقاسم الضغط على المقاومة من جهة والرئيس عون والتيار الوطني الحر من جهة ثانية، لفصل الحلف بين التيار وحزب الله ومسك عصا تأليف الحكومة من الوسط.

الوفاء للمقاومة

ورفضت كتلة الوفاء للمقاومة «بشكل قاطع أن يسمّي أحد عنا الوزراء الذين ينبغي أن يمثلونا في الحكومة أو أن يضعوا حظراً على تسلم المكون الذي ننتمي إليه حقيبة وزارية ما وخصوصاً وزارة المالية». واضافت «محاولات البعض الاستقواء بالخارج لتشكيل حكومة مزوّرة التمثيل هي محاولات ترمي إلى تجويف المبادرة الفرنسية». واستغربت أن ينحو بعض من يشكّل الحكومة في الظل إلى مصادرة قرار المكوّنات الأخرى بعد منع الرئيس المكلف من التشاور مع الكتل واستحداث آلية جديدة تقضي بمنع المكونات من تسمية وزرائهم والإخلال بالتوازن عبر انتزاع حقيبة المالية منا». وشجبت «الدور الأميركي البالغ السلبية لضرب كل الجهود المبذولة لتشكيل حكومة في لبنان تنهض بمهام المرحلة الراهنة».

عقوبات أميركيّة جديدة

وفي توقيت مريب تزامن مع شدّ الحبال في عملية تأليف الحكومة، وبعد تهديدات أطلقتها دوائر وجهات تدور في الفلك الأميركي، فرضت وزارة الخزانة الاميركية عقوبات على شركتين وأحد الأفراد لصلاتهم بحزب الله، بحسب ادعائها.

كما أدرجت الخزانة الأميركية اللبناني سلطان خليفة أسعد على شركتي «أرش» و»معمار» اللبنانيتين على قائمة العقوبات لارتباطهما بحزب الله، كما ادعت. وزعمت أن «حزب الله يستغل من «آرتش» و»معمار» لإخفاء تحويلات الأموال إلى حساباته الخاصة ما يزيد من إثراء قيادته وأنصاره ويحرم الشعب اللبناني من الأموال التي يحتاجها بشدة».

كما ادعت أن «الخزانة الأميركية أن حزب الله عمل مع الوزير السابق يوسف فينيانوس لضمان فوز الشركتين بعروض للحصول على عقود حكوميّة بقيمة ملايين الدولارات وقد أرسلت الشركتان بعض الأرباح من هذه العقود إلى المجلس التنفيذي لحزب الله». مدّعية الخزانة الأميركية أن «سلطان خليفة أسعد هو نائب لرئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين».

وأكدت مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» أن العقوبات الجديدة كانت متوقعة وسبق وفرضت عقوبات مماثلة ولن تقدم ولن تؤخر وتأني في سياق استمرار الحصار على المقاومة ودفع حزب الله وقوى وجبهة المقاومة للتنازل والاستسلام في ظل تقدّم مشروع التطبيع العربي الإسرائيلي ومحاولة إلحاق دول أخرى به من ضمنها لبنان، مؤكدة أنه وكما سقطت مشاريع أميركية اسرائيلية خليجية في السابق ستسقط المشاريع الجديدة ومحور المقاومة لن يخضع لأي ضغوط».

على صعيد آخر، دعا نقيب الأطباء شرف أبو شرف الى التسريع بالمحاكمات للتخفيف من عدد السجناء في سجن رومية، وخصوصاً في ظل جائحة كورونا. وكشف أن هناك أكثر من 200 حالة مثبتة بكورونا في سجن رومية، لافتاً الى أن المشكلة تكمن في عدم تعاون السجناء وعدم التزامهم بالتدابير الصحية. وقال أبو شرف: «لم نتسلم شيئاً من المساعدات التي كنا ننتظرها من الدول ونتخوف من الوصول الى وضع يكون فيه كورونا أسوأ مما هو عليه الأن ونطلب تجهيز المستشفيات الخاصة والحكومية».

اللواء

جريدة اللواءموسكو تنضم لجهود ماكرون لإحتواء العقد.. وإطلاق حكومة أديب

سجن رومية يواجه كارثة بشرية والحل بإصدار الأحكام والعفو الخاص.. والتوتر يتجدَّد بين العونيين و«القوات»

بين خشية النائب السابق وليد جنبلاط من الترحم على لبنان الكبير، بين ليلة وضحاها، ونزوع الرئيس نبيه بري الى الدولة المدنية، والا القبول بإبقاء وزارة المال مع الشيعة، تسمية للوزير ولسائر الوزراء، وليكن للطوائف الاخرى تسمية وزرائها.. بين الخشية هذه والنزوع، عاودالرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون عزمه على تزخيم مبادرته، فأجرى اتصالاً بالرئيس ميشال عون، تناول الوضع الحكومي في ضوء التطورات الأخيرة.

وحسب البيان الصادر عن بعبدا، فإن الرئيسين اتفقا على ضرورة الاستمرار في بذل المساعي على مختلف المستويات لتأمين ولادة الحكومة العتيدة ضمن اجل محدود.

وتمنى الرئيس الفرنسي على الرئيس عون بذل اقصى الجهود للوصول الى نتيجة ايجابية، مشيرا الى انه سيجري بدوره اتصالات لهذه الغاية.

واكدت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان الطروحات لإيجاد الحل لملف تشكيل الحكومة يتوقع لها ان تتكثف لكن دون معرفة مصيرها وبالتالي امام هذا الملف ساعات ليست بقليلة لتبيان الصورة.

ولفتت المصادر الى ان العمل جار من اجل اقتراح وسطي يقضي بالعودة الى طرح شخصية شيعية لوزارة المال لا فيتو عليها من رؤساء الحكومات السابقين دون الأغفال انه عند التسوية يمكن تبدل كل شيء.

ولفتت الى ان رئيس الحكومة المكلف في وضع لا يحسد عليه.

واذ اكدت ان اتصالات الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بعدد من المسؤولين اظهرت الرغبة في المساعدة والتمني في تأليف الحكومة سريعا باعتبارها المدخل لترتيب الأمور والملفات بما فيها الاصلاحات.

وذكرت المصادر بأن الحكومة المصغرة المطروحة قابلة للتبدل في اي تسوية يتم التوصل اليها.

ولفتت المصادر الى ان رئيس الجمهورية لم يقترح اسماء ولم تصله صيغ وهو سيبذل مساعيه الهادفة الى تأليف الحكومة سريعا كما على تمسكه المبادرة الفرنسية وحريص على ان تذلل العقد امام عملية التشكيل.

ولم تخف القول ان هناك مشكلة في مكان اخر، وبالنسبة الى موضوع المداورة اكدت ان رئيس الجمهورية يفضل عدم حصر المواقع الوزارية بفئة دون اخرى وان معظم الحقائب الوزارية مهمة وكل وزير في إمكانه ان ينجز بغض النظر عن الحقيبة التي يتولاها وبالتالي يمكن ان يساعد في ايصال الملف الى المكان الصحيح.

واذ افادت مصادر سياسية مطلعة ان ما من طرح يعمل عليه اكدت انه بعد اتصال الرئيس ماكرون بالرئيس عون والذي وصف بالنوعي وتم فيه تحديد الأشكالية المتأتية عن لاءين وبما ان لاءين لا يصنعان وطناً لأنهما لا يصنعان حكومة. فمن جهة الرئيس المكلف لا للتشاور مع رؤساء الكتل ولا لخلق اعراف جديدة ولا لاستهداف الثنائي الشيعي من خلال حكومة يترأسها.

وقالت ان هناك لاء من الثنائي الشيعي لا للمداورة نعم لتثبيت وزارة المالية بأسم المشاركة في صناعة القرار الاجرائي اي طابع ميثاقي للحقيبة التي يتولاها شيعي على ان يسمي الثنائي وزراءه في الحكومة.

وامام ذلك قالت المصادر انه كان لا بد من التشاور مع صاحب المبادرة الفرنسبة ليس من منطلق استتباعي انما سيادي لأنه صاحب مبادرة لها تداعياتها الانقاذية والاصلاحية التي يحتاجها اللبنانيون قبل اي شيء اخر. وعلم ان الرئيس عون شرح وتفهم الرئيس ماكرون الأشكال اكثر فأكثر وطلب من رئيس الجمهورية بذل جهوده اكثر فأكثر على ان يستكمل ماكرون تواصله مع سائر القيادات السياسية في لبنان.

سجن رومية: تحذير من كارثة بشرية

وتفاقم الوضع المزري في سجن رومية، بسبب الاكتظاظ البشري، واصابة المساجين بجائحة كورونا، الامر الذي ينذر بكارثة بشرية ووطنية جديدة، تضاف الى كوارث انفجار المرفأ والحريق الذي اصابه، فضلا عن عشرات الكوارث التي ينوء تحتها المجتمع منذ 7 ت1 (2019) الى يومنا هذا.

فوفقا لاحداث دراسة اجرتها دوائر قضائية متخصصة عن الاكتظاظ الحاصل في السجون اللبنانية، وخاصة في سجن رومية، تُبين أن ثمة ألف سجين في رومية فقط، (ما يعادل ثلث عدد السجناء تقريباً)، قضوا فترة توقيفهم التي تتراوح بين ستة أشهر وسنة، بجنح مختلفة، ومع ذلك ما زالوا محتجزين في السجن، دون تنفيذ التدابير القضائية الواجب اتخاذها للإفراج عنهم. وتُبرر بعض المراجع القضائية هذا التأخر الحاصل من قبل القضاء إلى ظروف التعبئة العامة وتوقف الدوامات في فترة إنتشار كوفيد ١٩، حيث ما زالت دوائر العدلية في بيروت والمناطق تعمل بأقل من نصف طاقتها،الامر الذي يثير على نحو موضوعي المسؤولية القضائية عن استمرار الاكتظاظ وتفاقم.

ولفتت الدراسة المذكورة إلى أن ثمة ما لا يقل عن خمسمائة سجين لا يستطيعون تسديد الغرامات المفروضة عليهم، والتي تتراوح بين مائتين ومليون ليرة، ليتم الإفراج عنهم، وتخفيف التكدس الحاصل حالياً في سجن رومية، والذي تجاوز كل الخطوط الحمر.

وفي سياق المتابعة لهذا الملف الدقيق والخطير، زارت وزير العدل في حكومة تصريف الاعمال ماري كلود نجم بعبدا، وعرضت مع الرئيس عون الوضع، وموضوع العفو الخاص لعدد من المساجين لمواجهة مسألة الاكتظاظ في السجون والاجراءات الواجب اتخاذها.

تحقيقات المرفأ

قضائيا، تتواصل التحقيقات في جريمة إنفجار مرفأ بيروت في 4 آب الفائت لتحديد المسؤوليات المباشرة وغير المباشرة التي أدت الى حصول التفجير الذي بلغ عدد الموقوفين فيه على ذمة التحقيق حتى الآن 25 والمدعى عليهم 28 شخصاً. وفي هذا الإطار يستمع المحقق العدلي في الجريمة القاضي فادي صوان بدءا من الإثنين المقبل، الى إفادات كل من: وزير المال السابق علي حسن خليل والحالي غازي وزني، وزير الأشغال العامة والنقل الأسبق غازي العريضي، رئيس المجلس الأعلى للجمارك العميد أسعد الطفيلي، عضو المجلس غراسيا القزي، رئيس شعبة المعلومات في الأمن العام العميد منح صوايا، إضافة الى مستشار رئيس حكومة تصريف الأعمال خضر طالب.

من جهة أخرى، أرجأ قاضي التحقيق في جبل لبنان زياد مكنى جلسة الاستماع الى العلامة السيد علي الامين في الدعوى المقدمة ضده، في قضية اثارة النعرات الطائفية، الى 15 كانون الاول المقبل، وذلك لغياب المدعين والمدعى عليه. وكان عدد من الشخصيات الروحية والفكرية والثقافية والإعلامية نفذوا وقفة رمزية امام قصر عدل بعبدا، تضامنا مع العلامة الامين، بعنوان: « منحازون الى الحق»، «منحازون الى اصحاب الفكر والايمان».

27518

صحياً، اعلنت وزارة الصحة في تقريرها اليومي تسجيل 750 اصابة جديدة بالكورونا في الـ24 ساعة الماضية، و18 حالة وفاة، ليرتفع عدد المصابين منذ 21 شباط الى 27518 اصابة.


الاخبار

الاخبار“الثنائي”: حقيبة المال أو اعتذار أديب

لأن الاستشهاد بميت يطعن في الافادة، لا احد يبدّد غموضاً يحوط بحقيبة المال وما دار عنها – او لم يدر – في اتفاق الطائف. نواب سابقون من المرحلة ينفون تخصيصها بالطائفة الشيعية، وآخرون زملاء لهم يجزمون. الجميع كان الى الطاولة نفسها. فمَن يُصدَّق؟

لم يعد الثنائي الشيعي يقارب الخلاف على حقيبة المال كمشكلة جزئية عابرة في تأليف الحكومة، على غرار ما كان يحدث في حكومات سابقة لبعض الوقت، ثم ينحسر السجال. انتزاعها منه، بالنسبة اليه، بات اكثر من تقاسم حصص وتوزيع حقائب على الكتل والاحزاب الكبرى، واقرب الى مشروع سياسي ينخرط فيه افرقاء محليون ودول. لذا يعتبر مواجهة المشروع – وإن على حقيبة كأنموذج اداة – دفاعاً عن كيان ووجود سياسي.

يرمي المشروع الى اخراج حزب الله من السلطة الاجرائية كلياً، وتجريده كثنائي شيعي مع الرئيس نبيه برّي معني بها من الحقيبة هذه، وإفقاده دوره في تسمية وزرائه بترك سواه من قوى محلية واجهتها الرئيس المكلف مصطفى اديب يُعيّنون عنه الوزراء الشيعة في الحقائب الاخرى.
ما يُطلب منه يُعيده للمرّة الاولى الى ما قبل عام 2005، عندما دخل للمرّة الاولى السلطة الاجرائية في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي بوزير صديق غير حزبي هو طراد حمادة، ثم ادخل الحزب – الى اعادة توزير حمادة – وزيراً ثانياً حزبياً فاعلاً في الحكومة التالية برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة العام نفسه هو محمد فنيش. مذذاك اضحى في صلب تأليف الحكومات المتعاقبة. يتقاسم الحصة الشيعية بينه وبرّي الذي يحوز القسم الاكبر منها، ويتمسّك منذ عام 2008 بالنصاب الموصوف في الحكومات المتعاقبة. في حكومة الرئيس حسان دياب عام 2020، لم يُوزَّر حزبي له شأن الافرقاء الآخرين جميعاً، الا انه أُعطي – كرئيس المجلس – حق تسمية الوزير في الحقيبة المخصصة له. ما يُدعى اليه الثنائي الشيعي اليوم هو حرمانه من تسمية وزرائه في حكومة اديب، في تطور مضاف على طريق اخراجه تماماً من الحكومة. من ذلك تحدّثه عن مشروع سياسي يتجاوز حقيبة المال.

ما بات محسوماً عند الثنائي الشيعي المعطيات الآتية:

1 – لا يزال يؤيد المبادرة الفرنسية، ولا يبحث عن خلاف مع الفرنسيين. يلفته ان باريس تتعامل معه بواقعية – وإن من دون ان تتفهّم تماماً وجهة نظره – اكثر بكثير من افرقاء لبنانيين كالرئيس سعد الحريري. استمرار تأييده المبادرة الفرنسية وعدم معاداتها، جعلاه يستوعب الموجة الاولى ممّا عدّه اعتداءً عليه، وهو الاصرار على إفقاده حقيبة المال ومنعه من اختيار وزرائه. افضت الموجة الاولى الى ثلاثة تراجعات متتالية في اسبوع واحد هو هذا الاسبوع: تراجع باريس عن مهلة 15 يوماً التي انتهت الثلثاء ثم مُددت الى الخميس ثم مُددت الى غد الاحد وقد تمدد ايضاً الى ابعد، تراجع رئيس الجمهورية ميشال عون عن توقيع مسودة اديب الاربعاء المنصرم بعدما شاع انه يدعمه في كل ما يفعل، تراجع اديب عن تقديم مسودة حكومته مرّتين كما تراجعه مرّتين عن الاعتذار عن عدم تأليف الحكومة.

2 – لا يملك الثنائي الشيعي تفسيراً لانقلاب الحريري عليه بنحو مفاجئ، وبدا انه يحمّل المبادرة الفرنسية اكثر مما تتطلّب، ويريد توريط الثنائي في مشكلة مع الرئيس ايمانويل ماكرون. في لقائه الحريري السبت المنصرم، سأله برّي: لو كنت انت رئيساً للحكومة ألن تسمّي وزراءك ونحن نسمّي وزراءنا؟
سأله كذلك: كيف تقبل بأن تسمّي انت وزراءك ولا تسمح للآخرين بأن يسمّوا وزراءهم؟
اعطاه رئيس المجلس لائحتين على التوالي، كلاً منها من خمسة اسماء محتملة للتوزير في حقيبة المال، فرفضهما وأصر على ان لا تصدر التسمية عن الثنائي الشيعي. الاهم ان لا تكون عنده وزارة المال، اصل المشكلة.
ليس خافياً على الثنائي ان المفاوض الفعلي هو الحريري، وليس اديب الذي افصح بغموض منذ المشاورات التي اجراها مع الكتل، عن ان ليست لديه افكار واضحة سوى انه يريد تأليف حكومة اختصاصيين بالتفاهم مع الفرنسيين. في ما بعد ظهرت الى العلن فكرة المداورة ما بين الحقائب التي لم تعنِ بالنسبة الى الثنائي سوى استهدافه هو لانتزاع حقيبة المال منه.

استيعاب الموجة الأولى من المواجهة بعد 3 تراجعات

يعرف تماماً – الى الاسباب الميثاقية التي يتسلح بها والمثيرة للشكوك والجدل – ان اياً من الحقائب السيادية الثلاث الاخرى يتعذّر عليه الحصول عليها لدوافع مختلفة يتداخل المذهبي بالاقليمي والدولي فيها: لا الدفاع المرتبطة باستمرار المساعدات العسكرية الاميركية للجيش، ولا الخارجية الموصدة الابواب دونه على الخارج، ولا الداخلية الاقرب ما تكون الى محمية سنّية حيث تتداخل في فرع المعلومات عشرات اجهزة الاستخبارات العسكرية العربية والاوروبية والاميركية تمويلاً وتبادلاً للمعلومات، وقد يكون وزيراها السابقان زياد بارود ومروان شربل اكتشفا استحالة إمرة الفرع، مثلما اكتشف خلفهما نهاد المشنوق سهولته كسنّي. في ما مضى، قبل الوصول الى العقوبات الاميركية على حزب الله واحتدام مطاردة الاميركيين له لتجفيف امواله، شغل وزير شيعي في قلب الثنائي كغازي زعيتر وزارة الدفاع عام 1998، واربعة وزراء شيعة سمّاهم برّي الخارجية كمحمود حمود وفوزي صلوخ وعلي الشامي وعدنان منصور ما بين عامي 2000 و2014 ولم تكن ابواب الخارج مشرعة لهم دائماً.

3 – رفع الثنائي الشيعي المواجهة من الاصرار على حقيبة المال – وقد باتت محسومة ونهائية بالنسبة اليه – الى مشكلة مرتبطة بمصير الحكومة برمتها: تبصر النور بمشاركته او يذهب الرئيس المكلف الى الاعتذار. اضحت حكومة امر واقع من الماضي، وتالياً لم يعد لدى اديب سوى التفاهم على شق إخراج حقيبة المال للثنائي بأقل اضرار. المؤكد لدى الثنائي ايضاً ان رئيس الجمهورية لن يكون في وارد الانقلاب على حليفه بعدما ارسل اليه اشارة ايجابية: مداورة بموافقة الافرقاء جميعاً. مع ذلك رفض الثنائي ربط تجريده من حقيبة المال بالذريعة التي يطلقها الحريري، وهي ان المداورة انطلاقاً منها تتيح اجراء اصلاحات بنيوية في الاقتصاد تصر عليها المبادرة الفرنسية. بذلك تبدو المداورة شرطاً فرنسياً يتنكّبه الحريري.
استكمال الذريعة هذه، ان التيار الوطني الحر لا يطالب بحقيبتي الطاقة والخارجية، ولا تيار المستقبل بحقيبتي الداخلية والاتصالات، ولا رئيس الجمهورية بحصة له ناهيك بحقيبة الدفاع. لا يتبرأ الثنائي الشيعي من فساد ليس قليلاً يُلقي بثقله على وزارة المال بصفتها صندوق اموال الدولة ومزراب الاهدار، الا ان السمعة الملطخة للحقيبة تعود الى عام 1992 حتى عام 1998 عندما كانت فعلياً في عهدة الوزير فؤاد السنيورة، واسمياً على الرئيس رفيق الحريري مع بدء عدّاد الاستدانة وتراكم الديون وتسييب المال العام، ثم ما بين عامي 2000 و2004، وصولاً الى حقبته الاخيرة فيها ما بين عامي 2005 و2008 رغم وجود ماروني على رأسها هو جهاد أزعور. لا حقيبة لا فساد فيها عندما تُكتشف اسباب انهيار الاقتصاد والنقد الوطني، ويتأكد ان المتعاقبين عليها هم الكتل نفسها.

4 – وصل الثنائي الشيعي الى استنتاج مفاده انه امام لعبة مقفلة الخيارات: إما ان يكون خارج الحكومة – وهو الشق الاميركي في المبادرة الفرنسية تبعاً لاعتقاده – او يتحمّل وزر تعطيل تأليف الحكومة، وتالياً توقّع عقوبات قاسية.
رهان الحريري والفريق الذي يحوط به، وخصوصاً الرؤساء السابقين للحكومة، ان الحلقة الاضعف في هذه المواجهة هو برّي كونه في صلب النظام المصرفي الاميركي خلافاً لحزب الله الذي اخرج نفسه – أو أُجبِرَ على الخروج منه – فباتت امواله في قجته هو. اولى الاشارات السلبية المنطوية على تهديد مباشر الى رئيس المجلس، العقوبات التي فُرِضت في 8 ايلول على الوزير السابق علي حسن خليل بصفته اول مساعديه. لم تكن العقوبات المماثلة في الرزمة نفسها على الوزير السابق يوسف فنيانوس رسالة تهديد الى رئيس تيار المردة سليمان فرنجيه – وإن وصل اليه تطاير رذاذها المفهوم الدلالة – مقدار ما كانت الى حزب الله، نظراً الى الدورين السياسي والامني اللذين يضطلع بهما فنيانوس لديه كما مع سوريا. لم تترك العقوبات على فنيانوس صداها مثلما فعلت على خليل، ما دام المقصود منها التصويب على برّي في اكثر من اتجاه. الا انه قرّر المواجهة.

المبادرة الفرنسية في «مرحلة حرجة»

تأليف الحكومة معطّل حتى إشعار آخر، فيما الهجوم الأميركي على حزب الله يشتدّ يوماً بعد آخر، عبر أدوات ووجوه مختلفة. أما المبادرة الفرنسية، فوصلت إلى مرحلة حرجة، مع بروز رأي في باريس يدعو إلى ترك القوى اللبنانية تحلّ مشكلتها بنفسها

لم تأت كل اجتماعات اليومين الأخيرين والاتصالات المتواصلة من باريس وبين القوى السياسية المحلية، بدفع جديد لتسريع تأليف الحكومة. العقد ما زالت على حالها. فالرئيس المكلف مصطفى أديب مصرّ على المداورة وتسمية الوزراء بنفسه أو بطريقة أوضح مصرّ على عدم تسمية حزب الله لأي وزير. وتلك مسألة تجاوزت حقيبة المالية وتأتي في اطار استكمال الحصار الأميركي على الحزب ولو بأدواتٍ ووجوه مختلفة. عليه، لم تعد المشكلة في طريقة التأليف وشكل الحكومة، سواء كانت سياسية مؤلفة من حزبيين أم تكنوسياسية تضم أشخاصاً غير حزبيين بالتشاور مع الأحزاب المشاركة فيها؛ اذ يريد أديب والمشكلون الأساسيون، أي رؤساء الحكومات السابقين، وعلى رأسهم سعد الحريري، القفز فوق نتائج الانتخابات النيابية وفوق الأكثرية الممثلة في البرلمان والتي انتخبت أديب تحت عنوان حكومة الوحدة الوطنية. الهدف غير المعلن في هذا الاستئثار، هو انقلاب ناعم على حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية ميشال عون. وذلك مطلب أميركي واضح ومعلن، أكان في تصريحات المسؤولين الأميركيين أم من خلال لائحة العقوبات الأخيرة أم من خلال أداء موظفي السفارة والناطقين باسم السعودية في لبنان. فالحريري محرج، وهمّه الرئيسي اليوم يكمن في تقديم فروض التوبة علّها تزيل عنه فيتو العودة الى السراي الحكومي. لذلك ينفذ الشروط الأميركية ويصعّد بوجه حزب الله وحليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري من دون مواربة.

وتحدّث مقرّبون من السفارة الفرنسية عن وجود رأي جديد في باريس، يقول بأن تُترَك للقوى اللبنانية معالجة الأزمة الحالية: «إما أنهم يريدون حكومة جديدة فعالة أو لا». ويكثر الحديث عن أن الحريري يريد إطاحة مصطفى أديب لأجل العودة الى حكومة كالتي استقال منها على قاعدة أن الحل بوجود الجميع، وأن يحصل من القوى السياسية على تنازلات تعيد العمل بورقته السابقة التي وصفها بـ«الإصلاحية». وتشير المصادر إلى أن أديب يصرّ على الاعتذار، لكن رؤساء الحكومات يريدون منه الاستمرار، لأن فكرة البديل لم تنضج بعد.

يكثر الحديث عن نيّة الحريري إحراق خيار مصطفى أديب

وانضم الى الحريري أمس رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع. صدر أمر اليوم فسارع الى قراءة فرمان السفارة: عقد مؤتمراً صحافياً خصّص فيه الجزء الأكبر للهجوم على تمسّك حزب الله وحركة أمل بوزارة المالية، معتبراً أن هذا الأمر «سيعطّل تطبيق الإصلاحات». وأشار الى أن «تسميتهم الوزراء الشيعة وإصرارهم على وزارة المال يضربان المبادرة الفرنسية في الصميم، ويأتيان بعكس ما كان قد حكي سابقاً، وبالتالي من المؤكد هذا الموقف أدى إلى تعطل المبادرة، وآمل أن أكون مخطئاً، إلا أن المبادرة تعطلت ولا أعرف ماذا يمكن أن ينقذها الآن». وتكفّل رئيس القوات بالإجابة عن الأسئلة التي طرحها المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله حسين خليل، والمعاون السياسي لرئيس مجلس النواب علي حسن خليل على أديب عند لقائه يوم أول من أمس. وسأل بدوره، مع من كانت وزارة المال في السنوات الخمس الأخيرة وما هي النتائج التي وصلنا إليها؟ مؤكداً ضرورة تأليف حكومة مصغرة من مختصين مستقلين. في الإطار نفسه، كتب جنبلاط تغريدة على موقع «تويتر» للردّ على «أهل العرف الجديد»: «غداً وعند صياح الديك سيكتشف أهل الميثاق القديم وأهل العرف الجديد أن لا مال في بيت المال، وأن مرفأ بيروت مات وانتقل إلى اشدود وعسقلان، وأن أنابيب الخليج ستستبدل الـ IPC والـ TAPLINE، وأن كل صواريخ وراجمات المذهبية من أيّ جهة لن تحمي لبنان». وختم بالقول: «أخشى أن أقول رحمة الله على لبنان الكبير».
في موازاة ذلك، أعلنت رئاسة الجمهورية أن عون تلقى اتصالاً هاتفياً من الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وعرض معه الملف الحكومي في ضوء التطورات الاخيرة. و«اتفقا على ضرورة الاستمرار في بذل المساعي على مختلف المستويات لتأمين ولادة الحكومة العتيدة ضمن أجل محدود. كما تمنى ماكرون على الرئيس عون بذل أقصى الجهود للوصول الى نتيجة إيجابية، مشيراً الى أنه سيجري بدوره اتصالات لهذه الغاية».

«كورونا» يُشعِل «رومية»: نحو التمرّد الكبير

أكبر سجون لبنان يغلي. كورونا دبّ الهلع في صفوف السجناء وذويهم وسجّانيهم. عدد الإصابات بالعدوى يناهز المئتين في ظل شكوى السجناء من إهمال يُهدد حياتهم. أما إدارة السجن، فتبذل قصارى جهدها في ظل عجزٍ عن وقف تمدّد العدوى

يستعد نزلاء السجن المركزي في رومية لانتفاضة كبرى تنطلق قريباً. يتحدث هؤلاء عن مفاجأة مدويّة يُعِدّون لها. يهمِس أحدهم أنّ قتل النفس احتجاجاً خيرٌ من انتظار الموت من جراء المرض. لم يترُك المنسيُّون خلف القضبان باباً إلا طرقوه. وجّهوا عشرات المناشدات بالصوت والصورة من داخل سجنهم إلى مختلف المرجعيات السياسية والدينية. أمطروا هواتف المسؤولين والصحافيين بعشرات الاتصالات. حتى السجناء الأجانب أقلقوا راحة سفرائهم طلباً لمساعدة لم تأتِ بعد. كانوا يستغيثون لإنقاذهم من مصير أسود يرونه ينتظرهم في ظل انتشار وباء كورونا بين السجناء كالنار في الهشيم. هدّدوا بالتصعيد، لكنّ أحداً لم يكترث. اعتصم العشرات من ذويهم أمام السجن مطالبين بإقرار العفو العام، لكنهم عبثاً كانوا يحاولون. ورغم إعلان وزارة الصحة وإدارة السجن أنّ الوضع تحت السيطرة، إلا أنّ حال السجناء تشي بعكس ذلك. تُسجّل أجنحة السجن إصابات يومية بين السجناء. المبنى «ب»، المعروف بمبنى الإرهاب، تصدّر المشهد. تجاوزت إصابات كورونا فيه ١٥٠ إصابة، كان بينهم «أمير الطابق» الشيخ خالد حبلص، المتهم الذي ذاع صيته في أحداث بحنّين قبل سنوات. نُقِل الرجل إلى المستشفى بحالة حرِجة. كذلك نُقِل سجين ناهز الثمانين من العمر من مبنى المحكومين إلى المستشفى إثر إصابته بـ«كوڤيد 19»، علماً بأن إجراءات إدارة السجن التي بدأ العمل بها مع الإعلان عن أول حالة كورونا كانت الفصل بين السجناء وزملائهم المتقدّمين في العُمر على أن يُعزلوا في مبنى منفصل.

لا تتوقف الاتصالات التي ترِدُ من داخل السجن المركزي. يحكي السجناء عن إهمالٍ وإخفاءٍ للحقيقة تمارسهما السلطات السياسية والأمنية. يقول أحد السجناء من مبنى المحكومين لـ«الأخبار»: «إنهم كاذبون. لم يوزّعوا علينا الكمامات والمعقمات بعكس ما يزعمونه في الإعلام». يُرسِل السجين نفسه فيديو يُظهر فيه عشرة سجناء يُعرّفون عن أنفسهم ويرتدون كمامات مصنوعة يدوياً في غرفة صغيرة، حيث يخرج صوت مصوّر الفيديو ليقول: «هذه الغرفة التي يُسمّونها غرفة العزل». في الفيديو يَظهر سجناء بأعمار مختلفة. يبدون متعبين بوجوه صفراء ناحلة حيث يتمدد بينهم سجينٌ طاعن في السنّ. سجين آخر يُرسل لـ«الأخبار» لائحة بأسماء 120 سجيناً خضعوا لفحص الـpcr، كاشفاً عن تسجيل ٦٤ إصابة في مبنى المحكومين حتى الآن. ويتحدّث السجين المذكور عن عزل أربعة أشخاص حالتهم حرجة، نُقِل اثنان منهم إلى المستشفى هم س. د. (مستشفى الهراوي)، وم. ن. (مستشفى ضهر الباشق).

  مصادر أمنية: السجناء يرون في «كورونا» حبل نجاة قد يساعد في إقرار العفو

في موازاة التعبئة العامة التي يعيشها السجناء، تستنفر إدارة السجن كل قدراتِها مع العلم بأنّ العدوى أصابت عدداً من العناصر الأمنيين. في الأيام التي مرّت، كثير من العناصر لم يناموا. استنفارٌ في أعلى مستوياته بحسب المصادر التي تؤكد أنّ عمليات تعقيم يومية تخضع لها جميع المباني بخلاف ادّعاء السجناء. كذلك تؤكد المصادر أنّ الكمامات وُزِّعت على جميع السجناء أكثر من مرة، متحدثة عن توزيع نوعين من الكمامات، إحداها تُستعمل لمرة واحدة والأخرى تُغسل ليُعاد استعمالها. ورغم أنّ أعداد الإصابات تُناهز المئتي إصابة بحسب المصادر الأمنية، إلا أنّ الخلية الأمنية التي شُكّلت في السجن منذ شهر شباط الماضي ساعدت في الحؤول دون وصول الفيروس إلى السجن خلال موجة كورونا الأولى. أما عن حال الهلع التي تُسيطر على السجن والتصعيد الذي يهدّد به السجناء، فتقول المصادر الأمنية إنّ السجناء يرون في كورونا حبل نجاة قد يُنقذهم من السجن ويساعد في إقرار العفو العام.

وتعليقاً على عدم نقل السجناء الكبار السن إلى مبنى منفصل، تكشف المصادر الأمنية أنّ عدداً منهم رفضوا الانتقال بادئ الأمر، لكنهم عادوا وأذعنوا بعد انتشار الفيروس. ورأت المصادر أن بعض السجناء عمد إلى تهديد سجناء آخرين إن هم قبِلوا بالانتقال، بذريعة أنّ وجودهم قد يُساعد في إقرار العفو. وأشارت المصادر إلى أن المبنى «ج» خُصِّص لعزل السجناء. غير أنّ المصادر الأمنية نفسها لا تُخفف من حجم الخطر الذي يتهدّد السجناء، مترقبة خطوة قضائية جريئة لتخفيف الاكتظاظ وإخلاء سبيل عدد كبير من السجناء حرصاً على حياتهم.

أما عن كيفية وصول كورونا إلى السجن، فذكرت المصادر وجود إجراءات صارمة كانت متّبعة لعلاج السجناء داخل السجن حرصاً على عدم انتقال الفيروس من أحد المستشفيات. إلا أنّ المصادر نفسها ذكرت أنّ حالة طارئة استدعت نقل بضعة سجناء من مبنى السجناء ذوي الخصوصية الأمنية (المعروف بـ«الإرهاب») إلى المستشفى، كاشفة أنّ أحد السجناء أصيب بالعدوى ثم انتقلت إلى باقي السجناء. أما مبنى المحكومين فيُعتقد أنّ العدوى انتقلت إليه من أحد العناصر الأمنيين.

السوار الإلكتروني

طُرِح العفو العام ابتداءً للتخفيف من اكتظاظ السجناء، لكنّ خلاف الساسة أسقطه. جاء وباء كورونا ليُجبر المسؤولين على البحث عن حلٍّ بديل، فكان السوار الإلكتروني الذي يسمح باحتجاز السجناء في منازلهم ومراقبتهم. حُكي عن هبة فرنسية، إلا أنّ المشروع توقّف فجأة رغم طرحه منذ أشهر طويلة. تقول المصادر إنّ مشروع السوار الإلكتروني سقط، كاشفة عن سببين؛ الأول ذكرته مصادر قضائية، لافتة إلى أنه تبين أن برمجته من إنتاج إسرائيلي. أما السبب الثاني فذكرته مصادر وزارية متحدثة عن كلفة الصيانة العالية التي دَفعت إلى صرف النظر عن المشروع. غير أنّ المصادر نفسها تكشف أنّ هناك مشروعاً بديلاً يجري الإعداد له يسمح بالتخفيف من الاكتظاظ في السجون ويُنقل السجناء بموجبه إلى منازلهم لقضاء محكوميتهم فيها.

الحريري مزهوّاً: حزب الله مضطر الى التنازل

يبحث سعد الحريري عن شهادة حسن سلوك يقدّمها للرياض. يتحدث بلسان الأميركيين حتى تسمعه المملكة. وقد وجد السبيل الوحيد إلى ذلِك، هو أن يقود مواجهة ضد حزب الله في الداخِل، معتبراً أن الظروف الحالية مؤاتية لنجاحه

الرئيس سعد الحريري – يقول المُطلعون على أحواله – مزهوّ بنفسه كثيراً هذه الأيام. وحينَ تأخذه ذروة الزهو، يسأل المقربّين منه عن إعجابهم بأدائه ضد «الثنائي الشيعي»، خاصة حزب الله. على مدى الأيام الماضية، أجرى اتصالات مع «أصدقاء» في الوسط الإعلامي كي يسمَع إطراءً بقدرته على «حشر الحزب في الزاوية». مَن يُراقِب أداءه منذ تكليف الرئيس مصطفى أديب، يعتقِد بأنه عائد من انتصارات إقليمية عظيمة تمتدّ من سوريا إلى اليمن، ليفرض شروطه. فإلى ماذا يستنِد الحريري في معركته الجديدة؟ عينه على مَن؟ وما الذي يؤسّس له؟

منذُ انتفاضة «تشرين»، وعندَ كل مفصل سياسي، تحضر علامات استفهام، يُمكن تلخيصها بالآتي: ما الذي يتهيّبه الحريري، أو من الذي يتهيّبه؟ هناك دوماً طرف خفي خلفَ رئيس تيار «المستقبل»، هو السبب الأساسي الذي يدفعه إلى إعطاء كلمة ومن ثم التراجع عنها، أو سبب آخر يجعله يترّدد في اتخاذ قرار ما، كأن يرفض العودة إلى رئاسة الحكومة وهو يريدها بشدة. تكثر الفرضيات والاقتناعات، من دون إجابة واضحة لدى الحريري.

من المفارقات التي يُمكن ذكرها في سياق الانقلاب الذي ينفذه رئيس تيار المستقبل ضد الثنائي حزب والله وحركة أمل، أن علاقته بالطرفين حافظت على «ثبات» ما، في مقابل تضرر علاقته بحلفائه بعدَ اختطافه في المملكة العربية السعودية عام 2017، وتزعزعها مع التيار الوطني الحرّ منذ إبطال مفعول التسوية الرئاسية. استمرّ التعامل مع الحريري بصفته «الممثل الاول لطائفته، وصاحب الأغلبية فيها نيابياً وشعبياً»، وكونه «صلة وصل سواء مع الإقليم أم دولياً»، والقناة الداخلية لتجنّب أي شكل من أشكال الفتنة. وليسَ سرّاً – وهو ما يجِب التذكير به دوماً – أن الحريري طيلة السنوات الماضية دخلَ في اشتباكات سياسية مع غالبية القوى السياسية، إلا حزب الله. وأبرز تجليات إصراره على عدم خوض نزاع معه، هو قوله من على باب المحكمة الدولية في لاهاي عند إصدار حكمها يوم 18 آب الماضي في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ، إنه «لا يريد نزاعاً».

حينَ اختُطِف مثلاً في الرياض، وأُجبِر على الاستقالة، كانَ الثنائي أول من تمسّك بعودته الى البلد وإلى رئاسة الحكومة، وجرى إقناع رئيس الجمهورية بعدم قبولها. كانتَ يومها إرادة الفاعِل الإقليمي (الرياض) إغلاق بيت الحريري السياسي، وكانَ بإمكان حزب الله والرئيس نبيه بري التصرف وفقَ هذه القاعدة من دون أي اعتبار آخر… لكن ذلك لم يحصَل. وحينَ استقال بعد انتفاضة تشرين، لم تنقطع العلاقة بينه وبينَ الثنائي. كانَ هناك إصرار من قِبلهما على عودته أو تكليف من يُسمّيه، قبلَ حكومة الرئيس حسان دياب وبعدها، وقبلَ تكليف مصطفى أديب، وظلّت الاتصالات بينهما قائمة.
ما حصلَ بعدَ ذلِك أن سعد الحريري تحوّل الى شخص آخر، في تعامله مع الثنائي. وقرّر – لسبب ما – أن يكون هو رأس حربة المواجهة مع الحزب، معتبراً أنها الورقة الوحيدة الرابحة في المملكة العربية السعودية، وأن السبيل الوحيد للخروج من دائرة المغضوب عليهم هو عبرَ وضع حزب الله أمام أمر واقِع يُخرجه من الحكومة، عبرَ ما يُسمّى حكومة اختصاصيين. اللافِت هنا، أن الحريري حتى اللحظة مرفوض سعودياً، فيما هو طالب الرضى دوماً. والدليل أن الحريري، قبْلَ تسمية أديب، بعث برسالة موافقة على العودة الى الحكومة، قبلَ أن يتبلّغ الداخل في لبنان من الفرنسيين العدول عن دعمه، بعدَ أن حاولوا إقناع الرياض وواشنطن وفشلوا. منذُ تلكَ اللحظة، دُفِع الحريري إلى الإستدارة نحو ضفة جديدة، بعنوان المداورة واسترجاع وزارة المالية، علماً بأن الحريري نفسه لم يعلن طروحات كهذه على طاولة قصر الصنوبر، أثناء اللقاءات مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بل اقتصرت مداخلاته على موضوع الإصلاحات، ولم يأتِ على ذكر الوزارات من قريب ولا من بعيد.

الحريري يريد تقديم شهادة حسن سلوك للسعوديين والفرنسيين والأميركيين

أكثر ما يثير الاستغراب هو تصرفه كأنه طرف منتصِر. وبينما يؤكّد مقرّبون منه أنه مرتاح جداً لما يفعله، ويعتبر أن موضوع المداورة مدخل جديّ للإصلاح، ولا يعنيه إن كانَ ذلِك سيؤثر على العلاقة مع الثنائي، لكنه «مستمر في المواجهة حتى النهاية».
ويبدو أن الحريري يركُن الى عناصِر ثلاثة ويظّن أنها ستقوده الى النجاح:

أولاً، الأزمة الخانقة التي يعيشها البلد، اقتصادياً ومالياً، والتي تطال جمهور الثنائي كما باقي اللبنانيين، مع كل الحملة التي تُقاد لتحميل الحزب وحلفائه الفساد في «المالية» و«الطاقة» وغيرهما.
ثانياً، المبادرة الفرنسية التي يتعامل معها الحزب بانفتاح رُغم كل التحفظات، مع التسويق لها باعتبارها الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان.

ثالثاً، العقوبات الأميركية، والتي بدأت تطال حلفاء المقاومة، واستهدفت أخيراً النائب علي حسن خليل، أي صلة الوصل بين الحزب والرئيس بري، والوزير السابق يوسف فنيانوس، في ظل الحديث عن أن «هزّ العصا» الأميركية هذه سيطال حلفاء آخرين، كالنائب جبران باسيل. وعليه، فإن ذلِك يمكن أن يؤدي الى تفكيك التحالف المؤيد للمقاومة وخسارة الغالبية النيابية. كل ذلِك يجعل الحزب – في نظر الحريري – محشوراً في الزاوية ومضطراً الى تقديم التنازلات!

لماذا يفعل الحريري ذلِك؟ بحسب المعطيات، باتَ الفرنسيون مقتنعون بأن قرار الحريري ومعه الرئيس فؤاد السنيورة هو عند الأميركيين. الرئيس نجيب ميقاتي حيّد نفسه، فيما الرئيس تمام سلام يكتفي بإعطاء ملاحظاته. لكن العنصر المهمّ في كل ذلِك، أن الحريري يتصرّف على أن حكومة أديب لن تكون حكومة إنقاذية، بل حكومة انتقالية، يُثبّت من خلالها قواعد حكم جديدة (بالنسبة الى شكل الحكومة والوزارات وتوزيعها)، فتُصبِح مقبولة حين يعود هو لتأليف حكومة جديدة، مقدماً بذلك شهادة حسن سلوك للسعوديين والفرنسيين والأميركيين، تصحيحاً لأدائه في كل الفترة الماضية. يظّن الحريري أن الفرصة مؤاتية والطريق الى ما يتطلّع اليه سهلة. أما الثنائي فقد قال كلمته للمعنيين، ليبقى للحريري «أعلى ما في خيله…»!

المصدر: صحف

البث المباشر