خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ علي دعموش – موقع قناة المنار – لبنان
المجموعة اللبنانية للإعلام
قناة المنار

خطبة الجمعة لفضيلة الشيخ علي دعموش

أخبار موقع المنار

نص الخطبة
في خطبة رسول الله عند دخول شهر رمضان (أيها الناس من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازا على الصراط يوم تزل فيه الأقدام، ومن خفف في هذا الشهر عما ملكت يمينه خفف الله عليه حسابه، ومن كف فيه شره كف الله عنه غضبه يوم يلقاه، ومن وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، ومن قطع رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه).

من عادات المؤمنين في هذا الشهرالمبارك التوجه إلى إحيائه بالعبادات كالإقبال على تلاوة القرآن الكريم وقراءة الأدعية وأداء النوافل، وهي عادات جيدة وراجحة من الناحية الشرعية، حيث إن ثواب هذه الأعمال العبادية أكبر في هذا الشهر من سائر الشهور والأعمال فيه مضاعفة، لكن لا ينبغي الغفلة عن أعمال ليست أقل أهمية من هذه العبادات ولا أقل أجرا وثوابا وفضلا كحسن الخلق الذي اشار اليه النبي(ص) بقوله: (أيها الناس من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازا على الصراط يوم تزل فيه الأقدام).
فحسن الخلق والتعامل مع الناس بتواضع ورحمة ومحبة وباسلوب ايجابي وطيب ، يجب أن يكون جزءاً من اهتماماتنا وتوجهاتنا وسلوكنا في هذا الشهر المبارك، على قاعدة أن التقرب إلى الله سبحانه وتعالى  يكون بحسن الأخلاق وحسن التعامل مع الآخرين كما يكون بأداء العبادات والمستحبات.
وأول شيء يجب فعله في الجانب الأخلاقي في شهر رمضان هو تحسين الأخلاق وتغيير طبع الإنسان وسجيته ونمط حياته وأسلوب تعامله مع الآخرين .
إن أخلاق الإنسان هي طبائعه وسجاياه والأساليب التي يدير بها حياته ويتعامل من خلالها مع الناس.
وطبع الإنسان وسلوك الإنسان وطريقة تعامله مع الآخرين ليست شيئا ثابتا لا يمكن تغييرها بل يمكن تغييرها نحو الأفضل والأحسن.
لا يصح أن يعلل الإنسان تصرفاته الخاطئة أو اسلوبه السلبي في التعاطي مع الناس بأن هذه طريقته وهذا هو طبعه وهكذا هو اسلوبه ونمطه في الحياة .
فعندما يتعامل بطريق سلبية وغير أخلاقية مع والديه أو زوجته أو أبنائه أو أرحامه أو جيرانه أو سائر الناس، يأتي من يبرر له سلوكه السيء ويقول: بأن هذا طبعه؟! هو هكذا لا يتغير؟!
الطبع ونمط الحياة واسلوب الإنسان في الحياة وفي التعامل مع الآخرين يمكن تغييره وتطويره نحو الأحسن ويمكن أن يغير الإنسان أخلاقه نحو الأفضل .
الإنسان لديه القدرة الكاملة على تغيير تصرفاته وسلوكه وطريقة معاشرته للناس، وإلا لو لم يكن قادرا على ذلك لما صح محاسبته ومعاقبته، ولما كان هناك معنى لكل الإرشادات والتعاليم التي تستهدف تصحيح سلوك الإنسان.
بإمكان الإنسان أن يحسن خلقه، وشهر رمضان فرصة للقيام بذلك، وهذا ما أراده الرسول(ص) من الناس في هذا الشهر المبارك (أيها الناس من حسن منكم في هذا الشهر خلقه كان له جوازا على الصراط يوم تزل فيه الأقدام).

وتحسين الخلق ليس فقط الانتقال من السلوك السيئ إلى الحسن، بل هو أيضا الإنتقال بالأخلاق إلى درجة أرفع والى مستوى أفضل.
فمثلاً اذا كان لدى الإنسان خلق يمنعه من أن يسب أو يشتم أو  يضرب عندما يكون منفعلا منفعلا وغاضبا .. فإذا أراد أن يحسن أخلاقه عود نفسه على أن لا ينفعل أصلا ولا يغضب أصلا فضلا عن أنه لا يقدم على السب أو الشم عند الغضب.
وكذلك مثلا اذا لم يكن الإنسان متعودا على السلام على أهل بيته عندما يدخل اليهم فليعود نفسه على ذلك وليتعاطى معهم بما يدل على احترامهم .
واذا لم يكن الإنسان متعودا على شكر عائلته وأبنائه على ما يقدمونه من خدمات فلماذا لا يوجه الشكر لزوجته إذا قدمت له طعاما أو أي خدمة أخرى ويعتاد على ذلك لما له من أثر طيب على قلبها ونفسها.
الزوجة كذلك التي لم تكن تلتفت الى شكر زوجها مثلاً تبدأ بتعويد نفسها على شكر زوجها وتقديره إذا وفر حاجيات المنزل والعائلة ومستلزماتها مع أن هذا من واجباته، لكن أن تشكره وتدعو له بطول العمر والسعة في الرزق فإن هذا الإسلوب له تأثير كبير على الطرفين وعلى الأبناء الذين سيجنون ثمرة هذه العلاقات الطيبة بين الوالدين والتي من أهمها الاعتياد على شكر من أحسن إليهم. وكذلك الإحسان إلى والديهم, هذه العادات والتجارب البسيطة على الإنسان أن يعتاد عليها لأنها من الخير، وكما قال أمير المؤمنين (ع (: الخير  عادة.
ليس صحيحا أن يبرر الإنسان لنفسه أخلاقه السيئة أو طبائعه المقرفة أو تصرفاته المقززة “بأن هذا طبيعتي وهكذا أنا!  فماذا أصنع؟!”.
فعلي (ع) يقول: (لا تسرعن إلى الغضب فيتسلط عليك بالعادة) فإذا عودت نفسك على أن تغضب لأدنى شيء يصبح الغضب والإنفعال عند أدنى استفزاز أو استدراج عادة ويصبح الإنسان أسيرا لتلك العادة.
وعنه  ((ع): تخير لنفسك من خلق أحسنه فإن الخير عادة وتجنب من كل خلق اسوأه وجاهد نفسك على تجنبه)
وعنه (ع : (عودوا أنفسكم الحلم. وورد أيضاً: إن لم تكن حليما فتحلم.
أي حاول أن تعود نفسك على الحلم بالسيطرة على أعصابك ولا تنفعل حينما يكون هناك ما يسيء إليك ويزعجك.
وعن أمير المؤمنين (ع) قال: (عود نفسك لين الكلام وبذل السلام).
وأيضاً عود نفسك حسن الاستماع للآخرين وعدم مقاطعتهم،كما يحصل عندما نتكلم مع بعضنا البعض حيث يقاطع هذا ذاك ويقاطع ذاك هذا..
فعن الإمام علي(ع : ((عود أذنك حسن الاستماع) فالمشكلة التي تتكرر في الكثير من المجالس، وهي قطع السامع كلام المتكلم وإدخال حديث آخر على كلامه عادة غير جيدة ولا تلتقي مع الآداب التي يدعو اليها الاسلام.

شهر رمضان من أفضل الأزمنة  لتنمية العادات الطيبة ولتطوير الأخلاق الحسنة،  فإذا طور الإنسان في أسلوب علاقاته مع الآخرين في هذا الشهر المبارك وواظب عليها فيما بعد فإنه سيخرج من الفرصة الروحية التربوية الإلهية بحلة جديدة وشخصية جديدة وأخلاق جديدة وبأسلوب جديد لم يكن قد تعود عليه من قبل ، وقد يجد في بداية الأمر صعوبة في الأمر ، لكن سرعان ما يصبح فيما بعد مألوفا وعاديا.
وتحسين الأخلاق في شهر رمضان وسيلة من وسائل التقرُّب إلى الله، ونيل الثواب والأجر والفضل والكرامة عند الله، تماماً كما هي العبادات والمستحبات وسيلة للتقرب إلى الله ونيل رضاه.
المؤمنون يقبلون ويتنافسون على القيام بالعبادات والفرائض والنوافل وسائر المستحبات في شهر رمضان لمعرفتهم بفضل هذه الأعمال وعظيم أجرها وثوابها، لكن لا ينبغي تجاهل أهمية القيم الأخلاقية والسلوكية وفضل وثواب وأجر التحلي بها وتربية النفس عليها في شهر رمضان..
بل ربما يكون لبعض الصفات الأخلاقية والسلوكيات الأخلاقية أرجحية على بعض العبادات.
فعن النبي محمد (ص) قال: (من تطوع بخصلة من خصال الخير في شهر رمضان كان كمن أدى سبعين فريضة من فرائض الله).
الخير ليس التطوع بدفع الصدقة ومساعدة الأيتام والفقراء وصلة الأرحم فقط، بل من خصال الخير أن يتبع الإنسان سلوكا حسنا جديدا في سيرته وتعامله وبالتالي يكون كمن أدى سبعين فريضة من فرائض الله.
وعن رسول الله (ص): (من حسن خلقه بلّغه الله درجة الصائم القائم).
وعنه (ص): (إن العبد ليبلغ بحسن خلقه عظيم درجات الآخرة وشرف المنازل وإنه لضعيف العبادة).
وعنه (ص): (إن أحبكم إليَّ وأقربكم مني يوم القيامة أحسنكم خلقاً وأشدكم تواضعاً).
الامام الخميني الذي نعيش هذه الأيام ذكرى رحيله كان قمة في الأخلاق والتعامل برحمة وانسانية وأخوة مع الجميع.

اليوم العالم بحاجة الى أخلاق وضمير بعد أن فقدت المؤسسات الدولية والمنظمات الحقوقية في العالم والدول والأنظمة السياسية والمجتمعات الإنسانية الأخلاق والضمير والحس الإنساني، خصوصا حيال ما يحصل من قهر وقمع واضطهاد وقتل للشعوب المظلومة في اليمن والبحرين وسوريا وكل هذه المنطقة.
ومع الأسف في العالم العربي والإسلامي بعض الدول والأنظمة كالسعودية وبدل أن تتعامل مع المسلمين على أساس أخلاقي وإنساني وعلى أساس الأخوة والرحمة، باتت تتعامل معهم  بقسوة ووحشية وبلا رحمة، حتى مع الأطفال والنساء والشيوخ، وما يجري للشعب اليمني جراء العدوان السعودي الأمريكي أكبر شاهد على ذلك، بينما نجد السعودية تتعامل مع الكفار وأعداء هذه الأمة وحماة الصهاينة بالمحبة والرحمة، وعلى حد تعبير الإمام القائد(دام ظله الوارف) باتوا أشداء على المؤمنين رحماء بالكفار.
لغة الحقد والكراهية والتحريض التي سمعناها من السعودية ضد ايران والمقاومة تكشف حجم العداء الذي يضمره هذا النظام للشعوب ولقضايا الأمة، ومدى ارتهانه لأميركا ضد مصالح الأمة.
اليوم هناك تطابق كامل بل تماهي بين السعودي والأمريكي والإسرائيلي في الخطاب والمواقف والأهداف والسياسات، خاصة تجاه أحداث المنطقة واتجاه إيران وحركات المقاومة في لبنان وفلسطين.
وهذا ما برز خلال القمة “السعودية-الأميركية” في الرياض، حيث إن المواقف التي أطلقها الملك سلمان تجاه الجمهورية الإسلامية في إيران والمقاومة، والجهود التي تقوم بها السعودية للتحريض على إيران وحركات المقاومة، تتطابق تماماً مع الجهد السياسي والدبلوماسي والإعلامي الإسرائيلي الذي يركز على محاولة حرف بوصلة العداء باتجاه إيران، وتهميش القضية الفلسطينية.
يستطيع الإسرائيلي اليوم أن يدعي أنه حقق انجازا تاريخيا استراتيجيا يتمثل بتطابق الموقف الرسمي العربي الإسلامي المعلن مع الموقف الإسرائيلي الذي كان يدعو الى تقديم أولوية مواجهة ايران وحركات المقاومة حتى على مواجهة داعش.
ولذلك كان الإسرائيلي مزهواً بقمة الرياض واعتبرها أكبر مكسب لإسرائيل.
يقول وزير الداخلية “الإسرائيلي” آرييه درعي للقناة الثانية:  ترامب نجح في جمع اكثر من 30 زعيم دولة إسلامية على حلف لمحاربة ايران وحزب الله وهذا اكبر من أي سلاح استراتيجي لدينا . ويضيف: أشعر بكثير من الرضا والاعتزاز.
هذه الشراكة الأمريكية السعودية الاسرائيلية في المواقف والأهداف هي شراكة لتهديد المنطقة وإخضاع شعوبها ونهب ثرواتها، والهدف الحقيقي والأهم والأساسي هو تصفية القضية الفلسطينية، والتصعيد ضد إيران وحركات المقاومة والتحريض المذهبي والتجييش ليس إلا للتغطية على هذه الشراكة وعلى هذا التحالف الأمريكي السعودي الإسرائيلي لتحقيق هذا الهدف الحقيقي وهو تصفية القضية الفلسطينية.
ولذلك ليس في مواقف ومقررات وإعلان الرياض أي ذكر لقضية فلسطين أو للقدس والمسجد الأقصى، أو لحقوق الشعب الفلسطيني، أو للارهاب والعدوان والاحتلال الاسرائيلي الذي تمارسه إسرائيل في داخل فلسطين…

لأول مرة في تاريخ الكيان الصهيوني لا يبدي المسؤولون الإسرائيليون قلقا تجاه صفقات السلاح التي أبرمها السعودي مع الأمريكي بالرغم من حجمها الكبير .
الجميع في اسرائيل من سياسيين وأمنيين و اعلاميين وغيرهم اجمعوا على ان هذه الصفقة لا تشكل خطرا عليهم لأن هذا السلاح ليس موجها ضدهم وإنما ضد اليمن وضد ايران وحلفائها
نعم القلق الوحيد لدى الإسرائيلي هو أن يسقط النظام السعودي الأقل استقراراً مستقبلا، ويقع السلاح بيد أعداء اسرائيل، هذه هي الخشية الوحيدة لدى الإسرائيلي لأنه مطمئنن تماما من أن آل سعود لن يستخدموا السلاح ضده طالما بقيوا في الحكم.
في كل الأحول كل هذا السلاح وكل هذه الأحقاد والقمم في الرياض وفي غيرها لن تغير الوقائع الميدانية ولا المواقف الثابتة لمحور المقاومة، فالميدان هو الذي يحكم مسار المعركة القائمة في المنطقة، والانجازات التي يحققها محور المقاومة في الموصل وعلى الحدود العراقية السورية وفي أكثر من منطقة في سوريا هي الرد الأبلغ على كل مؤامراتهم ومحاولاتهم البائسة لتغيير المعادلات في المنطقة، ولن يحصدوا من كل قممهم ومؤامراتهم وأحقادهم سوى العار والخزي والمزيد من الفشل والخذلان.

المصدر: موقع المنار

رأيكم يهمنا

شاركوا معنا في إستبيان دورة برامج شهر رمضان المبارك